|
(3)يوم احتلت النساء مكة
ماجد حسانين
الحوار المتمدن-العدد: 1043 - 2004 / 12 / 10 - 05:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنا في الحلقة الماضية قد تابعنا ، كيف أن السيدة سوزان بلاك قد توقفت عن البحث عن ماهية الخالق ، و آثرت الإنتظار لحين أن تتجلى لها عظمته. في تلك الأثناء عكفت على التقرب لله بالعمل الصالح و بالصلاة له بعيداً عن أعين الناس. و في أحد الأيام ، دعا جدها البعض من الأصدقاء و النخبة من مثقفي المجتمع لبيته. و كالعادة كانت هناك وجوه جديدة ، و لكن هذه المرة كانت مختلفة . و ذلك لأن الحديث و النقاش الدائرين لم يتطرقا كالمعتاد للشعر و الموسيقى و السياسة و الإقتصاد ، بل كان التركيز هذه المرة على الأديان و خاصة الإسلام. السبب في ذلك هو الحضور الجذاب لشخص مسلم في الأربعنات من عمره إسمه مصطفى على عبد العال. كان مصطفى ذو شخصية جذابة ومؤثرة ، و لقد تعلم الكثير على يد والده الشيخ علي عبد العال، الذي يعد أحد أعمدة الحركة الاسلامية الجديدة المعارضة بمصر التي لم يتسنى لها أبداَ الوصول الى الحكم . تفوق التلميذ على استاذه و تعلم نبذ التعصب و التطرف في الآراء فنجح في شد انتباه هؤلاء الذين كانوا ينفرون من والده. اقتربت سوزان من مجلسه و أخذت تسأل السؤال بعد الآخر. و كان مصطفى يجيب بلباقة. لقد شعرت أن لديه الأجوبة لكل اسئلتها. انصرف الحضور ، و لم تنم سوزان تلك الليلة. ظلت تفكر في حديثها مع مصطفى، لقد بدأت تعتقد أن مصطفى لم يدخل حياتها صدفة ، بل أن الله قد أرسله لها. مرت شهوراً بعد تلك الليلة كان مصطفى يواظب فيها على حضور المجالس و المنتديات التي يعدها الجد العجوز. و لقد دخل مصطفى ايضاً الى عالم التجارة مع الرجل ، فقد كان يقوم باستيراد و شحن البضائع لحساب مراكز التسوق التي يمتلكها الأخير. كل هذا أدى الى توضطد العلاقة بين مصطفى و سوزان التي كانت تشرف على اعمال الجد لمرضه و ضعف قلبه. في بداية العام الجديد افتتح عملاق التسوق "وول مارت" مركزه الجديد بالمدينة ، و انتاب سوزان و جدها حالة من الهلع ، و قد صدق حدسهما ، فقد انحدر الدخل بسرعة و لم يستطع الجد الوفاء بدفع اقساط الديون ، و هبط سعر السهم الى معدلات خطرة. و بدأ المساهمون ببيع حصصهم ، و فى خلال عام اعلن الجد إفلاسه و حجز الدائنين على كل املاكه ، و اثناء البيع بالمزاد العلني ، أصيب الجد بأزمة قلبية حادة مات على اثرها. كان الجد قد احتفظ ببعض المدخرات لسوزان حتى لا تشقى من بعده ، و لكنها استخدمت معظمها في دفع مرتبات الموظفين المتأخرة و كذلك مستحقات بعض المدينين ، الأمر الذي زاد من شعبيتها بين أهل المدينة. اشتد اعجاب مصطفى بالفتاة لأمانتها و تفانيها في انكار الذات ، و على الرغم من انه يكبرها بعشرين عاماً ، فلقد طلبها للزواج فوافقت على الفور. عاشت سوزان مع زوجها و أبيه الذي اعتزل السياسة لاصابته بالسرطان و قد أحضره مصطفى للعلاج في امريكا على الرغم من كره الاب لذاك البلد ، و لكن المرض غلبه فخضع. ادارت سوزان اعمال زوجها الذي ائتمنها على امواله و تفرغ هو للحسابات و عناية ابيه المريض. لم يمت الشيخ علي بالسرطان كما توقع الأطباء المصريين ، و قد تعافى من السرطان بفضل التطور التكنولوجي في مستشفيات الكفرة. و عاش خمسة عشر عاماً حكى فيها لسوزان قصة الآدمية و قصص الأنبياء مئات المرات فتعلمتها سوزان عن ظهر قلب. و كانت قد أعلنت اسلامها امامه ووعدته أن تعلن اسلامها على الملأ حين يأتي الوقت المناسب ، و على الرغم من ايمانها بالاسلام الا ان عقلها لم يتوقف عن التفكير، فلم يرسل لها الله العلامة التى طال انتظارها لها. كانت سوزان – الى جانب عملها – تهتم بأحوال النساء في مدينتها و كانت تدعم مركزاً مجاني لمساعدة السيدات و الفتيات اللائي تعرضن للعنف أو الإغتصاب أو التحرش الجنسي و عموماً كل أشكال استغلال المرأة و إضطهادها. و لقد ساعدها مصطفى بالأموال حتى استطاعت أن تكون شبكة من المراكز في كل بلدة أو مدينة لهما فيها أعمالاً أو تجارة. و لقد أسهم ذلك فى ازدياد شهرتها تدريجياَ.مات الشيخ علي عبد العال – غفر الله له- عن عمر يناهز التسعين و لم يشعر أحد برحيله بعدما كان قد ملأ الدنيا صخباً و صراخاً في شبابه. و برغم اتمام سوزان الأربعين من عمرها ، و برغم عطف زوجها و بناتهم الثلاثة علها ، الا أنها افتقدت حواديت حماها المخرف و شعرت بفراغ هائل بعد وفاته ، مما دفعها الى العودة للاعتكاف تحت شجرتها المفضلة بالغابة الصغيرة على مشارف البلدة. و مرت ايام أو شهوراً ، أمضت سوزان فيها الكثير من الوقت بتلك الغابة حتي أن النوم كان يغلبها أحياناً فتنام حتى الصباح. و ذات يوم قضت سوزان اليوم كله و نست أن تأكل شيئاً فأصابها الجوع فأكلت من بعض الفطر البري بالغابة فغلبها النوم ، لم تكن سوزان تعلم أن ذلك الفطر لم يكن عادياً. لقد كانت صديقاتها فى شبابها يتعاطونه لأثره الطيب على مزاجهن و لم تحاول هي الاقتراب منه وتركتهن بعد توبيخهن و رحلت. يبدو انها نست أوتناست لا يهم . و لكن ما حدث بعد استيقاظها كان حدثاً سوف تسطره كتب التاريخ بسطور من ذهب. {للمزيد تابع الحلقة القادمة}
#ماجد_حسانين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم احتلت النساء مكة (2)
-
يوم احتلت النساء مكة
-
مرحباً بالإحتلال
المزيد.....
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|