|
هدايا كويتية -مسمومة- قد تطيح هوشيار زيباري
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 3505 - 2011 / 10 / 3 - 05:28
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
فضحية سياسية من العيار الثقيل كُشِفَ النقاب عنها في بغداد أخيرا: وزيران عراقيان مكلفان بمتابعة ملف أزمة ميناء "مبارك" الكويتي، و الذي يجري بناؤه على شفا الممر البحري الوحيد الذي يربط العراق بالعالم بحريا، تسلما هدايا مالية وعينية كبيرة من الجانب الكويتي. الوزيران هما هوشيار زيباري، وزير الخارجية المؤيِّد علنا لإقامة الميناء الكويتي والمدافع عن "حق الكويت" في إنشائه بدعوى أنه لن يضرَّ بالعراق، والثاني هو هادي العامري، وزير النقل المناوئ بشدة لهذا المشروع بدعوى معاكسة. في التفاصيل نعلم أن الهدايا لكل منهما تضمنت مبلغ 100 ألف دولار أميركي وساعة ثمينة وبعض الكماليات الفاخرة. النائب في مجلس النواب العراقي عمار الشبلي - عن كتلة دولة القانون بزعامة نوري المالكي - الذي فجّر الفضيحة، أوضح لوسائل الإعلام المحلية أنه يمتلك وثائق رسمية تؤكد هذه المعلومة، وأضاف بأنه عَلِمَ من مصادره الخاصة أنّ وزير النقل قد أعاد "الهدية الكويتية" إلى السفارة الكويتية في بغداد بعد أن اطلع على محتواياتها أما وزير الخارجية فلم يفعل الشيء ذاته. ولم يوضح النائب متى أعاد الوزير العامري الهدايا التي تسلمها، وما إذا كان قد فعل ذلك فور تسلمه لها أم بعد فترة. وزير الخارجية العراقي لم يعلق من جهته حتى الآن على الخبر، ولكن مصادر من داخل الوزارة أكدت أنه يخطط للاعتراف باستلامه للهدايا الكويتية واعتبارها شأنا شخصيا لا علاقة له بصفته الحكومية الرسمية. مصادر مقربة من قيادة التحالف الكردستاني الذي ينتمي إليه الوزير زيباري، وبخلاف التصريح العلني لأحد قياديه هو محسن السعدون والذي اعتبر اتهام الوزير بتلقي الرشوة تشهيرا به وبالحكومة، سربت أنه ربما يكون قد أعاد الهدايا بدوره دون أنْ يعلن عن ذلك رسميا مراعاة لحساسية الموضوع. لكنَّ مراقبين هنا في بغداد رجحوا أن تكون هذه التسريبات تبريرا استباقيا للرد على القائلين بأن زيباري أعاد الهدايا بعد افتضاح أمرها. أما اعتبار تَسَلُّم الوزير هدايا ثمينة كهذه شأنا شخصيا لا علاقة له بالصفة الحكومية الرسمية للوزير فهو أمر يثير السخرية والمرارة معا كما علق بعض المراقبين: فالمعروف عالميا ، وفي دول ديموقراطية تحترم نفسها وشعوبها، تعتبر "هدايا" أقل من هذه بعشرات المرات، وفي الظروف العادية وليس في ظروف أزمة سياسية كبرى كالتي تتفاقم الآن بين العراق والكويت، تعتبر رشوةً صريحة، قد لا يُكتفى بإسقاط وإقالة المسؤول الذي يجرؤ على تسلمها من منصبه بل يحال في الغالب على القضاء والتجارب من هذا القبيل كثيرة ليس أولها تجربة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وقد لا تنتهي برئيس وزراء دولة إسرائيل الصهيونية إريل شارون. إلى ذلك، يعتقد مراقبون ومحللون آخرون للشأن العراقي أن الوزير زيباري سيعبر من هذه الفضيحة سالما وقد يبقى في منصبه على اعتبارات عدة منها: إنّ البلد غارق ومنخور بشتى أصناف الفساد المالي والإداري والسياسي. وثانيا، فطبيعة حكم المحاصصة الطائفية والعرقية المعقدة واحتفاظ كل طرف طائفي بسجله الخاص من فضائح وتجاوزات الخصم يستعملها في حال الاضطرار للدفاع عن مصالحه الحزبية والطائفية تمنع أي محاولات لمحاسبة أو مساءلة الفاسدين والمتجاوزين .وثالثا، فإن التجربة العراقية أكدت مرارا أنّ المسؤولين الكبار الفاسدين أو المتهمين به يبقون بمنأى عن أي عقاب قانوني أو سياسي. يستدل هؤلاء المحللون على صحة رأيهم هذا بواقع أنّ عدة وزراء في هذه الحكومة أو التي سبقتها، اتهموا بالفساد، بل و أحيل بعضهم إلى القضاء، كوزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني، ولكنْ جرت تبرئتهم جميعا ولم يسجن منهم أحد وأعيدوا إلى مناصبهم بل لقد رُقيَّ أحدهم، هو وزير التربية السابق خضير الخزاعي، والمتهم بعدة قضايا فساد إلى نائب لرئيس الدولة. قد يكون هذا الواقع المزري هو ما دفع أحد القراء البغداديين الظرفاء إلى التعليق على خبر الهدايا الكويتية "المسمومة" بالقول: ربما سيفقد السيد زيباري منصبه كوزير للخارجية بفعل هذه الفضيحة ولكنه قد يُعَوَّضُ عنه بمنصب رئيس إقليم كردستان العراق! في السياق ذاته، يبدو أن الاستراتيجيا التي تعتمدها الكويت لإنجاح مشروع مينائها وقطع العراق عن الخليج العربي، لا تقتصر على تقديم الأموال الطائلة والساعات الثمينة والكماليات الفاخرة للوزراء والمسؤولين المكلفين بإدارة الملف، بل تعدتها إلى استعمال كواتم الصوت لاغتيال مناوئي مشروعها. في هذا الصدد، أعلنت النائب عن كتلة "العراقية البيضاء" المنشقة عن كتلة علاوي وأشد مناوئي مشروع الميناء الكويتي عالية نصيف أن زوجها تعرض لمحاولة اغتيال قبل أيام. وقالت نصيف أن المغدور تعرض لإطلاق النار من مسدسات كاتمة للصوت من سيارة مظللة تشبه السيارات الحكومية وإنه أصيب إصابة خطرة في بطنه. وقد اعتبرت النائب نصيف أنّ هذه المحاولة هي (استهداف سياسي لها) دون مزيد من التوضيح. الكويت لم تعلق على اتهامات وجهتها لها جهات صحفية عراقية بالضلوع في محاولة الاغتيال هذه، ولكنها علقت على ما بات يعرف بالهدايا المسمومة. صدر بيان رسمي كويتي "يستغرب" تلك الاتهامات وينفيها مؤكدا أن (الأشقاء في العراق ومن خلال اللجنة الفنية التي جاءت إلى الكويت اطلعوا على كافة الحقائق المتصلة ببناء ميناء مبارك الكبير وهي الحقائق التي أطلعهم عليها الجانب الكويتي بكل شفافية ووضوح) جهات سياسية عراقية منها كتلة "العراقية البيضاء" علقت على النفي الكويتي بالقول أن تصريحات زيباري الأخيرة في الأمم المتحدة والتي تؤيد الجانب الكويتي تؤكد تلك الاتهامات بتقديم تلك الأموال والمواد العينية للوزرين العراقيين من جهة، وتشكل دليلا على الحرج الذي وقعت فيه حكومة الإمارة نتيجة انكشاف بعض الأساليب التي تعتمدها لتمرير مشاريعها على حساب العراق.
[email protected]
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحذير لنائب المالكي يثير الذعر: العراق سيُحْرَم من نصف مياهه
...
-
العلوي بين فلسفة التاو الصينية والمتصوف النُفّري/ج2
-
العلوي وفلسفة التاو الصينية : بين المطلق الصيني والآخر الإبر
...
-
عزّت الدوري يعزّي البرزاني فيثير غضب البعثيّين
-
هل أحبط المالكي انفصالا عشائريا في الأنبار؟
-
مجزرة «النخيب» العراقيّة: طائفيّة وعشائريّة وغياب للمركز
-
-تطوير- غاز البصرة : صفقة مشبوهة مع -شِل- وكارثة يتحمل مسؤول
...
-
أتهم جلال طالباني وآخرين باغتيال هادي المهدي!
-
خرافة -جاموس الحجاج- وحقائق التراث الرافديني
-
كيف قرأ الراحل هادي العلوي التصوف الإسلامي -القطباني- وتجربة
...
-
عقود المشاركة في إنتاج النفط العراقي: سرقات وفق القانون/ج3
-
مشروع قانون النفط -المالكي- في مواجهة المشروع - الكردوعلاوي-
...
-
نفط العراق المحتلّ: قصّة سرقة أقرب إلى الخيال
-
التضامن النقدي مع -الربيع العربي-: قراءة في مثال نظري وعملي
...
-
رمضانيات عراقية: أزمة دينية أم سياسية؟
-
الحضور المندائي في اللهجة العراقية و العربية الفصحى
-
نماذج طريفة من الكلمات الأكدية والآرامية في اللهجة العراقية
-
قراءة جديدة في-محاكمة- كافكا: تشريح شعري ساخر لعبث الوجود
-
العراق: الصراع الطائفي بلغ المراقد المقدسة!
-
المزيد من الكلمات الآرامية والأكدية في اللهجة العراقية /ج3
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|