|
الفاسدون يا سادة .. في قمة هرم السلطة وليسوا في السجون
تيلي امين علي
كاتب ومحام
(Tely Ameen Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 3497 - 2011 / 9 / 25 - 08:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اشرنا في مقال سابق بعنوان ( نحو تقليص قاعدة الاستثناءات في قانون العفو العام ) الى المحنة القاسية التي يعيشها العراق منذ اكثر من نصف قرن بسبب الحكم الدكتاتوري اولا ، ولتعرضه للاحتلال ثانيا ، وقلنا ان الظروف الاستثناية والاحوال الشاقة تولد الكثير من الظواهر غير الطبيعية ومنها ظاهرة الاجرام والجنوح ، وكانت من اثارها ان اكتظت السجون والمعتقلات باعداد مخيفة من المواطنين ، منهم مجرمون وجانحون فعلا ، ومنهم ابرياء ومشتبه بهم حرموا من حريتهم لاسباب سياسية وربما طائفية وحتى عرقية . وربما في الشهادة الاخيرة لمنظمة العفو الدولية ، والتي اشارت اليها الصحافة ، حول اعتداد بعض القضاة في العراق باعترافات منتزعة عن طريق التعذيب والايذاء واعتمادها سببا للادانة خير دليل على وجود شريحة كبيرة من الابرياء داخل السجون . في مثل هذه الحالة ، حالة كثرة اعداد الجانحين والموقوفين والمحكومين في مجتمع ما ، يجري دائما الحديث عن حل ، وقد وجد مجلس النواب العراقي الحل في مقترح قانون العفو العام الذي صوت عليه مبدئيا في الشهر الماضي ، ورغم ان هذا المشروع يعد ايجابيا الى حد لا بأس به الا انه يضل حلا ناقصا لشمول المشروع على استثناءات غير مبررة ، ونقول غير مبررة لان الحالة العراقية في نظرنا هي التي افرزت الكثير من هذه الجرائم المستثناة من مشروع قانون العفو ، ولان وضع المعتقلات والسجون العراقية ، وضع بائس لا يسمح باعادة تأهيل هؤلاء النزلاء انما يساهم في تعريق الجريمة ودفع الكثير من المعتقلين والمحكومين الى سلوك طريق الجريمة . طبعا لا يتوقع احد ان يكون المجتمع العراقي بكل هيئاته وافراده ، قد استوعب حقائق الوضع المأساوي الذي مر ويمر به العراق ، لذلك لا بد ان تواجه اية عملية اصلاحية معارضة من البعض ولا بد لها ان تلاقي خشية البعض لهذا السبب او ذلك . ان البعض يبدي عن خشيته من مقترح قانون العفو العام باعتباره يؤدي ، وحسب رأيهم ، الى اطلاق سراح المجرمين ، نقول لهذا البعض نعم ، فاقصد من اي قانون عفو عام هو العفو عن المجرمين وليس الابرياء ، الابرياء اصلا مكانهم في بيوتهم وليس في المعتقلات ، واصلا لا يجوز تقييد حرية البرئ حتى يجري الحديث عن العفو عنه . البعض الاخر ، يعرب عن خشيته من اطلاق سراح ارهابيين ، انا اكره الارهاب قدر كره كل عراقي له ، ولا يسعدني العفو عن الارهابيين ، ولكن نسمع بين فينة واخرى عن هروب ، وبالاصح تهريب عدد من رؤوس الارهاب من هذا السجن او ذلك مقابل صفقة ، حتى لم نعد نعتقد ان ارهابيا حقيقيا ظل في المعتقلات والسجون . أغرب الدعوات المعارضة لمشروع القانون ، تاتي من افراد او جهات تدعو لعدم شمول الفاسدين بالعفو ، ونقول انها دعوات غريبة لان هذا البعض اما يعتقد بجد ان الفاسدين الحقيقيون في السجون ، كما بدا ذلك على ملامح ممثل السيد السيستاني في كربلاء عندما القى خطبة الجمعة قبل الاخيرة ، واما يعمل على التستر عليهم بالدعوة الى عدم شمول قضايا الفساد الصغيرة بالعفو . ليس من متابع في العراق لا يعلم ان كبار الفاسدين ورؤوس الفساد يحتلون اليوم مراكز مرموقة في سلطات الدولة العراقية ، بل ان بعضهم في قمة هرم السلطة ، وانهم محصنون ضد القانون وفق مبدأ المحاصصة والتراضي والتوافق . ان الفساد يا سادة يكمن في العقود والمناقصات والتراخيص والامتيازات الخفية وجيوش الحمايات والايفادات الرسمية والتمارض لغرض العلاج في الخارج واستغلال الدين للخروج الى العمرة والحج ، والفساد يا سادة في الاستيلاء على عقارات الدولة واملاكها بعقود باطلة او غير مستوفية للشروط القانونية . الفساد يا سادة في سلطات عليا بأبى سفير العم سام الا ان تضم كل المتناقضات وتشمل كل الاخوة الاعداء او الخصوم على اقل تقدير ، الفساد مخطط له من السيد بايدن باصراره على تشكيل حكومة مشتتة بين فرقاء متخاصمين يحتكمون اليه كل عشية وضحاها . الفساد في دستور للبلاد دوّن فيه الكل ، كل ما يريد الفساد في اتفاقات تبقي الازمات والاختلافات على حالها من غير حلول . ان الفساد الحقيقي هو ما جرى الحديث عنه عن اختفاء مليار دولار من الاموال العراقية على عهد السيد بريمر السئ الصيت ، واختفاء مليارات اخرى من حين لاخر . ان منطق العدل يقضي ان لا يحاسب موظف او مسؤول صغير جنح عن طريق الصواب ، في حين تترك الحيتان الكبيرة طليقة لالتهام اكبر قدر من ثروة العراق وشعبه ، انما هلكت امم من قبلكم لان ان سرق فيهم الشريف تركوه وان سرق الضعيف اقاموا عليه الحد ، هكذا قال محمد (ص ) . في الختام نقول ، ان العفو العام يجب ان يكون عاما ، وان لا يجري تخصيصه بتوسيع الاستثناءات ، ان الاستثناء الوحيد الذي استسيغه هو عدم شمول القانون للعراقيين ممن ارتكبوا جرائم الارهاب التي نجم عنها سفك الدماء العراقية . كما لا مناص وفي المرحلة الحالية من استثناء الجرائم المشمولة بقانون المحكمة العراقية الجنائية العليا وعلى ان يجري تخفيف احكام الاعدام بحقهم . اما جريمة الرشوة التي استثناها مشروع القانون ، فيمكن شمولها بالعفو على ان يعيد الراشي والمرتشي مبلغ الرشوة او العمولة غير القانونية الى خزينة الدولة ، وبذلك يستفيد الصغار والضعفاء من القانون ، في حين لا تستطيع الحيتان الكبيرة من رد المبلغ . ويمكن الاخذ بالمبدأ نفسه في التعامل مع عقود الفساد الوهمية او تقاضي العمولة او توريد المواد والبضاعة الفاسدة .
#تيلي_امين_علي (هاشتاغ)
Tely_Ameen_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عفوا سيد ليبرمان .. اياديكم ملوّثة
-
انه ليس الوجه الاخر للاتحاد الوطني الكردستاني
-
نحو تقليص قاعدة الاستثناءات في قانون العفو العام
-
السيد المالكي ، من اين جئت بهذه البدعة ؟
-
لا تسقطوا المالكي غيره أسوء منه
-
لكبار الفاسدين رب يحميهم
-
رئيس وزراء يبحث عن واسطة للتوظيف !
-
هل يمكن اخراج مفوضية حقوق الانسان من المحاصصة
-
برهم صالح امام خيارين الاستقالة او الاقالة
-
اليمن الذبيح ، الا من ناصر ينصره يا ادارة اوباما
-
الجرذان تناطح الالهة
-
هل تشهد كردستان اقامة نصب للمغفور له القذافي ؟
-
الحكمة يا حكماء كردستان
-
السيد المالكي ... ممنوع استخدام القوة ضد الشعب
-
صباح الخير سيدتي مصر
-
مبارك.. من اين تأتيه رصاصة الرحمة?
-
شعب مهان وحاكم عزيز ومبارك
-
ماذا قال الرئيس الطالباني للرئيس المصري ( المخلوع )
-
الحكومة العراقية مطالبة بدعم الشعب المصري
-
انفلونزا الحرية
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|