خالد ممدوح العزي
الحوار المتمدن-العدد: 3511 - 2011 / 10 / 9 - 18:10
المحور:
القضية الكردية
لقد تحول يوم 8 أكتوبر يوم كردي بامتياز في سورية ،بسبب تشيع جنازة الشهيد القائد مشعل تمو من خلال مهرجان شعبي وعرس وطني "كردي وعربي" بامتياز، لقد واكبت الشهيد إلى مثواه الأخير جماهير كثيفة أكثر من نصف مليون مشيع،بالرغم من محاولات القمع وإطلاق النار ضد المشيعين من قبل القوات الأمني السورية، ضد الجماهير المتظاهرة ،بالطبع المدن العربية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الجريمة البشعة ،لقد انتفضت العرب لشهيد سورية وقائدها الكردي، فالنظام السوري حاول تغيب الكتلة الكردية عن لعب دورا مميزا في قيادة الشارع الكردي الذي حاول النظام مغازلة قيادتهم وأحزابهم من اجل إبعادهم عن المشاركة في حركة التغير العاصفة بربيع سورية ،فالنظام الذي حاول ويحاول اللعب على الورقة الكردية وجزها في سوق العرض والطلب الرخيص ،من خلال إعطائها بعض الامتيازات للأكراد ك"الجنسية وتحسين الأوضاع المعيشية وإشراك بعض أحزاب الكرد في سلطة الأسد"والمحاولة المستميتة للنظام في استعمال الورقة الكردية مجددا في التفاوض مع تركيا كما كان يستعملها والده الراحل ،فالأسد الأب،طرح معادلة قديمة"حزب العمال الكردي مقابل حركة الإخوان المسلمين"وهذه المعادلة، كادت أن تشعل نار الحرب بين تركيا وسورية والتي انتهت بتسليم رأس عبدالله أوجلان الزعيم القومي الكردي المعتقل لدى أنقرة، فالابن الأسد سر أبيه لقد حاول اللعب مجددا بعد الثورة السورية محاول إعادة طرح تلك المعادلة السابقة "حزب العمال الكردي مقابل المعارضة السورية"لكن هذه المعادلة الرخيصة، وكذلك كل المحاولات المطروحة من قبل النظام لم تلقى صدى فعلي لدى نفوس الأكراد. فكان اغتيال مشعل تمو هي رسالة أولى للأكراد وللمعارضة السورية الداخلية بشكل عام .
لماذا اغتيل التمو: مشعل نهايت التمو، الناطق الرسمي باسم تيار المستقبل الكردي، المنطوي تحت لواء لجنة التنسيق الكردية، والتي تضم إضافة إلى تيار المستقبل، حزب يكيتي الكردي في سوريا، وحزب أزادي الكردي في سوريا، ولجنة التنسيق خارج إطار إعلان دمشق. ويعد من أبزر القيادات السياسية الكردية الشابة، الناشطة في الشأن السوري العام والكردي بشكل خاص، وهو يحظى باحترام كافة شرائح المجتمع السوري، من مواليد الدرباسية 1958 يقيم في مدينة القامشلي، مهندس زراعي، متزوج وأب لستة أبناء. شارك مشعل التمو بفعالية في الثورة السورية الكبرى منذ اندلاعها في آذار 2011، و اختير عضواً في المجلس الوطني الذي أنشأ في الخارج ليكون ممثلاً للشعب السوري و داعماً للثورة،
“بتاريخ 18"اب"2008 أحال قاضي دمشق مشعل التمو إلى محكمة الجنايات بتهمة إثارة الفتنة لإثارة الحرب الأهلية المنصوص عنها في المادة 298 من قانون العقوبات السوري، ويعاقب بالأشغال الشاقة مؤبداً على الاعتداء الذي يستهدف الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي بتسليح السوريين أو بحملهم على التسليح بعضهم ضد البعض الآخر وإما بالحض على التقتيل والنهب في محلة أو محلات، ويقضي بالإعدام إذا تم الاعتداء، إضافة إلى اتهامه بالنيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي .
بتاريخ 11 أيار"مايو" 2009 أصدرت محكمة الجنايات حكماً بالسجن لمدة 3 سنوات ونصف بحق مشعل التمو الناطق باسم تيار المستقبل الكردي في سوريا وجرمته بتهم (النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي ووهن نفسية الأمة .
في بداية حزيران من هذا العام اطلق النظام سراح التمو من السجن ،فيما بعدعرض النظام عليه المشاركة في الحوار التي تديره السلطة السورية ،لكن رفض المشاركة في الحوار التي تديره السلطة وتحاور بيد وترفع المسدس بالاخرة.
بتاريخ 8-ايلول-2011 الساعة الرابعة بعد الظهر , الناطق باسم التيار مشعل التمو إلى محاولة اغتيال من قبل مجموعة من الشبيحة يوم الجمعة 7 أيلول 2011 قامت مجموعة مسلحة باطلاق النار على مشعل التمو و كان برفقة ابنه مارسيل و ناشطة كردية اسمها زاهدة رش كيلو، مما أدى إلى استشهاد مشعل التمو على الفور و إصابة ابنه مارسيل في بطنه و زاهدة في رجلها، و قد وحمّل اتحاد تنسيقيات شباب الكرد الأجهزة الامنية السورية مسؤولية اغتيال تمو، وقال الناشطون إن مسلحين مجهولين في القامشلي (شمال شرق سوريا) اغتالوا المعارض التمو الناطق باسم تيار المستقبل الكردي.
فالقاعدة الشعبية الكردية ملتزمة بطرح المعارضة السورية التي تعتبر نفسها جزءا أساسيا من مكونات الشعب السوري،فالحركة الشبابية الكردية تعتبر نفسها معنية بتغير نظام البعث وكل محاولة النظام ما هي إلا أهزوجة جديدة يحول تغريدها بواسطة أحزاب الكرد ، ومن خلال هذا الطرح تفرد مشعل تمو الذي تميز بحزبه تيار المستقبل مع حزب أزادي"الحرية"وحزب يكيتي ،الذين يشكلون الأغلبية الساحقة في الساحة الكردي وهذه الكتلة الكردية لا تختلف في طرحهم عن طرح الشعب السوري الثائر من اجل الحرية والتغير ، والأكراد هم من هذا التغير وليس إعاقة له ،لأن الشعب الكردي والقومية الكردي بظل التغير سوف يكون حاله أفضل وأجمل دون سلطة القمع و البعث والعائلة الحكمة ، التي حرمتهم من حقوقهم المدنية والسياسية والقومية وليس العرب من ظلمهم بل سلطات القمع والبطش العربية هي التي ظلمتهم إلى جانب ظلم الشعوب العربية الأخرى.
مشعل تمو شهيد سورية ومستقبلها القادم الذي عمد الدم الكردي بالدم العربي لان قادة الكرد هم قادة العرب وشهداء العرب هم شهداء الكرد ،فالقادة الحاليين ليس قيادة لأحد وإسقاطهم واجب قومي وعربي وديني وأخلاقي وأنساني وسياسي.
لينتبه الكرد لمأرب النظام السوري ،وليعرفوا جيدا مستقبلهم الفعلي في التغير والحرية لهم ولكل شعب سورية والوطن العربي والإسلامي.
فالشعب السوري تلقى تشكيل المجلس بصدمة ايجابية بالرغم الصدمة السلبية من الفيتو الروسي والصيني ،والتي عبرت فيها تنسيقيات الثورة السورية في لافتات المتظاهرين تقول بان:" الدب الروسي، والتنين الصيني، انظموا إلى غابة الأسد"،فالثوار السوريون يعرفون جيدا بان ثمن الثورة الحرية غالي جدا وثمنه الدم والشباب السوري،لان بشار الأسد لن يسلم السلطة ويرحل بسلام وأمان ،فالأسد لن يحرق العرش فقط من اجل الكرسي ،بل سوف يحرق الشعب من اجل بقاءه في السلطة الساقطة ،فكل شيء مسموح في مملكة الأسد ليس حرق الشرق الأوسط وفتح جبهات عسكرية التي يهدد العالم بها وتدفيع إسرائيل الثمن الباهظ ،لكن العكس بل انه مصصم على حرق الشعب السوري وقتل الأطفال والشباب الثائر ،ومشعل تمو هل هو البداية الانتقامية لقادة سورية ومعارضيها،بشار الأسد قرر قرارا نهائيا أو الأسد أو سورية .
لكن السؤال الذي يطرح نفسها أمام هذه الجريمة البشعة الذي ارتكبها النظام السوري بحق الشهيد تمو،كيف سيكون رد الشعب الكردي وتنسيقياتها في التعاطي مع مسار الثورة السورية ،فهل ستكون كما قال فارس تم في كلمتها التي شيع بها ذاك الأسد الفعلي الراحل بجثثه والخالد فينا كلنا ،بأنها ابتدأت ثورة الكرد الفعلية التي لا عودة عنها ابد ،ودن التراجع مهما كلف الدرب لا الثمن دم الشهيد تم الذي تم دفعه سلفا،واحتلال السفارات السورية في أوروبا هي البداية التصعيدية الفعلية لطرح إستراتيجية فعالة مع الثورة السورية.
لقد حان الوقت ليكون رد فعل الأكراد هو الاندماج الحقيقي بالثورة السورية بشكل أكثر واكبر، لأنهم إحدى ومكونتها، فالتلاقي الكردي العربي في الشارع السوري من اجل هدف واحد هو إسقاط النظام ،وبناء سورية الجديدة التي من حق كل أبناءها النقاش الفعلي والفعال في الإستراتيجية القادمة لسورية المتنوعة والمتعددة ،وعلى الأكراد طرح كل الأفكار لمناقشتها وليس للعرقلة لا مشعل التمو كان قائد حلول وليس معاكس ،فالمعارضة السورية مطالبة اليوم بوضع برنامج سياسي قادم يخاطب كل الفئات والإطراف كي تعرف دورها وموقعها في سورية الجديدة ،لكي يتم وضع نقطة نهائية للخوف الكامن في المستقبل والتي يلعب عليها النظام الحالي .
الجميع معني بإسقاط هذا النظام وسلطته السياسية والأمنية والاقتصادية والأخلاقية،فالمجلس الوطني السوري الانتقالي وضع أمام أزمة فعلية من خلال اغتيال مشعل تمو الزعيم الكردي والسوري المعارض عضو المجلس الانتقالي المنافس للسلطة السورية الحالية،والذي بدأ انتزاع زمام المبادرة السورية.
عندما سأل أحد الضباط الفرنسيين المجاهد الكردي ابراهيم هنانو (قائد ثورة جبل الزاوية) : " أنت كردي, فلماذا تدافع عن العرب؟". فرد عليه هنانو: " أنا أدافع عن وطني "واليوم يستشهد التموالكردي دفعا عن بلده سورية القابعة تحت سيطرت نظام و ظلم الاسد.
#خالد_ممدوح_العزي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟