|
كركلا تمسرح حلم شكسبير الصيفي
فاروق أوهان
الحوار المتمدن-العدد: 3484 - 2011 / 9 / 12 - 11:08
المحور:
الادب والفن
رقص المسرحي كركلا في حلم ليلة شرق تقييم وتحليل د. فاروق أوهان (*)
ما الذي يمكننا القول عن عرض فرقة كركلا للرقص المسرحي المعنون (حلم ليلة شرق) أن المستقى قلباً، وقالباً عن مسرحية (حلم ليلة صيف -) لوليم شكسبير، وبماذا يمكن مقارنتها. بل مقاربتها إذا صح التعبير، فليس من مسائل بعرفها المتفرج العربي. ولا بدائل لها، حتى ولو لم ينفرط عقد فرقة الرحابنة، لم يكن جائزاً التوغل في المقاربة أيضاً لبعد لون عن آخر. ولكن يبقى لنا الخوض في منحنيات الإبداع على مستويات تتعلق غالبها بنص المسرحية الأصلي، ولتجارب متميزة عالمياً، وعربياً. لا يهمنا البعد الزمني في المعالجة لأن الإبداع لا يؤطره زمان ولا مكان، وإلا لما دام فن شكسبير حتى يومنا هذا، وقد تجاوز الأربعة قرون بأكثر من عقدين. الحلم الذي رواه بروك للإنجليز بدينا هما مقاربتان اثنتان مهمتان لحلم الليلة الشرقسة: الأولى مسرحية حلم ليلة صيف من إخراج بيتر بروك - عام 1970، وهي رؤية إبداعية راقية لإخراج المسرحية. رفعها بروك من مستوى النظر لهذه المسرحية على أنها لا تعدو عن كونها مسرحية ساخرة، ومن كوميديات شكسبير الضعيفة، إلى رؤية فلسفية لها، لم يجرؤ على إعادة إخراجها مخرج بالجزر البريطانية على الأقل، حتى ما بعد عام 1985. فقد سكن كل من حاول التصدي لها بعد بروك: فما الذي سيضيفه بعد ذلك التفسير، وتلك الومضات الإبداعية العالية التي خطها بروك في إخراجه للحلم الشكسبيري في السبعينيات. سواء في المعالجة في لحمة المسرحية ذاتها. أو في التفاعل بين الممثل والآخر، وبينه وبين الجمهور. إن سبب مقاربتنا لذلك الإخراج لما قبل ما يقارب الربع قرن، يعود منطلقاً بالأصل من ذلك الحلم الأسطوري الذي دخلناه وبروك معاً، بينما كنا نتوجس مما يسمى مسرحاً عربياً وقتها. وكان لنا أن ننبهر وفتها بالعمل، لأنه لسبب ما متعلق بشخص المخرج بيتر بروك نفسه لا بفرقة شكسبير الملكية ذاتها. فهي مثيلاتها ليس في إنجلترا، ولكن في أوروربا أيضاً، لم تتجاوز عروضهم (مصيدة الفئران – لأغاثا كريستي)، مهما اختلف اللون والطرح والمعالجة، فقد كان الجميع يقدمون وجبات مسرحية مسائية لما اعتاد عليه الناس. وضمن تقاليد عروض المسرح الأوروبي السائدة. لكن بروك صدم المتفرج الإنجليزي المحافظ كصدمته بفرقة البيتلز قبلها، فتعالى التصفيق ربما لأول مرة. أو ربما في واحدة من المرّات النادرة كرد فعل لفعلي الاندهاش والدهشة الفنيين. اللذين لم يعطيا مجالاً للشك بأن هذا الروسي الأرومة، الإنجليزي الولادة والتربية بروكك قد فسّر شكسبير بشكل لم يظهر قبله من خفقت له أجنحة الجمهور البريطاني. وكانت تلك البدايات لانطلاقة جديدة لبروكك وللعالم المسرحي، تألق جديد لتحديث شكسبير الذي يعاصرنا كما أشار يان كوت، الناقد المسرحي البولندي، وصدق في شكبير كان ولا يزال يعاصرنا بأفكاره التي دونها وأخرجها لمعاصريه بعبقرية المعرفة. لكن المخرجين في عصرنا لم يكونوا إلا محافظين أتقياء، لا يقدمون على أعمال شكسبير إلا باستحياء ووجل، فغلبهم بروك في هذه المسرحية، كذلك تجاوز أنجمار برغمان – هو الآخر من أخرج مسرحية الملك ليير قبله، وذلك عام 1984ن وشاهدناها عام 1985 في مهرجان برشلونة للمسرح العالمي. إن المحافظ الإنجليزي في عرض بروكك ليلة حلم شكسبير الصيفية، قد جعلته يصفق أثناء التمثيل، عندما انبهر بأداء دور بوكك -، وممثلة دور هيرميا -، وهكذا فإننا لا نعتبر هذا خارج المعتاد ببساطة، بفعل تلك التوريات التي تداعى إليها المتفرج من خلال تفاسير بروكك المنعكسة من خلال أداء متميز للمثلين البارعين. إضافة لما خلقته تلك التفاسير السينوغرافية لتساعد الأداء الآني وقتها. والتي كانت خارقة للعادة، عندما رعدت العواصف أمامنا من خلال مشاهدتنا للفنيين وهم يقومون بتحريك الصفيح. أما بوكك – نفسه، فقد ركب دراجة عالية رفعته فوق جدران الديكور المحيطة بالمشاهد، ونام الحمار مع الملكة في أرجوحة فضائية لم تنزا حتى زوال فعل السحر. ويطول الحديث جداً عن فنيات، وتفاسير العرض البروكي للحلم الشكسبيري في صيفيات عام 1970. الإسبان يرقصون داخل الحلم الصيفي: أما المقاربة الثانية في الإخراج الإسباني للمسرحية التي عرضت بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي بدورته الخامسة لعام 1993، التي حازت على جائزة أفضل عرض مسرحي من إخراج هيلينا بيمتنا، تعتبر المسرحية أكثر قرباً من عرض كركلا للخلك الشكسبيري ذاته زمناً، كما أن بينهما قرباً آخر هو القرب التعبيري الذي يسمى في لغة المسرحيين الرقص التعبيري. فهناك رقص تعبيري إيمائي يختصر الكلام، وربما يعوّض في كثير من الأحيان عن صفحات من الديالوغات، أو المونولوغات الكلامية، وهو رقص يسري بنمن خلال حالة الرقص المتجلية في الميتاسفير بين مخيل المبدع وتصويراته المجسدة في لعب الممثل الراقص، وبين مخيلة المتفرج في حالة من السهوم والتداعي الخلاقين. هنا في كركلا يكون الرقص هو المتسيد على الإيماء والتمثيل، لكن يمعالجة درامية واضحة لا تبتعد عن أية معالجة إخراجية، ذلك لأن هناك خيط رفيع بين المسرح الراقص، والرقص المسرحي. فالرقص المسرحي في مسرحية تعتمد التعبير أكثر مما تعتمد اللغة، وهو الذي يسود العالم المسرحي، والمسرح العالم الآن. وصولاً إلى أكبر عدد من الجمهور، ومن أوسع المداخل، ألا وهو استعمال لغة التفاهم العالمية: لغة التعبير الجسدي، بكل مفاهيمها منحنياتها، خصوصاً تلك المسرحيات التي تتوسل التجول حول العالم. أو تشارك في المهرجانات العالمية. لهذا فإن العرض الإسباني قدم مسرحية حلم ليلة صيف الشكسبيرية بالرفص التعبيري الناطق في أجزاء قليلة منه. وكان أكثر التصاقاً بالمعطيات المسرحية، وأكثر حميمية، رغم الاستعانة الكبيرة بفنون الرفص الشعبي، الفلامنكو الإسباني على الغالب. فلم يستعصي على الجمهور المصري والعربي معاً، إضافة للضيوف الذين استعانوا بلمخص وتفاسير قدمت له في كتيب العرض. بل حصل التواصل من خلال حسن إفراز المجموعة المبدعة لحركات لإيمائية استوعبتها، فقدمتها بديلاً موازياً للغة المحكية. والهنغار يعبرون عن موت أنتيغون: تؤكد المخرجة بيمنتا قائلة: "إن عروضي لا تعتمد على عنصر مسرحي دون الآخر، ولكنني أجمع كل العناصر، ثم أضيف إليها رؤيتي الخاصة التي تجعل الخشبة، والإطار عموماً عبداً للممثل"، فهي بذلك تسخّر كل شيء حولها في فضلءلت المسرح لطاقة الممثل الخلاقة، ولكن بتعابير محسوبة، ورموز إنسانية عالمية مفهومة لكل البشر أينما كانوا، وهنا يستوجب الإشارة لتلك المحاولات المسرحية، لفعل إلغاء الحوارية في المسارح العالمية المعاصرة، حتى لتلك المسرحيات الأكثر كلاسيكية، مثل مسرحية أنتغيونا الإغريقية التي وظفها ببراعة المخرج الغيروغرافي المجري، فرنس نوفا - . حيث لم يستعن بأكثر من التعبير الجسدي، وترك جانباً حتى الرقص الصرف في الغالب، في أعقد مشاهد الذروة كمشهد مناجاة أنتيغونا وهيميون قبل التضحية بنفسيهما موتاً ضد الحاكم كريون خال أنتيغونا، ووالد هيميون نفسه. الرؤية البصرية للنص: وتشير المخرجة الإسبانية بيمنتا إلى عملها مع السينوغرافيا قائلة: "إن السينوغرافيا هي تلك الرؤية البصرية التي تنطلق من النص لتشكل عالماً جمالياً، وتخلق حالة خاصة للمتفرج"، بمعنى أن النص هو موّلد حالات السينوغرافيا الخفية، ومنها ينطلق المخرج، وإليها يعود عندما يوظف الممثل، لا ان يبقى شكلاً تزينياً، ولا حاجة وقتية. أو موقعاً أشار إليه النص عرضاً. فكما لاحظنا فإن الغابة عند بروكك لم تكن تلك الغابة التي نوه شكسبير في ملاحظاته، لأن بروكك لم يكن ليقدم في الثلث الأخير من القرن العشرين، غابة شكسبير، بل أبدع غابة عصره هو عصر بروكك نفسه لاغير، رغن أنها غابة في كلتا الحالتين. كذلك الحال مع العرض الإسباني للمخرجة بيمنتا، فقد كانت وظيفة السينوغرافيا راقية جداً خدمت مجالات العالم الواقعي، بكافة أجوائه، بين سوق، وقصر، وغابة. ووظفت لإبراز خفايا عالم الجان، حيث الفضاء الرحب لتلك الفسح المزدحمة في خيال المتفرج. ولهذا فإن المقاربة الإسبانية التي نود أن نشير لبعض رموزها التي تجاوزت الغموض فيها. هي مسألة السحر بوردة الحب، أو وردة الحب التي كان لفعلها مردود وقتي لتبدل المشاعر، لم تأت إلا من عالم ماورائي أحسه المتفرج، وشعر بميتافيزيقيته. كذلك تلك الحود الفاصلة الواضحة بين عالم الجان، وعالم الناس الذين لا يرون الجان، بينما نرى نحن الجمهورمن خلالهم ما لم يره أهل الغابة من البشر. تلك العقدة المتتنعة في تنفيذها، والمستعصية حتى على أمهر المخرجين، وأكثرهم دقة في حل رموز الاتصال، تخلص منها كل من بروكك، وبيمنتا بحذق، وبراعة جمالية متفوقة. وهذا هو واحد من الأمور التي عقم فهمها، فاستعصت على فهم جمهور كركلا الشرقي لحلم شكسبير الصيفي. فحالة سحر الحمار – وعشقه لملكة الجان تيتانيا -. جاءت من خلال دفوف الجنيات التي لا تختلف عن الدفوف الآدمية بذاتها، والتي تميزت من خلال ورود مثبتة فيها فقط. وبعض التزينات اللماعة في أزياء فئة الجان، وتفصيلها. لكن الحيلة في معالجة استحالة رؤية الجان من قبل الناس في الغابة، وهم الممثلون على الخشبة كجمهور الغابة الآدمي بالنسبة للجان أنفسهم، ومن ثم رفع أحجبة الرؤية لمشاهدة جمهور الصالة للجان، إنما المقصود منه هنا: أن روية الجان من قبل المتفرجين، لا يعني أن جمهور الغابة قد شاهد الجان، أو أنه قادر على مشاهدة الجان والإحساس بهم، والتعايش معهم. فقد كانت هذه الأحاسيس تختلط على الجمهور الحاضر في عرض كركلا باستمرار. فليس بلبس فضائي وإكسسواراته وحدهما يخلق الجان على المسرح، ويتميز من خلالهما عن البشر على خشبة المسرح، وإنما هناك مجالات تعبيرية كثيرة للتوضيح الرؤيوي، والتصويري كالذي نجح فيه العرض الإسباني من غير استعانة كبيرة بتوظيف عنصر الزي بالملابس. ففي حالات اليقظة كان الجان في العرض الإسباني يتعلقون فوق الأعمدة، مثلما استخدم بروكك أعالي جدران الديكور مساحة مناسبة للعب بووكك فوقه مع استخدام عصري، وهو الدراجة ذات العجلة الواحدة. أما حالات التمازج بين الجان والبشر في العرض الإسباني فقد كانت من خلال تجميد تعابير فئة الجان في الغالب، وتحويلها إما لفعل المراقبة بالعيون، والإنصات بالأذان، وإما بالمراوغة والتضاحك الخفي، والمتلصص المتخفي وراء أستر لا يراها البشر، وهي مساحات يتجول فيها الجان بكل حرية، كل ذلك التوضيح التصويري ليس إلا لتوضيح عالم اللاواقع، وإبراز تلك المسافة بين عالم الواقع، وعالم الخوارق. خصوصاً عندما يراد إبراز الحدث الإنساني، والعكس صحيح. كذلك لقد كان التوضيح يعوز عرض الحلم لدى كركلا المخرج. ويأتي هنا دور الحمار المسحور الذي توسط المسافة بين عالمي الآدميين والجان. كان من الممكن للحمار أن يثير فزع الناس عندما تقع أعينهم عليه، أو يرونه. لأن الناس يمكن أن يشيروا إما لرأس الفلاح! المسحور، أو إلى رأس حمار فوق جسده الآدمي. أو لغياب رأس الفلاح! بالمرة. وذلك مما سثسر الفزع، في كلتا الحالتين. فجسد فلاح بلا رأس يثير الفزع والقرف، ومن ثم التشاؤم. الحلم – الكركلي هل هو حلم شكسبيري ولو بالمجاز: يقول كتيب عرض حلم ليلة شرق: "إنها مسرحية مستوحاة من أغرب، وأغنى مسرحيات شكسبير، الأجواء المرحة، وما فيها من فرح ودهشة، وما تتضمن من تناقضات بين العنف، والإثارة، وتحت الظاهر السحري اللعوب يسري تبار آخر أقل مرحاً، وأخفت بريقاًز وهو حكاية العاطقة الشرقية عند مواجهة قوة فوضوية متناغمة في ذاتها. وفي سجيتها، وكأنها قوة ما ورائية تبدو في ظاهرها متسقة النغم، واللحن. ولكنها في حقيقتها لا تمثل الصورة الكاملة. ألبسنا هذا العمل بيئتنا الشرقية لما فيها من جماليات مدهشة تراكمت عبر التاريخ فجاءت مليئة بالسحر، والخيال لتزيين مجمل نوافذنا الاجتماعية. وطموحنا هنا أن تأتي المعالجة بما نقدمه في مسرحنا الراقص لنعبر به عن زمن وإنسان شرقي كجزء من زمن وإنسان العالم". قهل حقاً أن نص شكسبير لم يكن شرقياً، بكل خرافاته، حتى يتم إلباسه ذلك الثوب الشرقي؟ فلو لم يتضمن النص تلك العناصر أساساً فما الذي أوحى لعبد الحليم، وإيفان كركلا بتلك التعبيرات الشرقية الراقصة وكأنها مساحاته التي ينطلق منها، وفضاءاته التي يعود إليها كلما احتاج إلى العون. وإننا لنؤمن بأن شكسبير لم يكن شرقياً في حلم ليلة صيف فقط، وإنما كما تُقرأ مسرحياته الأخرى، وتُشاهد في أجوائها الشرقية المعبرة صمنا، وشكلاُ في كل من عطيل، وهاملت، والعاصفة، وتاجر البندقية، بل وأكثر شرقية في الملك ليير التي استقى الكثيرمن أحداثها شكسبير من قصص الشهنامة. وليس لنا أن نضيف على عطيل غير كونه مغربياً، وعواطفه كلها شرقية، وهذا يكفي لأن يحدث له ما حدث عندما تلاعبت الذهنية الغربية المتجسدة بشخصية ياغو فحطمته، ومعه الحلم الجميل الذي عاشه. إن مسرحية عطيل هي ملحمة التقارب، والتناحر بين الشرق والغرب في أحد عصور الوفاق، والخصام على أطراف ثغور الخلافة العباسية كما تحدثنا سيرة ذات الهمة، ولكن ليس بالتطابق، وغنما بالمعالجة الذهنية للفترة التاريخية، أما مسرحية هاملت فليس خافياً أنها متطابقة مع مآسي سيرة الزير سالم، كلاهما استقتا موضوعيهما من مأساة الأوريستية في شخص أوريستيوس. هذه الأخيرة التي ما تزال تمثل ذلك الانعطاف الأبدي نحو الأب، والصراع بين الابن والزوج حتى ولو كان الزوج هو الأب. أو العم. وفي السوق الشرقي: إذاما ما دخلنا عرض حلم ليلة شرقة، في أمسية الحلم على مسرح المجمع الثقافي بأبوظبي ليلة شباط الأولى من عام 1994، فإن العرض يسحبنا على موسيقى "" التسجيل المرتجع إلى رواية الحدث بإيماءات راقصة. أو رقصات تومئ، وتردمن الحدث لنا. حيث لا يكون حتى المزمار، والدف دورهما الموسيقي العلني. فقد كانتا آلتان تعبيريتان شاهدتين على رودود الأفعال. وقد أوصلتا الصوت المسموع، برؤية لها رونقها الخاص، وباتساق جميل. أما ردود الأفعال للجماعة الراقصة فحاضرة صوتاً وتصفيقاً، مضيفة للمجموع معاني رشيقة وأبعاداً إضافية. تعبر لنا عن جماليات الدخول إلى سوق شرقية، فهناك باعة وبائعات، وقرد وقرّاد، يعبرون عن روح السوق الشرقية الذي لا يخلو من الرواة، وبخاصة رواة السير والملاحم. جاءت في استعراضات لونية حركية، وتناغمت موسيقياً لتعطي للطابع الشرقي مقاساته المحسوية في ذلك العصر الذي لم يدلنا على فترته كركلا المخرج إلا بكونه إما معاصراً لشكسبير. أو أنه متداخل الأزمان، متباعدة حتى نهايات القرن التاسع عشر. ولكن من أين قادنا الكركلان من هذا السوق، وفي هذا السوق نفسه. لقد بدأ كركلا المخرج التقديم البولوغي متوغلاً في أحداث العرض، وبخاصة استعراض وضعيات السوق. كما فعل إبراهيم جلال في مسرحية مقامات أبي الورد لعادل كاظم، عندما توغل في طيات التاريخ، من خلال الحركة السلايدية البانارومية من اليسار إلى اليمين، وبالعكس، بينما تتوقف الأفعال في وسط، ,اسفل يمين، ويسار المسرح عندما يراد لها التأثير المناسب، بإتاحة الفرصة المكانية، والزمانية لإعطاء مدلول مقصود ما. بينما تفعل حرة قطع الديكورات المتحركة، أما الكواليس بديناميكية متوافقة مع ضرورة السكون، ومعاني الحركة الخدمية، أو تأثيرية درامية. ولأن ألوان الأزياء تتضارب في السوق بكل التنقضات الشرقية الصارخة. فإن ما عرضه كركلا مصمم الأزياء عن السوق الشرقية، لم يكن من عين شرقية لنظيرتها، ولكن كما تراها عين عين غربية، وغريبة عن الآلة الفاعة للتذوق الشرقي. ومع أن أية وحدة من وحدات الزي بحد ذاتها، تتكامل وتتناسق بينها وبين وحدات الزي الواحد، ولو أتيح له الانفراد ووضعه في إطاره المناسب لبرزت جمالياته الكاملة ببراعة، ورقي. ولو لفترة تعبيرية لها وقتها المطلوب ضمن الثيمة السائرة، والسائدة معاً. لكن كل تلك الهارمونيات للزي الواحد، تمازجت بأشكال متباينة. فمرة كانت صارخة جداً، ومرة ثانية متداخلة ببعض. وثالثة غير متراكبة، ربما أراد الكركلان أن يريانا فوض "عجفة" السوق بكل فوضويتها، ولا تناسقها المربك حتى على النظر الشرقي. لكنه غاب عنهما أن لكل سوق أو مجموعة أسواق مماثلة وحدتها الموضوعية، لوناً وحركة، صوتاً وإيقاعاً. فسوث الصفارين له ألوانه وأصواته وحركته وإيقاعاته. أينما وجد في العالم العربي، تختلف كلياً عما نجده في سوق البزازين حيث ألوان الأقمشة، وروائحها، وكذا بالنسبة لسوق الصاغة، واللحامين، والعطارين. وهذه بالتالي تختلف فيما بينها عمودياً، وافقياً. لكن ما يجمعها عامة هي كلمة سوق. أما إذا ما افترضنا أن ما قُدم لنا كان خليطاً من مجموع هذه الأسواق فإنها هي الأخرى لا بد أن يكتنفها انسجام ما، مهما كان التباعد في تخصصها. بينما تتوحد في هذه الأسواق كل تلك الزخارف، والتزويقات التي لا يستطيع إبرازها ليلاً سوق عربي، يختلف عن مثيلاته في أسواق الشرق، حتى ولو كانت شرقية إسلامية ولكن إلى أين، ومتى، وما هو المطلوب منا معرفته بعد أن شبعنا من تكرار ما أداه المؤدون، دون تصاعد حركي. أو حدثي باتجاه الحكاية. وهكذا ونحن بصدد السوق، وحتى بعد دخولنا قصر الملك تعترضنا مشاهد عامة غلب عليها الحشو. تبدو في الظاهر العام، نوعاً من أنواع التقديم للموضوع. ولكن أي موضوع؟ إنه تقديم لشرقية الشرق، وليس للموضوع نفسه. لهذا تكونت تلك المشاهد التقديمية بلا غرض درامي ممتع يدنينا ويمهد لنا موضوع المسرحية. وبهذا بعد التقديم ذاته كأي تقديم لا يخدم الغرض الأصل، ولا ينتمي للعرض، مهما بلغت جمالياته من الرقي والتناسق والمتعة. ولا ينتسب إلا لوصلات راقصة، تبعد المتفرج عن مدارارت ما يراد توصيله له. غير البهرجة الجسدية واللونية وإشباع حاجة العين للتفرج ال1ي تملته لفترة كافية، ثم اعتادته فملته، حسب نظرية السلوك الاتصالي بين الموصل، والموصل إليه، فأول مرة يرى المشاهد منظر يدهش له، وفي المرة الثانية يرتاح للمنظر، وفي الثالثة يتمتع بالإبداع، أما بعدها ابتداءً من الرابعة فيبدأ الملل يعتري المشاهد، ويفقد عنصرا الدهشة والتشويق عناصرهما العامة، والهامة التي وجدت من أجلها. لهذا ملت حواس الجمهور الأخرى حتى من أفعال الطرب بكل مقاساتها. وضاع فيها الخيط الرابط بين الغيروغرافي عبد الحليم، وبين المخرج إيفان، ولولا ورود اسم جلال خوري أحد أهم رواد المسرح اللبناني كمشرف للسيناريو لقلنا إنه لا نص يقودنا للحكاية، طالما طال مكوثنا في السوق دون طائل، ولأن المتفرج قد جاء ليطرب طرباً يختلف عن طرب الملاهي، بلا موائد تمتد أمامه بشتى ألوان مشهيات المعدة، تتفاعل مع مختلف الحواس الخدرة، لتنام حاسة اليقظة والانتباه. فإنه مازال على يقين بأنه سوف يغذى إن عاجلاً، أو آجلاً، بأفعال التأمل والتفكير، والتذوق الجمالي الراقي. ولكن بعد طول انتظار. فعل الرقص بين الشرقي والتعبيري: إن لوننا الشرقي في تحريك الجسد الفرد، له قياسات معروفة حتى لدى الجمهور المتفرج، ومع التطوير والإضافات الإبداعية بخاصة، تكون هناك جماليات متفردة متاحة. لكنها كحال الملابس عندما تقارن بمجموعها تتراجع كفعل إبداعي متواضع، فلا هي اتبعت أسلوب توحيد المجموعة على حركة. ولا اختلفت واحدة بينها لتبرز، ولا هي تداعت لتخلق ذروة خاصة. وإنما يجوز التعبير فيها بأنها كالفوضى في سوق هرج، وكل يغني على ليلاه. لكن حتى لهذا الاختلاف، نظامه في المسرح، فأية ليلى للفرد سوف تمثلها ليلى الكل. لذلك لم تظ الغيروغرافيا بتنسيق عال، ولا بإبداعية جمالية كافية لتبهر المشاهد، لأن فعل الوصلات كان هو الطاغي من جهة، ومن جهة ثانية فإن تكرار التنويعات التي نشاهدها، وشاهدناه في أكثر من عرض لكركلا بدأ يوحي بالنمطية الكركلية، وهذا ما أثر سلبياً، لأن هذه التشكيلات الحركية التي ابتكرها عبد الحليم كركلا في أول عرض له لم تزد إلا في حدود ضيقة بين مسرحية وأخرى. وصرنا لهذا نرى لكل عرض كركلي نفس المقاسات، والباترونات -، تُفّصل عليها المسرحيات الجديدة، وهكذا ضاعت جمالياته الرابسودية الراقصة التي لم تتألق سوناتاته الحركية.
عرض موسيقي بلا فرقة موسيقية: وقد انسحب التأثير النمطب من السوق إلى قصر الأمير. فلم تحظ بذروات راقية بفاعلية مناسبة. بسبب فعل البلاباكك -، للموسيقى والغناء، الذي لم يفسح أي مجال للتفرد العالي والاتجالات المبدعة للراقص الواحد، أو للراقصين مجتمعين. على الرغم من الجهد الواضح والكبير لملحنين وموسيقيين مشهود لهم في الساحة الموسيقية العربية مثل الفنان زكي ناصيف، والموسيقار وليد غلمية، وللمبدع مارسيل خليفة. فتراجع العرض بالموسيقى المرتجعة، أو المعادة فعل الرقص إلى مستوى الدبكة الشعبية التي يقدمها متطوعون هواة، ونمطيون معاً. وغاب فعل الأداء الحي عن تلك التوقيعات الحيوية الحاضرة للراقص، والمتفرج، ولولا اجتماع وصلات الرقص على سياق الخط لخط درامي عام يقود إلى نهاية القصة، لكان ما قدم لا يعدو أكثر من سهرة لرقص متنوع، يقدم ثيمات مستقلة كما كانت تفعل فرقة الفنون الشعبية العراقية. أو دار الأزياء العراقية. ولعله من المفيد التنويه هنا إلى أن التشبيه الوارد بين وصلات الحلم شرقاً، وبين الدبكة الشعبية. لم تتوارد هنا إلا لأن عبد الحليم كركلا حصر نفسه بمجموعة ثيمات لحركات أبدعها في السابق. وجاء ليعيدها هنا من جديد، فحفظها المشاهد كلون اعتاده، وصارت عند المتفرج مثل الثيمات الشعبية التي يراها، ويمارسها هو في حفلاته وأفراحه. وهذا هو الخطأ الذي ورد. فلولا اسم المسرحية والتعليقات، وخط المسار لنهاية القصة لما استمر صمت المشاهدين ومتابعتهم. بل إن بعضهم حينما سئلوا في الفترة بين الفصلين عما فهموه من المسرحية. لم تتوارد إى ذهنهم ماهية أحداثها, ولا خلاصتها. لأنهم من الفئة التي لم تقرأ شكسبير على ما يبدو. ولم يتيسر لهم قراءة الملخص في كتيب الدعوة. ولهذا فليس لمن يستعين برواية عالمية، أو عربية معروفة أن يستند إلى فهم مسبق لدى الجمهور لأحداث روايته المسرحية الراقصة. حتى لو ضمّن كتيب السهرة تسلسلها. فللمشاهد حق الاستيعاب والمتعة الآنيين. لا التوقف بين لحظة وأخرى، لمراجعة سير الأحداث في الدليل الذي بين يديه، ليقارن الشخصيات بالأحداث، وهكذا ... فقد كان الرقص مع المطر على سبيل المثال، بلا صوت في نهاية مشهدين هو المؤثر فنياً، وجمالياً لعدم كونه مألوفاً. أو نمطاً متداولاً. وهذا ما كنا نتوقع استمراره في مسرحية خيالية عاطفية، تسري أحداثها كما يسري بنا الحلم من شوق إلى كابوس، ومن كابوس إلى خليط من الأمنيات الدافقة التي لا نجدها على أرض الواقع. وليس المسرح إلا حلمنا الواقعي الذي نشاهده، ونحن نتأنق بديكورات الحضارة، ونرتدي أقنعة الإتيكيت، وسلوكياتهما. ولجمود التعبير الذي خلقته موسيقى البليباكك المرتجعة ذنوب إضافية. فمن المعروف أن أياً منا، لو وجهت له صفعة فلسوف يكون له رد فعل مزدوج بين الألم، وبين الدفاع عن النفي ورد الصاع صاعين إن استطاع، أو الخنوع والخوف. لكن إحدى راقصات عندما صفعها الكرباج بحركة عفوية غير محسوبة، لم تبال بالألم الفيزيائي الواقع لها كإنسانة، وإنما تجاوزت الحدث كممثلة راقصة وكأن الكرباج لم يلسعها، مما كان له ردود أفعال واضحة في الصالة من استغراب لجمود حيلة هذه الراقصة اللاممثلة، واللاإنسانية والرافضة لحقوق جسدها عليها. بل إن هذه الراقصة أمعنت في تبسمها بفعل ميكانيكي مرصود لها مسبقاً. غير أن ما كان مناسباً في حلات طارئة كهذه أن تتدرب الممثلة الراقصة على الارتجال، ومهما يكون فإن دور الغناء الجماعي كان فعالاً لتغطية الأمر، وفي توضيح حالة خاصة يصعب شرحها بالتعبير، ومنها مونولوج رواية محور القصة الأصلية التي وردت ديالوغياً بين ملك القص -، ونديم الملك -، والد الأميرة تورا-، كذلك كان من مستلزمات الضرورة المسرحية استخدام الأدوات المسرحية، ولبسها أمام الجمهور عندما تقتضي الضرورة لها، كلبس الجاريات عماماتهن مثلاً. كما كان لدق الصفيح في مشهد كسوف القمر كعادة شرقية معمقة في الذاكرة الجمعية، فرصة أكثر لتأخذ مجالها الأوسع طقساً، وتعبيراً ملازماً للمعتقدات الشرقية التي دعا لتأكيدها كركلا المخرج، وقد تلاه الرقص الصامت المتبوع بالهسهسة الذي كان سيجسد فعل الخوف، والتطير من شرور غير محسوبة أكثر مما حدث. أو ما سيحدث في الغالب. كذلك تلك المعاينة الرقيقة لوزير ملك الجان، وردجان -. لما فعلته يداه وقيامه بإصلاح ما اقترفته حيله، وورداته، وجنونه بما يمكن إصلاحه مبتدئاً بالحمار، وملكلة الجان - . ملخص الحكمة الي ضاع: التمثيلية المسرحية في الحلم الشرقي وحدها مثلت لنا دور المخرج، ولأنه ممثل فيها فقد تألق بعينيه المتوقدتين، ورشاقة حركته بين دوره كمخرج داخل العرض، للملك والملكة، وبين ممثل أدوار الأسد، والحائط، والقمر، والعاشقين: بتمثيله دور مخرج العرض الداخلي نفسه. فتأملنا معه الآن فقط شكسبير في تداخلاته التعليمية، منعكسة من روحه وإصراره اللذين لا ينفك يكررهما حتى يبلور ما يريد في مشهد تمثيلي، سواء كان يرولوغاً تقديمياً كما في مسرحية القصر في مسرحية هاملت. أو في تلخيص موجز للعبر كما رأيناه هنا في الفقرات النهائية لمسرحية حلم ليلة صيف. لأن شكسبير نفسه يعبر هو الآخر بتورياته تلك، عن روح الفكرة التي يريد إبرازها. وكان من اللازم على كركلا المخرج أن يعي ذلك ابتداءً، ويقدم لنا درسه الشرقي لحلم شكسبير الكركلي. دون التوقف لإلصاق هذه التمثيلية بشكل غير مألوف في نهاية المسرحية الراقصة، لا لشيء إلا لأنها وردت في النص الذي لن يكون من المناسب تركه. فما الدور الذي استوجب ظهور هذا المشهد هنا، أو في لحمة النص الأصلية، إلا لكي يقدم لنا تلخيصاً، ومن الواضح أننا سوف نستنتج جميعنا العبر المراد تقديمها في رسالة المسرحية التي مرت بنا ولم نتعظ بها. لكن ذلك لم يتضح في ليلة الحلم الشرقية، لغياب دور المخرج المفّسر. وقد كان أوجب على إبفان كركلا أن يلغي المشهد ذاتع، نظراً لعدم توافق ما مرّ مع ما سينتج، كما فعل غيره من روادنا من متبعي الترجمات المبتورة في بدايات هذا القرن،،،وهكذا، فقدنا مرة ثانية نكهة الرقص الشرقي التي تواصلنا معها منذ البداية، ولم نتأقلم مع المشهد الغريب الممسرح الذي انحشر فجأة في النهاية. فدور الفرقة التمثيلية في الغابة، لم يكن واضحاً منذ البداية، لأنها عُرفت على أنها فرقة رقص فولكلورية لا غير. بينما عادت الفرقة ببعض أعضائها لتقوم بالتمثيليةن وكأنما خرجت من ذلك الحائط فجأة لا لتقول لنا موعظة لم تكن قد ورت في الحسبان فقط، وإنما لتقدم فقرة لم يمهد لها طوال العرض، كما حدث في النص الأصلي. ومن جهة ثانية فلو أن هيئة الإنتاج بما فيهم كاتب ومشرف السيناريو تذكروا على الأقل ما كان يحدث في نهاية تقديم الأنماط العربية عندما تقوم بتلخيص العبر، كما نجده في كل من أجناس: أل ليلة وليلة. كليلة ودمنة. المقامة، وحتى السيرة، فإن هذا الذي لم يخطر على البال، وه أحد مميزات الأنماط المشرقية ومن ألوان العالم الفني الشرقي الذي اقتبس شكسبير منه شرقية الشرق، وجاء من بعده غيره كبريخت الذ توسل نمطية الرواي، والحكواتي، فاستخدمها في أسلوب الممثل البريختي، لكانت التمثيلية الحكمة فاعلة، متفاعلة مع جمهورها. وليست فقرة فائضة عن اللزوم أرادها الملك، وهو مخرج العرض هنا أيضاً، وتحت ضغط رغبات الملكة أن يشاهداها معاً (فلماذا؟). فجاءت معالجتها على استحياء وخجل. رغم فعالية الأداء التمثيلي الذي لك يظهر بهذا التألق طوال العرض. ولولا الصوت المرتجع الذي أفسد حتى متعة التمثيل المباشر، كما أفسد متعة الموسيقى الحية، فقد سمعنا دمى تتحرك على أصوات ليست لها. الفسحة الضيقة لليلة العرض: إنه من الغبن بمكان ألا نشير للتقصير الذي يحدث لدى المؤسسات الثقافية كمراكز ثقافة، في دولة ما، عندما يحدث استضافة عرض كبير لفرقة محترفة، ولا توفر هذه المؤسسة الإمكانات المتاحة، واللازمة لها، أمثر ما توفره لفرقة هاوية. أو فرقة محدودة العدد والعدة، ومن غير إمكانات. ولأن منهاج هذه المؤسسات مزدحم، لا يكون هناك مجال لكي تأخذ الفرقة المحترفة المستضافة وقتها الكافي للتمرن على ما هو متوفر على الخشبة التي سيتم العرض عليها من حيث التقنية والفضاء، والمساحة والمقاسات الزبة للحركة. وكذلك أفعال التموضع اللازمة في بقع الضوء المطلوب تمكز اللاعبين فيها. فإن ليلة واحدة للكل هذا إضافة للتمارين النهائية ليست بكافية لنصب الديكورات، وتثبيت المصابيح، وبرمجة الفعاليات التقنية على الكومبيوتر، ومن ثم التدرب على كل هذه الأمور المستجدة سواء لمتابعة حيز السينوغرافية المستحدث، ومواقع مساقط الأنوار، وتدريب الفنييين على تحقيق كل هذه الأمور بتقنية عالية، وبوقت محدود جداً لا يمكن هضم ما اتفق عليه، خاصة وأن حركات مسرحية راقصة تستوجب متابعة حثيثة للراقصين من مسقط إلى آخر. أو من مجموعة راقصة إلى أخرى، خاصة وإن لهذا التدريب مجاله المحسوب في إنجاح العرض على هذه الخشبة، لأن فرص مهمات تعلم الفني على مكابس جديدة لم تمر يده عليها سابقاً تعتريها الدقة من جهة، وسرعة حفظ الموقع من جهة ثانية، كذلك لا بد من إفساح المجال لتأقلم اللاعبين على المساحة الجديدة، ومقاسات مواقع الإضاءة ختى لا تضطرب الأمور على الكل، ولا يضطر الفني لتفادي الخطأ بخطأ ثان، والتغلب عدة مرات على وقوف اللاعبين في أمكنة الظلال بدلاً عن المساقط المضاءة، وهكذا. وهذا ما حصل أن حدث بالفعل في العرض لهذه الليلة، فقد اضطر الفنيون أثناء العرض لرفع درجة الإضاءة شيئاً فشيئاً إلى مستوى الإصاءة العامة الفيضية لتشمل كل المواقع لتفادي الأخطاء، والتضحية باللمسات الإبداعية في فن الإضاءة لو توفر الوقت، وتيسر الممارسون، وضاعت كثير من جماليات الظل والضوء المرسومة على الأجساد والوجوه، كما جسدها لنا كتب العرض في لقطاته الفوتوغرافية الراقية.
(*) نشر بمجلة المسرح المصرية العدد 67 لعام 1994
#فاروق_أوهان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سنجار قمر الجبل
-
مقطع من مقالة تمهيدية لكتاب مواهب أآنوو السبع
المزيد.....
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|