أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - معنى الديمقراطية بين اليساريين والإسلاميين














المزيد.....


معنى الديمقراطية بين اليساريين والإسلاميين


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 3494 - 2011 / 9 / 22 - 23:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كشف اللقاء الذي جمع بين علمانيين يساريين وإسلاميين مغاربة بنادي المحامين بالرباط قبل أيام، عن نقاط الخلاف الجوهرية بين الطرفين، وظهر بالملموس بأن المشكل يتعلق قبل كل شيء بمفهوم الديمقراطية ذاته، فالبنسبة للإسلاميين الديمقراطية تختزل في صوت الأغلبية وصناديق الإقتراع التي تمكن هذه الأغلبية من فرض تصورها وقيمها على الأقلية، بينما تتحدّد الديمقراطية عند العلمانيين ـ قبل الإنتخابات ـ في قواعد اللعبة وقيمها الضامنة لعدم اضطهاد الأغلبية للأقلية مهما كانت، ذلك أن الإضطهاد والحرمان من الحقوق الأساسية ينفي وجود الديمقراطية كيفما كان شكل الإنتخابات ونتائجها، ويعود هذا الخلاف إلى هدف كل طرف من الديمقراطية، فإذا كان الإسلاميون يجدون في الديمقراطية آلية تمكّن من فرض الدّين وفرضه عبر المؤسسات على المجتمع بكامله وجعله مرجعية وحيدة للتفكير والعمل، فإنّ هدف العلمانيين من الديمقراطية هو حماية الحريات باعتبارها جوهر الديمقراطية، وضمان التداول على الحكم عبر تحييد المؤسسات في موضوع الدين، فالديمقراطية الإسلامية هي استعانة بصوت الجمهور من أجل ترسيخ حكم "جماعة المؤمنين" باعتباره خيارا أبديا يمثل الحق الأمثل، بينما الديمقراطية العلمانية هي تدبير سلمي للتعددية بين المواطنين الذين هم في حقيقتهم مختلفون، والذين هم ملزمون باحترام بعضهم البعض والتداول على الحكم مع احترام القواعد التي تضمن لكل واحد حقوقه الأساسية ومن بينها الوصول إلى السلطة.

فالإسلاميون يعتقدون بأن ديمقراطية صناديق الإقتراع تمنحهم الحق في أن يفعلوا بغيرهم ما يشاؤون، وأن يفرضوا من القيم ما شاؤوا بما فيها التي تصادر حرية الغير وحقه في التعبير، حيث يصبح تصويت الأغلبية ذريعة لسحق الأقلية أو إرغامها على تبني قيم الأغلبية، أو لتعليب المجتمع وتحنيطه في إطار إيديولوجيا دينية مطلقة، بينما الديمقراطية عند العلمانيين هي قبل كل شيء الحفاظ على التعددية والحق في الإختلاف باعتبارهما جوهر الإنسان وحقيقة المجتمع، وجوهر الديمقراطية أيضا، إذ لولا التعدّدية والإختلاف لما كانت الحاجة إلى الديمقراطية قائمة.

وقد أحسن ممثل العدل والإحسان في اللقاء المذكور صنعا عندما تحدث عن الديمقراطية اليونانية القديمة، وكيف تطورت بالتدريج عبر مراكمة التجارب الإنسانية في البلدان الغربية، فالفرق بين الديمقراطية اليونانية القديمة والديمقراطية بمعناها اليوم هي أن الأولى كانت عبارة عن صوت الأغلبية العددية بدون ضوابط تحمي من الظلم، ولهذا كان من الممكن للجمهور أن يتجمّع بصخب في الساحة العامة، وأن يصوّت بعد الإستماع إلى خطب حماسية وبلاغية، ولهذا رفض أفلاطون هذه الديمقراطية التي تعتمد تأثير الخطابة الحماسية وتهييج الغرائز، وتغييب العقل والحكمة اللذين ينبغي أن يتحددا في قواعد واضحة تحمي من الظلم، فديمقراطية أثينا بالنسبة لأفلاطون لا يمكن أن تكون عدلا ما دامت قد اغتالت حكيم المدينة سقراط، الذي حكم عليه بالإعدام بتصويت من الأغلبية، بعد أن اتهم بـ"إفساد عقول الشباب" وهو الذي كان لوحده يدعو إلى تحكيم العقل والتفكير بنظام وعدم الإنسياق وراء البديهيات التي قد تكون كاذبة، ولم تكن الضوابط والقواعد التي تمّ بموجبها تدقيق معنى الديمقراطية بعد قرون طويلة من ذلك إلا بهدف تجاوز الطابع البدائي للديمقراطية اليونانية، هذا الطابع الذي يتمسك به الإسلاميون اليوم، لأن هدفهم من اختزال الديمقراطية في صوت الأغلبية هو الإحتكام إلى عواطف الأغلبية بعد تهييجها، وتغييب العقل الذي يحدّد ويحمي ما هو إنساني. والسؤال المطروح هنا هو التالي: هل كان الإسلاميون سيتشبثون باختزال الديمقراطية في صناديق الإقتراع ورفض أسسها الفكرية وقيمها لو لم يكن الشعب المغربي قد تعرض على مدى خمسين سنة لآثار توظيف الدين في الحياة السياسية من طرف نظام سياسي غير ديمقراطي، أليس الإسلاميون، مثل السوفسطائيين اليونان، بصدد اعتماد ذهنية الجمهور التي تشكلت عبر آليات الإستبداد لأزيد من نصف قرن وتغذيتها بالعواطف الدينية والخطابة والبلاغة، بغرض إشاعة نمط من التديّن كبديل نهائي ووحيد للديمقراطية ؟

إن نضج الحوار بين العلمانيين والإسلاميين إذا هو رهين بالإقتراب من المفهوم الكوني للديمقراطية، الذي لا يسمح لأية "خصوصية" بنقض مبدإ من مبادئ الحياة الديمقراطية، وعلى رأسها احترام الحريات وفصل السلط وسمو القانون والتدبير المعقلن للشأن العام، فالخصوصية في الديمقراطية تتعلق ببعض السياقات التي تختلف من بلد إلى آخر، دون أن تضرّ بجوهر النظام الديمقراطي، فالتجارب الفرنسية والأمريكية والإنجليزية والهندية مختلفة في الديمقراطية، لكنها جميعها تسمّى ديمقراطيات لأنها تحترم القواعد التي بموجبها يتمّ ضمان حقوق كل الأطراف قبل عملية الإقتراع، بينما لا أحد يسمي النظام الإيراني ديمقراطية لأنّ "الخصوصية الإسلامية" تبدو نشازا عندما تسعى إلى فرض قيم دينية بشكل شمولي يرسّخ الإستبداد عبر صناديق الإقتراع نفسها، في غياب القواعد الكونية للديمقراطية، فالخصوصيات إن كانت إغناء للتجارب الإنسانية، إلا أنها تصبح إيديولوجيا حربية تسلطية عندما تفهم كخيار للإنغلاق ونبذ الآخر.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنتخبون والسلطة
- لماذا تنتهك السلطة دستورها الجديد ؟
- كيف يصبح الدين من عوامل الإستبداد ؟
- الدولة الإسلامية ليست دولة مدنية
- ترسيم الأمازيغية في الدستور المغربي المكاسب والمعيقات
- المغرب الخليجي هل يقايض التغيير بالمال ؟
- إلى الفاسي الفهري، الأوراغي، بن عمرو وآخرين
- الديمقراطية ليست دكتاتورية الأغلبية العددية
- همسة في أذن -العلماء-
- لماذا ترسيم الأمازيغية في الدستور المغربي
- مجزرة الجهوية بالمغرب
- ثوابت النظام وسقف المطالب الشعبية
- ما تخشاه السلطات المغربية
- موانع التغيير السبعة
- إحراق النخب
- الثورة وعودة الإيديولوجيات
- -رعايا- المغرب بين البيعة والديمقراطية من أجل تعاقد سياسي جد ...
- كيف تسرق الثورات؟
- أصوات المغرب غير النافع
- حتى لا يضيع الحلم التونسي الجميل: الحرية أولا !


المزيد.....




- ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال ...
- الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب ...
- المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف - ...
- حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو ...
- الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر ...
- أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام ...
- اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع ...
- شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه ...
- تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - معنى الديمقراطية بين اليساريين والإسلاميين