رولا البلبيسي
الحوار المتمدن-العدد: 3488 - 2011 / 9 / 16 - 16:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هللوا، زمروا، طبلوا، خرجوا راقصين فرحين في كرنفال احتفالي فريد ميز هذا الحدث الأليم، لم تعد جمهورية السودان كلها عربية، بل شمالها فقط، بينما جنوبها قريبا" سيلغي اللغة العربية كلها من قاموس هذا الوليد.
هدف ساحق جديد يحققه فريق "فَرِق تَسُد". حبة لؤلؤية أخرى تضاف الى مسبحة دولية طويلة تُسَبح لشرق أوسط جديد.
تتدفق المساعدات والاعترافات سريعة من كل صوب. بان كي مون يحضر الاحتفال مبتسما" متفائلا"، بينما يغيب صوتا" وصورة عن ملفاتنا العربية شديدة الحرارة. الولايات المتحدة والصين تتهافت على برم اتفاقيات التعاون في مجال النفط، في هذا الجنوب الممتلئ بحقول نفطية ضخمة. نتنياهو يصرح بنبرة فرح واضحة اعتراف إسرائيل بجنوب السودان، ووعود صادقة بالتعاون المكثف لتنمية ورخاء سكانها.
في مقال في صحيفة بديعوت العبرية (10/7/2011)، طافت البشائر بين الكلمات. بنظرهم، أخيرا" حظيت السودان بالانتباه الدولي المناسب، والأهم والأخطر لمن يقرأ، أنهم يرون أن وضعها لا يختلف عن الوضع السائد في أكثر دول الشرق الأوسط التي تحكمها دكتاتورية دينية وثقافية تمنع أبسط الحقوق الإنسانية والأساسية عن أقلياتها. وفي نهاية المقال، بشروا العالم بسعادة المنتصر باقتراب النهاية لفانتازيا "الأمة العربية".
لم لا يفرحوا! لقد خططوا وساعدوا واستثمروا ودربوا ونجحوا، والأرض العربية ذات تربة خصبة ومؤهلة لأصابع الفتنة العنصرية البغيضة، في ظل عقود من سياسات القمع والاستبداد. بفضل جهودهم المتواصلة وإخفاقاتنا المتتابعة، البارحة العراق انفصل بأكراده، واليوم السودان ينفصل بجنوبه، وغدا" يخططون لمصر ينفصل أقباطها وثم المغرب بامازيغه، وبعدها سوريا ومن ثم لبنان وهكذا تباعا"، الحبل على الجرار.
العيب فينا أم فيهم؟ هم أحسنوا استغلال الفرص ونحن أحسنا إضاعتها. هم يخططون ونحن نتوه مستسلمين في دوامة الفوضى. قرون من السياسات الفاشلة، وأجيال الصمت الخائف تقبع في الظل، على الحياد، فهل يمكن أن يلحق ربيع الثورة المتعثر القليل المتبقي، قبل أن يضيع الأمل بين ثنايا الفوضى الغير خلاقة؟
#رولا_البلبيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟