|
الصحافة الإلكترونية .. و الأخلاق الحوار المتمدن مثالاً يُحتذى
إبراهيم إستنبولي
الحوار المتمدن-العدد: 1042 - 2004 / 12 / 9 - 12:47
المحور:
ملف - الصحافة الالكترونية ودورها ,الحوار المتمدن نموذجا
قبل كل شيء أريد أن أتوجه إلى جميع القيمين على موقع الحوار المتمدن المتميز بالتحية الصادقة مع التهاني بمناسبة الذكرى الثالثة لإطلاق الموقع الرائع و كم كان بودي لو أستطيع أن اشد على أيديكم فرداً فرداً ، و بهذه المناسبة أتمنى لكم ببساطة دوام الصحة و راحة الأعصاب و سعادة بشرية حقيقية .. فشكراً لكم على سعة صدركم ، على تحملكم همومنا ، على استيعاب حشريتنا ، و على صبركم على إلحاحنا و أحيانا نزقنا . لذلك أقول لكم بصوت عال : كـــل عــــام و أنتــــم و الموقع الحضاري " الحوار المتمدن " بخــير ! ثم :سأحاول توضيح الدور الكبير و الريادي لموقع الحوار المتمدن من خلال اللوحة السوريالية التالية : السوريون ( و ربما المواطنون في بلدان عربية أخرى ) يتذكرون الوضع المأساوي لواقع النقل ، أي انتقال المواطنين من مدينة إلى أخرى و من المدينة إلى الريف و كذلك ضمن المدينة الواحدة في منتصف الثمانينات و بدايات التسعينات من القرن الماضي – كان المرء يضطر لأن يناضل بيديه و برأسه و برجليه لكي يفوز بموقع قدم ( ليس بمكان يجلس فيه ) في باص قديم مهرهر " الهوب هوب الشهير " أو سيارات البيك آب أو اللاندروفر القديمة جداً .. و البعض كان يلجأ إلى الدخول من النوافذ و من بين .. الأرجل ! .. و الآن ، مع توفر مختلف وسائل النقل ( و بغض النظر عن حالها و عن أحوالها البائسة ) ، فإن الانتقال من مدينة إلى أخرى و بين القرى و بين المدينة و الريف - أمر في منتهى البساطة ..! إذن : لكم أن تتصوروا القفزة الهائلة التي يسّرتها وسائل النشر الإلكترونية و خصوصاً المواقع الحضارية منها كموقع الحوار المتمدن : كنا في الماضي ليس فقط لا نعرف ماذا يجري هنا و هناك ، و ليس فقط لا نعرف كيف يفكر هذا أو ذاك ، بل و كذلك كيف السبيل لتفصح عن رأيك ، لتعلن احتجاجك ، لتعبر عن تضامنك ، لترفض تقزيمك و إقصاءك و تهميشك ، و لم يكن بإمكان الكثيرين أن ينقلوا مشاعرهم و آرائهم و هم في المهجر ، و لم يكن بإمكاننا أن نتعرف على نتاج مختلف الأدباء و الشعراء و بصورة خاصة لم يكن سهلاً على أديباتنا و شاعراتنا الرائعات أن يوصلن صوتهن و كلمتهن و أن ينشرن القصائد الرائعة التي تفصح عن وجه حضاري رائع للمرأة الشرقية المثقفة الشجاعة .. باختصار ، لقد أتاح النشر الإلكتروني للجميع أن يكبر و ينمو و يتسع و ينتشر : سواء من خلال ما يقرأه على صفحات المواقع المختلفة في مجالات متنوعة أو من خلال التعارف و المراسلة و المحاورة البينية .. الخ . نعم ، لقد قدمت الصحافة الإلكترونية خدمات جليلة و فرص هائلة للتمدن و للتحضر و للتثاقف . لقد ربت فينا جميعاً روح الاختلاف و احترام الآخر ، لقد ساهمت في تطوير النقد الذاتي ، في إنضاج التجارب الشخصية في مختلف مجالات الإبداع ، بما في ذلك عند الكتاب و الأدباء .. و الأهم أننا جميعاً تمثّلنا قيم التسامح و أدب الحوار .. و اصبح عرفاً انه لا يجوز الاعتداء على آداب الحوار و لا يجوز القدح أو الذم ، و ليس صائباً شخصنة الاختلاف أو إعطاء صفات غير لبقة للكلمة المكتوبة .. أي انه كما لو أننا تقيدنا بعقد أدبي .. و قد ساعد على ذلك الموقع الرائع كالحوار المتمدن من خلال قوة المثال و حكمة اللا انحياز إلى طرف أو ضد آخر .. فالكل مرحب بهم ، و للكل حق الظهور و النشر .. و الكل مدعو للاشتراك في مختلف الحوارات و في مختلف حملات التضامن .. لان الموقع يرفع اسم التمدن عالياً قولاً و يمارسه فعلاً .. و كم نحن بحاجة لأن نتعلم أخلاق ممارسة السياسة و الكتابة ، بعيداً عن التزلف لمسؤول و بعيداً عن التملق لرئيس تحرير و لصاحب دار نشر ، و بعيداً عن النفاق و الرياء اللذين ينخران مجتمعاتنا .. فيقول الكثيرون عن القبح كلاماً جميلاً و يسمون الأسود ابيضاً ، و يلبسون الجهل ثوب الحكمة و العظمة .. فمن بين أمراض مجتمعاتنا الكثيرة هناك آفات قاتلة منها العنجهية و الطاووسية .. فإذا بالنشر الإلكتروني يبين تواضع إمكانياتنا و حاجتنا إلى الكثير الكثير من العمل مع الذات .. فيدعوننا إلى التواضع و المجاهدة مع النفس بدلاً من التعجرف الفاضي و كأننا نتملك وحدنا الحقيقة و المعرفة .. و كأننا الوحيدون المثقفون بينما نحن أقل ثقافة من الآخرين .. و إذا بالآخرين اكثر تضحية منا و اكثر كفاحا في هذه الدنيا ، و إذا بنا نأكل و نشرب اكثر من أولئك الذين قضوا اجمل سنوات عمرهم في الزنزانات و تحت التعذيب و بعيدا عن أهلهم و عن أطفالهم ، بينما نحن نتمتع بكل ملذات الحياة و .. ننظّر عليهم ، أولئك المكافحين في سبيل أن نقول ما نحلم به .. فشكراً لكم ، انتم أيها العاملون خلف المسرح لكي تظهر بشكل لائق آراؤنا ، أشعارنا ، قصصنا ، " تفاهاتنا و أمراضنا " و لكي عن طريقكم نشبع " الأنا " خاصتنا . شكراً لكم على الجهود الرائعة في سبيل انتشار الحكمة و الجمال و الأخلاق . و أخيرا : إن موقع " الحوار المتمدن " هو أشبه بالحسناء الساحرة .. سيتطلع إليها كل شخص : الشاب و العجوز ، المثقف و الجاهل ، الجميل و المشوه ، الكريم و اللئيم .. الخ و ليس بمقدورها و ليس من حقها أن تمنع أحدا من حق النظر إلى " الروعة " .. لكنها تتابع سيرها و هي تتخايل بكبرياء الحسن و الثقافة !
#إبراهيم_إستنبولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا أخفقت حركة المجتمع المدني في سوريا ؟ وجهة نظر على خلفي
...
-
على نفسها جَنَتْ براقش .. هزيمة جديدة لروسيا .. في عقر دارها
...
-
كل عـام و العالـم مع .. جنون أكثر - خبطة آخر أيام العيد
-
عــام عــلى رحيــل رسول حمزاتوف
-
تعليق على تعليق سناء موصلي ...
-
مارينا تسفيتاييفا - شاعرة الحب و المعاناة
-
الفيتو الأمريكي : صفعة للجميع - معارضة و موالاة
-
حجب الحوار المتمدن في السعودية - شهادة له لا عليه : أليسوا ض
...
-
حول - نظرية المؤامرة - - قصص المؤيدين
-
حكي فاضي أو صداع نصفـ ديموقراطي - يعني - شقيقـة -
-
يا للعار ... تباً لكم ايها الارهابيون - العرب -
-
استحضار مايكوفسكي .. في الزمن العاهر
-
بمناسبة مرور مائة عام على وفاة الكاتب العظيم تشيخوف
-
بوشكين .. في ذكرى ميلاده
-
تحيــة إلى العفيف الأخضر مثقفاً منسجماً مع ذاته
-
العولمــة : نهايـــة أسطورة
-
آنا آحمادوفا : قصـة حـرفٍ و مصـير
-
العولمة اعلى مراحل الاستعمار
-
مهد البشرية . . الشمالي؟ أو - صفحــة من التاريخ -
-
بعض الموضوعات الختامية لملتقى غوليتسينو* : - مستقبل قوى اليس
...
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
|