أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خليل الشيخة - ظروف تعيسة














المزيد.....

ظروف تعيسة


خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 3488 - 2011 / 9 / 16 - 01:52
المحور: سيرة ذاتية
    


في السنة الأولى من وجودي في الولايات المتحدة، سجّلت في مادة الإنشاء الانكليزية. كان ذلك في مدينة كنساس بولاية ميزورة. كان الصف خليطاً من الأسيويين والأفارقة والعرب. وكنا نحن العرب نأتي معاً ونمضي معاً إلى مقهى الجامعة. أما المدرِّسة (جولي) فكانت شقراء طويلة في الأربعين من عمرها وقد كثر النمش على وجهها، وبسبب إختصاصها في تعليم اللغة للأجانب، فقد تميزت شخصيتها باللطف ورواق المزاج. كان معنا شاب عربي اسمه (صادق)، متقاعس يكتب واجباته في اللحظة الأخيرة من الوقت المحدد. أذكر أنها طلبت منا أن نكتب موضوعاً عن خبراتنا الحياتية، وقبل الحصة بنصف ساعة كان زميلنا (صادق ) يكتب موضوعه في مقهى الجامعة. فكان يمط رقبته إلينا ملهوفاً: مامعنى كلمة (إحتقار) بالإنكليزية، فتعلو الأصوات بجانبي، كل يدلو بما يعرف، ثم يسأله أحدنا: لماذا كلمة (إحتقار) في موضوع كهذا؟ فيرد: لأن أبي دائماً كان يوبخني ويحتقرني. ثم يصرخ مرة أخرى: مامعنى كلمة راعي بالانكليزية؟ فيسأله الزملاء: لماذا كلمة راعي؟ فيجيب: أنا الراعي.. كان والدي يوقظني بعد صلاة الصبح حتى أرعى الغنمات، ثم يسأل عن كلمة (فاشل)، ثم يجيب: لستم بحاجة إلى السؤال عن هذه، لقد كان أبي ينعتني بأني فاشل على مدار النهار. دخلنا الحصة وسلم كل منا الموضوع الذي كتب. بعد فترة وجيزة، قالت الاستاذة (جولي) وعلى وجهها علامات الاستغراب: مستر سادك (صادق) أرجو أن تفسر لي مامعنى هذه العبارة ( (bad envelopes؟ .. هل سقطت سهواً. فوقف زميلنا (صادق) يتلفّت إلينا، يستفسر تلك العبارة. فقال : أعني بها حياة سيئة .. حوادث سيئة. فقالت مصححّة: تعني (circumstances)، ثم أخرجت من حقيبتها مظروف كبير وقالت: هذا هو المظروف سادك. وبدأ كل من كان في الصف من العرب بالضحك. ولم نعرف إذا كان قد ترجم كلمة مظروف (والعامية تقال ظروف) بنفسه أم لقنه أحد زملائنا الكلمة من أجل السخرية والضحك.
مرة، ذهبنا إلى بيت زميلنا صادق في زيارة عاجلة. فلمح أحدنا علباً كثيرة من أطعمة القطط، فسأل مندهشاً: هل لديك قطة هنا؟ فأجاب : لا أحب القطط. فسأل صديقنا بدهشة أكبر: إذاً .. ماذا تفعل عندك علب غذاء القطط؟ وهنا حصلت ضجة وجلبة من الأصوات، منها يستفسر وأخر يضحك. ركض صديقنا (صادق) إلى العلبة ثم نظر بها وقال بحدة وجدية: يافهمان، هذه علبة لحمة من ماركة القطة .. هذا لحم ضأن صافي. فضحك السائل وهو يقرأ ماكتب على العلبة: أطعمة خاصة بالقطط مع الصلصة. عبس زميلنا (صادق) ثم قال بعد أن أدرك أن المسألة اكتشفت: وماذا به طعام القطط؟ طًعم لذيذ وصحي، وسعره زهيد جداً.
وبسبب كسله وحبه للنوم، كان يتغيب عن دروسه بشكل دوري، وحدث مرة أنه قرع باب حصة درس الإنكليزي ومدّ رأسه من خلال فتحة الباب، وسأل الأستاذة جولي: هل استطيع الدخول؟ فسألته بحنق: هل تعرف أنك متأخر نصف ساعة مستر سادك؟ فأجاب بسرعة وقد ارتسمت على وجهه علامات الأسى واللوّعة: اليوم اتصل بي أهلي وقالوا لي بأن جدتي قد ماتت بارحة. فردت الاستاذة: لقد أخبرتني الاسبوع الماضي بهذا. فقال مرتبكاً: أعني ، أن أبي قد مات . فقالت وقد نفذ صبرها : قلت لي هذا منذ شهر. فأطرق في الأرض وقال ماطّاً كلماته: أنا مريــض هذا الصباح .. أرجو أن تعذريني.
بعد عشر سنوات، شاهدت صادق في إحدى البقاليات العربية يبتاع حاجياته، فسلمت عليه مذكراً أياه أيام الجامعة، ثم سألته ماذا يفعل الآن؟ فقال أن الجامعة طردته بسبب أنها اكتشفت غشه في أحد امتحانات المواد. سألته عن عمله فرد: أعمل في توصيل البتزا إلى المنازل .. وربك ساترها. بعد ذلك اللقاء، لم أشاهد زميلي صادق، فقد غابت أخباره عني كلياً.
----------------------------------------------------------------



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقدة السلطة عند كافكا
- الروائي ابراهيم الكوني واسقاطات الحكمة في روايته الاخيرة
- تجذير الحوار في موقع الحوار المتمدن
- مابعد سليلو
- ذئاب بلا أنياب
- القاص خليل الشيخة للكاتب عيسى اسماعيل
- موت بائع متجول للكاتبة الأمريكية يودورا ويلتي
- الرحيل
- إصدار المجموعة المترجمة (رسالة إلى السماء)
- من أجل غرين كارد
- إصدار غابة الذئاب - تعليق خليل السواحري
- نفاق
- علم تحليل الشخصية - الشخصية اليقظة
- من العم توم الى باراك اوباما
- قراءة في كتاب (الرقيق) – ميندي نزار *
- إصدار كتاب إنطباعات الزمن الفائت
- ماوراء أعياد الربيع....سانت باتريك - النيروز - الفصح
- قراءة في رواية -عمارة يعقوبيان- لعلاء الاسواني
- تركيز الثروة العالمية بين أفراد
- تركها زوجها وفر مع صاحبته الامريكية


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خليل الشيخة - ظروف تعيسة