محمود فنون
الحوار المتمدن-العدد: 3508 - 2011 / 10 / 6 - 22:03
المحور:
القضية الفلسطينية
سبق ان نشرت مقالة بعنوان انتفاضة الاقصى ايلول 2000 على الحوار المتمدن العدد 3504 بتاريخ2|10|2011 ناقشت فيها الاوضاع الفلسطينية ودور القيادة في تلك الفترة .
وقد سجل الاستاذ احمد نجاجرة ردا ملخصه:
1-ان القيادة التاريخية ذات تجربة...وانها والشعب الفلسطيني في حراك جماهيري .... وان القيادة لا بد وان واكبت هذا الحراك بتنوعاته.
2-لا بد وان القيادة توقعت الانتفاضة(أي على علم بمقدمها)
3- انطلاقة ثورية من مختلف الفصائل ونضال مستمر وحراك شعبي..ولابد ان القيادة تضع الخطط والاستراتيجيات
3-ان الانتفاضة جاءت بعد انتهاء فترة 1998 والتي مددت الى1999 كمحطة "بان الدولة باتت وشيكة"وانه سيتم اعلان الدولة وعاصمتها القدس الشريف ولم تعلن.
أي "ان جميع القيادات كانت مهيأة لذلك...واخذ الحيطة والحذر ووضع الاستراتيجيات للمرحلة المقبلة...فكان دخول شارون للاقصى شرارة.."
4-ثم يتحدث عما حصل في الانتفاضةحيث "انهت بذلك ذلك الشؤم(اوسلو)وانتقلت من مرحلة ضرب الحجارة الى الكفاح المسلح....
وينهي بان "لا اظن ان مثل هذا لم يكن تحت سيطرة وخطط القيادة وجميعنا ندرك مدى الاهتمام من قبل القيادة للانتفاضة واضف الى ذلك ان اول الانتفاضة شارك فيها منذ البداية حركة فتح حتى انها وجدت لوحدها في الساحة تقاتل وبعد 6الى7شهور اصبحت باقي الفصائل تنضم الى النتفاضة"
ثم ينتقل لشرح اسباب تراجع الانتفاضة من نوع تعرض القيادة للاغتيالات وقمع الاحتلال...الخ
في البداية لا بد وان اشكر للاستاذ مامون اهتمامه بما انشر وقد احسن صنعا اذ ابدى رايه في المقالة بصراحة .وانا بدوري وتكريسا للاهتمام والحق الديموقراطي الرى انه من اللياقة ان اتناول رده لتقديم مزيدا من الايضاحات التي ربما لم تتسع لها المقالة وبعض الردودوالايضاحات على ما جاء في رسالته المنشورة في قسم الردود في الحوار المتمدن اسفل المقالة.
1-من المهم ان تتوقع القيادة السياسية ولو بالخطوط العامة مراحل النضال المقبلة وكذلك المراقبين السياسيين يمكنهم ان يتوقعوا والمخابرات المهتمة من اطراف الصراع وغيرها .ان هذا ليس كل شيء ولا اهم شيء .في عام 1967 وقبيل الحرب نشرت الصحف العبرية عن امكانية الحرب ونشرت عن قيام فرنسا بتسليح اسرائيل بالطائرات والاسلحة المختلفة وتدريب قياداتى الجيش الاسرائيلي على هذه الاسلحة وحضور الخبراء العسكريين الفرنسيين ,ونشر الخطط والامكانيات ,وداخيرا دعوة الاحتياطي –أي اللحظة ما قبل الاخيرة في الحرب .ومع ذلك قامت اسرائيل بحرب خاطفة والناس نيام وضربت المطارات العسكرية والطائرات (بارخة فيها )دون حراك ودمرتها على الارض.
لقد كان المراقبون الاعلاميون يعلمون ان الحرب قادمة وكانت المفاوضات والاتصالات تستهدف وقف طبول الحرب التي تقرع وصوتها يصم الآذان ومع ذلك كانت الضرية الاولى مفاجئة للقيادات العربية .فلا يكفي ان يعلموا .
2-ان القيادة ليست مجرد القاب ونياشين على الصدور وقصائد مديح لآل البيت .القيادة هي التي تقود الجموع المنظمة .ومقارنة بسيطة بين وضع القوى عام 1987 ووضعها عام 2000م يدرك جيدا انه لا مكان للاستعداد بذات الطرق التقليدية المعروفة .ففي الانتفاضة السابقة كان الشعب مننظما في الفصائل والاطر التابعة لها وفي اللجان الجماهيرية وبقيادة اللجان الشعبية وكل ذلك بقيدة القيادة الوطنية الموحدة التي لا يعرفها العدو ,ولم يكن شيء من هذا في انتفاضة الاقصى لا القوى الضاربة ولا كل اشكال الفعاليات المنظمة .ثم ان الشعب كان مقبلا على الانتظام في هذه الاطر واللجان المختلفة (بصدد كتابة مقارنة بين الوضع في الانتفاضتين)
3-لقد كانت الانتفاضة عبارة عن اشتباك شامل في المدن والقرى والمخيمات .فحركة الجيش كانت متداخلة مع الجماهير وكان كل مكان هو مكان اشتباك محتمل .وكان هناك تواصل قوي بين الفلسطينيين واليهود في الشارع والاسواق والعمل ,وكل هذا تعرض لتاثيرات الانتفاضة .فأين كان هذا في انتفاضة الاقصى.لقد كان هناك فصل كامل تقريبا في الاراضي المحتلة وحتى حركة المستوطنين اصبحت من خلال الطرق الالتفافية .
4- لم يكن هناك اشتباك مع الاحتلال وما حصل في نقاط المراقبة العسكرية الاسرائيلية لم يكن يرقى الى مستوى اشتباك جماهيري مع العدو. كان حقا تعبيرا عن رفض الاحتلال ومدفوع الثمن باعداد من خيرة شبابنا ممن استشهدوا او جرحوااو تعرضوا للاختناق بالغاز .
5-كانت القيادة تقبل باتفاقيات اوسلو ولا تريد ان تتخلى عنها ,وكان هناك التنسيق الامني وهو ليس سرا. صحيح ان النفس تمجه وترفضه ولكنه موجود ويحكم حياتنا وانكاره هو تعبير عن رفضه ليس الا ,وقد اثر سلبا على نفسية الجماهير والحركة الوطنية كما انه اقتنص خيرة الشباب للعمل الامني وفق قواعد التنسيق الامني,وقدمت خدمات كبيرة للامن الاسرائيلي,اعترف بها العدو في اكثر من مناسبة واشادت بها امريكا والدول الاوروبية .
6-ارجو ان ننتبه جميعا الى مسألة شديدة الاهمية وهي وجوب عدم الخلط بين قيادة سلطة وقيادة ثورة .هذا الخلط يشكل مأزقا فكريا خطيرا ويصعب فهم وادراك الواقع وتحليله تحليلا صائبا
ان القيادة القائمة حاليا هي قيادة سلطة وليس قيادة ثورة ,وهي قيادة علنية ,وتقف باستمرار على ط احد من الشعرة ,وكل كلمة وكل تصرف محسوب عليها وعلى اهليتها لتكون قيادة السلطة وفق الاتفاقيات المعقودة وليس أي شيء آخر .
اذن فالقيادة الرسمية بهذه الصفة لم يكن بمقدورها ان تشارك في ادارة انتفاضة متفجرة اصبح يعلوها دخان البارود ,والقول عن ادوار سرية وغير سرية مجرد اختباء في العباءة امام تراشق الرصاص.
كان المطلوب من قيادة الفصائل او ما تبقى منها ان تقوم بدور القيادة كافتراض شكلي .اما وانها علنية وافتتحت المكاتب واقتنت الملرافقين واستأجرت البوت الفارهة وادارت ىعملها على الهواتف واعلنت عن مؤتمراتها واجتماعاتها وكل مظاهر العلنية التي جعلتها تحت رقابة العدو ,
بل وجعلتها احزاب سلطة وليس احزاب ثورة .وما تبقى منها الا القليل ,وقد لحق بها في فوجة العلنية والتوظيف عوالق كثيرة واصابتها اشكاليات كثيرة ,جعلتها في حالة عجز دائم عن الفعل القيادي المطلوب.
7- بالنسبة لي توقعت انفجار جماهيري وصرحت بذلك في اكثر من حديث تلفزيوني على تلفزيون الرعاة .كان ذلك ليس بسبب تراكم النضالات المتتالية بل بسبب تراكم الاحتقانات الجماهيرية واهانات الاحتلال وبسبب ادراك الجماهير بتجربتها الخاصة للفشل الذريع الذي اصاب تجربتها الثورية وتضحياتها كل هذا في جهة وفي الجهة الاخرى استمرار ممارسات الاحتلال طوال الفترة مما اكد ان الاحتلال لا زال ينيخ بكلكله على صدورنا كم قبل اوسلو واشد قمعية وتعسفا واكثر تمسكا بالمشروع الصهيوني والاستيطان.
بعد كل هذا هل يمكن ان يكون لدى القيادة الرسمية "خيارات كفاحية"كما جاء في رد الاستاذ احمد؟
وهل يمكن ان تحضر نفسها للهجوم او الانتفاض؟
هل هي قيادة مستقلة خارج سلطة الاحتلال وهيمنته ؟وهل تستطيع ان تتصرف بأموال الدول المانحة للتحضير لثورة ,مع ان كل فلس يصرف هو تحت الرقابة وفي حركة الكومبيوتر .
ثم لنأت الى الكفاح المسلح :قلت في مقالتي انه مورس بشكلين .الاول اطلاق الرصاص من بعد على المستوطنات والمعسكرات وهذا كان على شكل بطولة ومرجلة وفزعة وليس فيه اشتباك بمعنى هو اطلاق نار في اتجاه المكان الذي يخص العدو .لم تقم القيادة الرسمية ولا الفصائلية بأية اجراءات لتخليص هذا الشكل من العفوية واشتركت فيه كل الفصائل ودفعت اثمانا باهظة من الشهداء والجرحى والمعتقلين لقد وصفته في حينه بانه نوع من المظاهرة ولكن بالسلاح وهو عبارة عن "طخ اعراس"وفي البداية كان المسلحون يسيرون مع المظاهرة الجماهيرية,ثم تم تحذيرهم وابعادهم كي لا تكون ذريعة لجنود الاحتلال للتقتيل والابادة.
اما النوع الثاني وهو الذي راعى الاصول الى درجة كبيرة واوقع الاذى بالاحتلال .فكان مرتبا بشكل سري وبالقطع بمعزل عن القيادة الرسمية وقيادة الفصائل لقد كان مبادرات صحيحة وصحية.
ان الاجتياحات قد وضعت وعلى الفور حدا للشكل الاول والثاني من استعمال السلاح وانتهى نهائيا مع دخول اول دبابة ,ولوحقت عناصره للقتل او السجن .
كما ان الاجتياحات وضعت حدا لما كان قد تبقى من الحركة الجماهيرية ودون اثر كذلك .
وهكذا تبددت الانتفاضة ,الهبة الجماهيرية العظيمة دون اثر .
ان الفصائل قد لحقت بالحالة الجماهيرية الغاضبة من الاحتلال ومن السلطة معا ,وصحيح ان حماس وجدت نفسها منخرطة في وقت متاخر بضع اسابيع ,بسبب خشيتها من الملاحقة الامنية للسلطة ولكنها لحقت وانخرطت بقوة عالية لا غبار عليها بل انها ساهمت بدرجة كبيرة في الحشد الجماهيري فاعليات الانتفاضة مع باقي الفصائل التي اقبلت كلها لامعا على المشاركة وايجاد موطيء قدم ,اما القيادة بمعناها لاالمتمكن من ادارة الزمام فهذا كان مجرد محاولات ,لان الفصائل كانت مفككة ,وحضرت جموعها وانصارها السابقين والتاركين ,حضروا بدوافع الوطنية وما تبقى من انتماء حزبي كان في الدرجة الثانية بالنسبة للدوافع الوطنية التي تاججت مع الانتفاضة.
اما الحديث عن الخبرة السابقة :فانه من المؤسف ان المتنفذين لم يلجأوا الى الاستفادة من هذه الخبرة وتجنيدها في قيادة وادارة الانتفاضة الجديدة ,مع الاسف مرة اخرى وقد تعذر ايجاد السبل لهذه الانتفاضة بسبب جدلية القيادة الرسمية المرتبطة باتفاقيات اوسلو وبين انها ظلت تشغل اسم قيادة الثورة وهي لا تقود ثورة وما كانت ولا زالت لا تخطط ولا تقود لعمل ثوري ,وقيادات الفصائل هي الاخرى ترهلت وواكبت مسيرة القيادة الرسمية واخذت تدير فصائلها ادارة انتخابية واحزاب علنية واحزاب معارضة رسمية وشكلية .الذي يتوجب قوله للجماهير الفلسطينية اكثر من هذا يا صديقي احمد وذلك انني لا ابحش من اجل الماضي بل من اجل المستقبل
#محمود_فنون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟