أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد كشكولي - جذور العلمانية تكمن في السعي للحياة الأفضل














المزيد.....

جذور العلمانية تكمن في السعي للحياة الأفضل


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1043 - 2004 / 12 / 10 - 06:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم تكن قضية الإنسان الأساسية تكمن في " البحث عن الحقيقة" ، بل أنها كانت و لا تزال وستبقى تتلخص في "البحث عن الحياة في الكون" . كانت هذه الفكرة في الماضي القديم تتجسد في أساطير " البحث عن ماء الحياة" أو " الإكسير" ، مثلما نعرفها من أساطير و قصص " القديس الخضر" المتلازم وجوده بالماء و " أدونيس" اله الماء و الخضر في تاريخ الشرق الأوسط والتي نألفها في معتقدات شعوبنا المختلفة من مسلمين و مسيحيين و ايزيديين و أهل الحق و غيرهم . وإن العطش للماء ، إنما هو عطش لجوهر الحياة في كل هذه القصص و الأساطير. فالماء يعني عصارة الحياة لكل شئ ، مثلما جاء في القرآن " و جعلنا من الماء كلّ شئ حيّ" . فالكائنات الأخرى تعيش فقط من أجل العيش ، بينما الإنسان يعيش و يحيا باحثا عن حياة أفضل في دنياه ، مناضلا في سبيلها ، مستخدما وسيلة " العقل" الذي هو من نتاج الحياة ، ومفتاح الجنة في الكون . وإنّ الإنسان رائده في الدنيا أن يعيش حياة أفضل رغم الخيبات و الآلام ، و الأخطاء ، و الواقع القاسي و المعقد و الشائك. يبغي رغم الموت أن يحيا ، و يحيل موته إلى حياة . إنها لكذبة كبرى قولهم :( لا تبحثوا عن حياة أفضل في الدنيا ، إنكم ستلقونها في الآخرة أو " و للآخرة خير لك من الأولى") ، أي أنها موجودة في عالم الغيب و الميتافيزيقا. إن هذه الدعوات توقع الإنسان في الشك و الإحباط و الخنوع لقوى الشر و الاستثمار والاستغلال. لكن في تاريخ أكثر الثقافات في الشرق الأوسط نرى الإنسان متماهيا في العقل ، نقيضا للقهر و الجمود. و الإنسان هو جوهر نفسه ، الساعي أبدا لأفضل حياة. الإنسان ذاته آصرة بين الناس أنفسهم ، و بينه و بين الله. فلا انقطاع بين الله و الإنسان لكي يحتاج إلى وسيط. و إن معنى الخلق و الحياة يكمنان في أعماق الإنسان نفسه ، وليس في أي كتاب مقدس ، و عليه أن يغوص في ذاته للكشف عن الحياة و أسرارها. إن معنى و حقيقة الحياة يحضران في عمق كل إنسان ، و أن دعوة المرء للبحث عن الحياة و معناها فيما وراء الدنيا و الحياة لخداع و كذب و نفاق. لنرَ أنّ مصدر " النفاق " و الفعل " نفق" من جذر واحد ، ومن معاني الفعل " نفق نفوقا " خروج روح الدابة أو المرء . فالنفاق لا يختلف شيئا عن القتل و التعذيب. وإنّ الثقافات التي تدعو للبحث عن حقيقة ومعنى الحياة فيما وراء الحياة ، إنما هي ثقافات لا تحرّر الإنسان بل تؤذيه و تعذبه ، بتجزئة فكره عن روحه و جسده. ثمة معتقدات في تاريخ الشرق الأوسط قديمة لم تعترف بعالمين و حياتين ، فالحياة و الله كانا يتماهيان ، وبذلك لم يكن هناك محل لفكر يدعو الإنسان لعدم البحث عن حياة أفضل في دنياه. الله ذاته كان الكون ، وكانت الحياة و الجسد و الدنيا مقدسة بقدر قدسية الله. و الإنسان في بحثه عن حياة أفضل يعمّر العالم و يبنيه ويضفي عليه من جماله . فكلّما عمّرنا العالم ، كلّما عشنا أفضل . فالإنسان و الأنس بمعنى التحضر و التمدن و الإنسانية السمحاء ، عنصران متلازمان . فالمرء لا يمكن أن يكون إنسانا دون السعي و الجهد لبناء حضارة السلام و المحبة و تنمية العقل و تأمين أوسع الحريات الفردية و الإجتماعية والعدالة ، بعيدا عن الحكم الالهي. ومن هنا نصل إلى أصل فكرة العلمانية التي ظهرت في الغرب والتي تجد حقيقة الحياة و معناها في هذه الحياة ذاتها. هذه الفكرة تحاربها مختلف القوى في الشرق و تقمعها ، و أكثرها تعاديها لضيق أفقها و صعوبة استيعاب معانيها . العلمانيون يسعون لتطبيق العلمانية وترجمتها على أرض الواقع في الميادين الرسمية ، إن تعذر تطبيقها في حياة الأفراد ، والذين ستتغير أساليب معيشتهم شاءوا أم أبوا من وجود حكم علماني. الإنسان هو حياته و معناها و حقيقتها ، و لا يلزمه أن يأتي آخرون ليضفوا على حياته معنى . فطرته هي تجدد حياته . الحياة في العلمانية غنية بالمعنى ، و خلال الحياة تعيد انتاج هذا المعنى .
* تورد موسوعة المنجد شروحا وافية لمعاني مفردات " الإنسان" و" الأنس" و" المعنى" و" الحياة" و مرادفاتها و جذورها المشتركة .



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث شمعات تضئ دربنا في زمن العتمة المطبقة
- قراءة في كتاب - العابرة المكسورة الجناح ، شهرزاد ترحل إلى ال ...
- ليلي من وراء الليل
- إسفلت وقصائد أخرى للشاعر السويدي آرتور لوندكفيست
- الخليج، عربيّ أم فارسيّ؟..فتلك مشكلة القوميين العرب و الفرس ...
- في الإنتخابات العراقية: ألا مِن ُممثّل يمثلّني؟
- المدينة الصناعية وقصائد أخرى
- دماء شيوعية
- أرملة قائد الثورة ستقاتل في سبيل الثروة
- بمناسبة ثورة أكتوبر العظمى
- الليل في ثياب رومانية
- ابن لادن باحثا عن أسياد جدد
- اللبراليون الجدد والقدماء- لو خلتْ منهم لانقلبتْ
- تشومسكي - المهاجم الذي لا يحسن الدفاع
- المستفيدون من عدم قبول تركيا في الإتحاد الأوروبي
- شتّان بين التعاليم الدينية و سلوكيات شعب العراق السمحاء
- لماذا تراجعت الثقافة التقدمية و التحررية في العراق؟
- شفاه الموت
- بين المادة التاسعة من القانون الأساسي في العهد الملكي و الما ...
- الأديب السويدي المنتحر ستيغ داغرمان و حفرياته في النفس الإنس ...


المزيد.....




- الشرطة الألمانية تعتقل شبانا حاولوا التسلق إلى كاتدرائية كول ...
- مستعمرون يقتلعون أشجاراً ويجرفون أراضٍ بالخليل وسلفيت
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يؤدون طقوسا تلمودية بالمسجد الأقصى ...
- مظاهرات حاشدة في مدن عربية وإسلامية دعما لغزة
- الخارجية الأمريكية تطالب الموظفين بالإبلاغ عن حالات التحيز ض ...
- أحد الشعانين: مسيحيو غزة يحتفلون في -ثالث أقدم كنيسة في العا ...
- أنور قرقاش يهاجم -الإخوان المسلمين- ويثير جدلا على منصة -إكس ...
- عاجل | أبو عبيدة: فلسطين وشعبها لن ينسوا الوقفة المشرفة من ا ...
- قائد الثورة الإسلامية: ضرورة الحفاظ على جاهزية القوات المسلح ...
- فتوى الجهاد المسلح دفاعاً عن فلسطين


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد كشكولي - جذور العلمانية تكمن في السعي للحياة الأفضل