|
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990-عيد ميلاد صدام / 14
نزار ياسر الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 3497 - 2011 / 9 / 25 - 11:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك مثل صيني مشهور يقول ( لاتأمن الافعى لانها بدون قرون؛ فسيأتي اليوم الذي تتحول فيه الى تنين !!) ، بعد ان تم التوقيع على وقف اطلاق النار بين العراق وقوات الحلفاء في خيمة صفوان وماجرى بعدها من تدمير لقوات الحرس الجمهوري المنسحبة بشكل غير منظم من الكويت وما تلاها من انفجار شعبي نتج عنه انتفاضة الشعب العراقي ضد صدام وسقوط خمس عشرة محافظة بيد المنتفضين وكانت قوات التحالف تتقدم باتجاه بغداد لاسقاط النظام حتى وصلت الى مشارف مدينة الديوانية اي على بعد تسعين كيلومترا من بغداد التي بدت خالية من اي قوة خاصة في جانب الرصافة والتي بدت خالية من كل مظاهر السلطة وانحسرت قوى السلطة في جزء من الكرخ وبالتحديد منطقة كرادة مريم !!؟ وهو موقع القصر الجمهوري وحماياته ، وفجأة انقلب الوضع العام مائة وثمانين درجة وبدأت قوات الحرس الجمهوري بتطهير محافظات الجنوب متجهة الى بغداد مستخدمة طائرات الهليكوبتر وبقيادة اعضاء القيادة القطرية وقيادات الحرس الجمهوري واولاد صدام واقاربه ومقربيه وتوقف الرتل الصاعد الى بغداد والذي يقوده الجنرال الامريكي شوارسكوف قائد قوات التحالف وعاد ادراجه الى الكويت ليقدم استقالته بسبب تغيير الخطة المتفق عليها التي تقضي دخول بغداد واسقاط صدام حسين ونظامه !! . في تلك الايام من شهر آذار 1991 انكمش نظام صدام حسين وضعف وفقد هيبته والشعب العراقي أخذ يستخف ويسخرمن قياداته التي ورطته بالكارثة التي اوقعته بها اذ امسى الشعب بلاماء ولا كهرباء ولا اتصالات ولا وقود بمختلف انواعه والإذاعة تسمع فقط في وسط بغداد لان كل شيء مخرب ومدمر والناس مشغولين بالبحث عن ابنائهم والتاكد من انهم بقوا احياء ام لحقوا ايضا بضحايا كارثة الحرب العراقية الايرانية ؟؟ في تلك الاثناء كانت الصحف الاربع اليومية تصدر بحجم صغير وصفحات قليلة ، لكن الملفت للانتباه ان صورة صدام حسين الكبيرة قد اختفت من الصفحة الاولى لهذه الصحف !! في اول اسبوعين بعد استتباب الامور نسبيا في بغداد وكانت المقالات المنشورة فيها تتسم بالهدوء والعقلانية وتدعوا الى ضرورة اعادة النظر بكل الامور لتستتب الحياة والبدء باعادة الاعمار وفتح صفحة جديدة . بعد الاسبوع الاول من نيسان بدأت تظهر من جديد صورة صغيرة لصدام حسين في الصفحات الاولى للصحف الاربع ( الجمهورية ، الثورة ، القادسية ، بابل ) واغلبها كانت صورا لنشاطاته وليست شخصية . ثم بدأت هذه الصورة تكبر شيئا فشيئا لتعود بعد ستة اسابيع الى حجمها الاول قبل الحرب وتغيرت اللغة التي كانت تكتب فيها مقالاتها وتحولت من لغة التهدئة الى لغة الاتهام والتآمر والعنف وأخذ الثأر ومعاقبة المتمردين وما الى ذلك لكن بعد ذلك بدأت بعدها سلسلة من المقالات اليومية تنشر باحدى هذه الصحف وتتكلم عن سكان جنوب العراق ( الشروك ) وكانت المقالات تتهمهم بالخيانة للعراق والنظام وتتحدث عن اصولهم العرقية وتتهمهم بانهم ليسوا عراقيين بل انهم هنود نزحوا من الهند الى العراق مع جواميسهم ليستقروا في اهواره وكانت المقالات تصفهم باوصاف ما انزل الله بها من سلطان وكان ذلك بسبب الانتفاضة التي قام بها ابناء الجنوب وكانت هذه المقالات تنشر بدون اسم لكن الكل كان يجمع بانها كانت من كتابات صدام حسين الشخصية !! . في منتصف شهر نيسان 1991 وبعد ان استقرت الاوضاع نسبيا عادت الاسواق لان تفتح من جديد ليرى الناس ارزاقهم من جديد ،وفي احد الايام كنت اجلس في محلي الذي ازاول به مهنة الصياغة في شارع النهر وكنا آنذك نجلس لقضاء الوقت ونطمئن على سلامة الاصدقاء والاهل والمعارف حتى دخلت الى محلي امرأتان شابتان كنت اعرف شخصيا احداهما لانها كانت زميلتي في الجامعة ايام الدراسة فقمت بالترحيب بهما وكانت عبارات السلام والترحيب في تلك الفترة بين الناس هي ( حمد الله على السلامة ) فعرفتني بصديقتها التي ترافقها وقالت لي انها تعمل في ديوان رئاسة الجمهورية ، فقالت لي صديقتها اننا في الديوان وكما هو معروف كل سنة في 28 نيسان نحتفل بعيد ميلاد ( السيد الرئيس ) ونعمل احتفالية كبيرة ونقدم له هدايا مختلفة لكن السيد الرئيس يرفض هذه السنة ان تعمل له احتفالية كالاعوام السابقة ، ونحن في ديوان الرئاسة ارتأينا واصرينا على ان نحتفل بعيد ميلاده ولو بشكل مبسط لنغيير مزاج السيد الرئيس ولم يبق على عيد ميلاده الا اسبوعان ونحن قد قمنا بتصميم هدية بسيطة نود تقديمها له باسم موظفي الديوان بهذه المناسبة ونريدك ان تقوم بصياغتها لنضمن حسن الصنعة ودقة العمل وهي عبارة عن مظروف صغير في داخله كارت مصنوع من الذهب ومكتوب على الكارت عبارات الاهداء بالمناسبة فأعتذرت في البداية عن عملها متحججا بانقطاع الكهرباء لتهيئة العمل في الهدية كذلك صعوبة الحصول على الغاز السائل لصهر الذهب والذي يعتبر مهما لصنع الهدية فقالت انا جئت اليك ومعي صديقتي التي تعرفك وانت زميل دراستها وهي لاتقبل مني اي عذر والهدية يجب ان تنفذ مهما كانت الصعوبات وبعد اخذ ورد تيقنت انني يجب عمل الهدية مع عرضها لي بانها يمكن ان توفر لي قنينة الغاز السائل من القصر الجمهوري فافحمتني واضطررت للموافقة وتواعدنا في اليوم التالي ان اذهب اليها الى استعلامات القصر الجمهوري لكي تعطيني قنينة غاز !!! فذهبت في اليوم التالي الى الاستعلامات وكانت البناية في حالة يرثى لها من كل النواحي ووجدت شخصا يجلس خلف الكاونتر ويضع امامه جهاز تلفون عسكري يستخدم في الميدان فسالته عن اسم السيدة فاتصل بها عن طريق التلفون وجاءت مسرعة بعد عشر دقائق وكانت محرجة جدا فقلت لها اين اسطوانة الغاز ؟؟ قالت اننا هنا في القصر عندنا كمية قليلة ومحدودة من الاسطوانات وانت تعرف الاوضاع كيف تسير الامور بعد الحرب وهي لاتصرف الا بأمر من شخص عالي المستوى حصرا ولا استطيع ان اعدك بان استطيع تلبية ما وعدتك به فسألتها ملاطفا اياها من هو هذا الشخص ؟؟ هل هو السيد الرئيس مثلا ؟؟ فقالت مبتسمة .. نعم .. فقلت هل من المعقول ان الرئيس يوزع الغاز بنفسه .. قالت هذا هو الحال !!! فقلت لها حسنا ساحاول ان احصل على الغاز باي سعر من السوق السوداء فتركتها وانا اسأل نفسي !! هل يعقل ما قالته لي !!؟ هل وصل الامر بصدام وجبروته ان يدخل نفسه بأتفه الامور !!؟ وفي اليوم التالي استطعت ان احصل على الغاز من الاسواق وقمت بتكليف احد العمال الفنيين ليقوم بصياغة الهدية المطلوبة . هكذا انقلب صدام رويدا رويدا وعاد الى طبيعته الاولى وتحول الى تنين مدمر بعد ان اظهر انه قد أعاد حساباته بعد خسارته حرب الكويت وطرده منها، ثم ادخل العراق بكارثة جديدة وحصار مدمر انتهى بعد اثنى عشر عاما الى حرب ثالثة في 2003 دمرت الاخضر واليابس وادخلت العراق في نفق الطائفية والاحتلال الامريكي والايراني .... ولاتزال المأساة مستمرة ....!!!.
#نزار_ياسر_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990-رشاوى للنواب الكويتيين / 1
...
-
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990 - ما وعد به الشيخ سعد / 12
-
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990 - الزراعة لكسر الحصار / 11
-
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990 - عود حميد / 10
-
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/ 1990 - شهربان / 9
-
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/ 1990- نفق النار / 8
-
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/ 1990-الرشقات الصاروخية / 7
-
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990 - ليلة ليلاء / 6
-
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990 القسم الثاني / الفرهود
-
عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990-القسم الاول
-
الشباب الصابئي المندائي ... وتحديات الغربة ..!؟
-
هل يمكن أن تكون كوردستان ..وطناً بديلاً للصابئة ألمندائيين .
...
-
لمحات تاريخية من مسيرة المرأة الصابئية المندائية
-
حقيقة واقع الاقليات العراقية
-
في الذكرى 46 لانقلاب 8 شباط الاسود.....ايام سوداء لاتنسى ...
...
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|