|
ردا على دعوة الحوار المتمدن للإسهام في الحوار أقول:
زيني محمد الأمين عبّاس
الحوار المتمدن-العدد: 3516 - 2011 / 10 / 14 - 09:14
المحور:
ملف حول قيام الدولة الفلسطينية و القضية الكردية وحقوق الأقليات وحقها في تقرير المصير في العالم العربي
إن البنيوية في التفكير القائمة على الالتزام باحترام دلالات ومعاني اللغة وصيغها توخيا للوضوح وإبعاد كل شبهات الالتباس وإمكانيات التأويل هي منهجي في الحياة وفي الكتابة ووفقها تتحد مواقفي من مجمل القضايا المطروحة على ساحتنا العربية والإسلامية إن من حيث القضايا الشائكة والمعقدة كحال القضية الفلسطينية مثلا أو من حيث القضايا موضوع التجاذب والخلاف باسم الحقوق السياسية أو الحقوق الأساسية ذات خلفيات الانتماءات المختلفة سواء منها تلك المرتبطة بالجوانب الروحية أو الانتماءات الجغرافية والثقافية والعرقية. والنقد الذاتي وما يرمي إليه من مقاصد الفطنة والتبصر لكمائن الخلل والسعي بالمعالجة والتنظير للإسهام في إبرازها بأبسط الأساليب وأوضحها وأقربها للموضوعية والتجرد هو خياري الأول والأخير. من هذه المنطلقات سأسعى للإجابة على الأسئلة التي تفضل موقع الحوار المتمدن بالطلب من كاتباته وكتابه أن تكون الإجابة عليها موضوعا لمداخلات يعرضونها للنقاش، تلك الأسئلة التي وردت في الدعوة على النحو التالي: 1- أيهما أهم برأيك، بناء دولة مدنية على أساس المواطنة بدون تمييز قومي أو ديني واحترام حقوق جميع القوميات والأديان، أم بناء دول على أساس قومي و أثنية، بغض النظر عن مضمون الحكم فيها؟ 2- كيف ترى سبل حل القضية الفلسطينية وتحقيق سلام عادل يضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وفقا للمواثيق الدولية ومقررات الأمم المتحدة؟ 3- كيف تقيّم الموقف الأمريكي والدول الغربية المناهض لإعلان دولة فلسطينية مستقلة بعد خطوة الزعيم الفلسطيني وتوجهه إلى الأمم المتحدة لتحقيق ذلك؟ 4- ما هي برأيك الأسباب الرئيسية للموقف السلبي من قبل الدول الكبرى تجاه إقامة دولة كردية مستقلة، تجمع أطرافها الأربع في دول الشرق الأوسط، وهو مطلب شعبي كردي وحق من حقوقهِ، ولماذا يتم تشبيه الحالة الكردية على أنها إسرائيل ثانية من قبل بعض الأوساط الفكرية والقومية في العالم العربي ؟ 5- هل يمكن للتغيّرات الراهنة في المنطقة - الانتفاضات والمظاهرات الأخيرة – من أن تؤدي إلى خلق آفاق جديدة أرحب للقوميات السائدة کي تستوعب الحقوق القوميّة للأقليات غير العربية مثل الأكراد، إلي حدّ الانفصال وإنشاء دولهم المستقلة ؟ 6- هل تعتقدون بأنّ المرحلة القادمة، بعد الربيع العربي، ستصبح مرحلة التفاهم والتطبيع وحلّ النزاعات بين الشعوب السائدة والمضطهدة، أم سندخل مرحلة جديدة من الخلافات وإشعال فتيل النعرات القومية والتناحر الإثني ؟ 7- ما موقفك من إجراء عملية استفتاء بإشراف الأمم المتّحدة حول تقرير المصير للأقليات القومية في العالم العربي مثل الصحراء الغربية وجنوب السودان ويشمل أقليات أخرى في المستقبل، مع العلم أنّ حق تقرير المصير لکلّ شعب حقّ ديمقراطي وإنساني وشرعي و يضمنه بند من بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام 1948؟
8- ما هي المعوقات التي تواجه قيام دولة كردية، و كيانات قومية خاصة بالأقليات الأخرى كالأمازيغ و أهالي الصحراء الغربية؟ وللإجابة على هذه الأسئلة التي من حسن حظي أنها في مجملها تقريبا مواضيع لمقالات كتبتها في السابق وجلها منشورة في الحوار المتمدن أبدأ بتسجيل وجهة نظري وعرض بعض مقترحات التعريف لمصطلحات متداولة تنسجم مع المضامين التي أود أن يفهم قصدي في الإشارة إليها عند استخدام تلك المصطلحات في الكتابة. فأبدأ أولا بمصطلح الدولة التي هي في نظري حيز جغرافي محدد يقوم عليه تناسق بديع بين أبعاد بشرية ديمغرافية واجتماعية بالبعد الاقتصادي ومقوماته والبعد التنظيمي الذي تشكل السياسة دعامته ومحركه الرئيس. هذا المجال الجغرافي تم تحديده في حال غالب الدول التي نقصدها ونتعامل معها في عالم اليوم في ظروف تاريخية جد محددة وذات صلة في معظم الأحيان بتصفية الاستعمار وما صاحبها من فرض لإرادة المستعمر وفق ما يرجح أن يكون نظرة استشرافية قد تكون خبيثة لضمان توفير أفضل الظروف لخدمة مصالحه أو بكثير من عدم التوفيق في اختيار الحدود في أحسن الأحوال مما ولد كيانات دالة على شخصيات اعتبارية مؤسس لها في المواثيق والمعاهدات الدولية التي تشكل المرجع شبه الأوحد للشرعية إذا ما أخذنا في عين الاعتبار مصدرا آخر لشرعية الأمر الواقع بالحروب التي تكفل كل الدساتير احتمالية اللجوء إليها لتسوية النزاعات أو لأغراض أخري توسعية من خلال ثابت تحديد آلية حق إعلان الحرب والسلم في كل دستور. ثم أثني بمصطلح السياسة فهي في نظري المنهج والأسلوب الوضعي الذي من خلاله تسيّر أمور المجتمعات البشرية بناءً على مجموعة من المبادئ والقيم التي تقرّ بأحقيّة ومشروعيّة اختلاف الأفكار والآراء واعتبار الاختلاف عامل جمع للجهود والتوافق في أطر حزبيّة أو ائتلافية جامعة تروم تحقيق أهداف غايتها الوصول بالطرق السلمية وعبر استحقاقات انتخابية ظرفية للسلطة في مجموعة بشرية معيّنة وممارسة تلك السلطة لمدة زمنية محددة بدلالة التطوع والإنابة لتبصر المصالح وطلبها لا بدلالة التشريف التي غالبا ما تكون مفتاح التسلط وسوء التصرف وأداة التعدي على الحقوق الفردية والجماعية. وأختم في التعاريف بالهوية التي هي عنوان الخصوصية وما يتميز به الكائن عن غيره سواء على مستوى الفرد حيت مقومات التمييز فيزيولوجية أو على مستوى الجماعة حيث المقومات لغوية وعرقية وقيمية..... في جميع الحالات غاية الهوية التعريف والتعارف وإن خرجت من هذا الإطار لتصبح ملهما للفكر عموما وللتفكير السياسي خصوصا تكون دلالة صارخة على الانغلاق والتقوقع اللذان يولدان نزعة نفورية من كل من أو ما لا يدخل ضمن الإطار الضيق للخصوصية وهذا مع الأسف الشديد هو حال أمتنا العربية والإسلامية والسمة البارزة لمعظم محاولات التنظير فيها لبناء الفكر السياسي بدءا من القومية العربية وما آلت إليه من إخفاقات قوامها تكريس الأحكام الشخصيانية المتسلطة وانتهاء بالتوجهات الإسلاموية التي تسعى اليوم جاهدة لأن تكون بديل الأنظمة الدكتاتورية المتهاوية المرتقب غير مبالية بما يترتب عن عمقها القائم حصرا على النزعة العدائية للآخر للحد الذي لم يعد مفهوم الآخر عند أتباع هذه التوجهات يقتصر على العدو المبرر عداؤه عمليا أو تاريخيا بل تجاوزه ليصبح دالا على المخالف في الرأي حتى ممن تجمعه معهم نفس مقومات الهوية. والمحصلة الأكيدة لكل هذه النزعات الإنغلاقية الوصول بالشعوب بما ثكلت به من مآسي وآلام ومعقبات سوء التسيير إلى حقبة جديدة من الاستعمار الفعلي كحال العراق أو المرتقب في سوريا وإيران والسودان وليبيا وسائر دول ما يصطلح على تسميته بدول الربيع العربي. وهذا الوضع في نظري دال على خلل بنيوي في إدراك الذات للحد الذي لا يكاد المتعقل يلمس للعربي أو للمسلم من مقوم للهوية سوى أنه هو عدو الآخر وما ينجم عن ذلك من منزلقات حضارية أقلها الإرهاب فكرا وممارسة أو إثارة النعرات والتوجهات والمساعي الانفصالية التي تبدو جلية في مواضيع بعض الأسئلة موضوع الحوار. تلك الأسئلة التي أبدأ في الإجابة عليها تراتبيا كما وردت بالقول إن وجهة نظري والأقرب عندي للصواب والأدل على مظنة توفر أفضل ظروف العيش المشترك هو أن تكون الدولة مدنية دنيوانية (مصطلح اقترحته في مقال بعنوان الدين والسياسة: زواج بعقد طلاق ودلالة ذلك المصطلح عندي التنصيص على الفصل بين الدين والسياسة) تكفل الحريات وتحترم الخصوصيات وينصص في دستورها على أن الدولة لا تتبنى رسميا أي انتماء عرقي أو ديني وأن حق الاعتزاز لكل فرد من أفرادها بانتمائه العرقي أو الديني بما لا يتعارض مع المساس بحقوق الآخرين أو نكرانها أو التعدي عليها مكفول وأن الدين للمجتمع وحرية التدين وممارسة الشعائر الدينية مكفولة للجميع. هذه النظرة قوامها النفاذ إلى فكرة أن الدولة ككيان اعتباري لا معنى له خارج الإطار الزمكاني الوحيد الذي يكون فيه الإنسان فاعلا وقادرا على اتخاذ المبادرة بالتصرف والتسيير أي الدنيا وأنها (أي الدولة) لا تقف يوم القيامة أمام الله ولا ترجو أي منفعة لا حاضرة ولا مؤجلة من الممارسة الدينية ومن غير الراشد تعطيل تسيير شؤونها بموجبات المزايدات والعرقلة بالقراءات القاصرة للمسألة الدينية التي تخرج الدين طبيعته المتمثلة في كونه علاقة نفعية بين الخالق والمخلوق نفع الخالق فيها يتمثل في تجسيد الربوبية ونفع المخلوق التعويل على ما يجنيه من وراء تفعيل ملكات التعقل والإدراك والإيمان من توازن نفسي هو هدف الدين الأول بدلالة كون الدين ضرورة بشرية تستقرؤ من ابتداع البشر لأشكال متعددة من التدين عبر الأزمنة والعصور خارجة عن نطاق الديانات السماوية التوحيدية إضافة إلى ما تضفيه تعاليم وشعائر المنظومات الدينية المتعددة من تجليات تساهم في إضفاء حلة قيمية مساعدة على توفير ظروف التعايش تعرف بالأخلاق. بناء عليه يمكن النفاذ إلى أن موقفي معارض تمام المعارضة لفكرة الدولة ذات المضمون الخارج عن سقف المدنية والحامل لأي مضمون آخر ذي صلة بالانتماء الديني أو العرقي أو الثقافي من أي لون كان. أما بالنسبة للسؤال الثاني فقد بينت مواقفي منه في مقالين منشورين كذلك على صفحات الحوار المتمدن الأول بعنوان القضية الفلسطينية: مشروع الحل ودعوت فيه إلى ضرورة التخلص من عقدة نظرة العداء والتعامل مع المسألة من زاوية عقلانية نفعية خالصة تأخذ في عين الاعتبار الممكن والمتاح وتتخلص من عقدة الاعتراف بإسرائيل ومراجعة الخيارات والمواقف وفق ثابت الوعي بأن قوة الحق أقوى بكثير وأنجع في التفاوض من وهم القدرة على استرجاع الحق بالقوة والمفاوضة المباشرة الهادفة لإقناع إسرائيل والمجتمع الدولي من حولها بأن العرب والفلسطينيين يسعون للحل وبشكله النهائي وفق القرارات الدولية وخارطة الطريق التي طرحت فكرة الأرض مقابل السلام. أما المقال الثاني بعنوان: قضية فلسطين: مقترح عملي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة فقد اقترحت فيه حلا عمليا من أربعة نقاط يبدأ بالتأسيس للاستقلال الاقتصادي لدولة فلسطينية منزوعة السلاح وفق آليات حددتها كما يلي لتجنيب القارئ عناء البحث عنها حيث هي: 1- البدء في تأسيس الدولة الفلسطينية بتوفير ظروف استقلالها المالي تمهيدا لحصانتها الاقتصادية واستقلالها السياسي بإنشاء عملة فلسطينية تتبنى الدول العربية مجتمعة وكل حسب قدرته واستعداده توفير ضمانات صكها وطباعتها وتخصيص المبالغ التي تساهم بها الدول العربية والمجتمع الدولي عموما لتكون أول ميزانية للدولة الفلسطينية المستقلة وترصد في بنك مركزي فلسطيني يُنشأ وتقام له فروع في المدن الفلسطينية الكبيرة سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة. 2- تكليف لجان عربية تحت إشراف أممي وبتفويض من مجلس الأمن الدولي بتولي مهمة توزيع العملة الفلسطينية في الأوساط الشعبية والتنظيمات الفلسطينية مقابل جمع السلاح وفق برنامج يعده المختصون في الميدان يحدد سعر كل قطعة سلاح وآليات صرف أثمانها بعد التأكد من إتلافها وحفظها في حاويات خاصة توفرها شركات دولية يتم التعاقد معها لإعادة تدوير معادن تلك الأسلحة وصنع تماثيل رمزية للنضال الفلسطيني المسلح يختار الفلسطينيون شكلها وأحجامها ويتم تنصيبها لاحقا في ساحات النضال في كل المدن والقرى الفلسطينية وتبقى شاهدا على أن هذا الشعب بذل دماء زكية كثيرة في سبيل الاستقلال واقتنع أن النضال المسلح نضال مرحلي بلغ حده وآتى أكله وحان الوقت لتجاوزه وترسيخ رمزيته إلى الأبد استجابة لرغبة كل الشعب الفلسطيني وتخليدا لأرواح مناضليه. 3- تكليف لجنة خبراء في القانون الدستوري فلسطينيين وعرب بتفويض أممي بصياغة الدستور الفلسطيني الذي يجب أن يتم التنصيص فيه على تمسك الشعب الفلسطيني بحقه في الاستقلال وفق قرارات الشرعية الدولية وقراره بالتخلي عن خيار الكفاح المسلح واستعداده للقبول بدولة فلسطينية مدنية منزوعة السلاح تتطلع للعيش بسلام مع جميع جيرانها وإسرائيل أقربهم في حدود الرابع من حزيران 1967 ورغبتها في أن يكون الجدار العازل الذي ترى فيه إسرائيل اليوم جدارا أمنيا حدودها النهائية مع إسرائيل على أن يتطابق في مساره مع حدود 1967 المذكورة آنفا. كما يجب أن ينصص الدستور الفلسطيني على أن الثقة في الشرعية الدولية كضامن لأمن الفلسطينيين في أرضهم أكبر من أي وهم ببناء قوة عسكرية تكون عبئا على كاهل الفلسطينيين ولن تصل مهما بلغت حد فرض نوع من التوازن الإستراتيجي مع قوة الأمر الواقع العسكرية الإسرائيلية. إضافة إلى ما سبق يجب أن ينصص الدستور الفلسطيني كذلك على تجريم حمل السلاح داخل الأراضي الفلسطينية خارج ما تقتضيه الضرورة الأمنية لبعض أجهزة الحماية ناهيك عن الحظر المطلق لكل أشكال التنظيمات المسلحة تحت أي مسمى كانت وبأية دعوى كفاح أو نضال. 4- بعد الانتهاء من توزيع العملة الفلسطينية وجمع السلاح واكتمال إعداد الدستور الفلسطيني تشرف الأمم المتحدة على استفتاء شعبي لإقرار الدستور الفلسطيني وبإقراره يتم إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة التي تستوعب كل الفلسطينيين عدا فلسطينيي 1948 والبدء في انتخابات رئاسية وتشريعية تفرز سلطة فلسطينية مدنية شرعية تقطع مع ما عليه حال الشعب الفلسطيني من تشرذم وولاء لفصائل ذات ذمم غالبا ما تكون مرهونة لقوى خارجية لا تولي مصالح الفلسطينيين من اهتمام خارج مساعيها لخدمة المصالح الضيقة لحكامها. وأوجز في الإجابة عن السؤال الثالث بالقول بأن ما يطرح الإشكال وتتحدد وفقه المواقف الدولية خاصة منها تلك الفاعلة كالولايات المتحدة والدول الأوروبية هو ما لا يرغب العرب والفلسطينيون أن يروه بعين الواقع من مشين الوقوع في مكائد الإسرائيليين المتجددة على الدوام والتي تسعى بالحيل والخداع إلى جعل الفلسطينيين دائما يتموقعون في المواقف والتصرفات بما يجعل الغرب ينظر إليهم على أنهم في موقع الجلاد في الوقت الذي هم فيه عمليا الضحية إضافة إلى أزمة الولاءات ورهن الذمم التي يفرضها بعضهم على بعض في خضم مساعي الطمع في دعم أنظمة عربية كلها انتهازية واستغلالية للقضية الفلسطينية وجاعلة منها ومن قدرتها المزعومة على التحكم في مآلها كحال النظام السوري و الإيراني وما يفرضانه على الفلسطينيين من انقسام وتشرذم لم يجرأ الرئيس عبّاس على مواجهته ووضع حد له ولو بالقوة وفضل مواجهة من لا تتوقف مصالحهم بثبات الفصائل الفلسطينية على ما تراه برامج وثوابت لصراعها مع إسرائيل في خطوة يائسة للي ذراع الولايات المتحدة وابتزاز الاعتراف بدولة فلسطينية قدرها إن وفقت في الحصول على اعتراف بالجمعية العامة بصفة عضو او بصفة مراقب أن تواجه قرار الولايات المتحدة بتجفيف منابع التمويل وتحرج بذلك عباس وسلطته التي قد تستمر ما وسعتها جرعة أكسجين مكسب الاعتراف المنتظر لكنها لن تستطيع في نظري الصمود أكثر بلا موارد آمريكية وإسرائيلية كانت تغذي في جانب كبير منها فساد السلطة والفصائل. وعن السؤال الرابع المتعلق بالمطالب الكردية بحقهم في إقامة دولة مستقلة يقتطع حيزها الجغرافي من الدول الشرق الأوسط المحيطة بالمجال الكردي فأسجل احترامي لهذا الحق وتفهم أسبابه التي شرحت بعضها أعلاه في معرض الحديث عن مساوئ النزعة الهوياتية في عالمنا العربي والإسلامي وما تفضي إليه من إذكاء النزعات التعصبية المشابهة ولا أثمن مساعي الإخوة الأكراد الرامية لتحقيق هذه المطالب بقدر ما أدعو لإصلاح وضع المجتمعات للحد الذي ينتفي معه الشعور بالغبن والحيف والتمييز والتسلط وفرض إرادة النمطية والإدماج بالقوة والحرمان من الحقوق المشروعة للتعبير عن الإختلاف الثقافي والاعتزاز بالانتماءات المختلفة في إطارها والمحققة لأهدافها. وسر الإحجام عن تأييد هذا الحق نابع من النفاذ إلى أن الوضع القائم والذي أشرت في البداية إلى ظروف قيامه والوضع الدولي المترتب عنه أكثر دلالة على أن الطريق الوحيد المحتمل أن يؤدي بالأكراد لتحقيق أحلامهم قد يمر بالحروب غير المتوازنة بين الأكراد والبلدان الراجعين إليها بالنظر حاليا خاصة وأن طبيعة أنظمتها واحتمالية اتحاد مواقفها من باب المصلحة والمرجعية الدولية قد يكون ثمنه باهظا بالنسبة للمدنيين الأكراد وهو ما جربوه بكل أسف في العراق في السابق ويجربونه اليوم في كل من تركيا وإيران وسوريا. وفي قبل الختام أود أن أجمل الإجابة عن كل الأسئلة المتعلقة بما يصطلح على تسميته بالربيع العربي وما يعلق عليه من آمال بإيجاز شديد بالقول إن نظرتي من موقع من عايش انطلاق هذه الأحداث وكل فصولها تتلخص في اعتبار ما جرى أقرب ما يكون لبلوغ أنظمة ظلم وفساد وجور وصفتها في مقال منشور هو الآخر على المتمدن بعنوان: الأمم المتحدة: مشروع الإصلاح بأنظمة العصابات المافيوزية مداها بعد أن استفادت بموجب تحول معايير التعامل معها منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر من الضغوط عليها وحثها للتحول شيئا فشيئا للديمقراطية والحكم الرشيد إلى معيار وحيد هو القدرة على توفير الاستقرار رغم العلم الذي أخبرتنا وثائق ويكيليكس أنه كان حاصلا وعلى أعلى المستويات بطبيعة هذه الأنظمة الهشة والفاسدة. وقد لعب انتشار وسائل التواصل الحديث وحالة الاحتقان والغبن والتجهيل المنظم ووقاحة الحواشي والعصابات المتنفذة في عدم الاكتراث بمخاطر التعدي على الناس وعلى حقوقهم القطرة التي أفاضت الكأس وحررت الناس من الخوف الذي كانت تستر به هذه الأنظمة فأدى كل ذلك إلى ما يصر الكثيرون على اعتباره ثورات وأميل شخصيا إلى اعتباره تفككا وتحللا لأشكال حكم موروثة عن الحقبة الاستعمارية أسيئ تسييرها وإدارتها ولم تعد تستطيع أن تعمر أكثر فتولد إثر ذلك وضع أسميته بالوضع الديموضوي قوامه شكل ديمقراطي (التعبير عن الرأي والاحتجاج والمطلبية من كل شكل ورائحة والتظاهر والاعتصام والمحاسبة ......) ومضمون فوضى عارمة يختلط فيها حابل تفكك أجهزة الدولة وأساليب وآليات إدارتها بنابل الأنانية الفردية والجهل البنيوي المركب للمجتمعات وما يتولد عنه من المخاطر والمنزلقات التي تعتبر النزعات التعصبية والقبلية والجهوية ألطف منتجاته في وجه مخاطر الاقتتال وحمل المدنيين للسلاح والإرهاب وطغيان ظلامية الفكر الديني الراغب في فرض قراءات قاصرة في معظمها شكلا ومضمونا للمسألة الدينية على المجتمع والدولة. وأشير ختاما إلى أن إجابتي على السؤال الأخير حول حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي وردت الإشارة إليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان متناسقة مع ما سبق ذكره وقد فصلت موقفي من قضية الصحراء الغربية في مقترحات ستة تضمنها مقال تحت عنوان: نزاع الصحراء الغربية: مشروع الحل لم تعد الإطالة تسمح لي بتعديدها هانا غير أن قوامه الرغبة الصادقة في إيجاد حل مرجعيته خيار الشعب الصحراوي وفق آليات تعدها وتنظمها وترعاها الأمم المتحدة بين أحد مصيرين إما الاستقلال التام أو الانضمام النهائي للمغرب وذلك من منطلق الوعي بأن انعكاسات مثل تلك الصراعات سيئة بكل المقاييس على جهود التعاون والتنمية الإقليمية التي تتجه في جميع أنحاء العالم إلى أن تكون أداة تحقيق التنمية والتعاون إلا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
#زيني_محمد_الأمين_عبّاس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عدد اليهود في فلسطين حسب تقدير العرب
-
إلى أين تأخذنا يا زمن؟
-
-العالم العربي- بين الأمس واليوم
-
الإرهاب في خليّة طبّية وماذا بعد؟؟
-
الاستعمار كان ولا يزال خير من يحمل الأوزار
-
نزاع الصحراء الغربية: مشروع الحل
-
المجتمعات الثائرة وسبل استيعاب الإسلام السياسي
-
الأمم المتحدة : مشروع الإصلاح
-
ثمن الرضوخ للدكتاتورية
-
القضية الفلسطينية: مقترح عملي لإقامة الدولة الفلسطينية المست
...
-
تونس الثورة : من دكتاتورية إلى أخرى
-
الدّين والسياسة : زواج بعقد طلاق
-
العلمانية : ما لها وما عليها
المزيد.....
-
-غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق
...
-
بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين
...
-
تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف
...
-
مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو
...
-
تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات
...
-
يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض
...
-
الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع
...
-
قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
-
ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
-
ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ
...
المزيد.....
-
حق تقرير المصير للإثنيات القومية، وللمجتمعات حق المساواة في
...
/ نايف حواتمة
-
نشوء الوعي القومي وتطوره عند الكورد
/ زهدي الداوودي
-
الدولة المدنية والقوميات بين الواقع والطموح
/ خالد أبو شرخ
-
الدولة الوطنية من حلم إلى كابوس
/ سعيد مضيه
-
الربيع العربي وقضايا الأقليات القومية
/ عبد المجيد حمدان
المزيد.....
|