|
حيل هيا جرعه نيا
عبد الله السكوتي
الحوار المتمدن-العدد: 3499 - 2011 / 9 / 27 - 13:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هواء في شبك ( حيل هيا جرعه نيا ) وهذا المثل من تراثنا الكردي الزاخر بكل مثير ، وحيل تعني قوة ، اما هيا فتعني موجودة ، اما جرعه فتعني جرأة ونيا تعني غير موجودة ، حيث يحكى ان احد قطاع الطرق كان مختبأ فوق شجرة كثة تطل على جدول ماء ، وهو بانتظار من يسلبه ، فشاهد قدوم رجل عملاق متمنطقا بخنجر ، ويحمل عصا غليظة ، وامامه بغل يحمل كيسين ، وعندما اقترب البغل من جدول الماء ، توقف عن الحركة وامتنع من اجتياز الجدول ، وحاول الرجل اجباره على اجتيازه الا ان البغل اصر على عناده ولم يتحرك من محله ، فاضطر الى انزال الكيسين من على ظهر البغل وربطه بشجرة ، ثم حمل الكيسين تحت ابطيه مرة واحدة واجتاز بهما الجدول ، ثم وضعها على الارض وعاد الى البغل فحمله على كتفه واجتاز به الجدول ، فتخوف قاطع الطريق منه وخشي على نفسه ان شاهده ، فتجمد في مكانه ، ثم ان الرجل العملاق توجه الى السماء واخذ يخاطب الله تعالى : ( اي بخوا حيل هيا جرعه نيا ) ، ففهم قاطع الطريق ماقال فزال عنه خوفه ، وتجرأ عليه وخرج من مخبئه وصاح به : ارم الخنجر والعصا ، فامتثل العملاق وبعدها امره بخلع ثيابه ففعل ، وبعد ذلك قال له : ارجع الكيسين على البغل ففعل ، فاقتاد قاطع الطريق البغل ومضى به ، لقد ارتبط شعبنا الكردي بالثورة ، وخاضها على مر الزمان ليدافع عن كرامته وحقوقه ، ونحن حينما نتناول ظاهرة او حدثا بالنقد فاننا نقصد من ورائه شخص القائم به ، لقد مر الشعب الكردي بمأس ومصائب على مر العهود السابقة ، وثبت واستطاع بقوة ارادته ان يكسب حريته ، وقد جمعتنا الديمقراطية مع هذا المكون العزيز وتكاتفنا معا لبناء عراقنا الجديد ، فكان رئيس الجمهورية كرديا عراقيا اصيلا وفرحنا كثيرا ، والسيد جلال طالباني يتندر ويقول على لسانه : ( فوك القهر والضيم ريسنا كردي ) ، واحسسنا بوقع الديمقراطية على مايقول الرئيس ، واستبشرنا خيرا ان مكونات العراق ستكون في خندق واحد ، وان العراق سيكون شدة ورد بمكوناته المختلفة ، ولكن ( الجرعة ) التي لم تتوفر لدى صاحبنا واخينا العملاق الكردي توفرت لدى غيره حتى خاطب وزارة المالية ، حيث كشفت وثيقة سرية صادرة عن ديوان رئاسة الجمهورية ان الرئيس جلال طالباني طالب وزارة المالية بصرف مبلغ مليوني دولار لتغطية نفقات سفرته الى الولايات المتحدة الاميركية للمشاركة في الدورة 66 لاجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة ، وهذا مبلغ خيالي اذ انه يعادل مليارين واربعمئة مليون دينار عراقي ، مايعني ان الفقراء في العراق صاروا في خبر كان المنصوب ، وهذه القضية تذكرني بحكاية عن ملك فيصل الاول حين ذهب الى محافظة الموصل للاطلاع على احوال الشعب هناك ، فطلب من نوري سعيد ان يخاطب المالية ليستحصل منها خمسين دينارا يضعها في جيبه ، تحسبا ان يطالبه احد محتاج او يرى فقراء عند اجتماعه مع الناس ، فرد نوري سعيد ان مرتب الملك عشرة دنانير وهو قد تقاضاها ، ولكن عليه ان يكتب طلبا للوزارة للحصول على المبلغ كسلفة يتم سدادها من مرتبه الشهري ، فوافق الملك على ذلك وصرفت الخمسون دينارا للملك . ماهكذا تورد ياسعد الابل ، ولاهكذا تبنى الاوطان ، انه الخراب الذي يدب لنا مع دبيب ساعاتنا وثوانينا ودقائقنا ، انه البلاء الكبير حين نعطي قيادتنا الى من ينظر الى نفسه ولايرف له جفن لمآسي الشعب وبلائه ، ان البطالة متفشية والفقر والعوز طرق ابوابنا بقوة والسيد الرئيس يغطي احدى سفراته بمليوني دولار ، لماذا نتكلم عن التاريخ ونذم فلانا وفلانا ، اذ كنا غير قادرين على كبح شهوات انفسنا ، هل ان المليونين هي بمثابة مساعدات للشعب الاميركي الفقير والصديق ام ماذا ، ام هي تعويضات لشهداء اميركا في العراق ، ام هي مكافآت للجرحى منهم ، كل هذا لم يحدث والسيد الرئيس هو المناضل والمدافع عن حقوق شعبه الكردي ، فلماذا يحدث وهو في خندق الدفاع عن مصالح شعبه الكردي والعربي والتركماني ، لماذا هذا يحدث والتاريخ حاضرا واوراقه مفتوحة وسيفضح الكثيرين مثلما سيشيد بالكثيرين ، ان مصيرنا قد ارتبط بمصير اخواننا الاكراد ، ومايؤخذ من وزارة المالية يخرج من جيوبنا جميعا ، فهو لايخرج من جيب العربي دون الكردي والتركماني والايزيدي ، نحن امام شراكة تاريخية لم تحدث على مر تاريخنا القديم والحديث ، تجربة رائدة بكل معنى الكلمة ، اصبح فيها الكردي يمثل العربي والعربي يمثل الكردي ، لكن مايحز في نفوسنا ان بغداد آيلة للسقوط والسليمانية صارت من اجمل مدن العالم ونحن فرحون بهذا ، ولكن آسفون لان بغداد هكذا ، ونحن ننهل من ميزانية واحدة فما حدا مما بدا ، اليس من الصعب علينا ونحن شركاء اليوم ان نرى ان جميع كفاءات العراق تركزت في مكان آمن في حين ينخر الجوع والمرض ابناء العراق الاخرين ، لماذا ياسيادة الرئيس والكاكا اخي يتقاضى مرتبا اعلى من مرتبي بمراحل ، لماذا ياسيادة الرئيس ان يضطر مريضنا الى السفر الى كردستان للعلاج ، في حين ان اول كلية للطب كانت في بغداد ، واول جامعة في بغداد وانت من خريجيها ، الايستحق العراق الكبير ان تضحي له بمشيبك كما ضحيت لكردستان في شبابك ، وهل اننا شركاء في هذا الوطن ام ان جراح الامس تنز قيحا وتريد من المجروح ان يثأر لها ، لندع الماضي للماضي فنحن شركاء في الخسارة والربح ، خسرنا معا سنينا جميلة ، فلنربح السنين القادمة ولتضع اسمك على قلوب العراقيين جميعا ، فأنت طالما افتخرت انك الرئيس الوحيد في المنطقة العربية جئت بانتخابات حرة الى سدة الحكم ، وعليك ان تعمل ليلا ونهارا من اجل اسعاد هذا الشعب باجمعه ، اجعل نفسك عربيا لدى العربي ودافع عن مصالحه ـ واجعلها كرديا لدى الكردي ودافع عن مصالحه لتفوز بقلب الاثنين ، و اجعلها تركمانيا لدى التركماني لتفوز بقلب الثلاثة ، واخرى مسيحيا لدى المسيحي وهكذا فتكون راية من رايات العراق العالية ، ان مليوني دولار تنتشل الكثيرين من جياع العراق اكرادا وعربا ومكونات اخرى ، وهذه السنين هي ( سنين ضيم ) ، وسنعبرها معا وعند ذاك سيصفق التاريخ للجيوب النظيفة ويلعن الجيوب التي تهافتت على اموال المحرومين ، يكفي انك نذرت حياتك من اجل ابناء جلدتك وانت قادر ان تختمها من اجل جميع العراقيين ، ولتكن الجرأة على اعداء العراق الذين يقصفون كردستان ويحاربونه في موارده المائية والمالية ، وحين يجف دجلة سنبكي معا وليست الجرأة على اموال العراق لانها جرأة في غير محلها . عبد الله السكوتي
#عبد_الله_السكوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نعّلوا الكحيله الخنفسانه شالت رجلها
-
متلازمه من الباب للمحراب
-
حكاية الصقر والديك
-
من فاته اللحم لم يفته المرق
-
لاتكول انهزم كوك
-
امام المايشور ايسمونه ابو الخرك
-
قضيه يامشاهده
-
كوم الله وكومين الطالب ، وكوم الله ايطالب بي طالب
-
بنو ساسان
-
(عرب وين ، طنبوره وين )
-
ثرثرة فوق دجلة
-
الكويت وقاعدة طبع البالبدن مايغيره الا الجفن
-
طير النجر ينصاد من منكاره
-
احصان الشيخ
-
مطلب جماهير النصر ، احبال للطبكه تجر
-
ناب الافعى وصوت العندليب
-
صندوك الولايات
-
الياكل العصي مو مثل اليعدها
-
هالكرسي العندك من ذوله
-
ذاكرة العراق المشروخة
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|