أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا كارم - البغل و المقاومة















المزيد.....

البغل و المقاومة


رضا كارم
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 3504 - 2011 / 10 / 2 - 17:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماذا حدث في تونس بعد 14جانفي؟ و لماذا وصلنا إلى هذا المأزق التاريخي؟
الساحة الشعبية ركنت الى حلولها التاريخية و ركبت السهول وصولا الى الربوة ، و استعاضت عن الفعل و التغيير و المقاومة بالصمت و الكلام و المشاهدة. إرادة التغيير ، هي أكبر أوجه مأساتنا الثقافية ، و المشترك الجامع هو المأساة ذاتها...كل فرد من بيننا يشقى في فردانيته و لا يثق بأحد، و يشتم الكل و لا يرى عيبا في سلوكه و يصنع من الآخر جحيما.
مأساتنا تفرقنا الكبير ، حتى داخل المجتمعات الصغيرة (مثل الاحزاب و النقابات) نلتقي لنتصارع ، حيث يكون الصراع و التناحر هو الأصل و التشارك و التضامن هو النشاز...لذلك سنظل صورا لمآسينا، ما دمنا لم نفهم بعد أن ما لدينا من أحزاب سياسية قد قتلها التكرار و اجترار العادة و إعادة إنتاج التطبع...ما دمنا لم نع قيمة المجموعة، مادام إعلاء الذات قائما مقام إعلاء القيم،لن نتوغل بعيدا، و ستكون كل انتفاضاتنا و "ثوراتنا" عملا اعتباطيا تستفيد منه الامبراطورية بالنهاية.
إن الجمهور الذي ركن الى التوجيه العام الصادر عن مؤسسة رشيد عمار -المبزع -السبسي، و بتنفيذ من نسمة-حنبعل على وجه الخصوص، سلم سلاحه الفعال ، إلى النخب السياسية التي تتناقض مع تبعيي الداخل حول درجة الاستسلام و مقدار التبعية، لا حول المقاومة و نفي الهيمنة. و لذلك ، لن يتغير شيء بتسيد النهضة أو التكتل للمشهد الحكومي ، ففي النهاية سينفذان أجندة الامبراطورية ،إما بمزيد من التداين و الانفتاح و اللبرلة، أو بمزيد من الانصياع و الانخراط في حفلة التغريب و تشيئة الإنسان .
و في الحالتين ، سيبيعوننا إيمانا و تقوى مقابل استعباد و سيطرة، أو "حرية" لباس و شرب و نكاح مقابل استعباد و سيطرة أيضا...من فاسد لخائن لتابع لعميل...لفاسد لعميل لتابع لخائن...عود أبدي ، و تكرار في التاريخ و الحدث...تمضي السنوات ، و لا تمض معادلة تسيد المشهد الإنساني "القطيعي"في تونس... لقد ثبت أن قوة التغيير ، تكمن في قوة التشارك و التضامن بين عناصر الجمهور.أولئك الأفراد الذين قاتل و قتل لأجلهم قوم أجلاء منذ 1952، و منذ خيانة بورقيبة لنضالاتهم يوم 20مارس 56، و ما عرف بأنه يوم "الاستقلال" ، و هو لا يعني أكثر من كونه يوم التسليم بالهيمنة و السيطرة الامبراطورية بقرار بورقيبي نخبوي ...
عارض صالح بن يوسف فقتل و تفرق المقاومون بين المنافي و السجون و الإعدامات.
و باع بورقيبة تونس مقابل ضمانه لكرسي أبدي الدوام... فكانت نهايته بشعة و قد انقلب عليه عسكري مجرم، بسجل حيوان مفترس...فرماه في إقامة جبرية مقننة، و نفى تاريخه و قبر أعياده "الوطنية" و أنشأ لنفسه يوما لتخليد ذكرى قتل "المجاهد الأكبر" أو الخائن الأكبر... و ظل الجمهور الذي أسره بورقيبة يتفرج على انقلاب، سرعان ما بان أنه أعجب الغنوشي الذي صرح بأن "الثقة بالله أولا و ببن علي ثانيا" و مازال يحكم النهضة بعد كل ما قال و كل ما فعل و كل ما أفسد... لا يتغير الراكبون على هذا الشعب، سواء كان راشد او الحبيب، فقبول دور البغل، أمر محتوم...ذكر المسعدي ذلك في سده...البغل لا يقاوم ، يحمل الأثقال و لا ينتظر شكرا... يعتبر أن طريقه المكرورة بين مكان المتاع و نقطة الوصول، طريق ضرورية لينال نصيبا من الماء و العلف.
لا فرق بين بغل المسعدي و بغل هذا النص...و لعل بغلنا هنا، يكرر كتابة بغل المسعدي ، و يستدعيه لمزيد من "التبغل"...
إن الذين غادروا ألسنتهم و عباراتهم المعتادة ، و ألفوا أغنية "التشغيل استحقاق يا عصابة السراق" ليسوا بغلا...لم يكونوا و لن يفعلوا... ليسوا عامة و لن يقووا على تحمل وصف مشابه...كثير ممن كانت دروبهم المقاومة ينتظرون اليوم عودتهم الى شوارعهم...يشاهدون الباجي و يدركون خطط رشيد عمار، و يعون أن المبزع صورة كاريكاتورية لرئيس يمضي مراسيم لا يقرؤها... الثوار قادمون، ينتظرون ما بعد 24 أكتوبر، لكنهم قادمون ... سينهزمون في السياسة ،في تأويل النسق أو ما يسمى بالإصلاح من الداخل، سينهزمون، و يفهمون أن البغل يختار من يعطيه ماء ، و ليكن ملوثا ، لا ضير في ذلك، هو يحتاج ماء و قد منحوه ، فلم يختارك أيها المقاوم؟
أنت لا تملك بئرا، و بكل تأكيد لا تملك فاسا لحفر البئر، و لا ماء لك...و لن ينتخبوك يا رفيقي...عد الى الشارع ، الى الصدام ،و أنا أعلم أنك عائد و قادم سريعا، و أنك متوثب لقيادة مشروع مقاومة ينتهي بنا الى استعادة تونس و شرفنا ،أو شرفنا و محاولة مقاومة...
نموت نموت و تحيا تونس ، دون بغال و دون كلاب ، تحيا تونس متحررة ، تحيا تونس بجمهور من المقاومين ، تحيا تونس و نموت لأجلها... عد يا رفيقي فدربنا ليس سياسة.
هذا المستنقع المسمى في بلاد "الطيبين" سياسة، لا يمكن أن نكون داخله، مياهه الآسنة، كانت لتلوث من يغطس داخلها...
فأس الحطاب فقد حطبا يهوي عليه، و مطرقة الحداد فقدت حديدا تفك قيود اعوجاجه. و فقدنا يا رفيقي ألسنتنا، و مستمعينا. لقد بانت المسألة، كنت تنفجر حديثا فنخرج لترديده تظاهرا و صراعا مع القامعين، و كنت أصوغ فكرة فتحولها الى مناسبة جديدة لصراع مستمر و قمع يعود...كنا نتبادل الكلمات ، و نتبادل تأسيس الجمهور...نحن الجمهور يا رفيقي، و غيابك بين أزقة السياسة و لزوميات الالتزام التاريخي، جعلتك بلا لسان و أردتني دون فكر...اليوم ، يعتبروننا مزايدين و مشاغبين و نرجسيين و غلاة...نفس الذين تناقضنا معهم ، يعودون ...
النهضة ، هذا الكائن السياسي المحاط بالطيبين، هذا "البغل" المطمئن و المؤمن و المستفر ربه ، و ذنوبه لا تغتفر...عاد ليزرع الأرض مجدا من السماء، و يزرع البؤس آيات من الصبر و السكينة و الهدوء و التريث ،و في العجلة الندامة...و الصبر مفتاح الفرج، و هو أيضا استسلام للامبراطورية...اصبروا و صابروا، فالصبر ساعة و الربح قدر...و يصبر الطيبون ، و البغل بغل...عادت النهضة تفجر مياه الغدير، تكرر صراعات الصبية، و تؤسس للتعدد في النكاح فيما ترفض تعدد المناهج و الاختلاف...
هي بغل ديمقراطي جدا،الا أنه يقارب التاريخ بمنظور ما بعد تاريخي، كأن يوضح زعيم بغل،أن الحلال بين و الحرام بين...و أن الشريعة يا رفيقي في الانتظار...الطيبون"البغل"، لا يدركون ذلك ، يحتاجون كثيرا من الشرح و التفصيل و التوضيح ، و لا أحد يشرح ...
نفس الذين تناقضنا معهم يتسيدون التاريخ.مرجان و جغام يبنيان دكانين، يبيعان غسيلا شديد الفعالية ضد الفساد و الاستبداد و الإجرام و القبح و الدكتاتورية و "البغل"...يعود مرجان متأبطا جغام ، و يعود جغام مرتديا مرجان، لإقناع البغل بأن المليونين الاثنين من منخرطي التجمع البائد، يستطيعان الحصول على غسيل فعال بشدة ضد ماضي السقوط الأخلاقي و الانهيار الإنساني...فهل يرفضون غسيل الضمير و نشر الشرف، و ينتخبونك؟
فيما كنت تفكر يا رفيقي؟ أ في قدرة " البغل" على فك أسره فجأة؟ ليس هذا علميا كثيرا، مع الأسف.
الشابي الذي رافقته ، هذا المستبد الإقطاعي الهارب خارج عصر الفيودالية، النازح من زمن الإقطاع، قتل تونس انتهازية و إيمانا بالذات . قادنا إلى مفهوم الأغلبية الصامتة، قادنا الى صناعة عودة جديدة ل"لبغل"، فعل ذلك و قضى على ما كان يمكن أن يكون ثورة... لقد سدد اللكمة القاضية، و يظهر اليوم ذلك صريحا...كم أتمنى له هزيمة ساحقة ... كم أنتظر سقوطه في تونس 2، كم أنتظر لكمة تقضي نهائيا على أمله في أن يكون رئيسا.
مجرد القضاء على الشابي سيكون بمثابة إسقاط نظام حسني مبارك الذي لم يسقط بعد...
لقد خرج يوم 12جانفي ليعلن أنه مع حكومة تأتمر باوامر العسكري البغيض.
فبقي في دكانه ، مؤمنون بأن تأويل السياقات ممكن، بقي الذين يعتبرون وجود الجراية و قحبيش لأمر مقبول... حزب يغادره صناع تاريخه، و يظل الإقطاعي يقوده الى هزيمة قاتلة.
يجب أن ينتهي وجود الحزب الديمقراطي التقدمي في تونس، إنه أسوأ من التجمع، و أكثر تبعية من أي حزب آخر، لقوى الامبراطورية.
هؤلاء يا رفيقي لا يصارعون في ساحات السياسة الملوثة بالبوليس و المال و "البغل"، هؤلاء يصارعون في الميادين ،عندما يتم عزل الشعب "البغل".
لم يثر كل التونسيين ، أبدا، ليست ثورة شعبية، لا ، ليس هذا الذي يركض خلف مرجان و يأكل خبز الشابي و يسمع خطبة الغنوشي و كذبه و تناقضاته الصارخة، ليس هذا من ثار.
هم مائة ألف على اقصى تقدير، هم صناع الميادين...
لكنهم لم يحكموا ، لم ينالوا السيطرة على التاريخ الموضوعي، و لم يدربوا "البغل" على مغادرة قدره كتابع ،كبغل.
الذين ثاروا أول مرة، عليهم العودة ثانية ، لا لتغيير الباجي ، و انتظار بديل ، بل ليحكموا بأنفسهم. ليكن رئيس الجمهورية حافي القدمين ، بثياب بسيطة و شعر مبعثر و قيم إنسانية راقية... ليكن الحاكم رامي حجارة، حامل فأس، مالك دراجة ، بدويا من تالة، جبليا من عين دراهم، مرتحلا من تطاوين، بائسا من الكاف، مهمشا من منزل بوزيان، مفقرا من حي التضامن، معطلا عن الإجساس ،بضمير متيقض ،و شرف و كرامة و أخلاق البروليتاريا الثورية، و الفلاسفة الثوار.
نريد رئيسا يشرب قهوتنا و يرتدي ملابسنا و يصنع معنا ثورتنا الدائمة و تاريخا من التحرر، لكل إنسان على الأرض. فلن نتمكن من الصمود لحظة إذا لم نتحد مع برازيلي مهمش و فرنسي مفقر و أفغاني مدان و لبناني تمزقه الطائفية و تقتله الصهيونية.
بانتظارك يا رفيقي.
ــــــــــــــــ
رضا كارم ـ مقاوم ينتظر رفاقه
[email protected]



#رضا_كارم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبناء الخديعة
- جزء من ذاكرة الثورة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا كارم - البغل و المقاومة