أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - اللعب مع الكبار















المزيد.....

اللعب مع الكبار


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1037 - 2004 / 12 / 4 - 09:37
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


اللعب مع الكبار
حين كنا صغارا كنا نحاول تقليد الكبار في كل شيء وحتى اللعب معهم,وكثيرا ماكانت تلك المحاولات تبوء بالفشل وذلك لسبب بسيط وهو اننا كنا لا نتقن اللعب جيدا.وخاصة عندما كنا نتحلق حول مجموعة من الكبار تلعب بالورق ( الشدة شاميا,والكوتشينة مصريا والكارت مغربيا والبطة يمنيا) وكم كنا نشعر بالخيبة لاننا لم نكن نعرف تكتيكات اللعب ومثالبه ومخالبه ومخابئه وغالبا ما كانت تنتهي الجلسة بطردنا من مجلس الكبار بسبب المشاغبة والشيطنة ولاننا لم نكن نعرف اصول اللعب والحديث والجلوس مع الكبار.واذكر ذاك القريب العزيز الشاب الوسيم المفتول العضلات الذي كان يؤدي خدمته العسكرية الالزامية في سلاح المغاوير النخبة المميزة في الجيش وقتذاك وكيف كنا نحاول منازلته ولكمه والهجوم عليه وهو واقف كالمدمرة الامريكية نيو جرسي في عرض المحيط يضحك ويبتسم ويسخر ببراءة من ضعفنا وغالبا ما كانت تنتهي النزالات بخيبة امل مجلجلة وهزيمة نكراء لنا نحن الصغار. ولو اراد لالقانا في الضفة الاخرى من العالم بحركة اصبع منه. وكنا نحاول تقليد الكبار ومحاكاتهم في كل شي بالحركات واللباس وطريقة التدخين والمشي والكلام وقيادة السيارة. . ولكن كل ذالك كان مداعبات خلبية وامنيات ساذجة بريئة ومستحيلة واكتشفنا في وقت متاخر صعوبة تقليدهم فما بالك باللعب معهم وهزيمتهم. حصل هذا في ذلك الزمن الجميل الرومانسي الرائع البعيد والذي دمره وسرقه وصادر فرحه وذكرياته الحلوة بعض من صغار اللاعبين وبدائيي السياسة وهواة المغامرات الخاسرة. وعندما كبرنا اكثر اكتشفنا ان هناك اساطينا وحيتانا وفراعنة في السياسة والاقتصاد والرياضة والاعلام والمال والسينما والعلوم ,وكنا ايضا نجد صعوبة في مقارعتهم ومنازلتهم واصبحنا اكثر يقينابصعوبة واستحالة اللعب مع الكبار وهزيمتهم. وكثيرا ما تلقينا النصائح بان نلعب لوحدنا ومع اقراننا لان الكبار من الممكن ان"يعملوا لنا قتلة"بحسب تعليمات وحكمة الوالدين والاباء اطال الله في اعمارهم جميعا .
وبرغم هذه البديهيات التي تراكمت لدينا عبر السنين مازلنا نرى كثيرا من الصغار والهواة وغير البالغين في السياسة والاقتصاد والاعلام يحاولون اللعب مع عمالقة كبار بحماقة وغباء وطيش ارعن سرعان مايتركون على اثره حلبة النزال صاغرين ومنهزمين ومكسورين. ومناسبة الحديث هذا بشكل خاص هو دعوة عضو كبير في مجلس الشيوخ الامريكي لكوفي عنان الامين العام للامم المتحدة للاستقالة من منصبه بسبب تلاعب الاخير ببرنامج النفط مقابل الغذاء.وكان ايضا قد كشف عن ان كوجو عنان نجل الامين العام للامم المتحدة قد حصل سرا ولمدة اربع سنوات على راتب شهري من شركة كوتيكنا التي تتخذ من سويسرا مقرا لها مقابل منافسة الشركة في غرب افريقيا بعد ان كان يعمل لحساب كوتكينا في المنطقة حسب الBBC. وقد اعرب عنان نفسه عن اسفه لدى سماعه نبأ تورط ابنه في هذا الامر.والقضية لاتزال تتفاعل حتى لحظة كتابة هذه السطور وهذا ليس هو المهم في الموضوع . تخيل عزيزي القارىء اننا نزعجك بقراءة كل هذا لنقول لك ان هذا غير مهم. بالطبع فنحن نقصد ماقلناه. فلنعد معا بالذاكرة الى الوراء قليلا وحوالي الشهرين تحديدا حين قال كوفي عنان وبالحرف الواحد ان الاحتلال الامريكي للعراق غير شرعي/ حرفياillegal /, بعد ان تعرض لنوبة من صحوة الضمير المتاخرة ,حسب ظنه, ومن على شاشة ال بي بي سي الاشهر وفي احد برامجها الحوارية المميزة. وهذا هو المهم في الموضوع ياسيدي. فهل كنت تتصور ان امريكا لا تدري بموضوع ابن عنان وفساده والتحويلات المالية هنا وهناك حتى لحظة تصريحات عنان المثيرة للبي. بي. سي. ولكن اختارت امريكا الصمت مقابل ان يبقى لسان عنان مهذبا ومشذبا وينطق وفقا لما تريده امريكا وسياستها الخارجية. وقد بدا الرجل- الذي تحدث عن الشرعية في وقت ما- الان نفسه غير شرعي وموضع اتهام ايضا. فهل تعتقد انه قال الشيء الخطأ في المكان الخطأ وفي الزمن الخطأ؟ اترك ذلك لنباهتك عزيزي القارىء. وفيما لو كان الكلام الامريكي كله صحيحا ولم يكن فرقعة اعلامية تهويلية تهديدية لمخبوءات ومستورات ومطمورات ربما اكثر اثارة وخطورة لعرفنا ان الرجل الان في ورطة وفي وضع لايحسد عليه. وطبعا الغاية والهدف من كل هذه الحركة البهلوانبة الديبلوماسية الامريكية هو تاديب ذلك الرجل الذي خرج عن طور السياسة الامريكية وتذكير له بألا يلعب مع الكبار من اسياده واولياء نعمته ويقارعهم اولئك الذين جعلوه نجم النجوم الديبلوماسيين وربما مقدمة لدفعه للاستقالة.ومن المعروف ان هذا المنصب الرفيع الذي يحتله عنان يخضع لشروط صارمة وموافقة امريكية حتمية وضرورية لشغل المنصب الديبلوماسي الاول في العالم. ومن لا ترضى عنه امريكا لن يكون له شرف الدخول الى هذا المبنى الفخم.ولعل عنان اصيب بضعف الذاكرة المفاجىء بسبب تقدمه في السن ونسي ما حصل مع سلفه المصري بطرس غالي سادس امين عام للامم المتحدة, والذي ذهب في التفكير والكلام بابعد مما كان مسموحا له فابعده الكبار من المكان الذي يمارسون فيه العابهم السياسية الكبرى.
كما حدث الامر نفسه مع الجنرال مانويل نورييغا حاكم بنما الاسبق الذي كان يتقاضى مبلغ 200الف دولار من الادارة الامريكية كراتب سنوي لقاء خدمات ومصالح اخرى من ضمنها ادارة قناة بنما الحيوية. ولكن الطفل السياسي والجندي الغر اراد ان يلعب مع فيلة البنتاغون ودببة البيت الابيض العاب لم ترق لهم فبدلا من ان يبعدوه كليا عن ملعبه الصغير احضروه لعندهم ضيف شرف في احدى زنزاناتهم الفاخرة ليلعب العابه البريئة مع اقرانه الصغار متعهدا بالا يعود للعب مع الكبار. ونتذكرايضا ما حصل مع الرئيس الامريكي السابق نفسه وليام جيفرسون كلينتون الذي جرب ان يلعب مع اخرين ,من نوعية اخرى وفي مكان اخر,عندما قال بانه لن يستقبل بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل انذاك في البيت الابيض الى ان يلبي –اي نتنياهو – بعض طلبات كلينتون فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومحادثات السلام.فظهرت فجأة ودون سابق انذار فضيحة المتدربة السابقة في البيت الابيض مونيكا لوينسكي ذات الجمال الاخاذ والساحر والابتسامة العريضة, وانفجرت القنبلة الجنسية الفضائحية الاباحية الكبرى بشكل مخز ومخجل وقذر في وجه كلينتون وفهم المتدرب الاخر الرسالة جيدا وتعهد بالا يلعب مع الكبار بعد ذلك وان يلعب مع اقرانه الهواة وغير الراشدين سياسيا. وكذلك نتذكر كلنا قصة الولد القاصر ميلوسوفيتش الذي لم يعرف اصول اللعب على الحلبة الدولية وجرب ان يلعب مع عجائز الاطلسيين وشيوخ الاوروبيين ولكنه انتهى الى زنزانة في الهايغ يجتر الماضي الحزين والمؤسف ويتدرب في الوقت نفسه على كيفية اللعب مع البالغين اذا قدر الله له ان يعود الى صربيا وبلغراد مرة اخرى مع قرينه الصبي الاصغر المتواري رادوفان كارازيتش. ولعل اغبى اللاعبين من الصبيان والغلمان الصغار والذي اتى الى ساحة اللعب متاخرا ولم يلعب مع احد قبلذاك وهو هبل القومجية الارعن الصغير ومعه بعض القصر والسذج الذين جربوا ان ينازلوا الكبار في العاب سخيفة وتافهة سموها امهات المعارك والقادسيات والمنازلات الكبرى التي لم يتجرأ احد ان يلعبها قبل ذلك بهذا الشكل وفي هذا المكان الخطر المليء بالمواد القابلة للاشتعال حتى تكاثر عليه اللاعبون الكبار وطرحوه ارضا شر طرحة لم ير من قبلها بعد وسط ذهول ودهشة وتعجب اقرانه وجيرانه من اللاعبين القصر والضعفاء والخدج الذين تأدبوا وحلفوا الا يلعبوا ابدا مع الكبار بعد ما رؤوا من خطورة اللعب مع هؤلاء . والى الان هناك كثير من اللاعبين والغلمان والفتيان الصغار في الشوارع الخلفيةوالازقة الضيقة والحارات ودكاكين السياسة الابتدائية يلعبون العابهم الصغيرة والساذجةو"البريئة " ودون ان يقتربو من الكبار ولذلك لا نرى احدا يقترب منهم اويزعجهم لانهم سمعوا كلام "البابا والماما" بالا يلعبوا مع الكبار وظلوا يلعبون داخل "الحوش الصغير" وياخذون طبعا مصروفهم اليومي من الكبار ويحظون بدعمهم وحمايتهم ولاشك.
وبرغم ذلك كله هناك بعض الاولاد الصغار الغلمان في السياسة والهواة الاغرار من المغامرين والطائشين والحمقى يحاولون ملاعبة الكبار هنا وهناك والتحرش بهم واثارتهم والدعوة الى منازلتهم بناء على حسابات ساذجة وتخيلات مريضة واوهام افتراضية وغير واقعية وهم في احسن الاحوال لايجيدون اي نوع من الالعاب حتى لعبة"الباسرة"السياسية فما بالك بالبوكر وحساباته الدقيقة والمعقدة ويصرون ان يبقوا في الحلبة جنبا الى جنب مع المردة الاقوياء والجبابرة الذين لن يترددوا في ان يوسعوهم ضربا في مرحلة ما.
انه اللعب مع الكبار ............جربوه.

نضال نعيسة كاتب وصحفي سوري



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلقة المفقودة في حلقة الاتجاه المعاكس
- الفرق الضالة..............سياسيا
- 2-2العلمانية والجهل
- شموليات القهر الجاهلية في الالفية الثالثة
- مثلثات الموت القادمة
- اوهام الاصلاح المستحيلة
- العلمانية والجهل
- مجتمعات الاقصاء الشامل
- وعاظ السلاطين وبيان الليبراليين


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - اللعب مع الكبار