كل البشرية تؤمن بنظرية التطور لداروين

محمد ماجد ديُوب

الحوار المتمدن-العدد: 3503 - 2011 / 10 / 1 - 14:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

قد يكون عنوان المقال بادياً وكأنه عنوان لإحدى مسرحيات صموئيل بيكيت ولكنه في الحقيقة عنوان أحببته أن يكون عنواناً صادماً يعبر عن واقع هو من وجهة نظري الأكثر قرباً إلى الحقيقة المجردة من المصالح التي هي غالباً ما تكون وراء ما نطرح وهذا ليس عيباً فكل يدافع عن مصالحه وهذه قاعدة لم تشذ عنها البشرية منذ أن كانت

فحوى نظرية داروين يقول أن البقاء للأفضل وبصريح العبارة أن البقاء للأقوى ولايهم كيفية تفسيرنا لمعنى القوة في هذا الصد فالقوة تعني القوة أكانت نفسية أو جسدية أو أخلاقية أو عقائدية أو إقتصادية عسكرية أو أو أو .......إلخ ...ولكن بالتأكيد أهمها قوة المصالح

حتى الماركسية ووفق منهجها التحليلي ترى أن التاريخ البشري تكتبه قوى الإنتاج والتي تدافع عن مصالحها بكل شراسة حتى لو كان دونها قتل وتدمير ولايهمني في هذا المقام رأي متدين هنا أمتدين هناك لأن الدين في حقيقته هوغلاف ميتافيزيقي لمصالح دنوية ولمن لايصدق فليرجع إلى التاريخ ويرى المجازر التي ارتكبت بإسم الله ودفاعاً عنه ولكنها في حقيقتها العميقة دفاع عن مصالح دنوية لاأكثر ولاأقل

إن نظرية داروين تحدثت عن التطور النوعي للكائنات الحية طبقاً لظروف خارجية فرضت بشكل أو بآخر والتي ترى أن الحياة وظروفها الطارئة أحياناً تكون بمتهى القسوة فالكائن الحي الذي لايستطيع التأقلم مع المستحدث من هذه الظروف يحكم عليه بالفناء النهائي كما حدث مع الديناصورات

إن التطور في هذه الحالة لايتم بطريقة جماعية بل هو تطور ذو صبغة فردية بإمتياز وبتراكم الحالات المتنوعة من الظروف المتتابعة على مدى ملايين السنين كانت عمليات التطور تتم وربما أحياناً وفق المبدأ الماركسي تحول الكم إلى كيف حيث أن تزايد الكم يؤدي إلى أزمة تحتاج معها البشرية إلى قفزة نوعية وهذا كثيراً ما نراه في التاريخ القريب أي منذ عصر الكتابة وحتى الآن ومن لايلاحظ القفزات النوعية الهائلة التي تمت الحركة البشرية عبر التاريخ بالتأكيد هو شخص مصاب بالعمى المعرفي

إن عملية التطور وفقاً لنظرية داروين هي بالتأكيد عملية فردية كما أسلفنا من هنا نجد أن فكرة التطور قائمة على المبدأ العسكري الذي يعلم لكل جنديقبل دخوله المعركة بالقول له عندما تبدأ المعركة عليك أن تعرف أنه ربما لايمكن مساعدتك فعليك أن تدبر رأسك (يعني بصريح العبارة عسكري دبر حالك)
إن هذا المبدأ هو المبدأ الذي زرع في اللاوعي البشري وإن لم يكن بطريقة تربوية كما نعلم الآن ولكن من خلال التراكمات عبر التاريخ

وهنا نسأل هل مازالت البشرية وعلى الرغم من تطورها الحضاري متمسكة بهذا المبدأ ؟
لننظر إلى التطور الإقتصادي العالمي والذي إنتهى إلى كارثة تفكيك وتدمير المعسكر الإشتراكي والدخول في أزمة المجتمع الرأسمالي البنيوية هل كان وراها غير هذا المبدأ والذي يلقى تعبيرأ أصيلاًعنه ميل البشر إلى فكرة (عسكري دبر حالك) والذي يسميه الغرب من باب الخداع الفكري مبدأ إتاحة الفرص أمام الأفراد والذي يعبر عنه إقتصادياً بمبدأ التنافس الحر

إني أجد وبكل تواضع أن البشرية لم تستط حتى الساعة جعل الهم الإنساني حالة عامة بل على العكس هي مازالت تكرسه كهمٍ فردي وإلا ما معنى أن يترك الفرد على راحته في أن يكون متوحشاً في الكسب المالي وتنمية مشاريعه الإقتصادية وإستخدام القوة العسكرية إن لزم لتحقيق طموحاته وهذه السياسات التي تمارسها الدول القوية هل شذت ولو لحظة عن هذا المبدأ في سلوكياتها العامة والخاصة

إن المجتمع الرأسمالي وعلى الرغم من سوئه في إدارته لموارد العالم وسوئه في توزيع الثروة داخل مجتمعاته ذاتها فإنه سيقى النظام المسيطر على المجتمعات البشرية حتى تدرك هذه البشرية أن الفكر الديني والفكر الرأسمالي وجهان لعملة واحدة أساسها الإيمان العميق بنظرية التطور والإنتخاب الطبيعي لداروين

إن الفكر الديني قائم على مبدئه العام في الخلاص الفردي أليس الفكر الرأسمالي قائم على المبدأ نفسه ؟؟
إن الفكر الديني صادر عن جهة سماوية تتميز بالقوة المطلقة وتسحق من لايؤمن بها عن طريق المُكلَفين الأرضيين أليس الفكر الرأسمالي صادر عن قوة إقتصادية لاتقاوم وتسحق من يقف في وجه نموها ؟؟
إن الفكر الديني يسعى إلى جنة فردية في السماء أليس الفكر الرأسمالي يسعى إلى جنة فردية على الأرض؟؟
إن الفكر الديني لايحترم إنسانية الإنسان بل يريده عبداً طيٍعاً أليس الفكر الرأسمالي هو من يسحق كذلك إنسانية العامل ؟؟

بعد هذا نسأل هل العلمانية التي لا تؤمن بالفكر الإشتراكي هي علمانية مزيفة ؟؟؟

#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات