شيوعية الكتاب و انهيارها

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3512 - 2011 / 10 / 10 - 14:23
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

قبل اختراع الطباعة من قبل جوتنبيرغ الذي ولد في مدينة ماينز الالمانية حوالي 1400 كانت الكتب نادرة و غالية تسافر الى الماضي لا تحتوي على رموز الحاضر و تتطلب اشهر و سنين لارسالها عادة للاغنياء و الطبقات الراقية. شجعت هذه الندرة الكتب التي تسمى بالسماوية لعدم توفرها الا لقلة نادرة على تثبيت مركزها و تسلط اديانها و اضافة صفة (المقدسة) عليها و اصبح لكلمة كتاب معنى خاص و تحولت الى مرادف للكتاب المقدس كما نجده في القرآن.

و لكن و بعد اختراع جوتنبيرغ و توفر الكتب تدريجيا كالمطر في المناطق الممطرة كثيرا او كالرمل على شاطيء الانهار و البحار من مختلف الانواع و المواضيع سواء كانت مقدسة او غير مقدسة ادبية او علمية او مؤدبة او لا اخلاقية لكل شخص سواء كان غنيا او فقيرا اي بعد ظهور شيوعية الكتاب على نطاق واسع فقد الكتاب صفته الالهية المقدسة و قضى الكتاب على التفرقة الطبقية تدريجيا. عندما اصبحت الكتب المقدسة في متناول و حوزة كل شخص يستطيع القراءة و الكتابة زادت الانتقادات و الهجمات عليها و ضعفت مركزها بظهور الكتب العلمية و الفلسفية و ظهور الراديو و التلفزيون و الانترنيت رغم ان وسائل الاعلام الحديثة هذه سكرت ايضا لخدمة الاديان و ان الكلمة المكتوبة (خاصة الكتاب) رغم كثرتها لا تزال تتمتع بسلطتها و هيمنتها امام الكلمة المحكية فمثلا يعتبر الطلاب الكلمة الواردة في قاموس معين لا غبار عليها طالما هي مدونة في قاموس.

كان الانسان في حيرة في ماذا يسمي الكلمة المدونة فمثلا الكلمة الانجليزية book التي تننتمي الى نفس الكلمة الالمانية Buch لا تعني الا خشب شجر من الاشجار لان الكتاب يصنع من الخشب اما الكلمة العربية كتاب فهي سامية الاصل لا تعني الا ربط و جمع اجزاء و الا من اين اتت كلمة (كتيبة) من العسكر.

اما اليوم و بعد انتشار الانترنيت في بيوت الاغنياء و الفقراء تفقد الكتب المقدسة قيمتها و قدسيتها اكثر فاكثر لانها متوفرة اكثر من الرمل تستطيع ان تحملها بنقرة واحدة على جهازك الخاص او ترجع اليها على الانترنيت متى شعرت بحاجة اليها و هي تفقد علاوة على ذلك سماوية طريقة تزينها و كتابة خطها و تستطيع ان تتفادى حظر ترجمتها بسهولة. لقد بدأت حرية القراءة و التفكير بانتشار الكتاب و ساهم الكتاب في نشر شيوعية لا مثيل لها في عالم التفكير و كسر طبقات المجتمع و بين العلم بان الكتاب السماوي الوحيد الذي نزل من عند الله هو كتاب الطبيعة بقوانينها الفيزياوية و الكيمياوية و الرياضية و المادية و لكن شيوعية الكتاب بدأت تنهار كما انهارت شيوعية الاتحاد السوفيتي.
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات