سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1037 - 2004 / 12 / 4 - 09:40
المحور:
حقوق الانسان
--- القول بأن الحقيقة تنتصر دائما على الاضطهاد والقمع،هو من الأكاذيب المستحبة،والتي يرددها الناس ،وان كانت جميع التجارب تؤكد بطلانها .فالتاريخ زاخر بالأمثلة الدالة على أن القمع كثيرا ما يسحق الحقيقة،وهو إن لم يطمسها إلى الأبد ،فانه يقذف بها إلى الوراء ،مؤخراً ظهورها سنين عديدة.ومن العبث العاطفي أن يقال أن الحقيقة لمجرد أنها حقيقة -فإنها تحمل في باطنها قوة كاملة تحصنها ،لا توجد في الباطل،وتجعلها تنتشر وتحمي صاحبها من السجن والإعدام.والواقع أن حماس الناس للباطل قد لا يقل في كثير من الأحيان عن حماسهم للحقيقة .وان التطبيق المعقول للعقوبات القانونية ،وحتى للعقوبات الاجتماعية ،ينجح،بصفة عامة،في وقف انتشار الحق والباطل في آن واحد.غير أن الميزة الأصلية التي تتمتع بها الحقيقة هي ما يلي:عندما يكون الرأي المعارض صواباً،فانه قد يتم إخماده مرة أو مرتين أو مرات كثيرة،لكن على مر العصور سوف يظهر ،بصفة عامة،أشخاص يعيدون اكتشافه من جديد،إلى أن يتصادف أن يقع ظهوره المتكرر في عصر توجد فيه ظروف ملائمة تجعله يفلت من القمع فيتمكن من عمل جبهة تجعله يصمد أمام جميع محاولات القمع التالية.
يُقال اليوم:في هذا العصر الحديث،لم نعد نعدم من يقدم أفكارا جديدة،لسنا في ذلك كآبائنا الذين ذبحوا الأنبياء،بل إننا نبني لهم أضرحة ومدافن.وذلك صحيح فنحن في عصرنا الراهن لا نحكم بالإعدام على معارضي فكرنا،ومخالفي رأينا،،والعقاب الذي ننزله فيهم،يمكن للشعور الحديث تحمله،لكن ينبغي علينا أن لا نتوهم بأننا تحررنا من وصمة القمع القانوني .فلا يزال القانون عندما ينزل عقابا على من يعتنق آراء معينة ،أو على الأقل من يُعبر عن هذه الآراء ,ولا نعدم العديد من الأمثلة .
2
يقولون صحوة للدين?والحقيقة أنها نبع للشرور القادمة،استمرار لإحياء التعصب،وانطلاقة لأصحاب العقول ضيقة الأفق غير المثقفة،أحيانا المثقفة،وهي مشاعر شريرة حاقدة،ظلت على الدوام قابعة في العقل الباطن العفن للأصوليين ،وهذه المشاعر المدمرة،لا تحتاج سوى إلى شرارة صغيرة،كلمة مؤذية،ليقوم اتباعها ومعتنقيها،بقمع دموي لأولئك الذين يعتقد هؤلاء الإرهابيون القتلة ،أو الأصح ،انهم لم يتوقفوا،عن الاعتقاد أن الفئات التي تخالفهم ،المعتقد،هي أهل للاضطهاد بشكل دائم ومستمر.والواقع أن آراء الأصوليين ومشاعرهم وأفكارهم المدمرة وطرقهم الشيطانية التي يطبقونها تجاه من لا يؤمنون بأفكارهم ومعتقداتهم ،هي التي تنفي عن بلادنا أن تكون ملاذاً للحرية العقلية.إذ أن اكبر ضرر أحدثته القوانين،هو تقويتها للوصمات الاجتماعية.فهذه الوصمات هي المؤثرة ,حقيقة،وهي بالغة الأثر،ولقد بلغ من تأثيرها أن اصبح الجهر بآراء يجدها الأصوليون غير متوافقة مع طروحاتهم،يؤدي إلى قطع الرأس أو طعنة من خنجر مسموم.
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟