في خضم الظروف الإقليمية والدولية تبرز القضية الكردية وتطرح نفسها على مختلف المستويات ، و هي القضية الأكثر حضورا على الساحة العامة في الدول التي تتقاسم كردستان ، فالحقائق التاريخية و الجغرافية فضلا عن السياسات الإقليمية و الدولية ، تربط هذه القضية بما يحدث من تطورات عالمية و وفقا للمتغيرات السياسية و خاصة في الشرق الأوسط ، وأثبتت الادعاءات الدولة الطورانية في ( ولاية ) الموصل بأن هذه القضية ليست مسألة داخلية أو مشكلة عابرة موزعة بين عدة الدول ، وأثبتت أيضا مدى الظلم الذي لحق بالكرد نتيجة معاهدة سايكس بيكو التي كرست تقسيم كردستان وأصبحت السبب المباشر لاضطهاد شعب و أمة لها خصوصيتها القومية ، تلك المعاهدة التي وضعت حقوق الكرد في دهاليز النسيان لعقود طويلة و خاصة في الدولة الطورانية العنصرية التركية .
إن شعبنا الكردي الذي يعشق السلام و يحب الاستقرار بملايينه المغبونة سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا والمحروم من ابسط حقوقه الإنسانية ، وخاصة على أيدي أحفاد المجرم المقبور اتاتورك الذين لا زالوا يعيشون عقلية الجواري و القيان ، كأسلافهم في الدولة العثمانية المجرمة بحق الشعوب صاحبة عقلية الطربوش والتخلف ، و التي تدحرجت إلى مزبلة التاريخ و التي سوف تلتحق بها ربيبتها الحالية إن آجلا أو عاجلا نتيجة نهضة شعوب المنطقة ، لان تلك الدولة و وريثتها لم تقدما شيئا يمكن أن يفسر بأنها خطوة على طريق منح حقوق الشعوب الكاوية بظلم الحكام الأتراك الأجلاف ، بحيث وصلت أحوال هذه الشعوب إلى وضع يتمتع فيه نشال في أنقرة أو عاهرة في جادة التقسيم في القسطنطينية بحقوق اكثر منهم ، وعملت الدولة الطورانية العنصرية بكل المقاييس لقمع حركات التحرر بصورة عامة وحركة التحرر الكردية بصورة خاصة ، في الوقت الذي تجاهر علنا بتوجهاتها القومية ، متناسية عن عمد بان الحرية لا تنحصر في شعب و أمة دون أخرى .
إن تعاملت الدولة الطورانية بمجال من التعامل المحدود مع القضية الكردية ، فإنها محاولة منها لجعل القضية الكردية ورقة ضغط على سياسات القوى الأخرى ، حتى اللاجئين الكرد لم تمنحهم هذه الدولة العنصرية حقوق اللاجئين ، بل جرت هناك محاولات لجعلهم ورقة استنزاف أو مساومة ، و لا ننسى تسميم الميت التركي للخبز المقدم من قبل المنظمات الإنسانية للأكراد اللاجئين هناك ، والذي جرى السكوت عن هذه الجريمة البشعة في حينه بضغط أمريكي وغربي ، فالذي يوصم الصهيونية بالعنصرية والنظام العراقي بالفاشية عليهم أن لا ينسوا جرائم النظام الطوراني النازي بحق العراقيين وبحق الشعوب الأخرى ، وعلى القوى الكردية الفاعلة والخيرين في العالم التحرك لدى المحكمة الجنائية الدولية لرفع دعوى ضد الدولة الطورانية لاستعمالها المواد الكيماوية للإبادة الجماعية .
تستغل الحكومة الطورانية ظروف الجغرافية لكردستان لكونها شبه مغلقة ، للتأثير على بعض القيادات الكردية للتنازل عن قرارها المستقل ، ومع الأسف لا يقدر البعض مدى خطورة التوجه الطوراني في العراق و المدعوم من الصهيونية العالمية لأسباب مصلحيه أو مذهبية أو للتشفي، لان القضية الكردية قد أصبحت هاجس دائم لهذه الدولة المصطنعة ، لذا نجدها بأنها تتحرك بقلق و على مستويات مختلفة خوفا من تطور هذه القضية ، وهي بلا شك تساهم عن غباوة في هدر طاقاتها و استنزاف مواردها البشرية و الاقتصادية إن لم تحل القضية الكردية في تركيا .
يعتبر من قصر النظر إن لم يجري التمعن والحذر من التواجد التركي في منطقة بامرني في كردستان العراق ، وما ارتياح بعض العرب لهذا التواجد ناتج عن قراءة غير صحيحة لمدى خطورة هذا التواجد ، أما الخنجر الذي اشهره الاخوة الأعداء لطعننا من الخلف ، من بعض الاثوريين والطابور الخامس التركي مستغلين هذه الظروف نعاهد الجميع بأننا لا ننسى ذلك ، ونحن على يقين بان الذين يزرعون اليأس و الخيبة بين الكرد لا يحصدون شيئا ، بل يزعزعون مكانتهم بين أبناء شعبنا ، فأن استغلوا المنجزات التي وفرناها لهم بدمائنا و دموعنا في غير مكانها فانهم على خطأ كبير وكل آت قريب ، أما مسايرتنا كانت من باب الحرص على العيش المشترك على ارض الوطن ، و نعلنها بدون مواربة أن أية جهة إن أرادت التلاعب بقضيتنا ، سوف تصطدم بإرادة شعبنا و حقيقته لأننا موجودون على الأرض ننطلق منها ولم نتبلور من فراغ ، وكذلك نملك القدرة على المقاومة و الأهم لدينا إرادة التنفيذ ، و حينما نرفض التواجد الجيش الطوراني على أرضنا لأننا نعتبر أي تدخل طوراني خط احمر بالنسبة لنا ، لذا يعتبر في نظرنا موقف البعض ضمن هذا الخط الأحمر .
في الفترة الأخيرة ونتيجة للضغوط الأوربية وبسبب اقتصادها المتهالك ، أعلنت الدولة الطورانية بعض الإصلاحات الشكلية وبطريقة مراوغة ، لغرض ترتيب أوضاعها ، وفي نفس الوقت كانت و لازالت تعمل على إجهاض نتائج الموضوعية التي حصل عليها أكراد العراق بعد الانتفاضة العراقية ما بعد حرب الخليج الثانية .
إن المعالجات غير الموضوعية لقضية الشعب الكردي في الدولة الطورانية ، وما رافقتها من سياسات عنصرية لتبديل الهوية الكردية ، يتطلب من الكرد هناك تنظيم صفوفهم وعدم الركون إلى الوعود الطورانية لأنها خطط تكتيكية لكسب الوقت ولإرضاء للاتحاد الأوربي ، عليهم التحرك في اتجاهات مختلفة ، ولا سيما بعد أن صرح المفوض الأوربي المكلف بتوسيع الاتحاد غونتر فيرهوغن ، بان الظروف لا تسمح النظر في الطلب التركي لقبوله في الاتحاد نتيجة لسجل النظام الطوراني السئ ، وعلى الكرد أيضا النزول إلى الشارع وجعل مناطق ومدن الكردية هناك جحيما لعسكرتاريا الطورانية وأجهزته القمعية ، وكما معروف بان الاستعمار التركي قد جرى طرده من كافة الدول العربية و الإسلامية ، ولكنها لا زالت تستعمر الكرد أرضا و شعبا و لا يمكن تجاوز ذلك إلا بالمقاومة المتواصلة ، لان القضية الكردية في الدولة الطورانية ليست قضية إنسانية فقط بل هي قضية سياسية وليست بنت يومها ، شعب غازي جاء إلى المنطقة من أواسط آسيا ، واخذ يتحكم في أصحاب الأرض الأصليين وينكر عليهم ابسط حقوقهم ويعمل فيهم قتلا و تدميرا ، والدولة الطورانية الحالية تجسد نفس النظرة العنصرية السابقة ، و يجب استغلال الظروف الاقتصادية المتهالكة لهذه الدويلة الغريبة و العجيبة لزعزعة أركانها والضرب على رؤوسهم الخاوية ، ولا سيما بان للكرد ثقلهم السكاني و الموقع الجغرافي المتميز و تواجدهم في كافة المدن الكبيرة يمكن تفعيل المقاومة الكردية وحرق الأرض من تحت أقدامهم ، و مقاومة المغتصب واجب شرعي و قومي و وطني ، ولان من حق أكراد في تركيا العيش بسلام على ارض وطنهم كردستان وان يكونوا أحرارا في بناء علاقاتهم مع شعوب المنطقة ، أما مطالبة الحكومة الطورانية للكرد بالولاء السياسي باسم الوطنية ، في الوقت الذي تهدر حقوقهم نعتقد بان هذه الوطنية المفروضة بقوة السلاح لا تصنف في خانة الوطنية و المواطنة ، إنها مجرد شعارات فضفاضة لغرض الاستمرار في هدر حقوق الكرد القومية و لاستنزاف طاقاتهم ليس على الساحة الدولة الطورانية بل على الصعيد القومي الكردي ، لذا يكون من الواجب القومي الكردي بمد يد العون و المساعدة في كافة المجالات للشعب الكردي في كردستان المركزية ، للاستمرار في المقاومة والكفاح لنيل حقوقه المشروعة في تقرير المصير .