أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ملازم كريم - الراحلون بصمت














المزيد.....

الراحلون بصمت


ملازم كريم

الحوار المتمدن-العدد: 236 - 2002 / 9 / 4 - 00:55
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في ذكرى سامي و سعد…

 

في مثل هذا اليوم قبل أربعة عشر عام, كنت جالسا في إحدى مقرات الحزب الشيوعي العراقي العسكرية في وادي سما قولي الواقع مابين قضائي شقلاوة و كوي سنجق وصلني خبر استشهاد ملازم سامي في إحدى جبهات المعارك في محافظة السليمانية. بصمت رحل سامي كما عاش الأيام الصعبة يصارعها بصمته و بابتسامته الساخرة.

 

تعرفت على سامي (و هذا أسمه الحركي) في الكلية العسكرية في عدن في أكتوبر 1981 في نفس يوم اغتيال أنور السادات. حيث كان ضمن الدفعة الأولى من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي المتهيئين للحصول على دبلوم في العلوم العسكرية, و العودة إلى العراق بهدف إعادة بناء القوة العسكرية للحزب على أسس نظامية.

 

لقد كان سامي الوحيد من بين زملاءه متحليا بالصمت و بعيد عن أحلام الصحوة. كانت أماله محصورة في التخلص من الغربة, و إعادة صلته بحبيبته التي تركها في العراق. و كان منغمرا في أعماله اليومية بشكل رتيب. كما تحلى بمقدرة ملحوظة على السخرية و التعليقات المرحة سواء مع رفاقه أو مع سائر طلبة الكلية العسكرية. ففي أحد الأيام فاجئنا سامي بأنه بدأ ينظم الشعر, و يريد أن يقرأ علينا نتاجاته. و هدفه في ذلك كان مناغصة رفيق آخر كان يدعي مقدرة على كتابة الشعر و النثر. و بطبيعة الحال أثار إعلان سامي الرفيق المعني و لسان حاله يقول (اليسوة و المايسوة يكتبون الشعر). و في إحدى ليالي الاستراحة من الدروس العسكرية قرأ علينا سامي قصيدته, بقراءة تعمد فيها أن تكون مثيرة للنقد. و ما أن انتهى سامي من قراءة قصيدته, سارع الرفيق الأديب إلى انتقاد القصيدة شكلا و مضمونا. و ما أن انتهى رفيقنا من انتقاداته اللاسعة حتى أخرج سامي جريدة تحوي القصيدة, و التي كانت من نتاجات الشاعر سعدي يوسف. و بهذه الطريقة الساخرة أراد سامي أن يلقن رفيقه درسا في ضرورة التأني و عدم اللجوء إلى الأحكام المتسرعة.

 

لقد عرف الرفيق سامي فور عودته لشمال العراق من إن مهمته في إعادة بناء قوات الحزب العسكرية مهمة مستحيلة. فقوات الحزب كانت قوات غير نظامية, ولا تنطبق عليها شروط العمل العسكري المنظم الذي درسها في الكلية العسكرية. فأختار اللحاق بقوات الحزب في محافظة السليمانية. وعمل مع رفاقه الأنصار بروح من التواضع و نكران الذات. و سكن سريعا في قلوب رفاقه, و نال ثقتهم و إعجابهم. و عاش ظروف البيشمركة الصعبة من صراع ضد السلطة أو دفاع عن النفس في خضم ما عرف باقتتال الأخوة. و حقق حلمه الكبير في إعادة الاتصال بحبيبته. و لكن في زحمة ذلك جاءت الأنفال لتنهي أحلامه المتواضعة, و تسرق الغالي سامي من بين رفاقه.

 

وليس ببعيد عن مكان استشهاده اغتيل غدرا الرفيق الملازم سعد. و سعد رفيق عرفته منذ أن التحق بالدفعة الثالثة من طلبة الحزب الشيوعي العراقي في الكلية العسكرية في اليمن. و على العكس من طلبة الدفعتين الأولى و الثانية, جاء طلبة الدفعة الثالثة مباشرة من أرض المعارك الأنصارية في شمال العراق, حاملين معهم خبرة العمل الأنصاري. كان سعد كرفيقه سامي رفيقا هادئا و صموتا. لقد انكب على دراسته في الكلية بشكل جدي رغم عدم قناعته بأن وصايا مدرسيه الأكاديميون تنطبق على واقع العمل الأنصاري. و سرعان ما أن أنهى دراسته حتى عاد إلى رفاقه ليواصل عمله معهم بنفس روح التواضع و الحماس, و مصرا على العمل وسط الأحداث و بعيدا عن حياة المقرات الخلفية المملة. وفي معارك الأنفال أصر على البقاء في الأرض المحروقة حتى حرقته نيران الغدر.

 

لقد استشهد جمع كبير من الرفاق الأنصار بصمت دون أن يتركوا خلفهم قبور أو شواهد. وكان سامي و سعد من ضمنهم. و ما دام الحديث يطول رفاق منسيين في حياتهم أو في استشهادهم, فإن مقالتي هذه هي نداء لإحياء ذكراهم.. فهم كثيرون, و الوفاء لهم واجب في أعناق رفاقهم و أصدقائهم.

 

و عندما أتحدث عنهم تختلج مشاعري لرفاق أبطال افتدوا حياتهم طواعية من أجل أهداف سامية.. فمنهم الضباط الشيوعيون  نصار و فؤاد و حسان و عادل و جواد و آرام. أو بيشمركة أبطال سعيد ره ش و علي قامشلي و بيشتوان.

 

ملازم كريم

الطريق



#ملازم_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ملازم كريم - الراحلون بصمت