أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نادية حسن عبدالله - يوم من حياة أم معتقل...














المزيد.....

يوم من حياة أم معتقل...


نادية حسن عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3486 - 2011 / 9 / 14 - 11:26
المحور: سيرة ذاتية
    


لن أنسى في حياتي هذا اليوم.. استيقظت صباحا مكتئبة جدا وكنت قد فقدت الأمل برجوعه للمنزل.. بعد خمسة عشر يوما من الانتظار... والوعود الكاذبة يوميا... والانتظار...والوعود... والوعود.. كانوا يقولون.. ..بعد ساعة سيخرج... اليوم مساءً... وبكرا صباحاً.... واستمرينا في الانتظار خمسة عشر يوما.. ونحن ننظر للساعة .. ونسمع بلهفة باب الدرج يفتح ويغلق وقلوبنا معلقة.... وننتظر بلهفة لنسمع صوته ينادي ماما.....

في هذا اليوم استيقظت مكتئبة جدا... وكنت قد فقدت الأمل بعودته قريبا... وشعرت بأنني سأموت في هذا اليوم.... اتصلت بالأصدقاء.. وكنت قد دعوتهم للإفطار لاعتذر... هو يحب فتة المكدوس... قلت لهم سنلغي الإفطار فهو لن يأتي اليوم... وأنا فقدت الأمل ... نؤجلها ليوم آخر... أردت أن أبقى لوحدي بالبيت .. لا أستطيع أن أرى أحد.. لن أتمكن من الكلام اليوم...سأأخذ المهدأ وأنام ... سأنام طوال اليوم ... تعبت من الانتظار... ولن أتمكن من أن أبقى انتظر... كتبت مسج على الفيس بوك لأحد الأصدقاء ... قلت له أربعة كلمات: أشعر أنني سأموت اليوم.

شربت الدواء المهدأ ونمت... وإذ بالباب يقرع بشده، انه صديقي.. يمكن اعتقد فعلا إنني أموت فجاء بسرعة ببيجامة الرياضة.. عمل لي القهوة.. وصار يمزح معي ويكلمني عن الثورة... وعن الأمل وعن الانتصار... سمعته وأنا مدووخة من الدواء..... استلقيت على الكنبة لأنام ... فإذ بالهاتف يرن... الأستاذ المحامي.. يقول لي ان خالد في المحكمة الآن.. لم أفهم ما كان يقول... عدت للنوم... عاد بالاتصال مرة ثانية وقال لي: حضري الحمام واشتري شامبو سنان فابنك مقمل... لقد خرج ولقد شاهدته بنفسي في قصر العدل.... صرخت بصوت عالي ... خرج خالد... صرت أركض في المنزل مثل المجنونه وقلت لصديقي لبتني لم أأخذ حبة المهدأ.... فأنا أريد أن أشعر بالسعادة لتحرير خالد... اتصلت بوالده.. اتصلت بابن خالته وطلبت منه الذهاب إلى قصر العدل للقاء خالد فهو سيشعر بالأمان إذ رأى وجه يعرفه...اتصلت بكل الأصدقاء الذين وقفوا معي بإخلاص... طلبت منهم الحضور فورا... لقد انتظروا معي كثيرا.. وعانوا معي ...وبكوا معي... يجب أن يكونوا معي لاستقبال خالد...... صرت وصديقي نرتب المنزل.. سيحضر الكثير من الناس... سنحتفل وكنت أصرخ طوال الوقت... لماذا أخذت حبة المهدأ .. يا ربي أريد أن أشعر بالسعادة ... أريد أن أصرخ... أريد أن أجن من الفرحة.............. وهنا أريد أن أتوقف للحظة وأقول أنه لولا وجود هذا الصديق في حياتي الذي تحملني كثيرا... لكنت انهرت فعلا....ولا يمكن أن أنسى الأخوات التوأم وابن خالة خالد وخطيبته.... لولاهم لما تمكنت من التحمل... لما تمكنت من الاستمرار...

بدأ الأصدقاء يحضرون وأنا أعيد نفس القصة للجميع.... يريدني أن أحضر الحمام وأشتري شامبو سنان... يمكن خالد مقمل.... ونضحك وأعود للصراخ وأقول لماذا أخذت الحبة المهدأة... كنت أريد أن أفرح أكثر....... كنت أشكر ربي طوال الوقت ... وأقول تأخر... وراودتني الشكوك مرة أخرى.. ممكن ما يطلعوه.. ممكن يخترعوا له تهمه ليبقى معتقل... وعادت المخاوف والشكوك إلى قلبي... يتصل بي المحامي عدة مرات ليطمني... ويعود المحامي للاتصال ويقول لي ... دخل لعند القاضية ورفضت الدعوة... هو حر حر حر.... كدت أن أفقد عقلي من الفرح...... هذا المحامي الرائع... كان يشعر بإحساسي.. ويعرف خوفي وحزني وألمي.....لهذا كان يتصل كل شوي ليطمنني... طال الانتظار حتى اتصل المحامي وقال انه في طريقه إلى المنزل.... وصرت أقفز وأركض وافتح الباب وأغلقه ....حالة من الهستريا... قال الأصدقاء منيح يلي آخده حبة مهدأ لو ما أخذتها شو كانت عملت......... اتصل خالد بالتلفون وقال: إنا حر حر حر... أنا في طريقي إلى المنزل... لم يكن هناك رد من عندي ... صرت أبكي وأبكي وأبكي.... سمعت صوته من رأس الحارة يصرخ أنا خالد ... أنا رجعت.... لم يتركوني الأصدقاء لأركض لاحتضانه في الحارة... مسكوني وانتظرنا حتى دخل البيت... ..... أتوقف هنا... وتخيلوا انتم البقية.....

حتى اليوم أنا في حالة صدمة... لم أتمكن من العودة إلى حياتي القديمة... لم أتمكن من أن أعود كما كنت بالسابق... شيء كسر داخلي... شيء جرحني للأبد... ولا أعتقد أن الجرح سيلتأم بسرعة.... ما زلت أعاني حتى اليوم... أتخيل كل معتقل ابني.. وأتخيل كيف يعذبون المعتقلين... وكيف يستشهدون تحت التعذيب... أتخيل كيف يتألمون... وكيف يصرخون.. وكيف يضربون ويرفسون ويهانون...

كانت دموعي تنهمر باستمرار... وشعرت إنني في حالة نفسية صعبة... وكان الأصدقاء يصرخون ويقولون لي أنتي قوية ماذا حصل لك...قلت في نفسي صارت عندي عقدة نفسية واحتاج للمعالجة..... ذهبت إلى الطبيب النفسي... وعندما سألني لماذا أحتاج إلى العلاج وشرحت له قصتي.... قال لي انك لا تحتاجين إلى علاج نفسي... انك تحتاجين لأن تنجح الثورة.... وقتها ستشفين وتعودين إلى طبيعتك..
الدكتورة شذى ظافر الجندي



#نادية_حسن_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شو يعني حرية يلي عم يطالب بها المتظاهرين؟
- هل نحن في حاجة إلى الديمقراطية التوافقية في المرحلة الانتقال ...
- حماية حقوق الانسان للمرضى والجرحى والمصابين وضحايا التعذيب ف ...
- الطريق للتغير نحو الديمقراطية في سورية
- انتهاك حقوق الإنسان كان الدافع الأساسي والمحرك الرئيسي للثور ...
- حقوق الإنسان العربي في العصر الحديث
- العهد السياسي الجديد ودور الإرادة الشعبية في تأسيس المعارضة ...
- المعارضة الصامتة
- الدولة المشخصنة
- هل تحولت ثقافة الفساد إلى ثقافة للإفساد؟
- الآثار النفسية والسلوكية والتعليمية والاجتماعية لممارسات الأ ...
- اليوم العالمي لحرية الصحافة -آفاق جديدة حواجز جديدة-
- سورية يا حبيبتي…
- دور الأحزاب السياسية العربية في المرحلة المقبلة
- الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان انتهاك لميث ...
- ننتمي كلنا الى وطن واحد سورية
- عيد الجلاء في سورية: الشعب يطالب بالحرية واحترام الكرامة الا ...
- العصابات المسلحة في الدول العربية: الرأي العام محصن من هذه ا ...
- ثورات شبابنا العربي .. عززت روح المواطنة في المنطقة العربية
- كيف سنكافح الفساد في سورية؟


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نادية حسن عبدالله - يوم من حياة أم معتقل...