|
حوار حول الاقليات
علي بداي
الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 08:56
المحور:
ملف حول قيام الدولة الفلسطينية و القضية الكردية وحقوق الأقليات وحقها في تقرير المصير في العالم العربي
1 – أيهما أهم برأيك، بناء دولة مدنية على أساس المواطنة بدون تمييز قومي أو ديني واحترام حقوق جميع القوميات والأديان، أم بناء دول على أساس قومي و أثنية ، بغض النظر عن مضمون الحكم فيها؟
إذا كان السؤال يخص المجتمعات ذات القوميات والأديان المتعددة فيجدر بنا أن نتسائل أولاً أين أمكن بناء مثل هذه الدولة لحد الآن؟ الدولة المدنية المبنية على أساس المواطنة بدون تمييز قومي أو ديني مع احترام حقوق جميع القوميات والأديان؟ ربما في المجتمعات الحديثة التكوين فقط كالمجتمع الكندي أو الأمريكي ، وحتى حين خيّل الينا أن مثل هذه الدول قد بنيت في دول أوربا المتقدمة لم تكن دولة المواطنة اللادينية واللاقومية هناك عملاً يسيراً . أنظر الى المشاكل الحالية للإتحاد البلجيكي ومشكلة إقليم الباسك وإنفصال قوميتين متقاربتين كالتشيك والسلوفاك عن بعضهما في 1991 وإنفراط الإتحاد اليوغسلافي. أن هذا الحل يتطلب توفر مستوى حضاري متقدم متلازم مع تحقق شرط المنافع المباشرة جراء العيش المشترك
2- كيف ترى سبل حل القضية الفلسطينية وتحقيق سلام عادل يضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وفقا للمواثيق الدولية ومقررات الأمم المتحدة؟
مع وجود الفكر الصهيوني الخرافي الممول بالرأسمال الهائل أرى من الصعب التوصل الى حل عادل يرضي الفلسطينيين إن دولة إسرائيل هي دولة فريدة من نوعها في الكرة الأرضية، دولة بلا حدود واضحة كباقي دول الأرض. في 1948 كان لها شكل ثم تغير في 1967 وثانية في 1973 وفي الكنيست لها حدود تمتد من النيل الى الفرات مما يدل على أن هذه الدولة لاترى شيئاً إسمه الفلسطينيين. لاأرى أن حل الدولة الواحدة للشعبين هناك ممكناً ،بل إذا ما تمكن يهود فلسطين المحتلة من إدراك أن موضوعتي "أرض الميعاد "و"شعب الله المختار " موضوعتان تنتميان الى عالم الخرافات الغائص في عصور غبرت، وأن التمسك بهما قد يؤدي الى ولادة زعيم مسلم أو عربي مجنون في يوم ما يقترف حماقة إبادة الملايين ، في تلك الحالة فقط سيكون حل الدولتين لشعبين ممكناً . لابد إذن كشرط ،من إقتناع يهود فلسطين أن هذا هو الحل الوحيد الممكن.
3 - كيف تقيّم الموقف الأمريكي والدول الغربية المناهض لإعلان دولة فلسطينية مستقلة بعد خطوة الزعيم الفلسطيني وتوجهه إلى الأمم المتحدة لتحقيق ذلك؟ أوربا مرتبطة بأمريكا وأمريكا تقاد من قبل الرأسمال الصهيوني هذه هي الحكاية ببساطة وتكثيف شديدين. إذا إستطاع العالم "رأس المال" العربي إغراء أوربا وإقناعها بأن مصلحتها معه قد تنقلب أوربا على أمريكا وعلى إسرائيل.
4- ــ ما هي برأيك الأسباب الرئيسية للموقف السلبي من قبل الدول الكبرى تجاه إقامة دولة كردية مستقلة، تجمع أطرافها الأربع في دول الشرق الأوسط ، وهو مطلب شعبي كردي وحق من حقوقهِ ، ولماذا يتم تشبيه الحالة الكردية على أنها إسرائيل ثانية من قبل بعض الأوساط الفكرية والقومية في العالم العربي ؟
الدول الكبرى هي سبب مأساة الكرد ، هي من قسم كردستان وعربستان وهي من يتلاعب بمصير الكرة الأرضية كلها. إذا تطلبت مصالحها ستزوج الملاك للشيطان وتخلق منهما عائلة مستقرة.
أما عالمنا العربي والإسلامي فهو حكاية مستقلة لاتشبه غيرها من الحكايات. الثقافة السائدة في العالم العربإسلامي هي ثقافة الراعي ورعيته، ثقافة القبيلة المندمجة برئيسها ،الكم لا النوع والضم والإلغاء لا التنوع . عدد كبير من الأطفال ، بيت كبير ، لقب مجلجل حتى وإن كان خال المضمون . العربي ينظر الى الخارطة فيبهره الإمتداد المترامي الأطراف لوطنه العربي ويفزعه أن تتقلص حدود هذا العالم وتنقله حالة الفزع هذه لاشعورياً لمقارنة أي تغيير في الخارطة بسلب فلسطين. الكثير من المؤسسات العربية " حتى العلمية منها" تحرص على تزويد خارطة العالم العربي بذيول جديدة مثل الصومال وجزر القمر ولو طلبت التشاد ونيجر ومالي الإنضمام للعالم العربي لخرجت مسيرات مؤيدة ربما بمئات الألوف . أنه مبدأ تعويضي يذكر بالإمبراطورية الغاربة التي كانت تمتد من الصين الى أوربا.
ولكن للتشديد على الإختلاف الجذري بين قيام " إسرائيل" والدولة الكردية لاأجد أبلغ مما قاله الراحل الكبير هادي العلوي" أن هناك دولة موجودة لاشرعية يجب أن تزول هي إسرائيل ودولة شرعية غير موجودة يجب أن تقوم هي كردستان"
5- هل يمكن للتغیّرات الراهنة في المنطقة - الانتفاضات والمظاهرات الأخيرة – من أن تؤدي إلى خلق آفاق جديدة أرحب للقومیّات السائدة کي تستوعب الحقوق القومیّة للأقليات غير العربية مثل الأكراد، إلي حدّ الانفصال وإنشاء دولهم المستقلة ؟
لم تكن التغيرات الأخيرة نتاجاً لتطور الوعي الديموقراطي العربي بل إحتجاج عفوي "مُفجّر عن بعد "بعد أن إُجبرت الملايين على العيش في المقابر . من ناحية أخرى أشير الى أن حتى المتعاطفين من المثقفين العرب مع الحق الكردي يعجزون عن رؤية المشكلة الكردية بكافة ابعادها فيرى أحمد حمروش وأحمد بن بيلا وأميل حبيبي الكرد " أقلية عرقية سكنت ديار العرب منذ القدم" وبهذا دلالة على تخلف مريع يعم أوساط المثقفين فكيف بهذه الملايين التي نريد منها أن تقر للقوميات الأخرى بحقها في تقرير مصيرها؟
6- هل تعتقدون بأنّ المرحلة القادمة ،بعد الربيع العربي، ستصبح مرحلة التفاهم والتطبیع وحلّ النزاعات بین الشعوب السائدة والمضطهدة ،أم سندخل مرحلة جدیدة من الخلافات وإشعال فتیل النعرات القومیة والتناحر الإثني ؟
الربيع العربي مفهوم وعمل غامضين للآن . لقد تحرك الشعب العربي النائم منذ عقود فجأة ولكن من حركه؟ وضد من؟ ومن أجل أية أهداف ؟ ولماذا أستهدفت حكومات معينة وبقيت أخرى ؟ ماهي حقيقة قناة الجزيرة؟ ولماذا تسكت الجزيرة عن أنظمة متخلفة موغلة في القمع ؟ والأهم من هذا كله ماهي النتائج غير تدمير البنى التحتية التي سيعاد إعمارها من قبل الشركات الغربية ؟ هل ستبنى ديموقراطيات؟ هل سيحافظ على إستقلال تلك الدول؟ لاشك أن فئات واسعة من الجماهير العربية قد أقدمت على أفعال جريئة وشجاعة وقدمت تضحيات هائلة ولكن ماالذي ستكافأ به هذه الجماهير جراء هذه التضحيات ؟ إننا لم نشهد للآن نتيجة واضحة في أي من هذه البلدان وما أخشاه هو أن يكون الربيع العربي مشروعا لتصالح أمريكا مع الجزء الأكثر مرونة من الإسلام السياسي الذي سيضمن لأمريكا الوجود الشرعي الدائم والداعم للمنطقة بذات الوقت. آنذاك سيكون أمرنا منوطاً بالحاكم بأمر الله وهذا سوف لن يعترف بالتأكيد الا بخضوع الجميع له.
7 - ما موقفك من إجراء عملیة استفتاء بإشراف الأمم المتّحدة حول تقریر المصیر للأقليات القومية في العالم العربي مثل الصحراء الغربية وجنوب السودان ويشمل أقليات أخرى في المستقبل، مع العلم أنّ حق تقریر المصیر لکلّ شعب حقّ دیمقراطي وإنساني وشرعي و يضمنه بند من بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام ١٩٤٨؟ حق تقرير المصير في عالمنا مكفول نظرياً لكنه عسير التطبيق للغاية . حتى في أوربا لايسمح لأية قومية أو طائفة أن تقرر مصيرها بنفسها ،هل يسمح الهولنديون لإقليم فريسلاند بتقرير مصيره والإنفصال عن المملكة الهولندية؟ هل يسمح الأسبان للباسك بتقرير المصير؟ الروس للتشيشانيين ؟ إنه حق و لكنه لايعدو كونه نصاً للإنطلاق نحو إيجاد حل حسب الظروف الملموسة والتي تلعب أمريكا دوراً أساسياً في تشكيلها. وهذا الحق في الوقت الحالي ملك لأمريكا وليس للشعوب ،مثلاً جنوب السودان نعم وفلسطين لا ، بل أن أمريكا "تتفهم" قصف تركيا لكردستان لأسباب مضحكة ولاتنطق بكلمة واحدة عن حق الأمة الكردية في الوجود الحر. إن عالمنا الحالي عالم متوحش غير إنساني ولا منطقي.
8- ماهي المعوقات التي تواجه قيام دولة كردية ، و كيانات قومية خاصة بالأقليات الأخرى كالأمازيغ و أهالي الصحراء الغربية؟ سأقتصر على تناول القضية الكردية لمعرفتي بطبيعتها. مشكلة الكرد هي من أعقد مشاكل العالم . أولاً لتوزعهم الحالي ضمن أربعة دول رسمية معترف بحدودها، ثانياً لطبيعة شعوب تلك الدول وثقافتها . لهذا أنا لاأعتقد أن الأمم المتحدة سيكون بمقدورها إجبار هذه الأطراف على قبول مبدأ فصل أجزاء منها لتكوين دولة جديدة بدون قناعة شعوب تلك الدول. حتى لو تم ذلك بالقوة سيتحتم على هذه الدولة الوليدة التعامل مع الدول التي تحيط بها أي أنها لايمكنها باية حال أن تعادي هذه الدول أو أن تحيا بالضد من إرادتها لأن ذلك سيعني عزلتها عن العالم وموتها المحتم. ماالعمل ؟ الحل كما أعتقد هو بيد الشعب الكردي وشعوب المنطقة في آن واحد .لابد من توفر قناعة بأن هذه الشعوب ستتقدم أكثر وتتطور أكثر إذا ما تمتعت جميعها بحقوق متساوية، لأن ذلك التمتع سيلغي الحلول العسكرية الى الابد ويوجه شعوب المنطقة الى التعاون وإستغلال ثرواتها في التنمية بدلاً من صرف المليارات وإفناء الأجيال بالحروب . إن "تكامل كردستان" مع شعوب المنطقة سيكون في منفعة جميع الشعوب المحيطة وسيكون شعب كردستان حلقة وصل بين هذه الشعوب بسبب من معرفته بثقافة تلك الشعوب وإختلاطه بها. كما أن الشعب الكردي هو من أكثر شعوب العالم وفاءاً وسوف لن يتنكر إطلاقاً لمن يتفهم مطالبه.
#علي_بداي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صديقتنا أمريكا
-
سياسة اللجوء الأوربية.. أسئلة حائرة
-
أخلاق اليساريين - بمناسبة محاولات بعث الروح في الصدام اليسا
...
-
مأزق الديموقراطية العراقية و الثورات العربية
-
هل جن دولته؟
-
وا طنطلاه
-
أصدقائي التوانسة ..إحذروا من أسوا العابدين بن....
-
ثلاثة أوهام لتبرير إستعباد الناس بإسم الدين
-
2011 عام العالم العراقي -عبد الجبار عبد الله- بمناسبة ذكراه
...
-
البحث عن أخبث رجل في العالم
-
رد السيد علي الدباغ على مقالة علي بداي
-
حقيقة تزوير المالكي لشهادة وزير التربية
-
لو اسس عراقيو الخارج حزبهم الخاص
-
الانتخابات عيد العراقيين الوحيد
-
هل تسعى جهة ما لتدمير العراق سرا بالسلاح الايكولوجي؟
-
الجعفري يبدا حملته الاتخابية بمعلقة عنصرية
-
اممية المشرفين على -الحوار المتمدن - في زمن الطوائف
-
-أيام بغداد- اجعلوني وزيرا بلا راتب ولاحماية!
-
عبد الكريم اسكن الفقراء وبقي هو بلا بيت
-
1000 دولار مساهمتي لتاسيس فضائية اليسار العراقي
المزيد.....
-
يقدمون القرابين لـ-باتشاماما-.. شاهد كيف يعيش بوليفيون بمناز
...
-
انفجار هائل ثم حريق خارج عن السيطرة.. شاهد ما حدث لمنزل صباح
...
-
قتلى وجرحى فلسطينيين في خان يونس
-
ترامب ويطالب بضم كندا والسيطرة على قناة بنما
-
لافروف لـ RT: أحمد الشرع يتعرض لضغوط كبيرة من الغرب الساعي ل
...
-
فنلندا تحقق في دور سفينة أجنبية بعد انقطاع كابل كهرباء تحت ا
...
-
جثثهم تفحّمت.. غارة إسرائيلية تقتل 5 صحفيين في النصيرات بقطا
...
-
تركيا توجه تحذيرا لوحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا
-
صورة لـ-شجرة عيد الميلاد الفضائية-
-
-اتفاقية مينسك لم تكن محاولة-.. لافروف يقدم نصيحة لمبعوث ترا
...
المزيد.....
-
حق تقرير المصير للإثنيات القومية، وللمجتمعات حق المساواة في
...
/ نايف حواتمة
-
نشوء الوعي القومي وتطوره عند الكورد
/ زهدي الداوودي
-
الدولة المدنية والقوميات بين الواقع والطموح
/ خالد أبو شرخ
-
الدولة الوطنية من حلم إلى كابوس
/ سعيد مضيه
-
الربيع العربي وقضايا الأقليات القومية
/ عبد المجيد حمدان
المزيد.....
|