نحو اكاديمية كردستانية

سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1038 - 2004 / 12 / 5 - 08:36
المحور: القضية الكردية
    

حين يفاخر الكرد بحضارات وادي الرافدين والحضارة الاسلامية ودورهم المتميز فيها فانهم يفاخرون حقيقة بالمستوى التقني الذي بلغته هذه الحضارات في الحقب الزمنية المختلفة والتي تجسدت في المنجزات والاختراعات التقنية الكثيرة . وقد شارك الكرد في بناء الحضارة الاسلامية وساهموا في بناء التمدن وتفاعلوا مع الحضارات المجاورة . وتباهت الامارات الكردستانية على مر التاريخ بمكتباتها العامرة بنفائس المخطوطات ونوادر المؤلفات وبمنتدياتها العلمية التي تعاقبت على نشر المعارف ، وانجب الكرد علماء بارزين . وتعلم العولمة والتطور التكنولوجي العاصف الكرد ان المقدرة في الميادين العلمية والتقنية شرط اساسي للانماء وحفظ توازن البنية التحتية في كردستان العراق وان الحد من التبعية التكنولوجية لا يعني الانغلاق ، بل محاولة استيعاب التجارب الفكرية والعلمية والتقنية لاكتساب اصول المعرفة العلمية ، وهذا الانفتاح يدعم ويعزز الثقافة والبنى الاجتماعية والاقتصادية الكردستانية ويرسي اسس مجتمع مدني كردستاني ديمقراطي في العراق . فالعلم والتقانة ارث مشترك لكل البشرية .
تمخضت عن سياسة النظام وحروبه الكارثية واجراءاته وعواقب الحصار الاقتصادي والاحتراب الكردي - الكردي وانتعاش الروابط التقليدية والولاء القبلي ، تعطيل القوانين وتغييب الضوابط والرقابة عموما وتدني الانتاج بفعل توقف آلاف المشاريع الاقتصادية في كردستان العراق وانتشار المظاهر الاستهلاكية ، وتعرضت العلوم والتكنولوجيا والثقافة الى الاضطهاد والقمع وتوسعت هجرة الكفاءات العلمية وتدنى المستوى الاكاديمي ... لكن الجامعات الكردستانية العراقية تبقى منائر تدلو بدلوها في تسيير العملية التعليمية والاكاديمية ، اذ تحضى بدعم من السلطات الاقليمية مع غياب شبه كامل للبحث العلمي ، الامر الذي يثير موضوع الاكاديمية الكردستانية للعلوم والتكنولوجيا كمشروع حضاري يسهم لا في وقف التداعيات الاكاديمية العلمية والتقنية بل في خزن طاقتها والحفاظ عليها من التسرب والضياع ، وسيكون من السابق لاوانه الاعتقاد ان الغرب والمساعدات الانسانية للمنظمات العاملة في الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ستقدم التمويل والتقانة الضرورية لاقامة هذا المشروع التنويري . ويتطلب ذلك الدراسات والقرارات الوطنية السليمة ، فليس يسيرا التحول من الاستهلاكية المتلقية التابعة الى الشراكة المضاربة في الارباح والقرارات . واجمالا يمكن التطرق الى المهمات الاساسية للاكاديمية الكردستانية للعلوم والتكنولوجيا في كردستان العراق .
• الاسهام في انتقاء او تمييز وتبني الامكانات العلمية والتقنية الوطنية الواعدة في كردستان واستيعاب الكفاءات العلمية والحد من هجرتها .
• دعم مشاريع البحث العلمي الملتزمة في الجامعات الكردستانية والمساعدة في دعم وتطوير هذه الجامعات ، فالطريقة العلمية والعقلية العلمية هما طريقة واحدة وعقلية واحدة مهما اختلف الزمان والمكان ، وتبقى الجامعات الاطار السليم لاجراء البحوث العلمية لعكس الحقائق الموضوعية بعيدا عن الفوضى والغيبية .
• دعم وتمييز مشاريع البحث والتطوير الهادفة . وهذا يستلزم اقامة مركز رئيسي للابحاث والدراسات العلمية والتقنية يرتبط برئاسة مجلس الوزراء الاقليمي والتخطيط العلمي لارساء آلية صائبة يستطيع بها المركز من متابعة جميع مرافق البحث العلمي التقني الاقليمية الحكومية والاهلية ! والتنسيق مع الجامعات الكردستانية والاوساط الاكاديمية لهذا الغرض .
يقينا ان التقانة وابعادها ليست قضية اقتصادية فحسب بل تشمل العلوم الطبيعية والانسانية والاجتماعية ، ولها تاثيرات على البيئة وتطويعها وخلق تقاليد وعادات وتقييم وممارسات واساليب جديدة منها ما يهضمه المجتمع المدني الكردستاني ومنها ما يلفظه . وبذلك تحتاج كردستان القدرات العلمية التقنية الوطنية التي تحد من التقانة المستوردة وتشجع على دراسة المنتجات التقنية الاجنبية بعد تجزئتها واكتساب المعرفة العلمية والتصنيع الوطني وتستثمر براءات الاختراع المحلية لتنميها وترفع من درجة كفاءتها الذاتية .
• توثيق عرى تفاعل المجمعات العلمية الكردستانية ( الكردية ، التركمانية ، السريانية ) وبرامج الانماء الوطنية والمشتركة ، والتفاعل المتبادل لابناء العلم والتكنولوجيا والكفاءات العلمية الوطنية في كردستان .
• تقوية اواصر التعاون بين العلوم الكردستانية والعربية والاقليمية والعالمية بالمعلوماتية المعاصرة وآلياتها الحديثة .
• دعم المجمع العلمي الكردي واحياؤه وتشجيع الترجمة الى الكردية وحل الازدواجية اللغوية الكردية بالمقارنة مع الفصحى والعامية واللهجات السائدة وتطوير علم اختزال اللغة الكردية لاغراض النشر والترجمة الآلية .
ساهمت كردستان بنصيبها في اعمال النقل التكنولوجي المستمر في العراق والمنطقة ، لكن مؤشرات التنمية غير مشجعة لانعدام التخطيط والترابط بين مقومات التنمية وتخلف البنى العلمية التكنولوجية والتبعية التقنية وغياب الرؤية الحضارية . وعليه يبقى مشروع الاكاديمية الكردستانية للعلوم والتكنولوجيا في كردستان العراق قائما ويتطلب العناية والرعاية والاهتمام والدراسة الجدية قبل الشروع بالتنفيذ في ظل حكومة اقليمية موحدة .

**
كبة مهندس استشاري في الطاقة الكهربائية وباحث علمي وكاتب وصحفي .
وهو عضو في
1- نقابة المهندسين في كردستان العراق
2- جمعية المهندسين العراقية
3- نقابة الصحفيين في كردستان العراق
4- جمعية اصدقاء المجتمع المدني
5- جمعية البيشمركة القدامى

وقد نشر العشرات من دراساته في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية داخل العراق وخارجه .

#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات