أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - أبو العلاء الآخر ..وهموم الحاضر .















المزيد.....

أبو العلاء الآخر ..وهموم الحاضر .


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 235 - 2002 / 9 / 3 - 04:31
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                                                                        

                                                                       

  عُرف الشاعر العربي الخالد أبو العلاء المعري بنـزعته التشاؤمية العميقة وعدائه الشديد للحروب التي كان يرى في الصراع الديني واحدا من أهم أسباب اندلاعها . هذا هو الوجه المألوف للمعري ولمنجزه الشعري في اللزوميات وغيرها  والنثري في رسالة الغفران وغيرها  ؛ غير أن ثمة معرّيّا آخر لا نكاد نعرف عنه شيئا ألا وهو المعري  داعية التسامح والمساواة  بين الناس ورفض التمييز بينهم على أساس العنصر أو  الدين والطائفة الدينية ونفتح قوسا هنا لنتساءل هل ثمة في عصرنا هذا دين لم يتحول الى مجموعة طوائف ؟ بمعنى هل يكفي أن يقول شخص أنه مسيحي دون أن يتبادر الى ذهننا التساؤل  عما إذا كان كاثوليكيا أو بروتستانديا أو أرثوذوكسيا والظاهرة ذاتها نلاحظها في النسيج المجتمعي  لمعظم الأديان الكبيرة المعاصرة  . نقرأ لأبي العلاء الأبيات التالية والتي قبسها عن ديوانه " لزوم ما لا يلزم " الأستاذ عبد المعين الملوحي في ص 134 من كتابه " مواقف إنسانية في الشعر العربي " :

وساوِ لديكَ أترابَ النصارى                  وعيناً من يهودَ ومسلماتِ

و مَنْ جاورتَ من حُنُفٍ  و سِربٍ            صوابئ فليبِتنَّ مكرمات

فإن الناس كلهم سواء                         وإن ذَكَتِ الحروبُ مضرمات

 

هذه المساواة المأمور بها في فعل " ساوِ " بين أهل الديانات الإبراهيمية الكبرى اليهودية والنصرانية والإسلام والصابئة المندائيين على اعتبار أن المذكورين أخيرا  من أتباع النبي يحيى بن زكرياء والحنف التي يعني بها أهل الديانية الحنيفية وهي ديانة توحيدية كانت موجودة قبل الإسلام وتعتبر الممهدة له ، هذه المساواة المعبر عنها حرفيا بشطر البيت الثالث " فإن الناس كلهم سواء " ليست بعيدة عن دعوة الإمام علي بن أبي طالب الخليفة الراشدي الرابع  واليه في مصر الى الأخذ  بالعدل والمساواة بين الناس لأن واحدهم إما أن ( يكون أخا لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) . إن المساواة التي ينشدها ويدعو إليها بصير المعرة هي رفض من ناحية أخرى للتمييز والتمايز بين الخلق على أساس الدين والانتماء المكتسب أو الطبيعي الى بيئة دينية معينة ، ولئن كانت دعوة المعري مباشرة ،تذكر التفاصيل والأسماء وتطالب بالمساواة و تلحف في الطلب ، موجهة في الوقت نفسه غمزة هاجية للحرب التي تذكي نارها الأحقاد والتمايزات الطائفية والمصالح السمينة للكبار ، فإن الدعوة العلوية الى الرحمة والعدل بين الناس تضع الحاكم المسلم أمام خيارين لا ثالث لهما ببلاغة قصيرة وجزالة  لا نظير لهما في لغة الضاد. فالإمام يقول أن هذا الذي أمامك- أيها الحاكم المسلم - إنسان وهو إما أن يكون أخا لك في الدين فتكون مجبرا عندها على معاملته كصنوٍ لك في العقيدة والوقوف بين يدي ربكما  وإما أن لا يكون مسلما ولكنه بشر مثلك ونظير لك في الخلقة الآدمية وعندها تكون أيها المسلم  مجبرا على معاملته كآدمي مثلك لا فرق بينك وبينه . هذا المعنى الذي طرقه المعري بأبياته والإمام علي بوصيته البليغة يستمد نسغه النبيل من نبع ثر هو الآي القرآني الذي يقول ( ولقد كرمنا بني آدم ..) و لفظتا " بني آدم " تحيلان الى الإنسان العام وليس الى المخلوق المنظود كرقم أجوف في هذه الطائفة الدينية أو تلك . بمعنى أن الله كرم الإنسان العام  ولم يحصر تكريمه بالمسلم المؤمن والمقلد للشيخ فلان أو المتبع  لمذهب  الشيخ علان .. وإذا كان بعض دعاة التعصب والسلفية في عصرنا " الحديث " قد اعتبر مجرد إلقاء التحية الصباحية على جاره المختلف عنه دينيا وطائفيا خطيئة لا يجب القيام بها فإن دعوة المساواة واحترام خصوصيات الناس التي أطلقها أبو العلاء قبل أكثر من ألف عام تكتسب قوة مضاعفة بفعل السبق الزماني والاستشراف التاريخي فتزيد من ألق الصورة الحقيقية وناصعة الشرف  للإسلام الحنيف دينا وتراثا وحضارة منجزة .

وأختم ببيت رائع آخر لفيلسوف الشعرية العربية أبي العلاء يقول وسيظل يقول  فيه :

 

كذبَ الظنُ لا إمام سوى العقلِ                مشيراً في صبحهِ  والمساء



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاوي والسحّاب والحرب !
- الظاهرة الطائفية في العراق : التحولات والبدائل . - الجزء ال ...
- أول الغيث " بامرني " : تركيا الأطلسية تريد مياه الرافدين ونف ...
- الظاهرة الطائفية في العراق : تفكيك الخطاب والأدلوجة .- الجزء ...
- الظاهرة الطائفية في العرق:محايثة التاريخ والوقائع -الجزء ال ...
- الظاهرة الطائفية في العراق :التشكل الطائفي والرموز . - الجزء ...
- توثيق حول مجزرة الوثبة المجيدة 1948 !
- الظاهرة الطائفية في العراق :المقدمات والجذور - الجزء الأول
- الحصاد المر للتجربة الملكية في العراق :
- دفاعا عن عراقية الشيخ الآصفي !
- ردا على داود السحّاب !
- القاعدة والاستثناء في الغزو الأمريكي القادم للعراق :تفكيك ال ...
- التجربة الإسكندنافية
- تقرير كوفي عنان واغتيال شهداء جنين مجددا !
- تنويه الشيخ الآصفي عودة الى عهد الفتن والفتاوي التكفيرية !
- الفاسية والفاسيون
- يشعياهو يصفع القتلة !
- مجزرة " حي الدرج" في غزة : خطوة أخرى على طريق زوال الدولة ال ...
- للرجال والنساء فقط
- عدالة الذئاب البشرية


المزيد.....




- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - أبو العلاء الآخر ..وهموم الحاضر .