أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سمير طاهر - عن سعدي يوسف و الفلوجة














المزيد.....


عن سعدي يوسف و الفلوجة


سمير طاهر

الحوار المتمدن-العدد: 1039 - 2004 / 12 / 6 - 08:55
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كثرت الهجمات مؤخرا على الشاعر سعدي يوسف. أقول هجمات لأنها كذلك أكثر منها انتقادات أو اختلاف في الآراء، أو لعل الهجوم و التهجم صار في هذا الزمن لبوس النقد و الإختلاف عموما. بعض مما ورد في هذا السيل من الكتابات قابل للمجادلة، فيما افتقر القسم الأعظم منه الى أبسط متطلبات الطرح المحترم.
يعيبون على الرجل ما أبداه و ما زال يبديه من اعتراض على الحرب و من ثم الإحتلال الواقع على العراق، و مَوضَعوه بسبب ذلك جنبا الى جنب مع الزرقاوي و الصداميين و قَتَلة الدين (بكلا معنيي العبارة: القَتَلة باسم الدين، و قاتلي دينهم). و حدث ما شئت عن الأوصاف التي ألصقت به في هذ االسياق: من الإرهابي و المرتزق و القومجي و استمرارا مع القائمة المعروفة التي تتلى على رأس كل مخالف للرأي.
لم أعرف عن سعدي أنه كان يوما مؤيدا لأي حرب في العالم تشنها دولة على أخرى، فلماذا كان عليه أن يؤيد حرب أميركا على العراق، رغم أمنية العراقيين بالتخلص من الديكتاتورية؟ لم أعرف عنه كذلك انه كان يرضى بقتل الناس المدنيين، فلماذا سيسكت على قتل مدنيي شعبه في خضم تحريرهم؟! هنا الخلاف! فبعضنا لا يرى سوى الضحايا المدنيين على يد الصداميين و السلفيين العميان، و بعضنا الآخر لا يرى سوى الضحايا المدنيين على يد الأميركان. إذا زعمت انني أفهم سعدي فلي أن أقول أنه يرى الضحايا كلهم، و يأسى لهم جميعا، و يلعن قاتليهم كائنا ما كانوا، و يكذّب و ينسف كل ذرائعهم للقتل سواء كانت "المقاومة" أو "حرية العراق" .
المسألة هنا هي هل سنسمح للسياسة بأن تهزم المبادئ؟ هل سنظل نؤمن بالإنسان، بكامل حقوقه، و بالكرامة، و بالحرية، و العدالة..، أم سنؤمن بـ "إنسان" دون آخر، و نوزّع الكرامة و الحريات حسب جنسية الشخص، و رأيه السياسي، و ربما حسب طائفته و محل سكنه كما كان يفعل نظام صدام حسين؟ ثمة أناس مثل سعدي ـ و أنا منهم ـ يحاولون قدر الإمكان التمسك بالإنسانية ـ أو المبادئ الأولى ـ ما شرّقت السياسة و ما غرّبت، لأنها تعني ثبات العدالة بإزاء تغير السياسة.
ليس من حق سعدي أن يحب أهل الفلوجة و يسلّم في قصيدة على أهل سامراء، لا سيما قبل انتهاء المعارك هناك! هذه المهزلة هي فحوى أكثر من نص في سلسلة الهجوم الحالية.لقد قمت بزيارة لموقع حوار عراقي على الإنترنيت يرفع كل ما موجود في السوق من أوصاف ديمقراطية و علمانية و حداثية ...الخ، فاذا بي أقرف من كثرة ما سمعت من تهكم و طائفية و تعصب عشائري ضد أهل الفلوجة. تصور "علمانيين" يستخدمون تعابير طائفية في توصيف مناطق العراق! انها السياسة من تفعل ذلك، أو بالأحرى انحيازنا الى السياسة على حساب جوهرنا كإنسانيين، و عراقيين. فخارج السياسة (والطائفية جزء منها)، و قبل و بعد الأميركان، أهل الفلوجة أهلنا، جزء من شعبنا، و قتل مدني منهم جريمة مثلما هو جريمة قتل مدني من أي مكان آخر. أما التعامل مع الفرق التكفيرية و الإجرامية التي اتخذت من الفلوجة منطلقا لنشاطها فقد احتمل على الدوام أكثر من خيار، و مع الأسف أختير الأسلوب التدميري الذي يحرق الأخضر و اليابس، و ينتصر للسياسة قبل أي شيء آخر. لكن معركة الفلوجة انتهت و علينا الآن استعادة عائديتها لنا و عائديتنا لها، استعادة فلوجة ما قبل صدام و ما قبل الإحتلال و ما قبل وفود أفواج المرضى النفسيين المسمّون "المجاهدين" . علينا الآن أن نتذكر عراقية الفلوجة و عراقيتنا.
أرى ان كثيرا من خلفيات هذا التشويش تقع على عاتق الإنسياق وراء حالات ربط غير ذكية: مثل الربط بين العمليات الإجرامية و منطقة معينة، أو بين التعصب الأعمى و طائفة معينة، أو بين أميركا و الديمقراطية و بالتالي بين معارضة الإحتلال و معارضة الديمقراطية و التقدم. هذا المنهج الأحادي لن يسمح بأي هدنة فكرية، ناهيك عن حوار وطني. بإمكان المرء أن يلمس ذلك من النصوص التي وصفت سعدي بالإرهاب بسبب معارضته ضرب المدن العراقية، أو عدم قبوله الوجود الأجنبي على أرض بلاده. انه نفس منطق "إما معنا أو علينا" : فكأن المرء إما مع الإحتلال أو مع صدام و الزرقاوي، و لا يمكن أن يكون ـ ببساطة ـ عراقيا. أنا أفهم حاجة الواقع العراقي ـ منذ قرون بعيدة و حتى زمن قادم بعيد ـ الى قوة شديدة البأس للسيطرة على ميل أطرافه الى العنف و ميل جيرانه الى التدخل في شؤونه؛ و إن سلبية هيئة الأمم المتحدة و جبن الجامعة العربية و تعنت الإميركان قد أديا الى الإضطرار الى قبول الوجود الأميركي الموقت بوصفه هذه القوة المسيطرة الى حين قيام الدولة العراقية من جديد و توليها هذه المسؤولية. لكن ما لا أفهمه هو تمجيد البعض للوجود الأميركي و محاولات نفي الصفة الموقتة عنه و التصديق بأنه "جاء محررا لا فاتحا" و بالتالي تبرير جرائمه بحق المدنيين في نفس منطق تبرير السلفيين و القوميين لجرائم "المقاومة" بحق المدنيين.ان من يجد نفسه أسير هذا المأزق ما بين نوعين من قتلة الناس العراقيين يفتقر الى حرية الفكر؛ و بالتالي يعجز عن فهم موقف أولئك الذين لا يعانون من هذه المآزق لكونهم متحررين، يحبون ناسهم أينما سكنوا و يلعنون قاتليهم مهما كانوا، و سعدي يوسف واحد من هؤلاء المتحررين.


ستوكهولم ـ 2004




#سمير_طاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سمير طاهر - عن سعدي يوسف و الفلوجة