عزيز الخزرجي
الحوار المتمدن-العدد: 3486 - 2011 / 9 / 14 - 09:04
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أسفارٌ في أسرارِ ألوجود ج4 – ح8
حقائقٌ حول ألضربة ألأولى:
لا تُوجد نظريّة أقوى من نظريّة "ألبيك بنك" لحدّ آلآن, حولَ حدوث ألكون إبتداءاً, و هي تتطابقُ معَ آلأشاراتِ ألقرآنيّة ألّتي صرّحتْ؛ بأنّ للكونِ بدايةً و نهايةً, كما أسلفنا, و لكنْ ما هي آلمادّة آلأساسيّة ألّتي تكوّنتْ منها ألكون و آلمجرّات؟
و أينَ حَدَثَتْ ألضّربة ألأولى في آلفضاء؟
و كَيْفَ تكوّنتْ ألمادّةُ ألأولى في آلكونِ؟
و هلْ كانَ هناكَ فضاءٌ قبلَ آلضّربة ألأولى؟
و ماذا كانَ يُوجد في آلفضاء قبلَ آلضّربة ألكبرى؟
و ما هو آلحدّ ألأعلى لطاقّة ألضّربة ألأولى؟
و هل ألكونْ رُباعيّ آلأبعاد؟
و ما هي آلقوة ألأوليّة ألمُحرّكة للوجود و آلكائنات؟
و كيفَ يكون ألفضاء بدونَ ألجّاذبيّة؟
و ما هي سُرعتها؟
و أخيراً هلْ للكون نهايةٌ؟
و ما هو آلعدمُ؟؟
أين حدثتْ ألضّربة ألأولى في آلكون؟
كما قلنا بأنّ أجهزة ألرّصد و تحقيقات ألفلكيّين أثبتَتْ بأنّ آلكون يتّسعُ بإضّطرادٍ(1), و من هنا فلا يُمكن أنْ نُحدّد مكانياً .. مركزاً مُمّيزاً للأتساع لكونه يجري بإنتظام و طبق معادلات نسبيّة في غاية ألتّعقيد يبدو أنّ آلعلم في آلوقت آلحاضر على آلأقلّ عاجزٌ عنْ تحديد قوانينها و كيفيتها بآلضبط سوى آلأشارة إلى أن المسافات بين نجوم مجرّتنا تتسع بأربعة سنتيمرات كلّ عام و لعلّها تتناسب طرديّاً مع حجم الكوكب أو المجرّة ككل!
و بإستثناء "ألعرش" ألّذي إعتبرناهُ مجازاً مركزاً للكون بعد ما إستوى عليه آلرّحمن تعالى (بمعنى أحاط به و بشؤونه و ملكوته) – بإستثناء ذلك فأنّ مفهوم ألمركز عموماً لا معنىً لهُ في آلمفهوم ألكونيّ.
فقد حدثتْ ألضربة ألكونية ألكبرى حسب أشهر ألآراء في نقطةٍ مُحدّدة من قبل آلله تعالى من زوايا كوننا آلحاليّ؛ و يُمكن أن تكون قد حدثتْ في أيّة زاوية من أطراف ألكون ألمرئي ألذي قدّر آلعلماء عمره بحدود (15) بليون سنة ضوئيّة كما أسلفنا, في و آلكون خارج مجاليهما كان فارغاً و آلفضاء مُظلماُ.10-43 جزء من200 بليون جزء من آلثانية
كيف تكونتْ ألمادّة ألأساسيّة في آلكون:
غاز ألهيدروجين هي مادّة آلكون آلأولى, و منها تكوّنت ألعناصر ألكيمياويّة كافّة بسببِ ألتّفاعلاتِ ألأندماجيّة في آلهيدروجين و درجات ألحرارة ألعاليّة جدّاً, و هكذا تخلّقتْ بقيّة ألكائنات شيئاً فشيئاً, بمعنى إنّه – أي ألهيدروجين - منشأ آلمعادن و آلصّخور و كافّة ما في آلكون من أجسام حيّة و غير حيّة, فمن آلهيدروجين تولّد غاز ألهيليوم قبل كلّ شيئ, و من آلهيليوم تكوّن آلكاربون, ثمّ ألنّيون ثمّ آلمغنيسيوم فآلأوكسجين, و من آلأوكسجين؛ ألكبريتْ ثمّ آلسّيليكون ثمّ آلحديد ثمّ آلمعادن ألأخرى., لهذا نرى عدم تساوي ألكثافة في تلك آلمكوّنات بسببِ إختلاف عدد ألذّرات في آلعناصر.
ألتّحولات ألأندماجية في آلهيدروجين ألّتي تُحوله إلى هيليوم تتمّ عند درجة حرارة 7 مليون درجة, و ما دامت درجة مطلقة, لذا تخلّقتْ في تلك آلمرحلة كميّات معتبرة من آلهيليوم ألّذي أستدلّ عليه.130 حرارة ألبيضة ألكونية جاوزتْ
ماذا كانَ في آلفضاءٌ قبل آلضربة ألأولى في آلكون؟
مفهوم – ألزّمكان - لم يكن موجوداً قبل آلضّربة ألكبرى, و آلضّربة ألكبرى كما يبدو؛ هي آلحدث ألّذي أوجد آلزّمكان و آلطاقة و آلجاذبيّة و آلمادّة, و لا يُمكننا ألأجابة عمّا حدث قبل آلضربة ألكبرى .. لأنّهُ لم يكنْ هناك زمكان بآلأساس, أو كان هناك شيئاً آخر شبيهٌ بذلك لكن بمواصفات أرقى و أوسع نجهل حقيقتها آلآن .. لأنّهُ من آلصّعب تصوّر ألمادّة خارج ألزّمكان بعقولنا آلمحدودة ألتي لا تعرف سوى أربعة أبعاد للموجودات كما أسلفنا.
تلك "آلأبعاد" ألّتي بحدّ ذاتها حدّدتْ و قوّضتْ ألرّوح و آلتّصور ألعقليّ, لأنها محدودةً أصلاً, هذا بعد ما حدثتْ عمليّة ألهبوط ألأنسانيّ من آلجّنة بسبَبِ موقف أبينا آدم(ع) لجهله و عدم رعايته ألدّقيقة لأوامر الله تعالى حين نهاهُ بِعَدمِ ألتّقرب من تلك "آلشجرة" مقابل إعطائه ألجّنة بحالها و مالها, و بآلتّالي موقف و تدخل ألشيطان ألرّجيم ألّذي غيّر مسير آلخلق بعدَ غوايته لأبينا آدم(ع) فعاقبنا آلباري تعالى جميعاً بإنزالنا إلى آلمرتبة ألأرضيّة بعد ما كُبّل أبونا آدم(ع) و آلبشريّة من ورائه بجسمٍ ماديّ محدودٍ لتبقى فيه ألرّوح أسيرةً إلى أجلٍ مُسمّى كقفصٍ صغير داخل سجن ألدّنيا يُحدّد و يُقوض حركة و إنطلاقة تلك ألرّوح ألمقدّسة؛ خصوصاً إذا لم ينتبه صاحبها لذلك .. لحين تحرّره ثانيّة و آلرّجوع إلى أصلها بعد عمليّة ألموت كفاصلٍ بين ذلك آلسّجن و آلحريّة ألتي معها تنتفي ألأبعاد ألأربعة ألتي أشرنا لها.. و ألموت في آلحقيقة هو؛ لحظة آلتحرّر و آلخلاص و آلرجوع إلى آلأصل للأنطلاق إلى آلحياة ألحقيقيّة ألأبديّة ألغير محدودة بإذن الله!
كيف لا يكون آلموت حياةً حقيقيةً و هو يُحرّرنا من هذا ألسّجن "آلقفص" ألّذي وُضعنا بداخله ضمن تلك آلأبعاد ألأربعة, لنلتقي بآلمعشوق ألأزليّ ثانيةً بعد فراق و هجرٍ طويل مليئ بآلقصص و آلحوادث ألمؤلمة؟
ما هو آلحدّ ألأعلى لطاقّة ألضربة ألأولى؟
غرام / سم31094 يُقدّر ألعُلماء ألطّاقة ألعظمى ألّتي توّلدتْ من آلضّربة آلكبرى بما يُكافئ نحو
هل ألكون رُباعيّ ألأبعاد؟
توصّل ألعلماء بعد تحقيقات متواصلة إلى أنّ آلأبعاد ألحقيقيّة للكون رباعيّة ألأبعاد, لأنّ أيّ جسم في آلكون يُحدّد أبعادهُ بـ "ألطول و آلعرض و آلأرتفاع و آلزمن", و إنّ أيّة حادثة لا يُمكن أنْ تُحدّد بدقّة تامّة إلّا من خلال تلك آلأبعاد ألأربعة, من حيث عدم وجود موجود مُستقلّ مُطلق خارج آلأحداثيات آلأربعة سوى الله تعالى(2)!
إنّ حوادث الكون تسري عبر تواصل زمكاني, و بآلتالي فآلكون رباعي الأبعاد رغم صعوبة تصوره و ليس ثلاثي كما يتصوّر ألكثيرون.
فآلموجودات تتضمّن فضاءاً مُنحنياً تتمركز في حقيقتها .. للكينونة التي أودعها الله تعالى فيها, و مهما قيل في شكله, فلن نستطيع آلتوصل إلى معرفة شكله ألربّأعيّ ما لم ندرك طبيعة ألبُعد ألرّابع(ألزّمن) و آلقوّة ألخافية ألمُحرّكة خلفها و نسبتها في حركة ألكائنات!؟
ما هي ألقوّة ألأوليّة ألمُحرّكة للنّجوم؟
تتمثل ألقوّة ألأزليّة ألمُحركة للوجود و آلمجرّات و آلكائنات؛ بقوّة الله تعالى, حيث تجلّتْ بعد آلضربة ألكبرى أو "ألأنفجار العظيم" ألذي فجّر ألبيضة ألكونيّة و آلتي كانتْ بحجم علبة ألكبريت أو ألذّرة حسب آلرّأي ألمشهور بين آلعُلماء .. ليُولّد بعدها كوننا هذا آلّذي نحيا فيه.
هل ألجاذبيّة تُحرّك ألنّجوم؟
إن حقول ألجاذبيّة تمتلك طاقّة, و تلك آلطاقة تُولّد جاذبيّة بنفس آلطريق و آلآليّة ألتي تقوم بها آلمادة, و إنّ حقول ألجاذبيّة ألثقالية ذات تفاعل ذاتيّ, و قد وضّحتْ نظريّة آينشتاين في آلنسبيّة ألعامّة دور كتلة ألأرض ألكليّة في آلطاقة و آلجاذبيّة.
كيف يكون آلفضاء بدون آلجاذبيّة؟
لا يُمكن للفضاء أن يقوم بدون قوّة ألجاذبيّة, فهناك قوى جاذبيّة متعالة بين آلنجوم من جهة و بين آلمجرات ألكبيرة من جهة ثانيّة تدور جميعها بسرعات تتناسب و مدار و حجم كلّ نجمة و مجرّة, و أنّ أي إختلاف في سرعة أو مدار أيّة نجمة أو مجرّة تؤدي إلى كوارث كونيّة عظيمة تتحطّم معها جميع أنظمة ألكائنات و آلمكونات.
من هنا نرى أنّ معظم آلناس يظنون فقدان وزن رواد ألفضاء في دوارنهم بمركباتهم ألدائرة خارج ألمجال ألأرضي, لكنّ آلحقيقة هي وجود قوّة جاذبيّة مُختلفة, و إنّ قلّة ألوزن هو بسبب ضعف ألجاذبيّة آلأرضية حين آلأبتعاد عن ألأرض و طغيان ألقوّة ألطاردة ألمركزية ألناتجة عن فعل ألدّوران, و لو حذفنا ألجّاذبيّة فكأنّنا نلغي ألزّمكان.
ما هي سرعة ألجّاذبيّة؟
أثبتتْ ألتّجارب ألحديثة؛ أنّ سُرعة ألجّاذبيّة هي نفس سُرعة ألضّوء.
هل للكون نهاية؟
ما دامتْ آلنّظريات ألعلميّة أثبتتْ بأنّ للكون بدايةً؛ فلا بُدّ أنْ تكونَ لها نهايةً! و قلّة من آلعلماء قالوا بعدم وجود نهايةً للكون, حيث يبدو إنّه كونٌ مفتوحٌ لا بدايةَ له و لا نهاية. و آلزّمكان عنصرٌ أساسيّ فيه.
و يُمكننا تلخيص ثلاثة نظريّات للعلماء حول مصير ألكون:
ألأولى: ترى أن ألكون ليس له نهاية, و هو في حالة توسّع دائم بمجراته ألمُتباعدة عن بعضها بإستمرار و بسرعة و هي إنعكاس لقوّة و إستمراريّة إنفجار ألضّربة ألكبرى, و هذا آلتوسع سيترك مسافات شاسعة مُتزايدة بإضّطراد من آلفراغ ألكونيّ بين آلمجرّات.
ألثانية: ترى أنّ آلكون لا نهائي في آلفضاء و آلزّمان, و مجرّاته موزّعة بشكلٍ متجانسٍ عبر آلكون, و ليس له بداية و لن يكون له نهاية, و سيبقى هكذا من آلأزل إلى آلأبد, و بآلرّغم من أن مجراته و نجومه تموت و تزول, لكن تظهر موادّ جديدة تُعوضّ ألمادّة ألّتي تُفقد.
و آلمادة ألجديدة مُمّثلة بذرّات ألهيدروجين ألتي تُخلق بثبات في آلكون ذاته و من لا شيئ, أي من آلعدم, و يُخلق بإستمرار لملئ ألفضاء ألذي يتركه آلتوسع خلفه, و هذه ألمادّة ألهيدروجينيّة ألّتي تُولد؛ هي ما تُعرف بإسم ألمادة ألخفيّة.
ألثالثة: ترى أنّ للكون نهايةً كما كان له بدايةً .. بدأتْ من(ألضّربة ألكبرى), حيث إنّ آلتمدّد و آلتّوسع ألكونيّ لا يستمرّ إلى ما لا نهاية, بلْ يتوقف عند حدّ زمكاني مُعيّن, لتعود عنده آلحركة ألكونيّة إلى الأتجاه ألمُعاكس(ألتقلص و آلأنكماش) من تقارب للمجرّات و تقلص للفراغ بينها لتعاود ألتجمع في بيضة كونيّة ممّا يُشكل نهاية لدورةٍ كونيّةٍ عند آلثقوب ألسوداء .. يقدّرها هذا آلفريق بنحو 80 بليون سنة ضوئيّة, و آلكون مستمرٌ بدوراتٍ مستمرةٍ.
و هذا آلرّأي يتطابق مع آلرأي ألقرآني حسب ما ورد في آلقرآن ألكريم(3), لذلك يتوجّب على آلأنسان أنْ يعرف قيمة ألعُمر و آلزمن ألذي حدّده الله تعالى لكلّ مخلوق, كي يستغلّها في آلعمل ألصّالح قبل فوات ألآوان, حيث لا ينفع آلندم يوم آلحساب حين يقول آلبعض: [حتّى إذا جاء أحدهم ألموت قال ربّى أرجعونِ لعلي أعمل صالحاً فيما تركتُ كلّا إنها كلمةٌ هو قائلها و من ورائهم برزخٌ إلى يوم يُبعثون](4), و لا يستطيع أن يكون الأنسان صالحاً ما لم يفهم نفسه أوّلاً و قبل أيّة معرفة أخرى!
و قد أشار آلباري تعالى للزّمن, حيث خصّصَ سورةً كاملةً لذلك سميّـتْ بـ "ألعَصْر"(5), كما إنّ آلرّسول ألكريم(ص) حدّد آلعمل ألصّالح في حديث مشهور إستجمع كل عملية ألبناء ألحضاريّ و آلمدنيّ وإعتبره صدقةً جارية بقوله:
[سبعة أسباب يكسب للعبد ثوابه حتّى بعد وفاته؛ رجلٌ غرس نخلاً, أو حفر بئراً, أو أجرى نهراً, أو بنى مسجداً, أو كتبَ مصحفاً, أو ورثَ علماً, أو خلّف ولداً صالحاً ينتفع به](6).
لقد أعطى هذا آلحديث أهميّة فائقة لتلك آلأعمال ألتي تُقدم آلمجتمع و تُسعده .. حين أشار آلرّسول(ص) إلى أنّ أهمّيتها تتعدى آلحدود ألدنيويّة و تبقى فاعلةً بآثارها آلأيجابيّة ما دامتْ لتلك آلأعمال إمتداداتٌ في حياة آلبشرية جيلاً بعد جيلٍ إلى يوم القيامة.
و من آلجدير بآلملاحظة أيضاً؛ أنّ جميع ألرّسائل ألعمليّة و آلكتب ألفقهية ألقديمة منها و آلحديثة لم تُركّز و لم تُشر للأسف إلى مسألة أهميّة و دور ألتشجير مثلاً في آلحياة ألأقتصادية و آلعمرانيّة و في آلأستقلال ألأقصادي و آلوفرة في آلمحصول و دورها في تلطيف ألطّبيعة و آلقضاء على آلتلوث, و آلبُعد ألجّمالي للحدائق و آلبساتين و آلغابات و أثره في روح آلأنسان و في آلنّهاية تحقيق ألرّفاه و آلتّقدم لنيل ألسّعادة.
فآلماء له دورٌ أساسيّ و مُباشر في حفظ و إدامة ألحياة و تأمين ألصّحة و آلسلامة في آلمجتمع!
و كذلك أهميّة ألأنهار و آلمبازل و آلسدود في عملية إرواء ألمزارع و حفظ حياة ألكائنات ألحيّة كآلحيوانات و آلطيور و حتىّ آلأنسان.
و كذلك أهميّة ألمسجد – ألمسجد ألذي منهُ يشعّ آلعلم و آلمعرفة و آلكلمة الطيبة ألصادقة كمدرسة إلهيّة لتربية ألأنسان, فمساجدنا إقتصرتْ عملها للأسف على أداء بعض ألمراسيم و آلمناسبات ألتأريخية, بعيداً عن هدفها آلأساسي.
و كذلك كتابة ألمصحف أو توريث ألعلم – جميع ألأختصاصات - عن طريق ألتأليف و آلمحاضرات و آلنشرات ألورقيّة و آلأليكترونية, لما له من دور في عملية ألبناء ألفكري و آلحضاري و آلتنموي, فما حدث في هذا آلمجال لحدّ آلآن و ما زال مستمراً هو حالة ألتراكم بسبب آلتكرار و إجترار ألأفكار و عدم آلتجديد بين آلمدّعين للعلم, فعندما تُطالع لبعض من أسموهم بـ "آلعلماء" و "آلمراجع" تكاد لا ترى أيّ جديدٍ في مؤلّفاتهم, رغم إنّ آلبعض منهم ألّف في الظاهر أكثر من ألف كتاب بعناوين برّاقة و ربّما جذّابة بعيداً عن ألمنهجيّة و آلتجديد .. لكونها خالية من آلعلم و آلحقائق ألتي تُناسب تطور ألتكنولوجيا و العقل آلأنساني و آلروابط ألأجتماعيّة .. و لا تعدو أنْ تكون جميع مؤلّفاتهم تكراراً لا تُناسب غير آلأموات .. بمعنى إن مؤلّفها يجب أنْ يُعاقب لا أنْ يُكرم كما يفعل بعض مُريديه و مُقلّديه لجهلهم و تعصبهم و ضيق أفقهم ألفكريّ .. لكونهم – أيّ ألمرجع – إستغلّوا آلدّين لمصالحهم ألضّيقة و الذاتية ضمن إطارٍ محدود, ممّا سبّبوا إتلافاً لوقت ألنّاس و إمكاناتهم و جهودهم و بآلتالي دمّروا جزءاً كبيراً من عمرهم و طاقاتهم و إقتصادهم و سعادتهم و شَغَلَوهم بآلتّوافه و آلتّكرار من آلأمور ألّتي ما خَدَمَتْ و لا قدّمّتْ ألأمة و آلبشرية قيد أنملة .. بلْ كرّستْ تخلّفْ ألأمّة و تبعيّتها لأعداء الله و آلأنسانيّة, و تلك أسوء حالة مرّت بها ألمرجعيات ألدينيّة ألتقليدية, و ما يزال آلبعض منهم في آلحوزة العلميّة مُستمرّة بذلك آلنهج جهلاً أو تجاهلاً للأسف ألشديد.
من هنا لاحظنا و نلاحظ كيف أنّ أكثر مُريدي أمثال ألبعض من هؤلاء ألمُدّعين للعلم و آلمرجعيّة ألدّينيّة سبّبوا تدميراً للفضاء ألعمليّ لتوحيد الله في آلمعمورة بل و آلشرك بآلله في آلمقابل .. حين إتّخذوا بلا وازعٍ و تقوى؛ أليهود و آلنّصارى و حكومات ألغرب ألظّالمة مأوىً و ملجأً لهم بدلاً من ديار ألأسلام و آلمسلمين ليبثوا و يكرّروا تلك آلثقافة و آلمفاهيم ألّتي فرّقتْ آلأمّة و شتّتهم .. و هم يحسبون أنّهم يُحسنونَ صنعاً!
كلّ ذلك بسبب عدم إصالة ألفكر و آلثقافة ألّتي إدّعوها و عدم إخلاصهم؛ لتكوّرهم على أنفسهم .. بعد ما فشلوا في تجسيد آلتّوحيد ألعمليّ لله تعالى بتركهم للعمل ألمُنتج ألمفيد حسب ما حدّدته ألرّواية ألمشهورة التي ذكرناها آنفاً و بكلّ ما أوكلهم الله تعالى به مع آلشّرط ألأساسيّ ألّذي لا يجوز ألتّحيّد عنهُ و هو: ألتّوليّ و آلتبرّي – أيّ تولي أولياء الله ألصالحين و نصرتهم و آلتبرّي من أعداء الله الظالمين و مُحاربتهم.
أمّا بآلنّسبة إلى تربية ألأبناء ألصالحين كما وَرَدَتْ في آلرّواية؛ فأنّها تحتاج هي آلأخرى إلى وعيّ كامل و شامل و مقدّماتٍ, لا بُدّ لمنْ يُريد تحقيقها من معرفتها بحسب ألمنهج ألقرآني و منهج ألعترة ألطاهرة(7) لتكون جميع تلك آلمحاور ألسّبعة صدقاتاً جاريّةً في حياته و بعد حياته إلى يوم ألقيامة, و بذلك يكون صاحب هذا آلسّفر قد حقّق كشفاً لبعض أو مُجمل أسرار ألوجود بسبب معرفته بقيمة و دور ألزّمن في حياة ألأنسان.
ما هو آلعدم؟
يُمكن آلقول بأنّ آلعدم يُمثّل ألحالة ألسّلبية لكلّ ألمواد ألطبيعيّة و ما يتّصل بها, فهو عموماً أقلّ من آلفراغ ألذي بإمكانه أن يمتلك بُعداً و إمتداداً, أما آلعدم فلا إمتداد و لا ابعاد و لا تركيب و لا زمن و لا سياسة له و لا أي شيئ آخر!
و آلذي أراه حسب بعض المؤشرات هو عدم وجود آلعدم في آلمستقبل – هذا على آلأقل - بعد ما خُلقنا و كُلّفنا بأداء ألفروض ألّتي لها لواحق و تبعات ستستمر حسب ألوعد ألألهي ألّذي قال: [ إنّ الذي فرض عليك آلقرآن لرادّك إلى معاد ...](8) فأمامنا معاد مع آلله تعالى و يوم قيامة و جنّة و نار و خلود, و هذا هو الأهم ألّذي يُعنينا آلآن و نحن مُكلفون بآلتّركيز على ذلك لأنّه يرتبط بمستقبلنا و خلودنا إمّا في الجنة فنسعد أو في النار فنشقى.
قد يكون مفهوم آلعدم يرتبط بآلزّمكان ألأرضيّ – و ليس ألزّمكان ألألهي – لأنّ وجود الله تعالى أزلّيٌ أبدي لا أوّل له و لا آخر و هذا يُنفي ألعدميّة من آلوجود .. و حين ظهور ألكون ثمّ آلخلق بعدهُ؛ تجلّى لنا عبر آلزّمكان بعض حقائق هذا آلوجود و ليست كلّها حين منّ آلله علينا بإرساله للرسل و آلأنبياء لإخبارنا بتلك آلحقائق و آلتي لا يُمكن إدراكها تماماً مهما أوتينا من العلم – حتى لو قدرنا على إستجماع كلّ عقول ألبشر مع آلأنبياء – ما لم نفهم و نعي معنى و حقيقة ألعشق و آلمحبّة لأنّها تتعدّى حدود ألعقل إلى آلعقل ألأكبر و آلأساسي في وجود ألأنسان, و هذا ما سنُبيّنه في آلحلقة ألقادمة إن شاء الله تعالى, و لا حول و لا قوّة إلّا بآلله آلعليّ ألعظيم.
عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال تعالى: [و آلسماء بنيناها بأيدٍ و إنّا لموسّعون](ألذاريات / 47).
و لعلّ آلحكمة من هذا آلتوسع تكمن في أنّ الله تعالى يُريد أن يُوضّح لنا بأنّ عقولنا ألمحدودة لا يُمكن أن تُدرك أبعاد و حقيقة هذا آلكون الذي نلمسه و نُحدّده بعقولنا لكونه يتّسع بإضطراد .. و لذلك فنحن أضعف منْ أنْ نعرف حقيقة ذات الله تعالى ألمقدسة و كينونتها .. ما دُمنا عاجزين عن معرفة ما هو أقلّ من ذلك بكثير .. و هو ليس إلّا واحداً من إبداعاته تعالى, و إنّها مرحلة معرفيّة تتقدم على معارفنا و معارف هذا آلكون ألكبير!؟
(2) نستثني من آلمخلوقات صنف ألملائكة و آلجّن و ربّما مخلوقاتٌ أخرى لا نعلمُ عنها آلكثير.
(3) قال تعالى: [إنّه يبدأ الخلق ثمّ يُعيده](يونس / 4).
و قال: [إنّه هو يُبْدئ و يُعيد و هو آلغفور ألودود](ألبروج / 13).
و قال أيضاً: [...ألله يبدأ الخلق ثمّ يُعيدهُ فأنّى تُؤفكون](يونس / 34).
(4) سورة ألمؤمنون / 99 – 100.
(5) سورة آلعصر: [ و العصر إنّ آلأنسان لفي خُسر إلّا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بآلحقّ و تواصوا بآلصبر] صدق الله العليّ العظيم.
(6) حديث نقله أكثر المُحدّثين و منهم صاحب ثواب الأعمال.
(7) للأسف نرى أنّ أكثر ألمراجع ألتقليديّين و وكلائهم حوّلوا إسلام أهل ألبيت(ع) إلى إسلامٍ خاملٍ و دكاكينَ للأرتزاق عبر إستغلال عواطف ألنّاس و إستحمارهم لنواياهم, بينما هدف ألعترة ألطّاهرة ألذي هو تجسيد لمبادئ القرآن الكريم هو لتحقيق سعدة البشريّة عبر آلحكومة ألأسلاميّة, و هي من أهمّ واجبات آلفقهاء في عصر ألغيبة الكبرى التي نعيش أتعس فصولها بسبب حكومات آلأرض ألوضعية ألظالمة, فأمر ألأمام ألحجّة بآلرجوع في الحوادث الواقعة هي إشارة ضمنيّة إلى أنّ من واجبات الفقيه هو التصدي لأمور المجتمع على كلّ صعيد و إن ألحوادث الواقعة لا تعني الصوم و الصلاة و الحج و الخمس و الزكاة .. لأنّ أحكام آلعبادات واضحة و مبيّنة منذ أكثر من ألف عام بحسب أحكام القرآن و أحاديث الرسول(ص) و آلأئمة(ع) و لا تُدخل ضمن آلحوادث ألواقعة.
(8) سورة ألقصص / 85.
#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟