أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - الحضاريون الجدد















المزيد.....

الحضاريون الجدد


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1045 - 2004 / 12 / 12 - 10:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وكان بودي ايضا ان يكون عنوان هذا المقال "ومتى كان القرباط يوزعون الحليب"؟-- والكلمة في الاصل بدل الحليب هي "الدو" أو "الشنينة", لمن يعرف معناها وطرق انتاجها ولذة طعمها ونكهتها وهي في نفس الوقت مادة عديمة النفع وذلك لان المادة الدسمة مسحوبة منها -- لدلالته الكبيرة وللاشارة الى تلك المجموعات البشرية في مجتمعاتنا المتنوعة والمتعددة والثرية عبر التاريخ والذي حاول "الحضاريون الجدد" على الدوام استئصالهم والغائهم, هذه المجموعة الانسانية -- ومع الاحترام الشديد لخصوصيتها والتنديد بالظروف الوضعية الخاصة والقاهرة التي جعلتها في هذه الورطة الانسانية المزريةالتي لاتحسد عليها-- من المعلوم انهم يتمتعون بقدر لا بأس به من عدم الاحترام والازدراء --وبكل اسف-- نتيجة اوضاعهم البائسة والتعيسة ويتعيشون على صدقات الاخرين احيانا. لذا كان مدعاة للعجب حين يقوم احدهم بتوزيع "الحليب" ناهيك عن حيازته الاصلية له. ومناسبة هذه المقدمة الطويلة هو ماقرأته عن "مشروع حضاري" جديد نشر مؤخرا لمجموعة ظلت تحارب الحضارة والتحديث لقرون خلت وفي مشروعها الاصلي العودة والنكوص والارتداد الى الوراء ولمئات السنين والى السلف الصالح والخلافة الوراثية تحديدا التي توقفت ابداعات البشرية وعقلهاعندها, والذي لا مجال لاحد من محاكاتها وتقليدها واعادة انتاجها برغم كل تلك الانجازات البشرية الخارقة والعظيمة والعملاقة والتي انتجتها مجتمعات تحكمها قوانين وضعية يكفرها ويحتقرها ويدعو لابادتها الحضاريون الجدد وعلى الملأ . لذلك آثرت ان يكون العنوان هو "الحضاريون الجدد" لغلبة الفكرة الحضارية الفجائية العجائبية التنازلية الكبرى عليه, وثانيا لعدم علاقة "القرباط" المساكين لا من بعيد ولا من قريب بموضوع"الحضارة" وانشغالهم الدؤوب والدائم بجمع الشنينة ثانيا.وفور قراءتي لذاك العنوان المثير,طرت الى صديقي استاذ اللغة العربية بالجامعة لاستفسر عن معنى كلمة الحضاري, واذا كان قد حدث معي لغط ام لا في قراءة المفردة وبما ان اختصاصي هو في لغة عالمية "شمولية"أخرى لاعلاقة لها بالحضارة التي يُدعى اليها,واعتقدت بانني غير "ضليع" باللغة العربية,وحين اكد لي ان الكلمة تعني تماما كما عهدتها, ادركت ان شيئا ما خطيرا قد حصل, وتحولا دراماتيكيا مثيرا قد وقع.فاذا كان الهدف من هذه البلاغة اللفظية والدرر الكلامية والبرامج الخلبية هو الوثوب الى الكراسي المغرية ,تماما كما فعل الثوريون الاشاوس في مرحلة ما, فإن الامر مفهوم ومبرر ولا احد يلوم الاخر عليه. وهذا للعلم ما تفعله معظم الاحزاب وفي اعرق الديمقراطيات ببيع برامج انتخابية وهمية ومستحيلة سرعان ما تتخلى عنها عند الجلوس على الكراسي الناعمة الوثيرة آنفة الذكر وحلال عليهم. اما اذا كان القصد هو التخلي عن فكر غلاة الظلام والتكفير وحملة البلطات المشهورين والمعروفين ,والذين يتربعون بجدارة وفخر على رفوف المكتبات, وتعطى شهادات الدكتوراه بفكرهم "العبقري", والذين لايحركون الا النوازع الشريرة والاجرامية في نفوس المتحضرين الجدد والآلاف المؤلفة الذين تناسلوا من صلبهم الفكري والعقائدي ,وثقافة السيف والدم, وقطع وتدحرج الرؤوس, واقامة حدود الردة السياسية والدينية, والتخوين, والتمييز ضد الجميع, واحتكار الله والدين لانفسهم فقط, والتكفير والفرز الطائفي والوأد الاستئصالي الشامل لامم وشعوب وملل ونحل وطوائف واعراق واثنيات واهالي ذمم مساكين وقعوا في شرك وبراثن "الحضاريين" فجأة, والتي تحفل بهم تلك الجغرافية الطيبة والخصبة ,والتي قدمت للعالم ابجديته الاولى وعلمته القراءة والكتابة, وما انفكت امواج الحضارة وقوافل المدنية تتوالى عليها الا حين استضافت وبكل اسف "ثقافة السيف واللون الواحد " او ما يسمى "بالفكر الضال", وهو بالمناسبة التسمية الرسمية في اعتى الشموليات الاصولية واشدها غلوا وتكفيرا وتطرفا وظلاما الآن. او الكلام عن اطلاق حرية المرأة واعتبارها كائنا بشريا, والاعتراف بالاخر ونشر قيم التسامح والعيش المشترك واحترام الخصوصيات الفكرية والعقائدية الخاصة بالآخرين والاعتراف بالاخر مهما كان فكره وتوجهه ولونه السياسي, اذا كان المقصود كل هذا واكثر, فوالله وبصدق هذا ما لا يرضى ولن يصدقه احد ابدا او يقتنع به عاقل. لانه توقف و تخل للفرع عن الجذر, وللشمس عن النور, وللحياة عن الخلود, وللقمر عن الضياء, وللارض عن العطاء, وللرواسي عن الصمت, وللشموليات عن القهر, وللمخابرات عن الاعتقال, انها حقائق ابدية وخالدة وان تغييرها هو تغيير للحياة ككل ونهاية لها بالمآل . وهذا ما لا يقدر عليه احد الا الله سبحانه وتعالى.وكما يقال بالمثل الشعبي "خيطوا بغير ها المسلة".
لقد كان هذا الفكر الغيبي الظلامي الاسود هو الذي جر الويلات والكوارث على امم وشعوب بكاملها لانه لم ولن يؤمن يوما ما بوجود الاخر ابدا او بقبوله ناهيك عن القبول بفكرة الحوار اصلا مع اي كان.ولننظر الان الى تلك الرقع الجغرافية التي يفيء بظلاله ”المباركة" فوقها كيف خرجت كلها وكليا وبالضربة القاضية المباشرة وبالجولة الاولى من منظومة الحياة البشرية الانسانية والحضارية والتطور الانساني الراقي ولمرة واحدة والى الابد,وجعلها امما منكوبة ومقهورة وتعيش في احلك الظروف البائسة وفي الظلام الاسود الدامس الشامل والشلل الكلي العام, وتحت سطح الارض دائما, والتي لايمكن بحال من الاحوال اعادة تاهيلها واصلاحها ومداواة جروحها الغائرة والمزمنة في المدى المنظور على الاقل. وكيف انتشر الجهل والمرض والفقر والامية والتعصب والحقد والغلووالغل الاسود المقيت والعنصرية والحروب والكوارث والويلات وتراجيديا الدم النازف الذي لا يعلم الا الله متى يتوقف. ولقد تمتعت تلك الاصقاع بسبات طويل وغفوة هنيئة وتخدير عميق وسكون وركود شامل ولقرون اعجز عن عدها منذ ان تسلط عليها فكر "الحضاريين الجدد. هذه حقائق دامغة وموجودة على الارض ولا يمكن لاحد ان يتجاهلها.وفي حال وصول "المشروع الحضاري" الى الكراسي المسيلة للعاب – لاسمح الله وقدر— ستكون امارة طالبان الاسلامية المنقرضة مزحة "ولعب عيال", وهوليوود الشرق الساحرة امام مايكتنزه ويخبؤه "الحضاريون الجدد" من "مشاريع حضارية جدا". ولقد قيض الله لي ان احضر او اقرأ – اما صدفة او نحسا – لبعض مما يُخطط له من فقه النسوان, وفلسفةالنكاح, وثقافة الغيب, وادلجةالسيف والدم, والخزعبلات الميتافيزيقية, والالغاز الغامضةالاخرى, ونوعية الاستئصال وكيفية الابادات وإحكام الاغلاق الشامل وعلى الجميع .واذا كان يؤخذ على الشموليات الاستبدادية مايعرفه الجميع فانه بالامكان -- ومن خلال مانعرف ونقرأ ونشاهد – فان الحضاريين الجدد يقبعون تصنيفا في مرحلة اعلى من عتاة الشموليين الدوليين المشهورين اي ما بعد او ماوراء الشموليين ultra - totalitarians والا بماذا نفسر ابعادهم واستئاصلهم كليا من الحياة السياسية العامة وعدم السماح لهم بالترشح او لعب اية ادوار سياسية على الساحة في البلاد التي تحتضن "مرشدهم العام" ومنبت مؤسسهم وتضم شريحة عريضة منهم؟ لابل يتم تجريم البعض منهم احيانا وتمتلىء السجون برواد كثر منهم ,ومع العلم الفاضح بانهم اغلبية طائفية فيها. وتحظر نشاطاتهم واحزابهم وتجمعاتهم فيها. وما معنى ان يتم اصطياد ومطاردة "اهل الفكر الضال" وعلى الهواء مباشرة في الدول التي رعت فكرهم وسقته واوصلته الى ما هو عليه من تحجر وغلو وتشدد.
ان المسألة ليست مسألة بيانات وصياغات جديدة وتلاعب بالالفاظ وبيانات صحافية سطحية ومكشوفة , انه تاريخ طويل ومسيرة مستمرة وتيار جارف من الضخ والتعبئة والتجييش الاسود لن يفلح مقال مكتوب على عجل ولضرورات واحلام "كراسية" في ازالة قوته الضاغطة من الشارع, او نزعه من تلك العقول المخدرة والتي تحجرت وتجمدت بفعل الزمن الطويل ولن تستطيع لفظيات منمقة من اذابتها فورا. انه فكر الغائي ,استئصالي ,اقصائي,احادي, تكفيري, تخويني,انعزالي, انطوائي نكوصي ارتدادي اكتسب صفاته الوراثية وجيناته الملازمة وصبغياته الاحادية عبر قرون من هذه الممارسات وهذا السلوك "الحضاري" الهابط فجأة من سابع سما.ولم يفصح الحضاريون الجدد عما ستؤول اليه كل تلك الانشطة البشرية التي تتسم بالحب والخير والجمال والحياة من شعر, وفن, ومسرح ,وغناء, وصحافة ,وادب, وموسيقى ,ورقص, وسياحة, وسفر, وتلفزيون, وتعارف, واختلاط, وحرية, تلك العناوين العريضة للنشاط البشري اليومي الحتمي والطبيعي والمطلوب والضروري لدى البعض ,ايا كان, والذي هو محرم, ومجرم, ومحقر, ومؤثم, وممنوع ,وملعون,ومخون, ومذموم, ومنكر هو واصحابه والقائمين عليه وممارسيه في فكر "الحضاريين الجدد" كما هو معروف ومعلوم لاطفال الفكر وبدائيي التعلم وخدج المعرفة.
ان هذه المجتمعات العظيمة ,الخارقة ,المتنوعة والثرية والتي ظلت تولد الحضارات والمعرفة وتقدم للانسانية روائع واوابد وشواخص ماثلة على الدوام, بحاجة الى ان يواكب مسيرتها الكبرى الخلاقة والعظيمة فكر خلاق ومبدع وثري منفتح ومتعدد, لا فكر احادي ظلامي مغلق شمولي وقاطع. وهذا للعلم فقط

الحضاريون الجدد.................العبوا غيرها.

• نضال نعيسة كاتب وصافي سوري



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعب في الوقت الضائع
- الحوار المتمدن ........عفوا
- الثورة العالمية الثالثة
- سوق عكاظ .........الالكترونية
- اللعب مع الكبار
- الحلقة المفقودة في حلقة الاتجاه المعاكس
- الفرق الضالة..............سياسيا
- 2-2العلمانية والجهل
- شموليات القهر الجاهلية في الالفية الثالثة
- مثلثات الموت القادمة
- اوهام الاصلاح المستحيلة
- العلمانية والجهل
- مجتمعات الاقصاء الشامل
- وعاظ السلاطين وبيان الليبراليين


المزيد.....




- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...
- “فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - الحضاريون الجدد