|
هل تجري تهيئة المناخ لـ -باكس امريكانا- في المنطقة؟
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1038 - 2004 / 12 / 5 - 08:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
*الظاهر ان الادارة الامريكية قد أوكلت الى النظام المصري القيام بدور المايسترو لتجنيد "فرقة الدبيكة" من انظمة المنطقة في الحلبة الامريكية ولبلورة حلول "باكس امريكانا" – سلام امريكي ينتقص من الثوابت الوطنية الشرعية لشعوب وبلدان المنطقة* تجري في الآونة الاخيرة تحركات سياسية دينامية مكثفة في المنطقة تحت يافطة بذل الجهود لصياغة وبلورة حلول لقضايا الصراع في الشرق الاوسط، وبشكل توفر الامن النسبي والاستقرار النسبي لدفع عجلة المخطط الاستراتيجي الامريكي للهيمنة ولتحويل المنطقة، بانظمتها، الى حظيرة مدجنة تكن الولاء في بيت الطاعة الامريكي. لقد بدأ هذا التحرك السياسي بعقد مؤتمر شرم الشيخ، الذي دعا اليه النظام المصري نيابة عن نظام بوش الامريكي، وشاركت فيه دول الجوار العراقي وممثلون، من وزراء خارجية وغيرهم، من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا والصين والاتحاد الاوروبي والمؤتمر الاسلامي والامم المتحدة. وكان الهدف الذي توخته الادارة الامريكية من وراء هذا المؤتمر، وحصلت عليه، هو شرعنة احتلالها للعراق وضمان سكوت انظمة المشاركين وعدم التدخل في الشأن العراقي، خاصة فيما يتعلق بالجرائم التي يرتكبها المحتل بحق الشعب العراقي المقاوم للاحتلال، ومساندة المحتل في تمرير الانتخابات في العراق، حتى لو لم تشارك فيها الاوساط الواسعة من شعب الرافدين. والظاهر ان الادارة الامريكية قد أوكلت الى النظام المصري القيام بدور المايسترو لتجنيد "فرقة الدبيكة" من انظمة المنطقة في الحلبة الامريكية ولبلورة حلول "باكس امريكانا" – سلام امريكي ينتقص من الثوابت الوطنية الشرعية لشعوب وبلدان المنطقة. فادارة عولمة الارهاب والجرائم الامريكية تشغل مكابس الضغط والتهديد على النظام السوري للّي رقبة موقفه الوطني وتدجينه في اطار مخططها الاستراتيجي المنطقي. والنظام السوري منذ ايام الرئيس الراحل حافظ الاسد وطيلة ايام حكم ابنه الدكتور بشار الاسد يعلن عن رغبته في السلام العادل، وان السلام بالنسبة له يؤلف موقفا استراتيجيا، وكانت حكومات اسرائيل المتعاقبة ترفض اليد السورية الممدودة للسلام العادل ولمبدأي مؤتمر مدريد للسّلام: "الارض مقابل السلام" وتسوية على اساس قرارات الشرعية الدولية، وخاصة قراري مجلس الامن (242) و (338). وقد اوقفت المفاوضات الاسرائيلية – السورية قبل اربع سنوات لان اسرائيل مدعومة امريكيا رفضت المطلب السوري الشرعي بانسحاب المحتل الاسرائيلي من جميع اراضي هضبة الجولان السورية الى حدود الرابع من حزيران السبعة والستين. وخلال الاربع سنوات الماضية ابدت سوريا استعدادها لاستئناف المفاوضات ولكن من النقطة التي توقفت عندها المفاوضات الاسرائيلية – السورية وليس فتح الملف من بدايته، ورفضت اسرائيل الرسمية هذا الشرط.
التصرف بحكمة سياسية! اليوم في ظروف المتغيرات الحاصلة – تغير ميزان القوى في المنطقة لصالح تحالف الشر الامريكي – الاسرائيلي، خاصة بعد احتلال العراق وتواطؤ العديد من الانظمة العربية مع هذا التحالف، وتصعيد التهديدات الامريكية والاسرائيلية البلطجية العربيدة لسوريا – في ظل هذه الظروف كان على النظام السوري ان يأخذها بالاعتبار والتصرف بحكمة سياسية. فقبل حوالي اسبوع نقل مبعوث الامم المتحدة للشرق الاوسط، تيري لارسن، على لسان الرئيس السوري بشار الاسد انه مستعد لاستئناف المفاوضات مع اسرائيل دون شروط مسبقة! وسريعا ما شككت حكومة الرفض اليمينية بنوايا بشار الاسد وطالبته بشروط مسبقة – باغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية في دمشق وقطع العلاقة مع حزب الله اللبناني – حتى يثبت حسن النية ويحظى بشهادة حسن سلوك من ارباب الاحتلال والعدوان الاسرائيلي. اخط هذه الكلمات يوم الثلاثاء في الثلاثين من شهر تشرين الثاني، نوفمبر، في نفس الوقت الذي اعلن فيه عبر المذياع عن وصول الرئيس السوري، بشار الاسد ووفد مرافق له من القيادة السورية الى مصر بناء على طلب الرئيس المصري، حسني مبارك. وان هذه الزيارة جاءت بناء على اقتراح من الرئيس المصري يعرض من خلاله نفسه وسيطا بين سوريا واسرائيل! ومن اللافت للانتباه ان لقاء مبارك بالاسد يأتي قبل يوم من توجه وزيري الخارجية والمخابرات المصريين، احمد ابو الغيط وعمر سليمان، الى اسرائيل لاجراء محادثات مع رئيس الحكومة ارئيل شارون وغيره من المسؤولين في حكومة الاحتلال والجرائم اليمينية. كما انه من اللافت للانتباه ايضا انه قبل ان تطأ اقدام الرئيس السوري الاراضي المصرية بيوم واحد التقى الرئيس المصري حسني مبارك رئيس منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، روحي فتوح ورئيس الحكومة الفلسطينية احمد قريع. حبذا لو كان الهدف من وراء هذه اللقاءات التنسيق لبلورة موقف استراتيجي عربي في مركزه مصر وسوريا وفلسطين يرتقي الى مستوى مواجهة متطلبات المرحلة الراهنة وتحدياتها، ويتمسك بثوابت الحقوق الشرعية الوطنية الفلسطينية والسورية والعربية – ولكن برأينا، يتمحور الحديث ومحاولات التنسيق حول ما يمكن اتخاذه من مواقف تكون مقبولة على اسرائيل وامريكا وترضياهما حتى لو كانت الموافقة على حلول جزئية ومرحلية. لنا كل الثقة بوطنية النظام السوري والقيادة الفلسطينية وتمسك كل منهما بثوابت الحقوق الوطنية الشرعية، ولكن لا ثقة لنا ابدا بموقف تحالف الشر الاسرائيلي – الامريكي. فما تجري حياكته في الدهاليز المعتمة الاسرائيلية والامريكية وبتواطؤ بعض الانظمة العربية ليس ابدا مشروعا للسلام العادل، الشامل في المنطقة، بل لا اكثر من "باكس امريكانا" حلول مؤقتة وجزئية تخفض سقف الصراع في المنطقة وتثبت اقدام الاحتلال الانجلو امريكي في العراق وتطيل أمد الاحتلال الاسرائيلي لغالبية المناطق الفلسطينية المحتلة. فما يبرز اليوم على سطح الاحداث والتطور يمكن الاشارة اليه، وبايجاز، الى ما يلي:
* اولا على الساحة الفلسطينية:
بعد رحيل القائد الرمز، ياسر عرفات تنشط القيادة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وروحي فتوح واحمد قريع وغيرهم عربيا ودوليا لحشد وتجنيد التأييد للحق الفلسطيني المشروع وللضغط على حكومة الاحتلال الاسرائيلية، ولانجاح عملية انتخاب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية التي ستجري في السابع من كانون الثاني القادم. كما يجري التدارس والتشاور مع الانظمة العربية في مصر والاردن، وقريبا مع النظام السوري حول استئناف المفاوضات مع اسرائيل واحتمالات التسوية المرتقبة وفي وقت يعلن فيه القادة الفلسطينيون المتمسك بثوابت الحقوق الوطنية، بالدولة والقدس والعودة.
*ثانيا، على الساحة الاسرائيلية:
تتعمق اكثر فاكثر ازمة الحكومة الائتلافية الشارونية بعد ان اصبحت حكومة اقلية لم يبق فيها سوى الليكود، بعد اقالة وزراء شينوي. واصبحت الاحتمالات المطروحة اما توسيع الائتلاف بدخول العمل والاحزاب الاصولية الدينية (الحراديم) شاس واغودات يسرائيل بدون شينوى، او حل الكنيست والذهاب الى انتخابات برلمانية مبكرة. وقد ارتفعت اسهم الذهاب الى انتخابات مبكرة. وقد تكون معطيات هذه الازمة وسيلة بايدي شارون لجرجرة احتمالات استئناف التفاوض مع الفلسطينيين والسوريين بهدف ابتزاز تنازلات سياسية منهما. وشارون لم يتنازل بعد عن خطة فك الارتباط من طرف واحد مع قطاع غزة، ولكن في ظروف رحيل الرئيس ياسر عرفات واجراء الانتخابات الفلسطينية بوجود مراقبين دوليين نسفت حجة شارون وحكومته انه لا يوجد شريك وند في الطرف الفلسطيني للتفاوض معه. وبرأينا انه بعد انتخاب رئيس السلطة الفلسطينية، والمرجح ان يكون محمود عباس (ابو مازن) سيتمخض وضع يؤدي فيه التنسيق الامريكي – الاسرائيلي الى بلورة موقف استئناف المفاوضات مع القيادة الفلسطينية الجديدة حول غزة اولا والوعد بان تكون في اطار خطة خارطة الطريق. ولا نستبعد ان يتفق التحالف الاسرائيلي – الامريكي على فتح باب التفاوض مع سوريا وجرجرة المسيرة التفاوضية لأمد طويل وذلك لتحقيق عدة اهداف، منها استغلال مسار التفاوض الاسرائيلي – السوري للضغط على الفلسطينيين وابتزاز تنازلات سياسية منهم، واستغلال التفاوض على المسارين الفلسطيني والسوري لتعزيز قوائم الاحتلال الانجلوامريكي في العراق وارهاب ايران لطعج موقف نظامها ومحاولة تدجينه في حظيرة الولاء لامريكا. مما لا شك فيه انه في الظروف الدولية القائمة اليوم وهيمنة قطب العربدة والبلطجة الامريكية – الاسرائيلية، لا مكان بعد للهرولة في سراب التفاؤل باحتمال انجاز التسوية العادلة لقضايا الصراع في المنطقة في المنظور القريب. ولكننا غير متشائمين فالتحديات التي يطرحها اعداء الانسانية وحقوق الشعوب، تستدعي من القوى الوطنية والتقدمية الدمقراطية الفلسطينية والسورية وانصار حقوق الانسان والشعوب بالحرية والسيادة منطقيا وعالميا وداخل اسرائيل رص وحدة صفوفها الكفاحية وشحذ آلياتها النضالية لازالة الغيوم السوداء من سماء المنطقة ولانجاز حق الشعوب بالحرية والاستقلال الوطني وافشال المخطط الاستراتيجي الارهابي الامريكي – الاسرائيلي للهيمنة في المنطقة.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هي خلفيّة وآفاق الصراع في اوكرانيا؟
-
لتبقَ ذكرى سعدون العراقي خالدة
-
هل يولّد مؤتمر شرم الشيخ غير الفأر الامريكي؟
-
إعادة انتخاب بوش دالة شؤم وخطر على الامن المنطقي والعالمي
-
ميزانية العام 2005: الانياب مشحوذة لزيادة الفقر والبطالة وال
...
-
شعب ذاق مآسي النكبة -لن يُلدغ من جحر مرتين-
-
وتبقى الراية مرفوعة
-
في الذكرى الـ-48 لمجزرة كفرقاسم: لا مفر من استخلاص العبر لمو
...
-
مدلول التصويت على خطة شارون: على أية مساحة تكون أرض اسرائيل
...
-
هل يمكن التصويت دعما لخطة دفن الحق الفلسطيني المشروع؟
-
التفجيرات في منتجعات طابا: ديناميت الشياطين في خدمة استراتيج
...
-
ماذا وراء هذا التزامن؟!
-
هل تستهدف مجازر حكومة شارون تحويل شمال القطاع الى منطقة عازل
...
-
عبد رضا الشيوعي الذي كان بيننا
-
لمواجهة مخطط الاستيطان والتصفية الاسرا–امريكي
-
صباح الخير صباحك منوّر يا أبا حنظلة
-
المعيار الاجتماعي لسياسة تُعيد انتاج المآسي
-
التفاعلات الجارية في الخارطة السياسية الحزبية الاسرائيلية
-
حتى لا نكون وقضايانا صفرًا على الشمال!
-
جون كيري يسجد أيضًا في بيت الطاعة الصهيوني
المزيد.....
-
روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر
...
-
تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول
...
-
ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن
...
-
ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب
...
-
-الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب
...
-
أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد
...
-
البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي
...
-
موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
-
-شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو)
...
-
ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|