أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي















المزيد.....

الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1045 - 2004 / 12 / 12 - 10:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ترتكز الدولة في النظم الديمقراطية على نظام المؤسسات الاجتماعية، فكلما كانت المؤسسات ذات أسس قوية ومتينة كلما كانت الدولة قوية ومستقرة في ديمومة نظامها السياسي والاجتماعي. وتمثل المؤسسات في النظم الديمقراطية، مجموعات بشرية تؤمن بمبادئ وقيم محددة أي أنها أحد أشكال التخصص في الشأن الاجتماعي أو السياسي أو العلمي.
وعليه فأنها تعبر عن المجموعة البشرية المنضوية تحت خيمتها بشكل أو أخر، ولاتقبل في صفوفها سوى الذين تنطبق عليهم شروط عضويتها. ولايمكن لتلك المؤسسة أن تمنح عضويتها لأي فرد لأسباب حزبية أو شخصية أو فئوية.
كما لايمكن أن تجد في النظم الديمقراطية من يدعي أنه مثقف أو مفكر أو مؤلف...لأن ركائز المجتمع تستند إلى نظام مؤسسي، حيث لاتتجرأ أي جهة حزبية على خلق مؤسسات تدعي تمثيلها للمثقفين على سبيل المثال لأجل منح الألقاب العلمية أو الفكرية المزورة لأحد منتسبيها أو تروج له بغرض الادعاء أنها تمثل تلك الفئة الاجتماعية.
إن قيمة الألقاب الفكرية تختلف باختلاف الشعوب ولغاتها، فكلما كانت الشعوب متطورة انحسرت تلك الألقاب بفئة محددة لها من النتاجات الفكرية ما ساهم في رفد الحضارة الإنسانية. وتلعب اللغة دوراً مهماً في التعبير عن الكيان الفردي ذاته، كما أنها تعبر عن طريقة التفكير. واللغة تعتبر سلسلة من التراكمات اللفظية المعبرة عن حضارة شعب ما، بل هي انعكاس لنمط التفكير والتشكيلة الاجتماعية.
ويرى ((أودونيس))" ليست اللغة وسيلة تعبير حسب، وأنما هي كذلك طريقة تفكير".
واللغة الفرنسية على سبيل المثال يتم اعتمادها دولياً للصياغات والتفسيرات القانونية، كونها تمتاز بدقة المفردة وتفتقد لوجه التأويل مما يجعلها تصلح للاستخدامات القانونية. في حين أن اللغة العربية تحتمل وجه التأويل لكثرة مفرداتها وتعدد معانيها مما يجعلها لغة صالحة للاستخدامات الشعرية واللفظية عنها في لغة القانون!.
في المجتمعات غير الديمقراطية والتي تفتقد لنظام مؤسسي، نجد هناك حالة من عدم التخصص والتداخل في كافة الشؤون العلمية والاجتماعية والسياسية. مما شجع العديد من الأحزاب السياسية والأنظمة الشمولية لخلق (مؤسسات) زائفة تمنح عضويتها لمن تشاء دون معايير علمية أو تخصصية، حيث يمكن أن يكون المرء الأمي رئيساً لمؤسسة علمية أو ثقافية لأن السياسي هو الذي يقرر بهذا الشأن، كما أنه يمنح الألقاب العلمية والثقافية لمن يشاء ويقصيها عما يشاء تبعاً لنمط تفكيره السياسي!.
وهكذا نجد هناك العديد من الشعراء والمفكرين والمثقفين في الوطن العربي، منحوا ألقاب شعرية وفكرية بدون وجه حق بالرغم من أن مستواهم الفكري والثقافي لايتناسب وما يحملون من ألقاب زائفة!.
ويعتقد ((سقراط))" أن أوسع الناس شهرة كانوا جاهلين، الجهل المطبق تقريباً. بينما لمست أن من يعتبرهم الناس دون أولئك كانوا أمهر منهم بكثير في استخدام عقلهم العلمي".
إن ظاهرة الادعاء المعرفي في الوسط السياسي والثقافي في الوطن العربي، ساهمت بها الأحزاب السياسية والأعلام والصحافة وكذلك المجتمع. فالأحزاب السياسية روجت للعديد من منتسبيها من أشباه المثقفين على أنهم النخبة الثقافية، والإعلام العربي قدم العديد من المدعين على أنهم نخبة من المفكرين. وأصبحت الألقاب العلمية والفكرية تمنح بغير وجه حق وبعيداً عن المسؤولية والأمانة العلمية والأخلاقية.
إن هذا الادعاء بالألقاب والمكانة الاجتماعية المزيفة، خلق حالة من الاختلال بين العلمي واللاعلمي وبين المدعي والحقيقي مما أدى إلى بروز فئة طفيلية من أنصاف المثقفين والأميين في الواجهة الإعلامية على أنهم يمثلون النخبة وأصبحت اطروحاتهم تمثل النهج العام بالرغم من سطحيته وإساءته للنخبة الأساسية والحقيقية للمجتمع.
ويعتقد ((سقراط))" أنهم مدانون، الإدانة القاطعة بادعاء المعرفة وهم منها براء. لأنهم في جهلهم غارقون، فهؤلاء مدفوعين بصيتهم وشهرتهم وأقوياء عدداً ومتسلحين بقضية تحظى باستحسان العديدين وبدعوى، أعدت بعناية واهتمام".
هناك سوء نية، يلجأ إليها العديد من حملة الشهادات الأكاديمية (وبغض النظر عن حقيقة وصحة تحصيلهم الأكاديمي) من خلال اعتماد ألقابهم الأكاديمية بمناسبة وغير مناسبة، حيث يلجأ الغالبية منهم لاستخدام لقبه الأكاديمي وهو يكتب بموضوع مخالف تماماً عن تخصصه الأكاديمي، ولو تم التحري عن حقيقة تخصصه الأكاديمي ستجد أنه لم يكتب حرفاً واحداً في مجال تخصصه بل أنه لم يمارس تخصصه على إطلاق وتحوم حوله الشكوك في كيفية حصوله على الشهادة الأكاديمية ذاتها!.
ويرى ((سقراط))" أن الادعاء الكاذب، لايؤلم فقط بمغزاه المباشر، بل له أثر سيئ في الروح".
في المجتمعات الديمقراطية لايستخدم اللقب الأكاديمي سوى في المجال التخصصي، فعند كتابة بحث تخصصي في مجال علمي ما يتم الإشارة إلى اللقب الأكاديمي للتدليل على أن البحث المنجز يعود إلى أحد المختصين في هذا المجال العلمي وعدا ذلك يستخدم الكاتب اسمه بشكل مجرد عند تطرقه إلى أي شأن أخر غير تخصصه.
إن ادعاء المعرفة في كل شيء، يوحي بالجهل في كل شيء. وهذا الادعاء الزائف بالمعرفة في كافة الشؤون الاجتماعية والفكرية واللجوء إلى الألقاب الأكاديمية، أصبح السمة السائدة في المجتمع العربي.
ويساهم الإعلام العربي بترويجه بشكل متعمد كون القائمين على أجهزة الإعلام وقيادات الأحزاب والأنظمة السياسية غالبيتهم من أنصاف المثقفين، ومن مصلحتهم الترويج للمدعين والثقافة السطحية والزائفة لأجل الإيحاء بأنهم أكثر ثقافة من حملة الشهادات الأكاديمية والعلمية وبالتالي فهناك مسوغ (مشروع) لقيادتهم الأحزاب والدولة!.
ويرى ((سقراط))" أن البعض يعتقد أنه يدرك المعرفة، وفي الواقع أنه لايدركها بينما أنا أدرك جهلي إدراكاً كاملاً، لذا أدعي أني أوسع منه حكمة. لأني لا أدعي بأني أعرف ما لا أعرفه".
إن غياب المجتمع المؤسسي في الوطن العربي، أدى إلى حالة من التداخل العشوائي بين مرافقه الأساس. وأصبح حامل الشهادة (الأكاديمية) يعتقد أنه أكثر إدراكاً ومعرفة من الآخرين في جميع مرافق وشؤون المجتمع.
ويجد السياسي نفسه أكثر إدراكاً للمعرفة من غيره، كونه يقود المجتمع ويفرض توجهاته عليه. لذا فأنه ليس بحاجة إلى تخصص ما لكونه قادر على احتلال موقع وزير أو مدير لمؤسسة علمية أو ثقافية، بل يمكنه منح اللقب المعرفي لمن يشاء ويحجبه عما يشاء!.
وهكذا أصبح المشهد العام لحملة الألقاب والشهادات الأكاديمية (المفكر، الشاعر، الباحث، الدكتور، البروفيسور...) شيء مقزز، ويوحي بحالة من الاستهزاء والتندر في الوسط الاجتماعي نتيجة إفراغ اللقب (العلمي والأكاديمي) من محتواه العلمي والتخصصي. فكم من حملة هذه الألقاب، لايجيد الفهم والإدراك الحقيقي لمغزى هذا اللقب الذي يتقدم اسمه بمناسبة أو غير مناسبة!.
وهناك من منح لنفسه لقب مفكر، وليس لديه كراساً في الميدان الفكري. إن الشيء الملفت للنظر أن تلك الألقاب الزائفة رائجة فقط في الساحة الإعلامية العربية، ولن تجد مفكراً حقيقياً في الغرب يعمل على إلحاق ذات اللقب أمام اسمه بالرغم من امتلاكه العشرات من الكتب الفكرية التي يتم تدريسها في الأكاديميات العلمية والفكرية.
قليلاً من التواضع، وكثيراً من الإدراك والفهم كفيل بإسقاط عشرات من الألقاب الزائفة التي يتسلح بها الدعاة وأنصاف المثقفين. قليلاً من الشجاعة، كفيل بكشف زيف الدعاة ومروجي الألقاب وحملة الأوسمة (الفكرية) الزائفة!.
أصبح الوطن العربي بحاجة ماسة وأكثر من ذي قبل لخلق مجتمع مؤسسي، يميل أكثر نحو تمثيل المجتمع تمثيلاً حقيقياً بغرض إقصاء الأشكال المتدنية للمؤسسات التقليدية القائمة والمقتصرة على منح الألقاب الزائفة والترويج لأنصاف المثقفين على أنهم النخبة الأساسية للمجتمع.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدر كتاب جديد للمؤلف صاحب الربيعي بعنوان (المثقف بين المهادن ...
- البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي
- الانتخابات وعملية إرساء أسس النظام الديمقراطي
- العلاقة بين السياسة والاقتصاد في النظم الشمولية والليبرالية
- ظاهرة النزاع والعنف في المجتمع
- وزارة الموارد المائية العراقية ما لها وما عليها
- العلاقة بين الكاتب والقارئ
- مهام الكاتب ومسؤوليته كمثقف
- دور المثقف والسياسي في الثورة والاحتلال
- موقف السلطة الفاشية من الثقافة
- السياسية والعنف في المجتمع
- السياسة والثقافة في المجتمع
- الأحزاب السياسية وجماعات الضغط
- الأحزاب الشمولية وقياداتها الديناصورية
- العملية الانتخابية وشرعية السلطات
- ظاهرة تفشي الرشوة والفساد الإداري سياسة جديدة تتبعها الأنظمة ...


المزيد.....




- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
- عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط ...
- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي