|
مقال السيد سعيد الكحل وعصا الابتزاز
محمد بودواهي
الحوار المتمدن-العدد: 3509 - 2011 / 10 / 7 - 20:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتبر السيد سعيد الكحل واحد من أبرز المعارضين لجماعة العدل والإحسان الإسلامية وأكثرهم انتقادا لها ، وهو المتخصص في شؤونها العقائدية وأنشطتها السياسية وسيرورتها التاريخية والنضالية وحيث كتب الكثير حول سيرة مؤسسها وأبيها الروحي عبد السلام ياسين وألف العديد من الكتب عن ماضيه الصوفي الدي قضاه في خدمة الزاوية البودشيشية والتحولات الفكرية التي طرأت على ثقافته والتغيرات التي حصلت على مستوى قناعاته السياسية ، ومئات المقالات في مختلف الجرائد والمجلات والدوريات الوطنية والإقليمية حول الجماعة وقيادييها ومثقفيها وخطها السياسي وتوجهها الديني وأهدافها الآنية والاستراتيجية المعلنة منها والمبطنة . ليس هناك أدنى شك في أن السيد الكاتب قام ولازال يقوم بمجهودات كبيرة وجبارة على مستوى البحوث والدراسات والتنقيب والمتابعة في كل ما تقوم به جماعة العدل والإحسان الظلامية على جميع المستويات الفكرية والسياسية و- الديبلوماسية - والتعبوية ليكشف عن خلفياتها أمام الصحافة والإطارات السياسية والرأي العام بهدف الإعلام والتنوير وبهدف الفضح لمخططاتها المكولسة ، وهو الأمر الدي جعله في فوهة نيران الجماعة وعرضة لنقدها اللادع وقدفها الغير مسؤول وطعنها الغير أخلاقي في قناعاته الفكرية والسياسية بل وحتى تعريضه للإعتداء الجسدي وتهديده بالقتل والتصفية سواء عن طريق الرسائل أو من خلال الأنترنيت . إلا أن ما لا يحسب للسيد الكاتب - خاصة أنه ينتمي لحزب اليسار الاشتراكي الموحد المعارض - هو تماديه الغير مسؤول في مدح كل ما يقوم به نظام الحكم المتجسد في السلطات المخزنية من أعمال سياسية بهلوانية فلكلورية لتضليل الشعب وتمويهه والالتفاف على مطالبه الحقيقية المشروعة في الحرية والكرامة والديموقراطية الحقة وفي تحقيق العدالة الاجتماعية وفي إزاحة المخزن لطقوس العبودية المتخلف ورفعها عن كاهل الشعب المثقل . فالمناضل اليساري الحق لا يمكن أن تغيب عنه حقيقة الألاعيب القدرة التي يلعبها المخزن لامتصاص غضب الشعب واحتجاجات الجماهير المتجسدة في حركة 20 فبراير والتخريجات المهزلة التي يطلقها من حين لآخر لهدا الغرض كما فعل عند إصداره للدستور المخزني الممنوح والمفضوح متحديا بدلك رغبة الشعب الأكيدة في تحقيق وسن دستور ديموقراطي شكلا ومضمونا . إن ما كتبه السيد الكحل في مقاله الأخير ليعبر حقيقة عن الانحدار والفجاجة الدي صارت عليه مواقفه والتراجعات التي أصابت قناعاته وأفكاره وعن المآل السياسي المخزي الدي ينتظره . فالرجل لم يعد يفصله عن الطروحات المخزنية شيء ، إد المواقف أصبحت هي المواقف والتحليلات هي نفسها والنتائج المتوخاة واحدة . فكما هو لا يدخر جهدا لتبيان الخطر الدي تمثله جماعة العدل والإحسان على مستقبل البلاد من خلال سرد كل طروحاتها الفكرية والسياسية الإسلاموية الرجعية والتي تؤثث لمشروعها المجتمعي الظلامي المنشود ، ومن خلال فضح أسلوبها التمويهي والتغليطي الدي تمارسه على مستوى منهجية العمل حيث تلتجأ إلى ما يعرف بالتقية وهو الأسلوب الدي يدفعها إلى تبني مطالب الديموقراطية والمساوة والحداثة وهي المطالب التي لا تمت بصلة إلى تلك المبادئ التي تؤمن بها في الوقع والتي تناضل من أجل تحقيقها على الأرض ، فهو لا يتوانى في اجتهاداته في استعمال أساليب التخويف والتحدير وزرع الشكوك في المسار النضالي الدي تسلكه حركة 20 فبراير ومدى قدرتها على الحفاظ على استقلاليتها عن كل الإطارات السياسية التي تتفاعل داخلها في الساحة خاصة منها جماعة العدل والإحسان الإسلاموية التي لا ينكر أحد أن لها وجود وازن وحضور مكثف لمريديها ، ومدى استطاعتها التشبث بحدود المطالب الديموقراطية التي سطرتها في مدكرتها المطلبية والتي لا تتجاوز حسب نظره سقف الملكية البرلمانية التي يسود فيها الملك ولا يحكم . فالكاتب يتوجس خوفا من أن ينقلب السحر على الساحر فتصبح حركة 20 فبراير مع مرور الوقت تحت سيطرة العدل والإحسان متناسيا أن هناك وجود قوي لأحزاب يسارية وديموقراطية لها تأثير كبير في الساحة وأنها قادرة على تشكيل قطب سياسي جبهوي موحد في أي وقت وحين خاصة إدا تطلبت الظروف المستجدة دلك ، بالإضافة إلى تيارات يسارية جدرية متنوعة لها مفعولها الواضح ، وأن هناك قوة جماهيرية مستقلة لا يستهان بها كثيرا ما أرسلت رسائل وبيانات ومدكرات مرة واضحة ومرة مشفرة لجميع الجهات والأطراف تعلن فيها عن هويتها المدنية الحداثية وتوضح فيها توجهاتها وقتاعاتها الديموقراطية الغير قابلة للإختزال أو التصرف ، كما أنها لا تلبث في كل لحظة وحين أن تعطي إشارات تبين من خلالها أنها بمثابة الطرف القوي في المعادلة وأنها ليست سهلة التجاوز أو الاحتواء من أية قوة سياسية كانت وأنها ناضجة إلى دلك القدر الدي يجعلها قادرة على مواجهة كل التحديات وعلى إحباط كل المؤامرات وعلى إفشال كل المخططات التي تتدبرها = ليس فقط بعض القوى السياسية الفاعلة فيها - بل وحتى الدولة المخزنية بكامل قواها وعتادها السياسي والإيديولوجي والإعلامي والقضائي والبوليسي المخابراتي . إن من ينحو في منحاه التحليلي هدا التعتيم المشبوه للحقائق وهدا المزج المتعمد بين متفارقات عدة تتنافر بعضها عن بعض ضمن سيرورة النضال الواحد من أجل تحقيق أهداف ديموقراطية وتحررية متباينة المدى والأبعاد حسب الطروحات السياسية والإيديولوجية لكل طرف من الأطراف المتصارعة ضمن الساحة النضالية الواحدة - وقد تكون من ضمنها اهداف ارتدادية ورجعية لقوى الإسلام السياسي الظلامي - إنما هو عمى سياسي وثقافي مصطنع المراد منه تشويه الحقائق وتزوير المعطيات التي لا يمكن أن يصب مفعولها في آخر المطاف إلا في خدمة دولة المخزن المتعفنة في الوقت الدي يظهر فيه الطابع النضالي للسيرورة بكامل الجلاء والوضوح . فليس الكاتب وحده من يضع نصب أعينه الخطر الدي تشكله جماعة العدل والإحسان على مستقبل المغرب في حالة ما إدا تسلطت على الحكم بطريقة أو بأخرى ، وهو ما يجعلنا نقول أن هدا الاعتبار لا يمكن أن يكون سببا في ان يؤدي به إلى رهن كل نضالات الشعب المغربي وحركة 20 فبراير وكل القوى السياسية اليسارية والشيوعية والديموقراطية وكل القوى المدنية الأخرى وتحنيطها في ظل نظام مخزني تيوقراطي استبدادي فاسد وعميل لا يتورع في تفقير وتبئيس أغلبية فئات الشعب خدمة للمصالح الضيقة للطبقات المتسلطة الحاكمة وأسياده الإمبرياليين .
#محمد_بودواهي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حركة 20 فبراير: الإنجازات والتحديات ....
-
الملكية التنفيدية ودولة المخزن ( الحرايمية )
-
من دولة المخزن إلى دولة القانون
-
مطالب الإصلاح والأفق المفتوح للسيرورة النضالية في المغرب
-
محطة 20 مارس والتحديات المطروحة على الدولة المغربية
-
الثورة الليبية والمؤامرة الغربية المدبرة
-
تطورات الوضع في المغرب في ظل الدينامية النضالية الإقليمية
-
المغرب والجزائر : بين الاتفاقيات الرسمية المشبوهة وضرورة الت
...
-
الأسباب الكامنة وراء تأخر المغرب في مواكبة الانتفاضات الشمال
...
-
القدافي - الثائر - والقدافي المتسلط
-
ملخص للأجواء التي تمت فيها تظاهرة 20 فبراير في مدينة خنيفرة
-
القيادة العسكرية وتخوفات الشعب المشروعة من إجهاض أهداف الثور
...
-
الثورة المصرية وبوادر الجمهورية الثانية
-
المغرب الكبير : الدولة الفيدرالية الديموقراطية الموحدة ( مشر
...
-
سيرورة الثورة وضرورة الحزب الثوري
-
مصر على درب الثورة
-
ثورة الياسمين التونسية : إنجازات وآفاق
-
الثورة التونسية ، تداعيات ، نتائج وطموحات
-
حتى لا يتم الالتفاف على الثورة التونسية المجيدة
-
الأصًوليون الإسلامويون ( تكتيك ومشروع حكم)
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|