أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مهند صلاحات - أنفلونزا














المزيد.....

أنفلونزا


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1038 - 2004 / 12 / 5 - 08:42
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أنفلونزا
حين يأتي الشتاء ويحمل معه كل فيروسات أمراضه القاسية, وتبدأ هذه الأمراض باجتياح أجسادنا, بالرغم من جمال قطرات المطر المتساقطة التي جلست أراقبها على الشباك إلا أنني كنت اجهل أن مثل هذه المشاهدة تحمل معها مرضا يسمى أنفلونزا, اجتاح جسدي تماما كما تجتاح القوات الأمريكية بلدا فترهق البلاد والعباد.

بالرغم من أن هذه الأنفلونزا قد منعتني من ممارسة أروع فعل تعودته منذ سنين في الصباح, وهو شرب فنجان من القهوة المرّة على أنغام صوت امرأة لا تعرف كلل تسمى فيروز, لأنه من المفترض بي أن استبدل القهوة في صباح الأنفلونزا هذا بكوب من الأعشاب المغلية بالماء كما عودتني أمي منذ كنت طفلاً حين كنت أصاب بالأنفلونزا كانت تغلي لي بعض البابونج أو الميرمية لتساعدني على الشفاء.

بالرغم من أن الأنفلونزا منعتني من ممارسة التدخين بشكل عادي مع فنجان القهوة لأني كنت اشعر بان حلقي مغلق وأني أعاني من ضيق التنفس فشعرت أنني قد ابتلعت كل هزائم العرب من عصر الهزيمة, وان كل خطابات الهزائم قد استقرت بحلقي فغدا مجرى التنفس مغلق بسبب تراكم الخطابات فيه, إلا أنني أبيت إلا أن أقاوم المرض, أقوم من فراشي في محاولة بائسة يائسة مزينة بالمكابرة لهزيمة الأنفلونزا, فجبت الشوارع وزرت الأصدقاء.

في المساء اشتدت هذه الأنفلونزا لتقعدني في فراشي ليوميين متتاليين, أسقطت مكابرتي في التحدي والتمرد على الجسد المتعب.

لقد آن الأوان لأن أعترف بهزيمتي وسقوطي بالفراش نتيجة إصرار وثورة الجسد المنهك من الأنفلونزا عليّ وعلى إصراري ومكابرتي على تحديه والتمادي في إرهاقه.

لقد ثار بالجسد بكل معاني الثورة ليسقطني بالفراش, لأني كنت مستبداً تجاهه وتجاه مطالبه المشروعة بالراحة, فقد آبى هذا الجسد إلا أن يعلن عن حقه في الراحة وحقه في تقرير مصيره بالراحة على إصرار الروح بالتمادي في منعه من هذا الحق.

لقد تخيلت وآنا أنام في فراشي بغرفة يملاها رائحة المرض والبرد الذي يجعلني ارتجف أن هذا الجسد المنهك يتحول لشعب عربي أنهكه ظلم واستبداد الحاكم العربي كما أنهك جسدي الأنفلونزا وإصراري على انتهاك هذا الجسد واستبدادي تجاهه, وتتحول روحي المكابرة المستبدة إلى حاكم عربي,
هل سيستطيع هذا الشعب فعلا أن يصنع ثورة ويقعد حاكمه العربي بالفراش ويجعل من عرشه نعشه؟
دوما يخطر ببالي عبارة نابليون بونابرت التي يقول بها ( الظلم لا يصنع ثورة ... إنما الشعور بالظلم هو الذي يفجر الثورة ).

لقد كانت الأنفلونزا ظلم وقهر للجسد ولكن الجسد حين شعر باستبدادي كان بمثابة الشعور الحقيقي بالظلم حتى تفجرت الثورة بالجسد فصنع الثورة فأسقطني.

فمتى يتبلور لدى شعوبنا العربية الشعور الكامل بالظلم الواقع عليها من حكوماتها وأنظمتها الفاشستية ؟؟
وهل نحن دوما نظل خانعين للظلم بانتظار المخلص ... أم هل أدمنا الهزائم وسياستها وحتى أدبها من أمثال بإنتظار غوردو وغيرها من انتظار المخلص الذي سينزل من السماء ليحررنا ؟؟

هل سيستطيع شعب عربي يوماً من أن يجبر حاكمه المستبد على التوقف عن اضطهاده وظلمه كما أجبرني جسدي عن اضطهاده عندما بقيت مصراً على عدم الجلوس بالفراش للراحة أو تلقي العلاج اللازم ؟

هل سيستطيع شعب عربي من أن يمنع حكومته أو حاكمه من زيارة إسرائيل أو تطبيع علاقاته السياسية أو التجارية معها ؟؟

أو هل سيستطيع ذات الشعب من أن يمنع نظامه من العمل حسب المعطيات الأمريكية حسب الوصفة الطبية السياسية التي يكتبها له صيدلاني البيت الأبيض ؟

لقد استطاع الجسد نتيجة لشعوره بالظلم من تصرفاتي التي ملأتها المكابرة من هزيمة الروح وإجبارها على الجلوس بالفراش لإعطاء فرصة الجسد بالراحة نتيجة المرض, بينما شعوبنا العربية من الخليج إلى المحيط مصابة بأكثر من 1948 داء لكنها تعجز حتى الآن من أن تقول (لا) لأنظمتها, وهي دوما تنتظر المهدي والمسيح المخلص أو أمريكا لتأتي لتخلصها من عقدتها وهزيمتها ...

متى ستشعر هذه الشعوب بظلمها حتى تحقق ثورتها ونهضتها ؟؟
متى ستقول هذه الشعوب (لا) ؟؟؟ ...



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيدز ... والحاكم العربي
- صدام حسين .. رجل المهمات الصعبة في صياغة المشروع الأمريكي ال ...
- انقلاب الموازيين ... جامعة النجاح في نابلس مثالا
- الأنثى والبليد
- عمل المرأة بين الرأي والواقع المفروض
- منظمة التحرير والغوص في وحل أوسلو
- الأرملة الشقراء ... وأرامل الشهداء
- القدس ... بين التدويل والادعاءات الإسرائيلية ومعضة الإنتخابا ...
- حول مشروع الشرق الأوسط والإستراتيجية الأمريكية
- أحمق ... وأحلام صغيرة
- ردا على مقالة المنظر الأمريكي شاكر النابلسي (3000 توقيع على ...
- الأحزاب العربية بين الواقعية والخيالية الغريبة
- قراءة في المشروع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط (وسياستها في ...
- ختان الإناث ... بين العلم والدين القانون
- عندما يكتب الدولار قصيدة
- خصخصة حكومية
- الحمار يعلن الإضراب
- موظف إستقبال في المقبرة
- إلى العربي ... قبل هجرته الأخيرة
- قبل الرحيل ... يا رفاق أين الطريق


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مهند صلاحات - أنفلونزا