|
عذارى الشوفينية في شرنقة الفكر- السفيانية والانتخابات العراقية
دانا جلال
الحوار المتمدن-العدد: 1045 - 2004 / 12 / 12 - 10:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تسيس الدين والملاذات آلامنة ـــــــــــــــــــــــــ لانعرف عدد القتلة الذين دخلوا بيت ابا سفيان( صخر بن حرب بن امية بن عبدشمس بن عبد مناف ) اثناء فتح مكة وتحول بيته الى الملاذ الآمن بعد المروي من الحديث النبوي ( من دخل بيت ابا سفيان فهو آمن ) ، ولكن الاكيد ان صاحب البيت وزعيم الجناح الاموي وعراب القوى اليمينية والعناصر الشوفينية والعنصرية العربية ( ابا سفيان ) قد خرج منها حاملا خطى ارخميديسية ولكن ليس باكتشافه قاعدة ارخميدس في السوائل ، بل قاعدة القوى المتخلفة ونظرتها للسلطة وطريقة تعاملها معها . انطلق ابا سفيان متجها صوب الخليفة المدعوم من قبل التجار عثمان بن عفان بعد ان الت اليه الخلافة وخاطبه :( تلقفوها تلقف الكرة فما هناك جنة ولا نار ) ( الطبري ، المسعودي ، ابن عسكر ) ( ص 1294 ص 1295 ص 1296 ). وهناك روايات اخرى تتفق والتلقف السفياني مع اختلاف المفردات اللغوية ، وجميع الروايات تبقى في عهدة الراوي ، تلك العهدة التي كانت منفذا ومخرجا في الثقافة والفكر العربيين والتي اصبحت اشبه بمطلع القصيدة العربية في العصر الجاهلي وما تلاها ومحورها ( الغزل) وأن كانت القصيدة في مدح الرسول . ولكن ما علاقة ابا سفيان وعهدة الراوي بالوضع السياسي الحالي في العراق ؟ ويمكن اعادة صياغة السؤال بشكل اخر قد تحمل في طياتها نصف الاجابات ( هل يمكن ان تتكرر الظاهرة السفيانية في ظروف مختلفة وبالذات في ظل الوضع السياسي الحالي في العراق ) ؟ . ان الظاهرة السفيانية تمثل الشبق السياسي تجاه السلطة والرغبة باغتصابها من خلال استغلال الخطاب السياسي الاسلامي الذي اضفى القدسية اوالتفرد والعلو على ماهو انساني من خلال النص والحديث . وتختلف صيغ( المميز والمحمي) دينيا في التاريخ الاسلامي ، فقد تكون عباءة موروثة او بيتا مكيا او الادعاء بالانتماء الى مذهب وفكر ال البيت كونهم احد الثقلين الذي ابعد( بضم الالف ) عنهم الرجس . ان الظاهرة السفيانية ستتكرر وبشكل مستمر، وسر استمراريتها هو تسيس الدين والاستفادة من الملاذات الآمنة التي تخلقها . ويمكن اعتبار اغلب فترات حكم الخلافة العباسية مثال اخر بعد التجربة الاموية بالاستفادة من الملاذ الديني الآمن ، فبعد رفع شعار اغتصاب الامويين للسلطة والتخندق شكلا في فكر ال الابيت والسير خلف راية الطاهرين والمطهرين ارتكب العباسيين ابشع الجرائم ليس بحق اعداءهم فقط بل تجاوز القمع حدوده بحق العلويين والكورد الذين كانوا العنصر الفعال في تغيير سير الاحداث لصالح العباسيين . ويمكن اعتبار فترة حكم المهدي ايجاز لكل الممارسات السياسية للعباسيين فأيداعه للامام موسى بن جعفر الكاظم السجن اقترن بجلده للشعراء والمفكرين وكان جلده للشاعر بشار بن برد ليس النموذج الوحيد في طريقة التعامل مع الاخر. ان عداء السلطة الجديدة للعلويين والمفكرين والثوار بتهمة الزندقة توج بذبح قادة الكورد بل قادة الحركة العباسية وذلك بعد تشويه سمعتهم ، فنكبة ابو مسلم الخراساني ذلك القائد الكوردي الذي تم تشويه سمعته من قبل كتاب وشعراء السلطة حيث يقول احدهم عنه ابا مجرم ماغير الله نعمة على عبده حتى يغيرها العبد وفي دولة المهدي حاولت غدره الا ان اهل الغدر اباؤك الكرد وكتب مروان بن محمد الى اهل مكة يهجو ابا مسلم وانه يحرق المصاحف ويهدم المساجد فلما سمعوا بقدومه خرجوا ينظرون اليه فلما بلغ الحرم نزل من دابته وخلع نعليه ومشى حافيا على رجليه اعظاما للبيت وقضى نسكا قل ما قضاه احد من الملوك غيره فقالوا اما رأينا سلطانا اعظم الحرم اعظامه ( ابن المطهر ص 356 ) . السفيانية الجديدة والانتخابات العراقية ان ملامح السلطة بدأت تلوح في الافق لتثير بدورها الشبق السياسي للقوى الظلامية وكبتها العدائي ضد القوى الديموقراطية بما فيها الحركة التحررية الكوردية من خلال تخوين الكورد الذين كانوا القوة الفعالة لاسقاط الفاشية. ومن مفارقات الوضع السياسي العراقي ان بعض القوى التي تملك نموذجها ومفاهيمها الخاصة بالديموقراطية وفق نموذجها المبتكر والخاص على شاكلة فيدراليةالمحافظات ، تصر على اجراءالانتخابات في زمنها المحدد لاسباب متعلقة بميزان القوى السياسية في هذه المرحلة وتهدد وبأساليب غير ديموقراطية اية قوى بمجرد التفكير او مناقشة الموعد وليس الغاء العملية الديموقراطية. ان الديموقراطية التي تدعي بها وتدعو اليها تلك القوى يفرض على تلك القوى الايمان بحق الشعوب في تقرير مصيرها وحق الانسان بالعودة الى مدنه وقراه المهجرة منها بقوانين شوفينية وفاشية ولكن السفيانية الجديدة تقف بالضد من كل مفردات الديموقراطية وحقوق الانسان وكرامته عدا تمسكها بصندوق الانتخابات التي تتوقع وتخطط لجعلها الانتخابات الاولى والاخيرة في العراق ، ان السفيانية تظهر وجهها القبيح من خلال اكتشافها المتمثل بفيدرالية المحافظات كحل للقضية الكوردية وحق الشعب الكوردي في تقرير مصيره ، ان السفيانية الجديدة تخترع موضوعة التحالف الكوردي السني مع العربي السني في وقت لم يعرف الكورد وعبر تأريخهم مرض المذهبية وجنونها البقر ، ان ملامح السفيانية المعاصرة تبرز بقوة مع تصاعد وتيرة بناء العراق الجديد، ومن اكتشافات السفيانيين الجدد مفردة ( تداركوها ) التي رفعها احد المحللين السفيانيين في تناوله لمسألة مدينة كركوك ومطالبة اهاليها المرحلين من قبل البعث المنهار بالعودة الى ديارهم . ان السفيانية الجديدة تغلب المذهبي على القومي في تناول قضية الكورد الفيليين وتدعو اطراف اخرى بتغليب الديني على القومي وفي كركوك تكشف عن عورتها بكونها شوفينية لاتقل عن سابقتها البعثية .
#دانا_جلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في اوراق استشهاد الشيوعيين
-
لقمر الدراويش وسرها الاجمل الشاعراحمد الياسري
-
لنرجم ثقافة الرجم واغتيال الحلم
-
زهور المسيحيين وسيوف الارهابيين
-
حلم بابلي وشعب برومثيوسي
-
تاريخ السم في السياسة والثقافة العربية
-
صمتا فقد رحل الدرويش سلمان شمسة
-
رسالة الى السلطات السعودية
-
بروتوكولات حكماء شوفين
-
بيان خانقين
-
تحولات النار وصدى الحلاج بانتصار الحق
-
مأزق النصرالامريكي _ قراءة في بقايا حجر الجدار البرليني
-
الاكفان المهزومة
-
البرتقالة وجنجاويد الثقافة العراقية
-
جيولوجيو الفكر وشعراء الحجر الكوردستاني
-
معزوفة الوتر المنفرد(ردا على مقالة امين عام المنظمة العالمية
...
-
نضال الكورد والخروج من مثلث الهامش السياسي والجغرافي
-
من اجل السلام والديموقراطية
-
المهمل والمنسي في محاكمة صدام
-
من استوكهولم الى بغداد رموز وبقايا صور
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|