أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - الجمعية الفلكية الأردنية














المزيد.....

الجمعية الفلكية الأردنية


هشام غصيب

الحوار المتمدن-العدد: 3515 - 2011 / 10 / 13 - 08:43
المحور: الطب , والعلوم
    


لم يكن من قبيل المصادفة أن بدأت الثورة العلمية الكبرى في مجال الفلك ولا أن كانت الثورة الفلكية هي المحرك الرئيسي للثورتين العلمية والفلسفية اللتين شهدتهما أوروبا في القرن السابع عشر الميلادي. ذلك أن علم الفلك (أو علم الهيئة، كما كان يسميه العلماء العرب) ليس مسبارنا الكوني ولا إطلالتنا على الكون الفسيح حسب، وإنما هو في المقام الأول معبرنا الرئيسي إلى ما أسماه بليز باسكال اللانهاية الكبرى، اللانهاية المادية الفعلية التي بثت الرعب الميتافيزيقي في قلب باسكال وبعثت في ذهنه رعشات الرهبة الميتافيزيقية. فعبر علمي الفيزياء والفلك جابه الإنسان اللانهاية المادية الفعلية ونظرها في الوجه مباشرة، فقلبت حياته رأساً على عقب وفتحت أمامه آفاقاً لانهائية من إمكانات التقدم والمعاناة الحضارية. ومن ذلك بالضبط تنبع أهمية الثقافة الفلكية؛ فهي ضرورية لنقل وعي المرء من عصور ما قبل الثورة العلمية ومن عالم حواسه الأرسطية إلى العصر الحديث وعالم التجريد العلمي الدقيق. فهو يظل أسير الأفكار والمعتقدات ما قبل العلمية ما ظل بمنأى عن روح العلم الحديث وآفاقه المتطورة أبداً.

ومن جهة أخرى، فإنّ علم الفلك يعدّ واحداً من المصادر الرئيسية للأنساق الفكرية الجديدة التي تعمل على توسيع فضاء الفكر البشري بعامة والكشف عن أبعاد جديدة فيه. ويضفي عليه ذلك قيمة ثقافية وفلسفية خاصة تجعل من تملكه واستيعابه حاجة ملحة للوسط الثقافي برمته.

وبمعنى آخر، فإن الثقافة الفلكية الجدية ضرورة حيوية لتحديث الوعي الاجتماعي وتحريره من قيود الماضي والمحلية الضيقة. لكنها ضرورية أيضاً لجعل الإنسان مدركاً لطبيعته وحجمه الحقيقي وموقعه الطبيعي في نظام الوجود المادي. وبالطبع فإن تملك هذه الثقافة الثورية واستيعابها ليس بالأمر السهل، وإنما يستلزم معاناة ومكابدة طبعت الثقافة العالمية في القرون الأربعة الأخيرة من تاريخ البشرية. فهو ينطوي على تمزيق للقوقعة الفكرية والوجدانية الضيقة التي وضعته فيها الثقافة التقليدية ما قبل العلمية، من أجل الانطلاق في رحاب اللانهاية الكونية. إن تملك هذه الثقافة الفلكية لهو في جوهره مغامرة ومخاطرة وصدام؛ صدام دامٍ بين دفء الماضي الزائف وطمأنينة الجنين الوهمية من جهة وبين تحدي اللانهاية الكونية والحرية المطلقة من جهة أخرى. أجل، إن هذه الثقافة الثورية تفرض على الإنسان تخطي ذاته باستمرار. إنها معاناة ولا شك، لكنها معاناة ضرورية إذا أراد الإنسان أن يسيطر على بيئته وشروط حياته، وتصبح ملحة في حال الأمم المهمشة الطرفية، كالأمة العربية، إذا شاءت هذه الأمم أن تحافظ على بقائها وعافيتها في عالم لا يرحم. فلا تنمية حقيقية في وطننا تمكننا من صد المعتدي الإمبريالي الصهيوني ومن رفع سوية مواطننا والحفاظ على كرامته من دون تحديث ثوري فعلي للوعي الاجتماعي. ولا تحديث ثوريا للوعي من دون تملك الثقافة الفلكية الحديثة.

ومن ذلك تحديداً تبرز الأهمية التنموية التربوية للجمعية الفلكية الأردنية، التي أخذت على عاتقها مهمة كبيرة تتمثل في حث مؤسساتنا التعليمية على إيلاء الثقافة الفلكية اهتماماً أكبر، وفي توفير منبر ثقافي علمي أصيل لشاباتنا وشبابنا يتيح لهم المجال لتعميق ثقافتهم الفلكية نظريا وعمليا والاطلاع على آخر التطورات في علم الفلك وخوض التجارب الرصدية المثيرة التي سبق وأن خاضها علماء كبار مثل غاليليو وهيرشل وبسل.

وقد حققت الجمعية الفلكية الأردنية الكثير على صعيد تعميق الثقافة الفلكية في الأردن، برغم امكاناتها المتواضعة. ولعلها أنجح جمعية ثقافية علمية في الأردن. فنشاطها المتميز لم ينقطع البتة منذ تأسيسها، سواء كنا نتكلم عن مخيمات الرصد أو المؤتمرات أو المحاضرات أو النشرات. وهي تتميز بعضويتها الشابة المتحمسة التي تتفجر رغبة في المعرفة والاستكشاف. هذا، على أية حال، ما لمسته في المحاضرات التي تشرفت بإلقائها في الجمعية الفلكية الأردنية. فليس هناك جمهور ثقافي في الأردن يضاهي جمهور الجمعية الفلكية الأردنية من حيث الاهتمام الثقافي العلمي والجرأة الفكرية والقدرة على التفاعل مع المحاضر والموضوع والحيوية والعمق في طرح الأسئلة والتعليقات. إنها حقاً لمتعة كبيرة أن يجد المحاضر نفسه محاطاً بمثل هذا الجمهور الذكي والوثاب. ويظل واجبا علينا جميعاً، مؤسسات وأفراداً، أن نقدّم الدعم المتواصل لهذه الجمعية الفتية التي استطاعت أن تنجز الكثير بهمة أعضائها ونشاطهم المتميز.



#هشام_غصيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ركب آينشتاين نظرية النسبية ؟
- أزمة الفيزياء الحديثة
- البحث عن الزمن التائه (سيرة ذاتية فلسفية)
- تعقيب على ورق د. أومليل حول العولمة
- حول كتاب “القفز بلا أقدام” لجلال فاخوري
- مغزى ثورة أكتوبر
- من الفلسفة إلى الثورة
- ما الإنسان؟
- فلسفة الثورة: من فويرباخ إلى ماركس
- تفكيك العقل بالعقل
- الحداثة وما بعد الحداثة
- الأمركة والقضايا العربية
- الفلسفة سياسة
- اغتراب العقل المطلق: نقد فويرباخ لهيغل
- عقيدة العقل في الغرب الحديث
- أفول العقل
- النقد وأنطولوجيا الوجود الاجتماعي
- كيف نقوم الديموقراطية في مجتمع ما؟
- العولمة والهوية القومية
- التفكير العلمي والتغيير الاجتماعي


المزيد.....




- ولي العهد السعودي: المملكة قدمت أكثر من 6 مليارات دولار لدعم ...
- خطوات تثبيت تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجديد 2024 الجديد ...
- في اليوم العالمى لذوى الهمم.. طرق رعاية وتغذية الطفل المصاب ...
- مرض اليد والقدم والفم.. ما هو وأهم طرق الوقاية
- المقدار الزمنى والطريقة.. ازاي نغلى اللبن فى البيت بطريقة ص ...
- بوتين يزور المؤسسات الروسية الرائدة في قطاع الصناعة الطبية و ...
- رئيس وزراء باكستان يزور السعودية ليشارك في قمة المياه الواحد ...
- فنلندا تكشف عن سبب التلف في كابل الإنترنت بينها وبين السويد ...
- خطوات تثبيت تردد قناة الفجر الجزائرية  2025 “متاحة على القمر ...
- وضعية جلوس شائعة تسبب الصداع والأرق.. اعرف الطرق الصحية


المزيد.....

- هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟ / جواد بشارة
- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - الجمعية الفلكية الأردنية