|
رحلة مع تحولات مفصلية- الخاتمة: كتابات ...
عزيز الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 3506 - 2011 / 10 / 4 - 13:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رحلة مع تحولات مفصلية- الخاتمة: كتابات ... "من عيوب العقل العربي".
[ مقتطفات من دراسة الدكتور حسين رستم بعنوان " مشكلة العقل العربي"]
التعلق المرضي بالماضي "ماضي الفرد والجماعات و الشعوب جزء من تاريخها والتطلع إليه مفيد لغرض البناء عليه وتجنب مساوئه. الماضي فيه الصالح والطالح والعاقل يستفيد من الصالح و يتجنب الطالح إلا عند العرب فالعكس هو الصحيح. هذا يؤدي إلى تراكم الأخطاء ومعالجتها بأخرى قد تكون أسوأ منها. تطلع العربي إلى الماضي و التفاخر فيه أفقده ملكة الإدراك لتحسين حاضره. فبدلا من أن يكون الماضي الزاهر دافعا لحاضر أزهر منه حدث العكس مما أدى إلى حاضر تعيس. العرب يفسرون ماضيهم بصورة خيالية لأنهم يعتبرون وجود العلماء والفقهاء والمخترعين والمكتشفين حكرا لهم ويعممون الصفات العالية لعباقرتهم و كأن الأمة العربية كلها عبقرية مما يزيد في غرورهم الكاذب. النخب العبقرية موجودة في كل المجتمعات على مر الزمن وهم قلة قليلة تتميز بقدرات عالية لا يمكن تعميمها على المجتمع. نسبة هذه النخب ضئيلة جدا إذا ما قورنت بعدد سكان الأرض إلا عند العرب فهم يتفاخرون وكأن أمتهم كلها عبقرية مما جعلهم غير مدركين لواقعهم. فالعراقي يتفاخر بأن العراق علم العالم الكتابة والقراءة وبدلا من أن يسال نفسه، لماذا الآن نسبة كبيرة من سكان العراق لا يكتبون ولا يقرؤون وكيف يعالج هذا الأمر؟ تراه يكرر التباهي. العراقي يتباهى بان أجداده اخترعوا العجلة وبدلا من أن يسال نفسه، لماذا لا نستطيع في الوقت الحاضر صناعة دراجة هوائية وكيف يعالج الأمر؟ تراه يكرر التباهي. العراقي يتباهى بأن أجداده أول من مارس الزراعة وبدلا من أن يسال نفسه، لماذا نستورد حتى (الفجل و الكرفس)ا وكيف نعالج الأمر؟ تراه يكرر التباهي. العراقي يتباهى بأننا مهد القوانين والشرائع وبدلا من أن يسال نفسه، لماذا نعيش في فوضى و كيف نعالج الأمر؟ تراه يكرر التباهي. هذه الأمثلة توضح أن الماضي الزاهر أصبح عائقا للتقدم بدلا من أن يكون دافعا له. هذه الأمثلة لها شبيهات في أمور أخرى عند بقية العرب.
المبالغة تمتد جذور المبالغة عند العرب إلى العصر الجاهلي عندما كان الكلام وخاصة الشعر مصدرا للرزق و وسيلة لنيل الجاه وأداة للانتقام. المحيط الضيق والحياة الصحراوية جعلتا الأفق الفكري العربي محدودا وأداة التعبير ضيقة مما يفسر غياب العلم والمعرفة في ذلك العصر. ظهور الإسلام وانتشاره خارج حدود الجزيرة العربية أديا إلى الاحتكاك بالحضارات السائدة حينذاك و بدأ الإبداع العربي والإسلامي في كل المجالات. مع ذلك بقيت المبالغة سمة من سمات الفرد العربي التي أدت إلى تأخره في كل شيء بينما العالم يتقدم وبخطى سريعة. فبدلا من إن يكون ماضينا المشرق دافعا إلى تقدمنا أصبح عائقا لهذا التقدم لأننا بالغنا في التعلق بالماضي والتفاخر به مما صرفنا عن الالتفات إلى واقعنا المزري الذي جعلنا مهزلة من مهازل العصر الحديث. فبالرغم من أرضنا الواسعة الممتدة من المحيط إلى الخليج و تعدادنا الكبير وثرواتنا الطبيعية الهائلة ليس لنا وزن دولي يوازي القيراط ." **** وفي الاتجاه نفسه، يقول المفكر السعودي المتميز إبراهيم البليهي، إن من أسباب تأخر العرب هوس النظر للماضي واعتباره العصر الذهبي، في حين أن الغرب ينظر دوما للمستقبل دائما ويرى أن العهد الذهبي لم يصل بعد. ولذا فهم يتقدمون على الدوام ويتطورون... ****** حميد الكفائي والطائفة [ من رسالته للسيد السيستاني عام 2006 في نقد ممارسات الأحزاب الشيعية التي نجحت في الانتخابات بمباركة المرجعية في النجف] " إن الطائفة لا يمكن لها، ومهما اتسعت عباءتها، أن تكون وطنا للناس جميعا، ولا حتى لجميع أبنائها، لأنها، في العادة، وعلى مر تاريخ الأديان كلها تعنى بإقامة الأسوار والحدود بينها وبين الآخر. وهي إذا ما تحولت إلى طائفية سياسية، فسوف تصبح شرا مستطيرا ينقض على كل شيء، حتى على أبناء الطائفة نفسها، في النهاية، إذ أن التفكير بمفاهيم وأنماط طائفية، بدعوى رفع مظلومية تاريخية، أو إبراز هوية دينية أو قومية على حساب هويات أخرى، أو بتسييد طائفة كانت مظلومة على الطوائف الأخرى، إنما ينطوي، في جوهره، على الإقصاء، إقصاء الآخر خاصة حين يسعى هذا النوع من التفكير، وما يجسده من خطاب نمطي إلى الاستناد في مرجعياته إلى منظومات أفكار ومقولات دينية وحتى إلهية، يجري توظيفها بطريقة تسبغ على إعادة إنتاج المظالم، من قبل مظلومي الأمس، صفة قدسية هذه المرة. ولكن مثل هذه المحاولات التي تظل بائسة أبدا، وخطيرة في الآن نفسه، لن تغير من حقيقة أن المنطق الطائفي، أيا كان لونه ورائحته، لم يحمل لنا، في تاريخنا كله، غير الإحن والعداوات، وهي حالة عاشتها أديان أخرى غير ديننا الإسلامي وما تزال، فخبرة الناس وتجاربهم، في هذا الشأن، متشابهة، خاصة حين يترافق النزوع الطائفي مع الجهل والتخلف والكوارث، وهو ما نعيشه، عندنا هذه الأيام. وهكذا يغدو الدين، عبر الرؤية الطائفية الضيقة، عامل فرقة وشحناء، وهكذا فإن الحكومات ذات الطابع الطائفي الديني لن تخلق دولة وطنية أبدا." ******* علي الوردي والرعاع: [ من كتاب "الأحلام بين العلم والعقيدة"، وهو هنا يتحدث عن الأيام الساخنة والمنفلتة بعد ثورة 14 تموز، وظاهرة السحل والتمثيل بالجثث والقتل البشع. وهذا التحليل مفيد جدا للنخب والانتفاضات العربية. وقد ذكّرنا بهذا الكتاب الصديق الدكتور عبد الخالق حسين في إحدى مقالاته. وقد وردت في بداية كتابي مقتطفات عن كتاب سيكولوجية الجماهير لغوستاف لوبين عن الموضوع نفسه.] يقول الوردي : " هنا أود أن أصارح القارئ بقول قد لا يرتضيه مني، هو أني كنت في العهد البائد [أي الملكي- عزيز-] أخشى من غضب الحاكم، وقد أصبحت في العهد الجديد أخشى من غضب "الغوغاء". وأرجو من القارئ أن لا يسئ فهم قولي هذا. فالغوغاء ظاهرة اجتماعية موجودة في كل مجتمع، شهدنا أثرها في العراق كما شهدناه في مخلف البلاد والمجتمعات. وكلما اشتد الجهل في بلد ازداد خطر الغوغاء فيه. وقد أشار إلى خطر الغوغاء مفكرون لا نشك في نزعتهم الشعبية والديمقراطية. أشار إليه ماركس وأنجلز في " البيان الشيوعي". وأشار إليه علي بن أبي طالب قبل مئات السنين حيث قال عن الغوغاء إنهم همج غوغاء ينعقون مع كل ناعق ويميلون مع كل ريح...."، و" الواقع ن الشعب غير الغوغاء، فإرادة الشعب تتمثل في القرارات الهادئة الرصينة التي تنبعث من مصلحة الأكثرية. أما الغوغاء، فكثيرا ما تظهر أصواتهم بشكل هياج محموم لا رادع له ولا هدى فيه. لا ننكر أن الشعب والغوغاء قد يظهران في جبهة واحدة في بعض الأحيان، ولكن هذا لا يجيز لنا أن نخلط بينهما في جميع الأحوال." *** عن التعاطف الشعبي العربي مع الإرهاب: مأمون فندي [الشرق الأوسط في 1 مايو 2006] " ليس لدي شك ولو للحظة واحدة في أننا اليوم مجتمعات باتت تتعامل مع الإرهاب كأمر واقع، لا يحركنا موت عشرين أو ثلاثين بعربة مفخخة في العراق، لا يحركنا مقتل سائحين في دهب وشرم الشيخ، ولا يحركنا اغتيال عرس في الأردن، و تفجير في الرياض. نحن قوم فقدنا الإحساس بقيمة الإنسان، لدينا رغبة جامحة في رؤية الدماء وهي تسيل، لا نستطيع قتل الأعداء لنرى دماءهم، لذلك بدأنا في قتل أنفسنا. نحن حضارة تدخل تاريخ الانتحار من اكبر بواباته؛ فإن كان هذا وضعنا، فلمن الأشرطة اليوم؟! تخطينا مرحلة الانتحار الفرد، ذلك الشاب الذي يعبّأ بالكراهية لنفسه ولغيره، ويحزم نفسه بالحزام الناسف ليفجر نفسه في حافلة؛ صفقنا لهذا عندما فجر هؤلاء أنفسهم في إسرائيل واليوم يفجرون أنفسهم فينا.." ****** مذكرة عن فيدراليات الجنوب والوسط والغرب [عندما صعدت عام 2005 النداءات المتتالية وبإلحاح لتشكيل فيدرالية لمحافظات الجنوب والوسط، وأيدت الجبهة الكردستانية ذلك، وجه مثقفان عراقيان مذكرة للسيد رئيس الجمهورية، الأخ مام جلال، ورد فيها التالي:] " رغم إيماننا بان الفيدرالية الديمقراطية هي أرقى أنواع الحكم الديمقراطي، ولكن، في ظروف العراق الحالية، فإن تقسيم القسم العربي من العراق إلى فيدراليات لا يكون حلا لمشاكله الحالية، بل سيكون بحد ذاته مشكلة كبرى تؤدي إلى تفتيت العراق إلى كانتونات يسهل بلعها من قبل الدول المجاورة الطامعة بها، ولان دعاة الفيدرالية في الوسط والجنوب يريدونها على أسس طائفية. فلو تحقق حلمهم في تحقيق الفيدرالية الطائفية، فهذا يعني أنهم سيكرسون الطائفية في العراق إلى الأبد. وهذه كارثة يجب منعها بأي ثمن. لذلك فإننا نرى أن تأييد القيادة الكردية للفيدرالية الطائفية خطر كبير على كل العراق وليس في صالح الشعب العراقي وضد مصلحة الشعب الكردي. إن رفضكم للفيدرالية الطائفية في الوسط والجنوب سوف لن يؤثر على الفيدرالية الكردستانية، لان الأخيرة مقررة ومعترف بها من جميع لجهات، وحتى من المحافل الدولية ولا يمكن التراجع عنها." ******** العراق الصعب والقيادات المتخلفة – عزيز الحاج مقتطفات لم يكن حكم العراق بالأمر السهل على مدى التاريخ الإسلامي نظرا لتركيبته الاجتماعية والمذهبية والدينية والعرقية، وموقعه وثرواته الطبيعية التي تفتح شهيات التدخل الخارجي والأطماع، ونظرا لطبيعة الفرد العراقي نفسه، الذي وصفه الجاحظ بهوس النقد والتمحيص والتدقيق والاعتراض. وكانت المسألة المذهبية في مقدمة عوامل التوتر والصراع ومشهيات التدخل الإقليمي. وكان معاوية ينصح مساعديه وولاته بأنه إذا أراد العراقيون واليا في كل يوم، فليُولَّ عليهم كل يوم والٍ جديد! وعراق ما بعد صدام ورث خرابا هائلا في كل الميادين، ولاسيما في دهورة العلاقات الاجتماعية والقيم الأخلاقية، وتأجيج نزعات الفردية والانتهازية والبحث عن المغانم، والنفاق، والتقلب النفعي من قوقعة إلى أخرى، وتسعير المشاعر الفئوية. وكان النظام السابق قد حارب القوى الوطنية وشتتها بلا هوادة، وتسبب في هجرة العقول والكفاءات السياسية والثقافية، والهجرات الجماعية- فضلا عن عمليات التهجير القسرية الوحشية. كل هذه حقائق مسلم بها، ولاشك في تأثيرها على واقع العراق اليوم، فضلا عن عواقب أخطاء القوى والشخصيات الوطنية في مختلف عهود العراق الحديث، فبصمات أمس لا تزال تفعل مفعولها السلبي. وإذ نسلم بهذا كله، فلابد من التأكيد، في الوقت نفسه، على أن هذا الميراث السلبي المتراكم لا يبرر أخطاء وتخبط القيادات التي تحكم العراق اليوم؛ أي ليس صحيحا - وكلما انتقدنا خطأ الحكام - أن نجابه بحجة: " وهل ننسى ما تركه النظام البعثي من خراب بشري وسياسي وأخلاقي؟! هل نطمس ما حل بالنفسية والتكوين العراقيين في تلك المرحلة المظلمة من تاريخ العراق؟!" [ من مقال عزيز الحاج لموقع الجديدة في 8-9 حزيران 2011 ]. ******* الزعامات العربية [ في عام 2000 وجهت صحيفة الاتحاد الظبيانية سؤالا لفريق من الكتاب عن " الزعيم الذي يدخل التاريخ". وكان هذا جوابي المنشور قي 18 مايو 2000 ]: " أتريدون الزعيم العربي الذي يتمنى بعض كتابنا أن [ يخلده التاريخ]؟ إذن فهو الذي، إذا فشل، مرة بعد أخرى، استقال، كما يفعل الساسة في ديمقراطيات الغرب. وإذن فهو الذي، إذا وصل إلى قمة الهرم، منع الفساد وضرب بحزم على الفاسدين حتى لو كانوا إخوته أو أبناءه.. وهو الذي إذا حكم، أمن بالحاجة إلى نقد الآخرين وحكمتهم، وبأنه ليس جماع العقل والحكمة. وهو الذي إذا أدت أخطاؤه إلى نكبة كبرى لشعبه لسم يسم النكبة بالمهرجان ولم يصف الهزيمة بالانتصار.. وهو الذي إن جاع شعبه، قتر على نفسه وعائلته، كما فعل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعمر بن عبد العزيز. [ كان يجب أن أضيف عبد الكريم قاسم- ملاحظة اليوم -عام 2011 ]. وهو الذي إذا آمن بفكرة لصالح البلد أعلن عنها حتى لو كان التيار العام ضده، كما فعلها الحبيب بورقيبة في الستينات، فاتهمناه بالعمالة والخيانة والجنون، وتتالت المزايدات، وبرهن التاريخ على صواب رأيه وعلى شجاعته. " باختصار، هو الذي يؤمن بأنه واحد من الشعب، لا فوقه ولا منقذه، وانه غير معصوم، وأن الحقيقة لا تحتكر، وأن الرأي الآخر يجب سماعه واحترامه، وأن ممارسة القمع جريمة وانحطاط، وأن الإعلان عن الخطأ فضيلة وارتقاء، وأن الحقيقة لا تتجزأ، وأن انتقائية المعايير مرفوضة ومدانة." *********** [ وهذه صورة لنموذج الطاغية العربي، بقلم غسان شربل في عدد الحياة ليوم 29-30 سبتمبر 2011 – مقتطفات... ]: حارس شرف الأمة "إلى ماذا يحتاج حاكم عادي ليستحق لقب حارس شرف الأمة؟ المسألة تكاد تكون بسيطة. الاستيلاء على السلطة بانقلاب وبذريعة استرداد الكرامة الوطنية ومحاربة الفساد. تهميش دور رفاقه وإطلاق عملية التفرد بالسلطة. تذويب الدستور السابق بالأسيد واعتناق لغة ثورية ترفض الأزياء الديموقراطية المتعارف عليها. إذاعة رسمية تبث الأناشيد الحماسية وبرقيات التأييد والمبايعة. صحيفة رسمية تؤكد ان الدول الكبرى أُصيبت بالذعر لأن الدولة المعنية استعادت قرارها وتستعد لممارسة دور يليق بها في الإقليم والعالم. وتتضاعف القدرة على تنفيذ الأحلام إذا كانت الأرض تنام على ثروة تغري دول العالم بالتسامح حيال ارتكابات القائد الجديد. لا بد لتوطيد الحكم من مجموعة من الأجهزة الأمنية. وظيفتها السهر على أمن الثورة أي إحصاء أنفاس المواطنين. وزيادة في الطمأنينة لا بد من أن تتولى الاجهزة التجسس على بعضها. هكذا يمكن كشف أعداء الداخل والخارج معاً. الأمن أولاً. ومن مصلحة الثورة ان يتم قطع أي أصبع يرتفع. وشطب أي مواطن يعترض. وإخفاء أي مسؤول يبالغ في طرح الاسئلة. سلامة الثورة تقتضي افتتاح عدد محترم من الزنزانات والأقبية. مخيلات سلطة الشعب غنية. سيتم تطوير آلات التعذيب ونزع الأظافر وسمل العيون. ستتعفن جثث كثيرة وستزدان الجدران بالدم المتحجر. سيعترف السجناء بجرائم لم يرتكبوها. ستتبخر عائلات في ظروف غامضة. ان المحافظة على شرف الأمة تستلزم مناخاً من الترهيب والترويع. لا بأس من قتل معارض بعصير البرتقال المعد خصيصاً في دائرة الاستخبارات. لا مانع من توظيف شاحنة وتكليفها معس سيارة معارض عابر." ***** ******
خاتمة الخاتمة .. وصيتي لولدي سامي في 20 نوفمبر 2005 أرسلت لولدي في العراق رسالة جاء فيها: " إياك يا عزيزي أن تشتغل في السياسة لأنها في العراق من أمهات المصائب. والعراقيون لا يزالون بحاجة لعقود وعقود من السنين ليستردوا العافية الأخلاقية وروح المواطنة والتسامح. لقد كتب للعراق أن يكون متعدد القوميات والأديان والمذاهب، ومرت فترات كان المجتمع خلالها يتمتع بقدر لا بأس به من روح الأخوة والتعايش، كما كتبت في كتابي "بغداد ذلك الزمان". لكن عهد صدام دمر التكوين الأخلاقي والثقافي للعراقيين، فسادت روح التسابق المصلحي وانتشرت الطائفية ونزعات العنف. وقد كنت من بين المستبشرين بسقوط ذلك النظام بفضل القوات الأميركية، لكن تبين أن شعبنا قد ساده الخراب الثقافي والأخلاقي، واشتدت الطائفية ونزعات التقوقع على العشيرة، والمذهب، والعرق، والحزب، وتهمشت روح المواطنة. وكان للنخب السياسية الحاكمة دور رئيسي في تدهور الأحوال. أجل، نحتاج لفترة طويلة جدا لكي نسير أخيرا في الطريق الحضاري كالشعوب المتقدمة. نعم! لا تقترب من السياسة- نعوذ بالله منها- وانكب على قراءة الأدب والبحوث الاجتماعية، ولاسيما كتب علي الوردي، وهو أحد نوابغ العراق. اقرأه جيدا لتفهم مجتمعنا والعراقيين جيدا. إن السياسة عندنا أم البلايا، وقد عانيت شخصيا كثيرا منها، ومررت بمطبات وأخطاء كثيرة، وعندما نشرت كتابي "شهادة للتاريخ" عام 2002، مع نقد ذاتي صارم وصريح لمسيرتي السياسية، فقد كتب كاتب صديق أنني بالغت في النقد الذاتي لحد جلد الذات. ولكنني أعتقد أن الجلد الذاتي، لو حصل، هو أفضل من كبرياء طمس الأخطاء، ومن اعتبار النقد الذاتي مسا بالكرامة وضعفا. وأخطائي السياسية كانت مما ساهم، مع مجموع أخطاء الآخرين، في نشر ثقافة التشدد السياسي والمطالبة بغير الممكن، مع أن السياسة هي فن الممكن. رغم كل شيء، فإن ضميري تجاه شعبي وبلدي مرتاح، لأنني كنت أعمل من أجل أهداف نبيلة، ولكنها أخطاء الطريق والمسيرة. وقد خرجت من قوقعة الأيديولوجيات المغلقة لأفكر بحرية وروح نقدية، وأستمع لمختلف وجهات النظر، وأتعلم من الآخرين."
#عزيز_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحلة مع تحولات مفصلية ف10 ق2(الانتفاضات العربية.. مذهب بوش و
...
-
رحلة مع تحولات مفصلية 10(الانتفاضات العربية)
-
رحلة مع تحولات مفصلية 9 ف2 (هل الإرهاب مجرد -تكتيك-، أم أيدي
...
-
رحلة مع تحولات مفصلية 9 ف1[الحرب الدولية الأخرى بعد الحرب ال
...
-
رحلة مع تحولات مفصلية8 (اليسار في العراق والعالم العربي)
-
رحلة مع تحولات مفصلية7 (القسم الثاني: النهر ساكن ولكن الجدار
...
-
رحلة مع تحولات مفصلية 7 (القسم الأول: النهر ساكن ولكن الجدار
...
-
رحلة مع تحولات مفصلية 6 (الصراعات في الحركة الشيوعية العراقي
...
-
رحلة مع تحولات مفصلية 5 (ثورة 14 تموز)
-
رحلة مع تحولات مفصلية4 (راح تتقسم، والله حرام!)
-
رحلة مع تحولات مفصلية 3 (العسكر في السياسة..)
-
رحلة مع تحولات مفصلية2 (من عميل خائن إلى رمز وطني)
-
رحلة مع تحولات مفصلية - الفرات
-
رحلة مع تحولات مفصلية- نقطة ضوء [مدخل]*
-
هل يسير الشارع العربي فعلا نحو الحداثة والديمقراطية؟! [ مقال
...
-
ملاحظات عن المسألة الديمقراطية [ 2 ]
-
ملاحظات عن المسألة الديمقراطية.. [ المقال الأول]
-
مقاربة عن الثقافة العربية ، والثقافة السياسية بالذات
-
أيديولوجية الإسلام السياسي: استئصال الأخر وهدم الثقافة...
-
المسجد: نعم، لماذا في هذه البقعة بالذات؟!!
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|