أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد مسعد محمد السبع - هامش على العلاقة المعاصرة بين الإسلام والمسيحية .















المزيد.....


هامش على العلاقة المعاصرة بين الإسلام والمسيحية .


عماد مسعد محمد السبع

الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 10:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثمة تساؤل يفرض نفسه على هامش العنف ذى الطابع الطائفى المتنامى فى مصر بين المسلمين والإقباط بشأن الوعى بموقف الكنيسة المعتمد تجاه ( عقيدة الإسلام ) والذى يعكس رؤيتها الحالية حول الإسلام وقضايا الحواروالتقارب مع المؤمنين به.

فالبين من مطالعة الخطاب المتداول أن هناك غياب بشأن تأصيل التقدم التاريخى المطرد للعلاقة بين الطرفين والتى دفعت - منذ منتصف القرن الفائت - نحو تجسير الهوة والحيلولة دون أزكاء الخلافات القديمة بينهما .

فللمرة الأولى منذ أربعة عشر قرنآ - هى عمر الإسلام - ناقش المجمع الفاتيكانى الثانى ( 1962 – 1965 ) على مستوى مذهبى /عقائدى أشكالية العلاقة بين الكنيسة و الإسلام وبهدف بلورة تصريح كنسى نهائى حول الديانة الإسلامية .

وكان ذلك حدثآ استثنائيآ فى تاريخ المجمع المسكونى الأعلى وصفته المطبوعات الكاثوليكية فى حينه ( بالإنقلاب الكوبرنيكى ) - على ضوء ما تمخض عنه من نتائج فى موقف الكنيسة حيال الإسلام .

والثابت أن بروز " الإسلام " خلال هذه الحقبة كداعم لحركات التحرر الوطنى ولأفكار الإستقلال والتقدم السياسى والإجتماعى هو ما جذب أنتباه المجمع صوب الإسلام وتجاه حسم أشكالية الإعتراف به والتواصل مع أتباعه.

ومن هنا صدر تصريح خاص من الكنيسة الكاثوليكية بشأن العلاقة مع ديانة الإسلام – جاء فيه بالنص ما يلى :
" أن الكنيسة تنظر بعين الإعتبار إلى المسلمين الذين يعبدون الآله الواحد الحى القيوم الرحيم القادر على كل شيىء خالق السماء والأرض ومكلم البشر . فالمسلمين يجهتدون فى أن يخضعوا بكليتهم لأوامر الله الخفية كما خضع له أبراهيم الذى يستند الإيمان الإسلامى اليه وبطيب خاطر. وأنهم يجلون يسوع كنبى وأن لم يعترفوا به كآله ويكرمون أمه مريم العذراء كما أنهم يتضرعون اليها أحيانآ . علاوة على ذلك فأنهم ينتظرون يوم الدين عندما يثيب الله كل البشر القائمين من الموت . ويعظمون الحياة الاخلاقية ويؤدون العبادة لله لاسيما الصلاة والزكاة والصوم . وأذا كانت نشأت على مر القرون منازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين والمسلمين فان المجمع يحض الجميع على أن يتناسوا الماضى وينصرفوا باخلاص إلى التفاهم المتبادل ويصونون ويعززون معآ العدالة الإجتماعية و الخيور الأخلاقية والسلام والحرية لفائدة الناس جميعآ " .

عبرقراءة النص السابق يمكننا أن نستخلص عددآ من الملاحظات الهامة - تتقدم على النحو التالى :

أولآ : أن الإعلان الكاثوليكى يقدم للمرة الأولى وصفآ أيجابيآ لبعض أهم أركان العقيدة الإسلامية ويؤسس لقواعد من التعاون والحوار بين الطرفين على أرضية مشتركة لتحقيق العدالة وتعزيز السلام الإنسانى وأنطلاقآ من فكرة ( التوحيد ) التى تشكل الأساس الملائم للتفاهم المتبادل بين المسيحيين والمسلمين .
ولعل ذلك هو ما دشن فى مرحلة - مابعد المجمع الفاتيكانى الثانى - تيارآ مؤثرآ فى الكنيسة يدعوإلى الإعتراف بالصلة الروحية بين الديانتين وعلى سند من جوهر( العقيدة التوحيدية ) فيما بينهما .

ثانيآ : تأكيد تبعية المسلمين "للتقاليد الإبراهيمية الإيمانية " وكنقطة لقاء هام مع المسيحية , وعلى تقدير المسلمين ليسوع ومريم المجدلية وهو ما يشير إلى موقف القرآن من المسيح فى آية : ( رسول الله وكلمته إلى مريم وروح منه ) , وتكريمه للعذراء مريم فى أكثر من موضع, الأمر الذى يفتح بابآ للتقارب بين الديانتين .

ثالثآ : أعتداد التصريح " بالحياة الأخلاقية للمسلمين" . فالأساس القيمى لسلوك الفرد و المجتمع الإسلامى أصبح محلآ للإعتبار بشكل رسمى من جانب المجمع المسكونى . وهو ما يمثل نقلة نوعية فى هذا الإطار أذ يهدر بصورة قاطعة الفكرة المسيحية التقليدية عن ( الإنحلال الخلقى للمسلمين ) .

رابعآ : تأكيد المجمع على شعائر العبادات الثلاث ( الصلاة و الزكاة و الصوم ) عند المسلمين نظرآ لتماثلها مع دوائر العبادة المسيحية . فالوثيقة تسعى هنا لإبراز نقاط الإلتقاء ( العملية ) بين الديانتين لمواجهة نقاط الإختلاف والتباين ( العقائدية ) بينهما . فضلآ عن الإنتقاء المجمعى اللغوى لمفردات من مدونة ( أسماء الله الحسنى عند المسلمين ) تتفق مع التصورات المسيحسة عن ( الرب ) وتمثل مكافئآ لها فى القرآن .

هذه المقررات الكنسية جاءت كفتح جديدة فى تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية , وكان من الممكن أن تمهد الطريق نحوأفاق من التفاهم المستمر بين الجانبين .

ولكن برزت معطيات جديدة دفعت نحوعرقلة التواصل والحوار بين الديانتين , حيث أختزن تيار الإسلام السياسى - الذى أستمر صعوده منذ نهايات القرن الفائت - عداءآ للمسيحية وفق تصوراته الفقهية والإفتائية , ومن خلال تمسكه بأحكام الديار التقليدية , وتقسيمات / فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان التى أعتمدها .

كما أنعش حضورهذا التيار أفكار ما يسمى " بعقد الذمة التاريخى الحاكم لعلاقة النصارى بالمسلمين " داخل البلدان الإسلامية حيث جرى التعامل مع مسيحى الشرق باعتبارهم " أهل ذمة " لا يجب أن يتمتعوا بحقوق المواطنة الكاملة .

كما أن أنظمة الحكم العربية - التى عجزت عن تحقيق أفكار التكامل القومى وعن تأسيس دولة مدنية حديثة - أخذت فى توظيف الدين لأجل مصالحها السياسية والدهرية ,وعمدت فى هذا الإطار لتزكية الصراع الطائفي فى مجتمعاتها والتحريض ضد المسيحيين - وهو الأمر الذى أنعكس بدوره على علاقتها مع الفاتيكان ورعايا الكنسية.

كما أن المخيال الشعبى العربى مازال ينظر إلى ( العالم المسيحى ) ضمن خانة المناصرين والمدافعين عن الوجود الصهيونى فى فلسطين وهو الأمر الذى يخلق شعورآ متجددآ بالعداء والتعصب نحوهذا العالم .

وكانت الإنتكاسة الأخيرة حينما تقدمت كتابات ونظريات روجت لفكرة صراع الثقافات والديانات فى عالم مابعد الحرب الباردة وأحداث الحادى عشر من سبتمبر ودفعت لتبوأ " الإسلام " مكانة الفكرة " الشيوعية " التى كانت سائدة فى روسيا السوفيتية وأوروبا الشرقية .

وحيث صعد تيار المحافظين الجدد و اليمين فى أمريكا وأوروبا ليزكى التصنيف اللاهوتى للبشر بين ( أخياروأشرار ) ويعزف على الوتر المسيحى الأصولى باعتبار الإسلام عدوآ جديدآ فاشيآ وأن ديانته تحض على العنف وتخريب الحضارة والتقدم الإنسانى .

و الثابت أنه خلف تلك التوجهات السياسية اليمينية تتوارى خطط وأستراتيجيات أملتها مصالح الرأسمالية الإمبريالية بهدف أستمرار الهيمنة الإقتصادية , وتحرير أزمتها من مدخل " العدو الإسلامى والحرب ضد الإرهاب والتطرف " , وزيادة حوافز وأرباح المجمع العسكرى الصناعى كأثر للحروب القادمة و الصراع الجديد مع هذا العدو الدينى .

كما أن هذه القوى تسغعى للحفاظ على أوجه التفاوت الإجتماعى والطبقى العالمى , وهو الأمر الذى يستلزم الإستنزاف المستمر لفائض القيمة من دول المحيط / الجنوب ذات الهوية والكثافة الإسلامية بحكم التاريخ والجغرافيا .

على المسلمين أدراك أنهم ليسوا بصدد حقبة تاريخية جديدة تحيى أرث الصراع الصليبى مع العالم المسيحى – وكما يروج لذلك تيار الإسلام السياسى أو اليمين الغربى المحافظ - وانما هم داخل معركة " سياسية و أقتصادية ووجودية " مع المشروع الرأسمالي المعولم والمعسكر الذى يروم نهب واستنزاف ثروات وخيرات و مقدارات شعوبهم .

ثمة واجب مطلوب على "الأزهر" أن يضطلع به فى هذا سياق دفع الحوارالإيجابى مع الفاتيكان , وبهدف أطفاء ثائرة الغضب وأزالة أسباب الإحتقان , وأن يشكل – قبل ذلك كله - وعيآ ناضجآ و متقدمآ لجماعة المسلمين بشأن حقيقة هذا الصراع الدينى مع الفاتيكان وأبعاده وما يخفى ورائه من مصالح سياسية وأقتصادية .
عماد مسعد محمد السبع .



#عماد_مسعد_محمد_السبع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هامش على الفتنة الطائفية فى مصر
- استتابة العلمانيين فى مصروتونس
- الأيديولوجيا وأحزاب الطبقة العاملة التونسية
- القاعدة فى ليبيا - الدوافع والمخاطر.
- مستقبل العلاقة بين الإخوان المسلمين وأمريكا
- أفكارحول ربيع الثورة فى أوروبا
- ملاحظات حول مأزق التعددية الثقافية فى أوروبا
- الليبرالية الإجتماعية ومستقبل النظام السياسى العربى
- ملاحظات حول صعود تيار الإسلام السياسى فى قلب ميدان التحرير
- إعادة اختراع السياسة فى واقعنا العربى
- المجلس العسكرى يقود الثورة المضادة فى مصر
- الثورة واليسار الغائب فى مصر
- القضاة ودورهم فى الثورة المضادة بمصر
- الثورة فى مواجهة وسطية الفكرالعربى المعاصر
- متى تبدأ الثورة على السلفية الوهابية ؟
- الإنتفاضات العربية بين طابع السلمية وحتمية العنف الثورى
- الأردن .. هل ينجو من طوفان الثورة العربية ؟
- الخيال والمفاجآت الإدراكية لشباب الثورة العربية
- الوعى الزائف بالتاريخ .. مصر تمحو حقبة مبارك !
- الميدان .. خاطرة حول طوبوغرافيا الثورة


المزيد.....




- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...
- ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر ...
- ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين ...
- قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم ...
- مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط ...
- وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم ...
- “سليهم طوال اليوم” تحديث تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد مسعد محمد السبع - هامش على العلاقة المعاصرة بين الإسلام والمسيحية .