|
عالم الانترنت وحرية الرأي المفقودة
أمنية طلعت
الحوار المتمدن-العدد: 1042 - 2004 / 12 / 9 - 05:27
المحور:
ملف - الصحافة الالكترونية ودورها ,الحوار المتمدن نموذجا
مما لا شك فيه أن الصحافة الإليكترونية ،لعبت دورا هاما في عالم حرية الرأي المفقودة داخل بلداننا العربية ، حيث تقع الصحف المطبوعة بشكل عام تحت ألوان وصنوف من القمع وكبت الحريات متمثلة في الرقابة الحكومية أحيانا والرقابة الذاتية التي أصيبت بها الأقلام العربية نتيجة عهود طويلة من المراقبة والملاحقة للكتاب ،باختلاف اتجاهاتم والمجالات التي يكتبون فيها ، حتى أن المجال الفني نفسه تعرض لمثل هذه المراقبة والقمع، وأذكر في هذا الشان الواقعة التي حدثت مع شيخ الصحفيين الفنيين حسن إمام عمر عندما كتب مقالا عن أزواج أم كلثوم في مجلته الفنية ، أثناء حكم عبد الناصر وكانت أم كلثوم لم تتزوج إلى ذلك الوقت بشكل علني وتصر على أن يتم تلقيبها بالآنسة أم كلثوم وتعتبر الحديث في أمر زواجها أو علاقاتها الخاصة من الأسرار المقدسة ، ولأن كوكب الشرق كان لها عيونها في كل مكان علمت بشأن هذا المقال وكانت المجلة قد مثلت للطبع بالفعل ، فاتصلت بمكتب الرئيس جمال عبدالناصر لابلاغه وماكان منه الا أن أصدر قرارا بمصادرة العدد ووقف المجلة عن الصدور ، وبالفعل تمت المصادرة وجلس حسن إمام عمر في منزله عاما كاملا دون عمل ، حتى ذهب لسيدة الغناء العربي طالبا السماح ، الذي ناله بالطبع ليعود مرة أخرى ولكن هذه المرة إلى مجلة الكواكب التي كانت قد بدأت في الصدور آنذاك. إذا فكر قمع حرية الرأي والتعبير مسألة متأصلة في فكر الحكام العرب حتى ولو كان الأمر خاص بأحد رموزهم الفنية ، فمابالك لو طالت الآراء سياساتهم داخل بلادهم التي يحكموها بالحديدوالنار ، لذا جاءت الشبكة العنكبوتية المعروفة بالانترنت لتقدم حلا متميزا للأقلام العربية للتعبير عن رأيها بحرية ، وكشف الحقائق التي تغيبها الحكومات العربية عن المواطنين العرب في كل مكان ، لا بل كشف الصورة الحقيقية لحجم معاناة الشعب العربي ، لا الفكرية فقط ، بل الاقتصادية وما يتعرضون له من نهب منظم لثرواتهم وثقافاتهم على يد المحتل الوطني الذي يربض على حدودنا حارسا نشطا للمحتل الأجنبي الذي غادر المكان لكنه لم يغادر الحيز الهوائي الذي نتنفس من خلاله ، وإن كانت أمريكا قد عدلت عن هذه السياسة مؤخرا ، بعودتها للإحتلال الأرض مثلما هو واقع الآن في العراق. مع ذلك فالانترنت العربي يعاني ا العديد من المشكلات ، أهمها كثرة المواقع والبوابات الإليكترونية التي تقدم كما ، بعيدا عن الكيف ، حيث انحسر أغلبها في المنتديات وغرف الدردشة ومواقع الزواج ، والتي احتلها بشكل كبير الاسلاميون ، فأصبحنا نرى أن أغلب الموضوعات المطروحة عبر هذه المنتديات خاصة بالجنة والنار وفضل صلاة الجماعة والاربعين النووية وتفسيرات القرآن التي ليس لنا قبل بها وأحاديث الرسول التي لا نعرف لها مصدرا، بينما انفردت أخرى بالدعوى للجهاد عبر تقطيع رؤوس الاجانب وذبحهم كالشياه ، في حين وجدنا الدعاة الجدد وجدوا في الانترنت ضالتهم فأخذوا يرتعون فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، مكثرين من دعواتهم لارتداء الحجاب وعودة المراة لتقر في بيتها وتجريم وتحريم الفن وما إلى ذلك من الدعاوي الرجعية التي عبأت هواءنا بالفساد حتى كدنا أن نختنق ، تلك الدعاوي التي نراها مطبقة بالفعل على أرض الواقع ، حيث أصبح من الصعب أن تجلس بين أهلك أو أصدقاءك دون أن تنفتح سيرة الحجاب عفة وطهارة والمرأة يجب أن تطيع زوجها طاعة عمياء ، والفراعنة كفرة ولا يجب أن نفتخر بهم ووووووووووووو. وسط كل هذه الترهات تظهر على استحياء مجموعة من المواقع اليسارية المستنيرة والتي جاء على رأسها موقع الحوار المتمدن، بفروعه وملاحقه الكثيرة التي تهتم بقضايا المرأة والعلمانية وقضايا العمال في العالم العربي وغيرها ، لتمثل شمعة مضيئة وسط ظلام دامس حقيقي ، امتد ليشمل حتى الفضاء الاليكتروني الذي فتح لنا كوة من نور نتنفس من خلالها بعيدا عن قمع حرية التعبير المنتشرة طولا وعرضا في بلادنا . لكن موقع الحوار المتمدن وما يتبعه من صفحات تخدم نفس أفكاره التنويرية ، لا يكفي حيث أنه يمثل واحد في المائة فقط مع كل المواقع المستنيرة الأخرى ، بالنسبة للمواقع الظلامية التي أنشأها الاسلاميون والمواقع المضللة التي أنشأها الحكوميون ليشوشوا على الواقع الذي نطرحه عبر الحوار المتمدن وأمثاله ، لذا وجب على المجتمع اليساري المستنير أن يكثف جهوده لانشاء العديد من المواقع الأخرى كي تصل لكل عربي في كل مكان ، وأن نهتم بوضع مواقعنا اليسارية على محركات البحث ، لتتوفر الآبحاث والدراسات والمقالات المقدمة عبرها ، بسهولة لكل باحث عن معلومة عبر صفحات الويب ، كما لزم علينا أيضا مواجهة ما بدأت تتعرض له مواقعنا ولنا في الحوار المتمدن مثلا ، من تشويش عليها ، مثلما حدث في السعودية التي أغلقت موقع الحوار المتمدن فيها ، بأن ننشأ مثلا نسخا بديلة للممواقع بإمكان زائر السعودية أو أي بلد أخرى تغلق الموقع أن يدلف إليه عبر هذه النسخة البديلة ، بإمكاننا أيضا مخادعتهم ، بأن نوفر مواد الموقع على بوابة أخرى بعنوان ويبي آخر ، وبذلك نتحايل على البروكسي ( أداة القمع في تلك البلاد الرجعية عبر النت ) . إن ما استطاع موقع الحوار المتمدن تحقيقه ، من جمع الأقلام العربية المستنيرة من كل مكان في العالم ، لهو إنجاز حقيقي يشهد له ، لكن الآمر لا يجب أن يقتصر على مباركتنا لما وصلنا إليه فقط ، بل أن يتم التخديم على هذا الانجاز ومحاوطته ، لاتقاء أي ملاحقة قد يواجهها ، حيث أن الحكومات العربية تنبهت مؤخرا للدور الهام والفاعل الذي بدأ الانترنت يلعبه ، لدرجة أنه صرف القراء عن الجرائد المطبوعة ، ليتعرفوا على الحقيقة عبر الانترنت من خلال مواقع كثيرة تعمل كبوابات إخبارية وبوبات رأي وقد أقاموا مؤخرا مؤتمرا عربيا تابع للجامعة العربية في تونس ، لمناقشة التطور المعلوماتي الاليكتروني وكانت أحد أهم المحاور التي نوقشت ولم يتم الاعلان عنها ، ما تلعبه المواقع المستقلة على اختلاف تياراتها في تشكيل الرأي العام العربي وصرفه عن ، الاعلام الموجه الذي تصبه على رؤوسنا حكوماتنا قسرا ، كما بدأوا يناقشوا كيفية قمع مثل هذه المواقع بوضع قوانين للنشر على الانترنت ، بدعوى أنها لحماية حقوق النشر . إن الأمر جد خطير ويجب علينا أن نتنبه لمثل هذه الاتجاهات الرسمية ، لنحمي وسيلتنا الوليدة التي حققت ما لم نستطع الوصول له عبر سنين طويلة من الكفاح في محاولة الغاء قوانين الطوارئ وفتح الأبواب أمام حرية الرأي والتعبير
#أمنية_طلعت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجرد كلام لإخراج شحنة غيظ
-
في بلدي أصبح الناس يموتون جوعا
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
|