|
سوريا و زمن المعجزات
قصي حسن
الحوار المتمدن-العدد: 3514 - 2011 / 10 / 12 - 09:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
مما لا شك فيه الان أنه هناك حراك على كل المستويات في سوريا لتجنيبها ضربة عسكرية على غرار ما حدث في ليبيا و لكن هل حقا" يمكن تفادي ذلك ؟ لقد دأب النظام الاسدي على مدى عقود و عقود على اتهام كل من بعارضه بالعمالة لأمريكا و الصهاينة دون رادع أو دليل يقنع الشعب بذلك بحجة أنه المقاوم الوحيد في المنطقة بوجه مخططات امريكية أوربية للسيطرة على هذه المنطقة الحيوية من العالم و كان الشعب في سوريا يحتمل القمع و التنكيل و الترهيب و النفي و القهر و الفساد و المحسوبيات-بالعا" الموس على الحدين- كما يقول المثل الشعبي لكي لا يقال أن الشعب السوري ضد المقاومة و خوفا" من أن يسقط النظام الوحيد المقاوم في المنطقة حسب ما يظهر و لكن هذه الحجة لم تعد تسمن و لا تغني من جوع لان الناس على مدى أربعين عاما خبرت و عرفت أنه حتى يستطيع شعب ما أن يقاوم على مدى طويل ينبغي أن يتمتع حقيقة بالمشاركة السياسية في القرار و أن يكون قادرا" على محاسبة الفاسدين و المرتشين و مستغلي المناصب السياسية لكي -يغتنوا و يسمنوا- إلا أن ما فعله النظام السوري على مدى أربعين عاما " على المستوى الداخلي لا يعدو كونه سوى الامعان في القمع و كبت الحريات و الاعتقالات العشوائية التي لا تتطابق مع ما يدعيه في مواقفه الخارجية سالفة الذكر ومع أننا لا يمكن أن نكون مع أي تدخل خارجي مهما صغر أو كبر فان هذه الامور لا تحدث بمشيئة الدول الصغرى و لا بمشيئة الافراد فليس صحيحا" أن المجلس الوطني الانتقالي الليبي هو الذي جر رجل حلف الناتو و أوربا لكي يتدخلو ا في ليبيا بل هناك مصالح حقيقية كانت مهددة لو لم يتدخل الناتو و استطاع الناتو و أوربا أن يجنبوا بلدانهم الخسائر الكبيرة التي كانوا سوف يتعرضوا لها لو لم يتم التدخل فالدول الغربية و أمريكا ليست جمعيات خيرية لنشر الديمقراطية كما يدعون و هي لا تريد لا من قريب و لا من بعيد أن تنشر ديمقراطية لا في سوريا و لا في غيرها و هي لا تتدخل هنا و هناك كرمى للعيون السود أو الزرق فهناك مصالح لها في هذه المنطقة متى ما شعرت بأنها مهددة فانها سوف تحرق الاخضر و اليابس لكي تحافظ على هذه المصالح و هذا ما ينبغي أن يدركه الشعب السوري بكل أطيافه المعارضة و الموالية و لان كنا لا نريد أن نشكك بوطنية قوى المعارضة و القائمين على قيادة المجلس الانتقالي و أخص بالذكر الدكتور غليون فاننا نعرف حق المعرفة أن الدكتور غليون يسعى بكل ما أوتي من معرفة و علم و ثقافة لتجنيب سوريا هذا المخاض العسير و لكن أعود و أؤكد أن المسألة ليست بيد المعارضة السورية و لا بيد الموالاة و إنما بيد الدول المعنية و احتكاراتها العالمية و لكن بامكان المعارضة السورية أن تسعى لتجنيب سوريا هذا التدخل من خلال رفضها له حقيقة وبأشكال مختلفة اعلامية و واقعية على الارض من خلال رفضها التمويل من الخارج أو عقد مؤتمراتها في الخارج و من خلال العلنية أي عقد كل لقاآتها و مؤتمراتها بشكل علني و عدم القبول بأي مؤتمر أو لقاء لا يكون علنيا" أي أن يتم التفاوض مع الغرب و مع تركيا و مع الدول التي تريد التدخل في سوريا بشكل علني و مباشر و تكون محاضر الجلسات و المفاوضات علنية و مباشرة فان لم يكن هناك ما يخجل منه الانسان فلا ينبغي أن يخفيه بما معناه الغاء ما يجري خلف الكواليس من مفاوضات و لتكن كل حوارات المعارضة علنية و من فوق الطاولة و على المحطات التلفزيونية مباشرة بدون جلسات سرية لكي يقبض كل منهم الثمن على مواقفه و ليعرف الناس على ماذا يتفاوض هؤلاء و ماذا يقدمون لكي يحوزوا على مناصب ما و كيف حدث و اختير غليون مثلا" رئيسا" للمجلس الانتقالي مع أنه كان مرفوضا" مبقا" و مع احترامي الشديد له فهو غير معروف في سوريا الا على مستوى المثقفين أي أنه لا يملك حيثية شعبية تخوله أن يكون على رأس المجلس فهناك أناس أحق منه و لو اختلفنا معهم سياسيا" ماذا قدم غليون من تنازلات و ملذا قدم له الاخرون لماذا لا يكون ذلك علنيا" مثلا" هل اعتبر غليون وجها علمانيا" ارضاء" لفرنسا و الغرب أم ماذا نحن كشعب نريد أن نعرف كيف تتم المفاوضات و ماهي حقيقة المؤتمرات السرية و الغرف المظلمة و لا نريد تسريبات من هنا و هناك و أن نكون في موقف و فجأة و بدون سابق انذار ننقلب 180 درجة . أما من ناحية النظام فانه من الواضح أنه لا يريد أن يجد حلا" حقيقيا" و أنه متخم بما يسميه الدعم الشعبي المزيف للنظام ناسيا" أو متناسيا" ما كان عليه صدام حسين و القذافي و بن علي و مبارك قبل ساعات من سقوطهم ناسيا" أو متناسيا" أن الشعب في سوريا لم يعد يصدق الكذب و الدجل عن المقاومة و الوقوف في وجه المخططات الغربية الساعية الى السيطرة على البلد و أن الشعب السوري يريد اجراءات فعلية على أرض الواقع فلماذا لا تكون لقاءآت الاسد مع قادته الميدانيين و السياسيين علنية لماذا لا تكون لقاءآته مع موفدي الدول الغربية و السفارات علنية و مباشرة مما يخاف الاسد أو أن وراء الاكمة ما ورائها ؟. من هنا أجد أننا بحاجة الى معجزة ربانية لكي نجنب سوريا التدخل الاجنبي و لما كان زمن المعجزات قد ولى فاننا لن نستطيع منع التدخل الاجنبي اذا ما شعر الغرب أن مصالحه في النطقة معرضة للخطر و عندها لا يمكن لا للمجلس الانتقالي و لا للنظام أن يمنع هذا التدخل.
#قصي_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الازمة في سوريا
-
من يحاسب من
-
ماذا نحكم على الشرير
-
واهم من يظن أن سوريا سوف تصبح ديمقراطية
-
ماذا تحتاج الشعوب العربية
-
الديمقراطية بين الخيال و الواقع
-
تطور الطبقة العاملة نموذجا-الإمارات العربية المتحدة
-
اليمقراطية
-
أزمة النظام في سورية
المزيد.....
-
رغم تحذير الجيش الإسرائيلي.. لبنانيون يبدأون بالعودة لمناطقه
...
-
مسؤول استخباراتي إسرائيلي سابق: وقف إطلاق النار اختبار للبنا
...
-
الداخلية الكويتية تعلن ضبط مواطن ووافد سوري ضمن تشكيل عصابي
...
-
مصر: اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان يجب أن يكون توطئة لوقف إ
...
-
ما هي أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان؟
-
بسبب تكلفة اختيار المقعد.. شركات طيران تحقق أرباحا بالمليارا
...
-
خبير ألماني: -الإسلامويّون- يفضلون استخدام السكاكين في اعتدا
...
-
تحديد علامة رئيسية للاضطراب النفسي
-
الرقابة الروسية تحذر من خطورة تفشي فيروس -نورو-
-
مسؤول كبير في -حماس-: الحركة مستعدة للتوصل إلى اتفاق بعد -وق
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|