|
أجيال جديدة ومرجعية قديمة
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3499 - 2011 / 9 / 27 - 17:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عنوان كتاب أ.خليل العنانى (الإخوان المسلمون فى مصر : شيخوخة تصارع الزمن) دال على الهدف النبيل الذى يتمناه المؤلف وهو أنّ هذه الشيخوخة تتطلب ((تجنيد قيادات شابة قادرة على التفكير بحرية وانطلاق بحيث تخلق جيلا قادرًا على الإبداع والابتكار فى مواجهة التحديات الفكرية المطروحة على الجماعة حاليًا)) وهذا الهدف النبيل ينطلق من تصور مثالى لن يُغير من المنطلقات الحاكمة لفكر الجماعة الحالى . الفكر المؤسس على مرجعية دينية هى القرآن العظيم والسنة النبوية . وأنّ المجتمع لن تنصلح أحواله إلاّ بتطبيق الشريعة الإسلامية. فهل الجيل الجديد القادر على ((الإبداع والابتكار)) سيتخلى عن هذه المرجعية ؟ أمامنا احتمالان لا ثالث لهما : الأول هو التخلى عن هذه المرجعية. ومعنى ذلك أنّ هذا الجيل الجديد لاعلاقة له بالإخوان المسلمين . الاحتمال الثانى هو التمسك بذات المرجعية. ومؤدى ذلك أنّ الجيل الجديد صورة كربونية من الجيل القديم . واذا كانت الأحاديث النبوية محل خلاف بين الفقهاء ، فإنّ القرآن العظيم عكس ذلك . فهل سيتغاضى الجيل الجديد عن الآيات الكريمة أرقام 17 ، 51 ، 72 ،73 من سورة المائدة؟ أو الآية الكريمة رقم 29 من سورة التوبة ؟ على سبيل المثال فقط . إذا حدث التخلى فنحن إزاء شباب يؤمن بالعقل وبالحداثة التى لا تُفرق بين المواطنين على أساس الدين . فهل يمكن أنْ يخرج من الإخوان المسلمين شباب يرفض المرجعية الدينية ، ويؤمن بالعقل والإبداع والابتكار، كما يتمنى المؤلف ؟ نقل المؤلف عن د. القرضاوى أنّ حسن البنا لم يكن جامدًا بل كان دائم التجديد والتطوير. وأنه لن يضيق فى قبره اذا خالفه بعض أبنائه إلخ . وهذا غير صحيح بدليل أنّ القسم الذى وضعه حسن البنا ينص صراحة على الالتزام بالطاعة المطلقة للقيادة. بل إنّ المؤلف نفسه عقب على هذا القسم قائلا ((ومن الملاحظ أنه لا يوجد أى ذكر لحقوق الفرد تجاه هذا القسم)) كما أنّ المادة رقم 45 من قانون النظام الأساسى للإخوان تنص على ((أقسم بالله العظيم أنْ أكون حارسًا أمينًا لمبادىء الإخوان المسلمين ونظامهم الأساسى . واثقًا بقيادتهم . منفذًا لقرارات مكتب الارشاد العام وقرارات مجلس إدارة الشعبة وإنْ خالفتْ رأيى)) (كتاب الشيخ حسن البنا ومدرسته – تأليف د. رؤوف شلبى – دار الأنصار – عام 78 – ص281) ومن بين وصايا حسن البنا ((لا تكثر الجدل فى أى شأن من الشئون أيًا كان . فإنّ المراء لا يأتى بخير)) وأنّ من الموبيقات ((الخلافات السياسية والمذهبية والشخصية والقوانين الوضعية)) (ص404 ،407) . وكتب المؤلف هناك بالطبع (( مشروع حضارى يتمسك به الإخوان المسلمون وهو الذى أفاض فى شرحه د. القرضاوى فى كتاب (الإخوان المسلمون 70 عامًا فى الدعوة والتربية والجهاد) مبينًا جوانبه المختلفة ما بين إصلاح سياسى واقتصادى قد لا يختلف حوله أو عليه أى مسلم)) أى أنّ د. القرضاوى يرى أنّ الوطن لايضم إلاّ المسلمين فقط . فهل يتم ترحيل غير المسلمين من مصر؟ أم تتم إبادتهم بزعم أنهم من الكفار؟ أم عليهم الخضوع لبرنامج الإخوان؟ ذكر د. رؤوف شلبى أنّ قانون جماعة الإخوان المسلمين كان يتضمن فى باب الواجبات والمنهيات الموجهة للعضو فى البند 26 ما نصه ((أنْ تقاطع المحاكم الأهلية وكل قضاء غير إسلامى والأندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التى تناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة)) (ص400) إقامة الحدود الإسلامية (ص408) القضاء على الحزبية وإصلاح القانون حتى يتفق مع التشريع الإسلامى فى كل فروعه . بث الروح الإسلامية فى دواوين الحكومة بحيث يشعر الموظفون بأنهم مطالبون بتعاليم الإسلام . إعادة النظر فى مناهج تعليم البنات . ووجوب التفريق بينها وبين مناهج تعليم الصبيان فى كثير من مراحل التعليم . منع الاختلاط بين الطلبة والطالبات . واعتبار خلوة أى رجل بامرأة لا تحل له جريمة يؤخذان عليها . مصادرة الروايات المثيرة والكتب المشككة المفسدة . مقاومة العادات الضارة مثل الأفراح والمآتم والموالد والمواسم والأعياد . اعتبار دعوى الحسبة ومؤاخذة من يثبت عليه مخالفة شىء من تعاليم الإسلام (من ص 441 – 445) وكتب د. رؤوف أنّ الإخوان يعتقدون أنّ النظام النيابى عطل مصالح الناس وأتلف أخلاقهم . وأنّ هناك فارقًا بين حرية الرأى وزعزعة سلطان الحكام وهو ما تستلزمه الحزبية ويأباه الإسلام ويحرمه أشد التحريم . لذلك التمس الإخوان من الملك حل الأحزاب القائمة حتى تندمج جميعًا فى هيئة شعبية واحدة تعمل لصالح الأمة على قواعد الإســـلام . أى إلغاء التعددية الحزبية لصالح الإخوان . وفى المؤتمر الخامس للإخوان قال البنا أنّ مصر لا يصلحها ولاينقذها إلاّ أنْ تنحل الأحزاب كلها . وتتألف هيئة وطنية تقود الأمة إلى الفوز وفق تعاليم القرآن الكريم . والعلاج الحاسم أنْ تزول هذه الأحزاب مشكورة (من 458 -460) وعن الجهاد والغزو يستشهد د. رؤوف بأحاديث الرسول مثل ((من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق (رواه مسلم) و((من لم يغز ولم يجهز غازيًا أو يخلف غازيًا فى أهله ، أصابه الله تعالى بقارعة قبل يوم القيامة)) (رواه أبو داود) و (( إذا تبايعتم بالنسيئة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم )) (رواه أحمد وصححه الحاكم) ولذلك فإنّ الشهيد الذى يغزو سوف ((يتزوج باثنتين وسبعين زوجة من حور العين ويشفع فى سبعين من أقربائه)) (رواه الترمذى) فهل هذا هو المشروع الحضارى الذى يتمسك به الإخوان؟ هل (الحضارة) هى إلغاء أية خصوصية للمختلف دينيًا ومذهبيًا وفلسفيًا مع الإخوان ، وأنّ الوطن ليس (لكل) المسلمين (ناهيك عن غير المسلمين) بل للمسلمين المتطابقين مع فكر الإخوان ؟ أما عن موقف الإخوان المسلمين من الفلسفة فإنّ البنا كتب فى مذكرات الدعوة والداعية أنّ الفلسفة والمنطق ومواريث الأمم الماضية خلطتْ بالدين بما ليس منه . وفتحت النعرات الواسعة لكل زنديق أو ملحد أو فاسد الرأى والعقيدة . وأنّ الطرق الروحية بقوة الجماعة الإسلامية هى التى سوف ترشد هذا المجتمع الضال إلى سواء السبيل . وبعد ((انقلاب مصطفى أتاتورك بإلغائه الخلافة وإعلانه فصل الدين عن الدولة تحولتْ الجامعة المصرية إلى جامعة علمانية من وظيفتها الثورة على الدين ومحاربة التقاليد المستمدة منه . وساهم فى ذلك (جلة) من أساتذة الجامعة الذين دعوا إلى التحلل والانطلاق من كل القيود)) . واذا كان من نُطلق عليهم المعتدلين من رؤساء مؤسسة شئون التقديس ( التعبير للراحل الجليل خليل عبدالكريم) يحرّمون التماثيل ويصادرون الكتب ويكفرون المبدعين ويقيمون ضدهم دعاوى الحسبة . ويروّجون لفتاوى بول الرسول الكريم ورضاعة الكبير. وضرورة جلد الصحفيين . واعتبار المغتصبة الرافضة إجهاض نفسها زانية ، وهم يمثلون المؤسسة الرسمية ، يفعلون ذلك بالوطن ، فماذا تركوا للإخوان ؟ بل إنّ د. حسين عويضه رئيس المؤتمر العام لنوادى أعضاء التدريس يُطالب بزيادة ميزانية جامعة الأزهر كمطلب أول قبل طلب زيادة أجور أعضاء هيئة التدريس ( المصرى اليوم 18 / 12 / 2007 ص2) فإذا كان هذا هو المشهد الراهن : رؤساء شئون مؤسسة التقديس وأساتذة جامعيين وقضاة يتزعمون (النضال) ومع ذلك يرفضون أنْ تكون المرأة قاضية . وكلهم يزايدون على الأصوليين ، وهم خارج صفوف الإخوان . فهل الجيل الجديد (المنشود) من الإخوان سيكون أقل أصولية ؟ هل الأمل فى انتظار هذا الجيل الإخوانى ؟ أم الأمل فى ثقافة سائدة وتعليم وإعلام يكون العقل مرجعيتهم والوطن (مصر) قبلتهم ؟ *****
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علمنة مؤسسات الدولة والسلام الاجتماعى والانتماء الوطنى
-
الإسلام السياسى للمستشار العشماوى
-
القومية المصرية تُغطيها قشرة رقيقة
-
شخصيات فى حياتى : بورتريه للأستاذ أديب
-
شخصيات فى حياتى - بورتريه للست أم نعناعة
-
النص المؤسس ومجتمعه
-
طه حسين : الأعمى الذى أنار طريق المبصرين
-
الوجه الآخر للمبدع الكبير سليمان فياض
-
الأصوليون وحدود الدولة وأمنها القومى
-
الترانسفير بين مصر وفلسطين وإسرائيل
-
المرجعية الدينية وآليات حكم الشعوب
-
الأصولية اليهودية والعداء للسامية
-
الترجمة عن العبرى وعقدة التطبيع الثقافى
-
الهوية بين الولاء للوطن والولاء للدين
-
الأديان لسعادة البشر أم لتعاستهم ؟
-
جامعة الاسكندرية والأصولية الإسلامية
-
المفكر الكويتى أحمد البغدادى : التنوير بلا تزوير
-
فؤاد زكريا والعلاقة بين العلمانية ونقد الأصولية الدينية
-
أهمية محاكمة البشير وأعضاء من حكومته كمجرمى حرب
-
خليل عبد الكريم ومجابهة اصولية الإسلامية
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|