|
خطاب الرئيس: الى نيويورك
ريما كتانة نزال
الحوار المتمدن-العدد: 3491 - 2011 / 9 / 19 - 09:15
المحور:
القضية الفلسطينية
أجزم بأن "أبو مازن" لم يحظ سابقا بالشعبية التي يحظى بها اليوم، حيث أخذ الرئيس زمام المبادرة لقلب الطاولة العبثية، واضعا البديل النضالي للمفاوضات بيد شعبه من جهة، وبيد العالم من جهة أخرى. لم يعلن الرئيس، بشكل نهائي، في خطابه الأخير قبل نيويورك جهة الطلب التي سيتم التوجه إليها أولاً، وفيما إذا كانت قِبلته مجلس الأمن أم الجمعية العامة، حيث ترك ذلك لمزيد من الاستطلاع والبحث في الميدان للبت به لاحقا. وأعتقد بأن هناك ما يبرر مثل هذا الغموض البنّاء وبما يتيح المزيد من المتابعة والتدقيق وكذلك الحراك بشكل مفتوح مع القوى المعنية، وكما من شأنه أن يبقي على زخم الحركة السياسية والنقاش دائرين في المحطات الدولية المعنية، كما من شأنه أن يكشف للعيان اللغة المزدوجة وكذلك الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية عليه، انسجاما مع الموقف الإسرائيلي، للعودة عن التوجه برمته. قد يبدو خطاب الرئيس وكأنه لم يأت بجديد، لكنه جديد بعدم خضوع الموقف الفلسطيني لكل الضغوط من كل حدب وصوب لثنيه عن التوجه نحو الشرعية الدولية، وعدم الاستجابة لجملة التهديدات الإحتلالية المحذرة من العواقب والعقوبات ثمنا لتوجهه نحو الأمم المتحدة. والجديد الأبرز الذي لوحظ: يتجلى بعرض الخطاب لتفاصيل ما يتعرض له المواطنون الفلسطينيون من ممارسات عدوانية يقوم بها الاحتلال والمستوطنون. على الرغم من أن حكومات إسرائيل لم تكن يوما بحاجة إلى سبب ما، كاستحقاق ايلول، للتذرع به لتبرير اعتداءاتها المستمرة، لجهة القيام بالحرب والاجتياح والاغتيال والقتل والاعتقال، أو لجهة مصادرة الأراضي لبناء الجدار والمستوطنات. إلا أن الخطوة الفلسطينية الحالية وبما تتضمنه من مغازي وأهداف ومجريات، بالتمرد على الصيغة الامريكية-الاسرائيلية للمفاوضات والتوجه نحو إشراك العالم، تحت قبة الأمم المتحدة، بالحل السياسي للقضية الفلسطينية. الخطوة الفلسطينية تثير قلق الحكومة الاسرائيلية ومستوطنيها كخطوة غير مسبوقة منذ أكثر من ثمانية عشر عاما، والتي تقع أيضا على قلق اسرائيلي آخر تولده مناخات تصاعد حملات التضامن الدولي وانعكاسات الربيع العربي عليها وتحديدا في مصر. القلق الاسرائيلي يتحول الى فعل همجي على الأرض، حراك انتقامي وحملة شعواء تُشن على المواطنين الفلسطينيين وعلى الأرض، وعلى هذا الأساس تتصاعد اعتداءات المستوطنين وعصابات التلال على كل ما تطاله اليد الهمجية، هم وكلابهم ومحارقهم وخنازيرهم وبلدوزراتهم وسكاكينهم وعصيهم وسمومهم وقذائفهم الكريهة وغازاتهم، ضد شعبنا وأرضنا وطرقنا ومياهنا وزيتوننا وبيوتنا وجامعاتنا ودور عبادتنا. الفعل العدواني ألاحتلالي ليس فعلا عشوائيا بردود فعل، ففي الأسبوع الماضي، قام مجلس المستوطنات بعقد مؤتمر لعموم المستوطنين في الضفة الغربية في مستوطنة "إيفوفا" بمنطقة نابلس، وقد تولت حركة كاهانا رئاسة المؤتمر ضمن حملة أطلق عليها "دفع الثمن"، وهو الشعار الذي يعتبر بأنه موجه بالأساس لمناوشة جيش الاحتلال والتمرد على تمثيلية فك بعض البؤر والكرافانات الاستيطانية. لقد أعلن المستوطنون العودة الى البؤر الاستيطانية المخلاة ومورس ذلك على الأرض كالعودة إلى مستوطنة "حومش" الذي قرروا تسميته "حومش أولاً". لقد انتخب المؤتمر قيادة موحدة للمستوطنات أطلقوا عليها تسمية "دولة اليهود في المناطق"، أي دولة المستوطنين في الضفة الغربية. ولا يقتصر الأمر على عربدة عصابات التلال، بل قيام قوات الاحتلال بإعدادهم وتسليحهم وتوزيعها عليهم أوامر إطلاق النار على الفلسطينيين بتعليمات تفصيلية من وزارة العدوان الإسرائيلية. تصاعد الاعتداءات المترافقة مع المخططات الجهنمية المستقبلية، يجب أن يشكل جرس إنذار للجميع، لجهة بناء المزيد من لجان الحماية والحراسة الشعبية في جميع المناطق وتحديدا في الريف، لإيقاف زحف المستوطنين على مزروعاتنا وبيوتنا وطرقنا لنشر الرعب. كما يملي الظرف الخطير إعادة دراسة وتقييم تجربة مقاومة الاستيطان ولجان الدفاع عن الأراضي بكافة مسمياتها، منذ أول مستوطنة أقيمت في المناطق المحتلة في السبعينيات من القرن الماضي، والموصول بتقييم التجربة الأخرى المتصلة بمقاومة الاستيطان ما بعد مرحلة قيام السلطة.. لقد تضاعف خلال مرحلة ما بعد أوسلو الاستيطان على صعيد عدد المستوطنات وأعداد المستوطنين عشر مرات، في ظل إشكالية عدم التوحد المجتمعي على خيار مقاومته، حيث خرجت قوى سياسية واجتماعية من دائرة الفعل المقاوم الفعلي. كما لعبت المفاوضات السياسية والرهان على نتائجها دورا في خلق مقاومة موسمية وضعيفة ومرتهنة لمجريات العملية السياسية صعودا وهبوطا، الأمر الذي يملي أن يتم وضع النقاط على الحروف، بإجراء تقييم موضوعي للتجربة أولا وبما يخدم جعل مقاومة الاستيطان جزءا من إستراتيجية كاملة وموحدة تنطلق من معالجة الانقسام أولا، وتعزيز دعم صمود المواطن وإطلاق الحريات الديمقراطية، والاستمرار في نقل الصراع الى الهيئات الدولية وملاحقة إسرائيل على جرائمها وتنصلها من تطبيق الشرعية الدولية. ونحن ذاهبون إلى الأمم المتحدة برفقة نقاشاتنا وجدلنا حول التوجه من حيث المبدأ.. وحول جهة وآليات تقديم الطلب، هذا الجدل الذي لا زال مشوشا ومحمّلا بالشبهات وكذلك بالمحاذير من خطوة طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين، يتبادر الى الذهن أن نسأل المشككين بالمثل الشعبي القائل: " احترنا يا قرعة من أين نقبّلك"، حيث يعتبر التوجه للعالم كانقلاب وبديل ثوري وواقعي وملهم على المفاوضات العبثية. وحول الجدل حول جهة التقدم بالطلب، لا شك بأن شعبنا ينتظر بفارغ الصبر العودة بانجاز نوعي يحسّن من الوضع القانوني للفلسطينيين ونظامهم السياسي، فليس همنا أن نكشف الموقف الأمريكي في مجلس الأمن على أهميته، لكن همنا أن نعود بما يعيد لنا الروح لاستنهاض طاقات شعبنا مجددا، وبعث الأمل لاستكمال الانجاز السياسي والدبلوماسي على الأرض والمراكمة النضالية على قاعدة ذلك، على طريق انتزاع شعبنا لحقه في عودته وتقرير مصيره..
#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التأجيل الرابع للانتخابات المحلية..
-
هل سيتم الالتفاف على قرار محكمة العدل العليا..!
-
ظاهرة اغتيال الشخصية الناجحة
-
المصالحة من منظور نسوي
-
جمعة هدم الجدار في بلعين
-
على هامش -من أوراق العمر-..
-
خمس وعشرون عاما على فراق خالد نزال، عن تجربة التعايش مع الفق
...
-
مقترحات -توماس فريدمان- من ميدان التحرير
-
القتل دفاعا عن -شرف العائلة- يقتل العائلة..!
-
رمزية حضور المرأة في مشهد المصالحة
-
حركة التضامن الدولية مستمرة في فلسطين
-
أهمية قيام حركة اجتماعية للنساء الفلسطينيات
-
لقاء رئيس الوزراء مع ممثلات من قطاع المرأة الفلسطينية
-
الشعب يريد إنهاء الانقسام والاحتلال-
-
المرأة المصرية جزء أصيل من ثورة التغيير في مصر العربية
-
أرى.. لا أسمع.. ولا أتكلم
-
52% من عضوات المجالس المحلية الفلسطينية لا يرغبن في الترشيح
...
-
احياء يوم الشهيد في بلعين
-
قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية: الكرة في ملعب الحكومة
-
يحيا العدل..
المزيد.....
-
-حماس- ردا على ترامب: شعبنا في غزة يرفض اقتلاع جذوره من أرضه
...
-
نتنياهو: خطة ترامب بشأن غزة -قد تغير التاريخ-
-
نيبال تحظر التسلق الفردي لجبل إيفرست والقمم التي يتجاوز ارتف
...
-
إلهام الأحمد: الأكراد جزء لا يتجزأ من سوريا والانتقال السيا
...
-
الصين: سنتعاون مع أعضاء منظمة التجارة العالمية لمواجهة التدا
...
-
لاريجاني: الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان على إثارة الفوضى
...
-
مرشحة للكونغرس الأمريكي تسخر من زيلينسكي بعد اقتراحه تزويد أ
...
-
الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تعلق برامجها حول العالم وت
...
-
كيفو الشمالي إقليم شهد أسوأ الحروب في تاريخ الكونغو الديمقرا
...
-
ترامب يشيد بدور قطر في التوصل لاتفاق غزة
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|