|
الارهاب في العراق.. ومحاولة جديدة لاقلاق العراقيين
أحمد النجار
الحوار المتمدن-العدد: 3490 - 2011 / 9 / 18 - 16:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الارهاب في العراق.. ومحاولة جديدة لاقلاق العراقيين منذ ان دخلت القوات المحتلة الى العراق وتركت حدوده مشرعة امام كل من يريد العبث بامننا واستقرارنا، والاساءة للشعب العراقي الذي وجد نفسه في حالة من انعدام الامن لا عهد له بها من قبل، حيث تدفقت فلول الارهاب، واقبلت قطعان التكفيريين من كل حدب وصوب لتنشب انيابا ومخالبا من نار وحقد في الجسد العراقي المنهك جراء تواصل المصائب، وتوالي المحن..منذ ذلك الحين وجد العراقيون انفسهم بين نارين، نار القوات الغازية وغطرستها، ونار الارهاب الذي وفدت معظم فلوله بحجة مقاتلة الغزاة، ونصرة الشعب العراقي، فاذا بتسعة اعشار جهدهم وذخيرتهم يوجه عنوة للنيل من المدنيين الابرياء، وسفك دمائهم، بحجج لا تقرها شريعة ولا تسوغها اخلاق، بل حتى من دون حجج لان الارهاب في شريعته لا يحتاج الى تبرير فعاله. وبما ان المجتمع العراقي في معظمه يتوزع دينيا بين طائفتين كريمتين تختلف قليلا على بعض التفاصيل الدينية، اشتغل الفكر الارهابي على زعزعة ثقة المواطنين ببعضهم، واضعا هذه الجزئية في حسابه، فراح يقتل هنا ويقتل هناك موحيا بان القتل الثاني هو رد على القتل الاول، سعيا منه لدق اسفين الفرقة بين اطياف الشعب الواحد، حتى يتمكن من تمرير اجندته الهدامة، وتجسيد احلامه الموبوءة. ولا زلنا نتذكر بوضوح ومرارة تلك الايام العصيبة في عامي 2005 و2006 حين عاش الارهاب عصره الذهبي في بلادنا واستطاع ان يكبدنا خسائر جسيمة، وكاد يذهب بعيدا صوب تحقيق غرضه.
ولان الفتنة ذات سطوة، والظروف الصعبة تفسح مجالا للالتباس، وتساهم في تغييب التشخيص الصحيح، كاد الظلام ان يطبق على سماء ربوعنا لولا رجال مضيئون مارسوا دورهم في التصدي لتلك الفتنة العمياء وتنبيه الناس لما يراد بهم. ستظل الذاكرة العراقية تحتفظ بوجع تلك المرحلة العصيبة لتستقي منها العبر والدروس، وتهبنا يقينا ان الارهاب استهدفنا ويستهدفنا كعراقيين اولا قبل ان نكون من هذه الطائفة او تلك، وهذا ما يزيدنا تلاحما ووحدة، وبصيرة بها نواجه مخططات الاعداء. وسنظل نتذكر بعرفان تلك الجهود الاستثنائية التي بذلها ابناء العراق من الاجهزة الامنية وعناصر الصحوات في الحاق الهزائم النكراء بفلول الارهاب، وقتلت الشعب العراقي، ليعيدوا للمواطن امنه المفقود، ويبددوا قلقه الناشئ من مشاهد القتل العبثي على ارصفة المدن. قبل اسبوع عاود الفكر الارهابي محاولته للعمل على ايجاد شرخ في علاقة ابناء الوطن الواحد، وبما ان الارهاب يعمل بتخطيط متقن ويوقت لهجماته بعناية حتى بعد ان انحسرت مساحات تحركاته، الا انه لا يزال يجيد التسديد حين يُفسح له المجال ليصيبنا بمقتل. في النخيب التابعة لمدينة الانبار والتي يطالب الكربلائيون باعادة ضمها الى مدينتهم، كونها كانت تابعة سابقة لمدينة كربلاء، يعترض الارهابيون حافلة مسافرين تقل زواراً جلّهم من مدينة كربلاء ليقتلوا جميع من فيها من الرجال - الرسالة واضحة والمضمون جلي - فكانت ردة الفعل البارزة التي اثارت ردود افعال مقابلة، هي قيام رئيس مجلس محافظة كربلاء مصحوب بقوة مسلحة بالذهاب الى مدينة الرطبة واعتقال ثمانية من سكانها، ليثير الامر حفيظة ابناء الانبار، فرفعوا اصواتهم مستنكرين الفعل الذي قام به، وتعددت التصريحات الشاجبة في المدينة، وطالب بعضها المسؤول الكربلائي بالاعتذار عما صدر منه، قابلتها تصريحات من شخصيات سياسية وعشائرية في مدينة كربلاء، هي الاخرى بعضها متشنج. هذا ما يتمناه الارهاب ويسعى لخلقه، يضعنا على شفير الهاوية علنا في لحظة من غياب الحكمة، وهيمنة الانفعالات، نجد انفسنا في شراك عدونا، الذي لا زال يحتفظ بحلمه المريض، عسى ان يصيبنا الطيش فنفسح له مجالا ليقول كلمته التي تريد اخراسنا جميعا. لكن العراقيين الذين عبروا مرارا وفي الظروف الاحلك عن قدرتهم على التجاوز وفضح المخططات الرامية الى ضربهم ببعض، هم دائما على قدر المسؤولية، لذلك نشاهد المبادرات المطمئنة هي التي تتصدر المشهد، وهي التي تعبر عن معدن اهلنا في المدينتين وفي كل العراق، فالى جانب الاصوات المتشنجة، هناك اصوات حكيمة ومواقف مسؤولة، شجب واستنكار للجريمة التي راح ضحيتها 22 بريء، واتفاق على ملاحقة المجرمين وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل، وسعي لاحتواء الازمة بروح وطنية فذة. يا ايها الارهاب.. العراقيون تجاوزوا كل مراحل الخطر، وعركتهم التجربة في صراعهم معك، فاستعادوا ثقتهم بانفسهم، ولا سبيل لك الى زعزعتها، وهم الان على بر آمن، وفيهم من الرجال كُثر من اصحاب العقول الراجحة والبصيرة النافذة، فلا عيش لك على حسابنا مهما تعددت اساليبك الفاشلة. الرحمة والمغفرة لارواح شهدائنا الابرار، والعزة والسداد لكل من يعمل على توحيد كلمة هذا الشعب، ويسهر على صونه وحمايته، والمستقبل الواعد لشعبنا القوي بوعيه، الموحد بطبيعته.
أحمد النجار
#أحمد_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا العراق لا نصير له
-
بين النصارى والمسيحيّين
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|