|
كيف تحيا فى مجتمع فاسد ومجنون ؟ 2
سامح سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 21:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يجب عليك إذا رغبت فى تحقيق النجاح فى هذه الحياة أن تفهمها وتستوعبها على قدر استطاعتك، وأن تتقبلها، ليس كما يتم تصويرها أو كيفما يريدك المجتمع أن تراها، أو كيفما تريد أن تراها، بل يجب عليك أن تراها على حقيقتها، وتدركها وتفهمها وتتلامس معها، وتتقبلها كما هى بكافة نقائصها ومساوئها وعيوبها، وبكل آلامها وأحزانها وأكاذيبها وقبحها وبشاعتها ودمامتها وشقائها وبؤسها وعبثيتها، وأن تتوائم وتتكيف بصورة تفاعلية إيجابية- مع الحفاظ على أفكارك وأراءك وقناعاتك ـ مع سفالات وبذاءات وإيذاءات وقذارات وغباوات وتفاهات وسخافات وجهالات وضلالات من يتقاسمونها معك، وألا تثق إلا فى ذاتك، وأن تكون على معرفه واقتناع ويقين تام بعدم امكانية وجود أى شخص فى الحياة- كان أو سوف- يهتم بك ويشعر بعذابك وأوجاعك وآلامك وأحزانك ومتاعبك ويكفكف لك دموعك ويحنو عليك ويمنحك الحب والعطف والرعاية ويتمنى لك النجاح إلا نفسك. يجب على الإنسان العقلانى الناضج الواعى، أن يكون على اقتناع وقناعة كاملة بعدم وجود أى صديق أو رفيق حقيقى أو حليف له فى الحياة إلا ايمانه بذاته وامكاناته ومواهبه وقدراته، يجب أن يكون على معرفة بأنه لم ولن يكون مصدرًا لإهتمام الآخرين به، إلا فى حالة احتياجهم له ورغبتهم فى فهمه، واستكشاف عقليته وطبيعته لمعرفة نقاط قوته وضعفه، واختراق دفاعاته، وكيفية السيطرة عليه وتسخيره لتحقيق أهدافهم ومخططاتهم ورغباتهم، واستنفاذ طاقاته ومواهبه وقدراته، والتمتع بلذة القيادة والسيطرة، والتمكن من إخضاع الآخرين وتحقيرهم وخداعهم. و(على الإنسان) أن يكون على إدراك واقتناع وقناعة تامة بأنه لا يمثل لأكثر من حوله أو لأى شخص أخر إلا مادة للإستغلال، وفريسة يسعى لإفتراسها إن جائته الفرصة، وذبحها بكل برود أعصاب، وبدون لحظة تفكير، وبلا أى تردد أو تواجد لأى درجة من درجات الشفقة أو الرحمة أو التعاطف أو حتى الندم، وبدون أدنى درجة من درجات لوم النفس، أو الإحساس بالذنب، أو تأنيب الضمير ـ بل ربما يستمتع ويتلذذ بشعور القوة والتفوق والسيادة ويتفاخر بإنتصاره، أو غنيمة يتربص بها وينتظر فرصة اقتناصها، أو سلعة تختلف قيمتها لديه بإختلاف مقدار ما يستطيع أن يتكسبه من ورائها من منفعة. "نحن قوم نعشق الإيذاء والدمار والتدمير، إرادة الحياة لدينا أضعف بكثير من إرادة الموت، فالكائن البشرى كائن عدائى وعدوانى بالفطرة، إن لم يجد سبب للكراهية والعداء لأخترعه، وسعى إلى إيجاده بكافة الطرق والأساليب والوسائل، بل وحتى ببذل التضحيات." إن المجتمعات الطبقية السلطوية الفاسدة والمفسدة، لا يحقق ساكنيها أهدافهم ورغباتهم إلا بالصعود على أكتاف البسطاء وسليمى النية، وبأن يسحقوا بأحذيتهم أحلام وطموحات وجثث وبقايا غنائمهم، ممن يتم وصفهم فى وجودهم بطيبة القلب والشهامة والبطولة والعطف والأخلاق الكريمة، بينما يتم تحقيرهم ومعاملتهم بصورة شديدة السوء والإستهزاء بهم وإتخاذهم كأضحوكة ومادة للتندر والسخرية والمزاح فى كل جلسة، ونعتهم فى غير وجودهم ـ وأحيانًا كثيرة فى وجودهم ـ بأقذر الألفاظ والمسميات وأكثر التشبيهات إنحطاطًا. ووصفهم بالغباء و(العبط) والبلاهة والحماقة، والخنوثة ونقص الرجولة فى حالة ما إذا كان الشخص المراد الإستهزاء به وتحقيره رجلاً. إن المجتمعات الإستغلالية لا ترحم الضعفاء، ولا تحترم أو تعطى الحق فى الحياة الكريمة إلا للأقوياء الأذكياء أصحاب البراعة فى الخداع والتضليل، والحرفية فى الإيذاء وصناعة الدسائس والمؤامرات، وسرعة التحول والتلون على حسب التيار السائد، وبما يتناسب مع أى تغير فجائى، والقدرة على فهم وإختراق وتملق من بيده القوة والسلطة، والموهبة فى المكر والدهاء والنفاق والرياء وتحقيق النجاحات وجمع الثرواث واقتناص الفرص بغض النظر عن مدى شرعية الوسيلة المستخدمة، بينما لا تهتم بدعم ومساعدة الكفاءات وأصحاب المواهب، بل تتركهم فريسة للإحساس بالفشل، وإنعدام القيمة، والإحباط والإكتئاب واليأس، والوحدة، بدون أى مساندة أو تدعيم، أو إتاحة الفرصة أمامهم لإثبات كفائتهم وتحقيق ذواتهم ـ أو بمعنى أخر تتجاهلهم وتزدريهم، وتحتقرهم وتقمعهم، وتهدر طاقاتهم وتحاربهم، وتلقى بهم وبمواهبهم فى أقرب سلة مهملات، أو فى أحقر مزبلة أو مقبرة، أو أقذر مرحاض عمومى؛ حتى يكونوا عبرة وأمثولة لكل أحمق حالم ساذج مثالي. "عبد الله القصيمى": الحياة تتعامل مع المتعاملين معها بقدر ما تستطيع ويستطيعون بلا أى نموذج من الأخلاق والإحترام. إن الذين يملكون القوة ولا يملكون الخلق هم أفضل فى التعامل مع الحياة من الذين يفعلون العكس، بل هم الذين تقبل الحياة التعامل معهم وحدهم. لا ينبغى أن نتعجب إذا رأينا التافهين والأغبياء هم وحدهم الذين تهبهم الحياة كل حبها ومزاياها. فأولئك التافهون الأغبياء قد توافقوا مع الحياة توافقًا مكانيًا، كما يتوافق الحجر مع الأحجار الأخرى فيأخذ مكانه المناسب منها. " كبرياء التاريخ فى مأزق".
#سامح_سليمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تحيا فى مجتمع فاسد ومجنون ؟ 1
-
اساسيات النهضه 1
-
دعوه للتفكير والتغيير 1
-
دستور 1923 هل كان دستوراً مدنياً ؟ 2
-
بداية الهجوم الأصولى 1
-
دستور 1923 هل كان دستوراً مدنياً ؟ 1
-
ازمة المرأه العربيه 1
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 12
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 14
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 13
-
اقتباسات هامه جداً 2
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 10
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 11
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 8
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 9
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 6
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 7
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 5
-
قالوا عن الصحافه العربيه 1
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 4
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|