|
الورقة المسودة لمنظمة -إلى الأمام-
الأماميون الثوريون
تيار ماركسي ـ لينيني ـ خط الشهيد زروال
(Alamamyoun Thaoiryoun)
الحوار المتمدن-العدد: 3483 - 2011 / 9 / 11 - 19:11
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
يستحيل إنجاز الثورة بدون إستراتيجية ثورية، كما أن هذا الإنجاز يستحيل بدون تنظيم ثوري. إن كل الأعمال التنظيمية والسياسية للعمل الثوري لا بد من أن تنبع من التحديد الصحيح للإستراتيجية الثورية وأن تخدمها. لهذا فإن بناء إستراتيجية ثورية هو أمر حيوي لحسم مسألة السلطة باعتبارها "المهمة المركزية للثورة وشكلها الأسمى". هذه الإستراتيجية الثورية لن تتكامل إلا من خلال تقدم الممارسة الجماعية والتفكير الجماعي داخل الحركة الثورية للجماهير. هذا هو هدف هذه المسودة حول الإستراتيجية التي يجب أن تعنى بالنقاش الجماعي للمناضلين الثوريين وبالممارسة الثورية.
وفي البداية، لابد من طرح خلاصات التفكير الجماعي حول مشكل الإستراتيجية خلال كل المرحلة السابقة من تطور تنظيمنا. فهذه الخلاصات تشكل قاعدة لابد منها لفهم مشروع إستراتيجيتنا الثورية، كما تبلورت خلال اجتماع مايو الهام للجنة الوطنية.
خلال فترة التأسيس للقواعد الأولى لتنظيمنا لم نكن نملك إستراتيجية متكاملة، فانفصال المناضلين وقتئذ عن الإطار التحريفي الذي كان يرفض النقاش حول مشكل الإستراتيجية، مؤجلا النقاش فيها إلى حين "نضج الظروف"، متبنيا في العمق إستراتيجية برلمانية برجوازية من نفس طبيعة الخط الإصلاحي الانتظاري لأحزاب البرجوازية. هذا الانفصال الذي كان على مبدأ واحد: هو ضرورة الكفاح المسلح كطريق للثورة. وهكذا تواجدت خلال تلك المرحلة مواقف متباينة حول قضية الإستراتيجية من الغيفارية، إلى الانتفاضة البلشفية، إلى حرب التحرير الشعبية. لقد جاءت الأطروحات الثورية الأولى (سقطت الأقنعة فلنفتح الطريق الثوري) أكتوبر 1970 لتسجل الأرضية الموحدة الأولى للتفكير المشترك في معضلة الإستراتيجية.
1. لقد سجلت الأطروحات الأولى إمكانية "الانطلاقة الثورية" في المغرب، تلك "الانطلاقة الثورية" التي تستند على التقدم الهائل لكفاحات الجماهير، ذلك التقدم الذي سيزيد من تفكك وتفسخ الجهاز الحاكم، ويؤدي بالتالي إلى تدخل الإمبريالية لإنقاذ نظام عملائها الملاكين الكبار والأوليغارشيا الكمبرادورية. وستدخل حينئذ الجماهير في حرب شعبية طويلة الأمد لدحر العدوان الإمبريالي وانتصار الثورة. هذه "الانطلاقة الثورية" التي لابد أن تدخل ضمن تقدم كفاحات شعوب غرب البحر المتوسط، حيث ستقوم شعوب المنطقة بفتح جبهة واسعة تمكن من ضرب الإمبريالية في المنطقة التي تشكل إحدى المناطق الرئيسية لتمركزها.
2. كيف ستنمو هذه "الانطلاقة الثورية" نحو الحرب الشعبية؟
لقد جاءت "استراتيجية الثورة واستراتيجية التنظيم" (مايو 1971) محاولة أن تجيب عن السؤال، لقد كشفت هذه الوثيقة عن الإمكانيات الثورية التي تسمح بهذه "الانطلاقة الثورية" تلك الانطلاقة التي يجب أن تتخذ شكل انتفاضة 1905 الروسية، أي انتفاضة لا تؤدي إلى انتزاع السلطة، وتؤدي إلى تفسخ الجهاز الحاكم وتفككه ويتم حينئذ شن حرب شعبية في جدلية متواصلة بين كفاح المدينة وكفاح البادية.
3. لقد مكنتنا الانتقادات الصائبة للتنظيمات الماركسية اللينينية، وانتقادات الرفاق داخل التنظيم وتطور النضالات الجماهيرية وأحداث 10 يوليوز 1971، وما أعقبها من مراجعة نقدية لممارستنا واستراتيجيتنا، من نقد صحيح لمفهوم "الانطلاقة الثورية". لقد كان خطأ هذا المفهوم يكمن فيما يلي: لقد كانت "الانطلاقة الثورية" تستند على عفوية الجماهير المطلقة، فالجماهير بتقدم نضالاتها العفوية ستزيد من تفسخ الحكم وتفككه وتؤدي إلى الكفاح المسلح في مرحلة عليا. وتتضمن – في نفس الوقت – تصورا ميكانيكيا لمراحل الثورة، - فالدفع بكفاحات الجماهير في المرحلة الأولى إلى انتفاضة فاشلة تؤدي إلى الحرب الشعبية في المرحلة التالية .
نتيجة لما تتضمنه "الانطلاقة الثورية" من عفوية وميكانيكية فإنها تغفل دور عامل التهييء العسكري من قبل الحزب الثوري للحرب الشعبية. إن الجماهير الشعبية بعفويتها، لا تصل إلى تنظيم نفسها عسكريا، بل لابد من تهييء الأطر العسكرية القيادية.
لقد كان الخطأ الأساسي لهذا المفهوم يكمن في غياب جدلية العمل السياسي والعمل المسلح، "فالانطلاقة الثورية" تستند على تقدم النضالات السياسية للجماهير في مرحلة أولى، ثم تتوج هذه النضالات السياسية في مرحلة أعلى بالنضال المسلح. إن جدلية العمل السياسي والعمل المسلح تفرض نفسها في ممارسة الجماهير الثورية ذاتها. إن كفاح الجماهير سيلتزم بطبيعة المرحلة الأولى للثورة، قيام جبهة ثورية عريضة تضم كل قوى الشعب من أجل النضال ضد الإمبريالية وعملائها المحليين. هذه الانتقادات التي تبلورت بشكل متكامل خلال نقاشات الندوة الوطنية التي شكلت حدا فاصلا في تطور تنظيمنا، بفعل الممارسة النقدية الشاملة لممارساتنا السابقة. هذه الانتقادات مكنتنا من استخلاص آفاق استراتيجية جديدة تمكن من رؤية أوضح للطريق الثوري لكفاح الجماهير والتخلي نهائيا عن مفهوم "الانطلاقة الثورية" في اجتماع يناير للجنة الوطنية. وهكذا برزت فكرة القواعد الحمراء المتحركة باعتبارها الاستراتيجية التي تنبع من التحليل الملموس لواقعنا الوطني والدولي ومن دراسة التاريخ النضالي للشعب المغربي والتجربة الغنية لثورات الشعوب.
لقد أوصت الندوة الوطنية بفتح النقاش حول استراتيجية القواعد الحمراء المتحركة وتعميق هذا النقاش داخل كل الفصائل الماركسية – اللينينية. وخلال المرحلة التي أعقبت الندوة الوطنية الغنية بممارسة التنظيم داخل نضالات الجماهير استطعنا أن نصل إلى رؤية أوضح للشكل الاستراتيجي، وإلى التبني الكامل لاستراتيجية القواعد الحمراء المتحركة باعتبارها المرحلة الأولى من الكفاح الثوري للشعب نحو حرب التحرير الشعبية.
2. حرب التحرير الشعبية: طريق الثورة
في بلد ذي هيكلة شبه استعمارية وشبه إقطاعية يستند فيه النظام على التبعية المطلقة للإمبريالية ويشكل فيه الفلاحون 75 في المائة من سكان البلاد، يعانون فيه من استغلال وقمع الملاكين الكبار من الإقطاعيين القدامى أو المعمرين الجدد ويتعرضون لعمليات نزع الأراضي من طرف هؤلاء، وتوجد فيه طبقة عاملة طليعية ذات تقاليد نضالية عريقة تتعرض للاستغلال البشع من طرف رأس المال الأجنبي وعميلته البرجوازية الكمبرادورية، ويشكل طليعتها عمال المناجم الموجودة في قلب البادية، فإن الحرب الشعبية هي طريق الثورة. في هذه الشروط يستحيل قيام انتفاضة مسلحة تؤدي إلى استيلاء البروليتاريا على السلطة. إن بعض الظروف التي مكنت البروليتاريا الروسية من الاستيلاء على السلطة في أكتوبر 1917:
تمركز البروليتاريا في مراكز تجمع ثورية. الصراع الدائر بين الإمبريالية وقتئذ.
هذه الظروف يستحيل توفرها في المغرب، حيث الجماهير الفلاحية تشكل القوى الأساسية للثورة في بنية اقتصادية واجتماعية شبه استعمارية وشبه إقطاعية، والبروليتاريا غير متمركزة حيث توجد طليعتها عمال المناجم في قلب البادية ، كما أن الإمبريالية مستعدة للتدخل المباشر لحماية مصالحها المهددة كما وقع في الفيتنام أو كوريا أو الدومينيكان (وجود قواعد أمريكية في المغرب وإسبانيا والصحراء الغربية)، كما أن الطريق المسدود الذي تقف فيه الثورة في أمريكا اللاتينية، نتيجة للفشل الدامي للطريقة الكوبية المنقولة مفصولة عن سياقها الموضوعي داخل بلدان أمريكا اللاتينية، سواء في البادية (بوليفيا) أو المدن (البرازيل والأرغواي) يجعلنا بعيدين عن نفس الطريق المسدود، إن تلك التجربة زيادة على أنها غير بروليتارية (إذ تقفز عن القدرة الخلاقة للجماهير) تفتقد أرضيتها الموضوعية في واقعنا الوطني (انظر الدراسة حول "دور العنف في التحول الثوري" ومختلف أشكال العنف).
إن التراث النضالي العريق للشعب المغربي يؤكد صحة استنتاجنا الموضوعي حول الحرب الشعبية كطريق للثورة، إن كفاحه ضد السلطة المركزية قبل الاستعمار وفي بداية التدخل الاستعماري في القرن السادس عشر وما بعده، وضد الاستعمار الفرنسي خلال القرن الحالي كذلك انتظام جماهير الفلاحين داخل قبائلهم لحماية الأرض الجماعية (أرض الجموع)، وشرف القبيلة ولردع عدوان السلطة المركزية التي لم تكن تتجاوز سلطتها المراكز الحضرية المحمية بالأسوار العالية، كما أن الحروب الطويلة التي واجهت الاستعمار الفرنسي في الريف بقيادة البطل عبد الكريم الخطابي، وجبال الأطلس، وفي الجنوب بقيادة ماء العينين، حيث لم يتمكن الاستعمار الفرنسي من استكمال سيطرته إلا سنة 1934، وتأسيس جيش التحرير سنة 1953، كل هذا يؤكد استنتاجنا الموضوعي، فهذا التراث الكفاحي يؤكد وجود الجذور التاريخية للحرب الشعبية في ممارسة الشعب، ويملي علينا نحن الثوريين واجب استيعاب هذا التراث ودمجه بالماركسية اللينينية لإغناء تجربة الشعب الطويلة. إن حرب التحرير الشعبية هي طريق الثورة.
3. من القواعد الحمراء المتحركة إلى مناطق السلطة الحمراء الدائمة :
إن السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه هو: كيف سيصل كل الشعب إلى مرحلة الحرب الشعبية؟
إن مشكل الاستراتيجية يكمن بالضبط في الإجابة على هذا السؤال، الذي يتعلق بمجمل التكتيكات والمراحل التي يجب قطعها والتي يشكل مجموعها استراتيجية الثورة، إن هذه المراحل لا يمكن تحديدها إلا بمعرفة دقيقة لخصائص الواقع الوطني والدولي، معرفة تسمح بنهج خط سديد يضمن سير حركة الجماهير الثورية نحو حرب التحرير الشعبية.
بالنسبة للواقع الدولي, فإن الدراسة (الثورة في الغرب العربي أبريل 1971) قد حددت المرحلة التاريخية التي نعيشها مرحلة القضاء النهائي على الرأسمالية :
- نمو واتساع معسكر الثورة حيث يزداد كفاح الشعوب قوة وصلابة ليشمل قارات العالم الثالث، إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، إن النضال الوطني والنضال من اجل الاشتراكية يعمق وينمي الثورة الاشتراكية في العالم ويجرف المزيد من الشعوب للكفاح من اجل الاستقلال الوطني والاشتراكية. "إن الثورة هي الاتجاه الرئيسي". - اشتداد أزمة الإمبريالية العالمية مما يدفعها على شن هيمنة شرسة ضد الشعوب الثورية ن كما يوضح ذلك الهجوم الشرس على الشعب الفيتنامي البطل وباقي شعوب الهند الصينية والشعب الفلسطيني والشعب العربي في ظفار وارتيريا والصحراء الغربية وشعوب إفريقيا المكافحة وشعوب أمريكا اللاتينية، في نفس الوقت الذي تقوم فيه التحريفية العالمية بقيادة طغمة بريجنيف بإجهاض مكتسبات ثورة أكتوبر العظمى وخيانة مبادئ الماركسية اللينينية بتقديمها أحسن الخدمات للإمبريالية العالمية. وبالنسبة للواقع الوطني، ففي نفس الوقت الذي يتنامى فيه نضال الجماهير على صعيد كل المواجهات ويزداد فيه تفسخ الحكم وتفضح فيه كمشة السياسيين البرجوازيين، التي ظلت لحد الآن تساوم الحكم على حساب نضالات الجماهير، في هذا الوقت يأخذ كفاح الشعب أبعاد أكثر جذرية، هذا الطابع الذي يطرح على الحركة الثورية مهمة تأطير هذا الكفاح وتصعيده وخلق الشروط السياسية والتنظيمية لهذا النمو. إن هذا النمو يجب أن يدفع الجماهير على شن انتفاضات في البوادي والمدن تقوم فيها جماهير الفلاحين بالاستيلاء على الأراضي وطرد الملاكين الكبار، ويقوم فيها جماهير العمال بالاستيلاء على المناجم والقرى المعدنية والمعامل، وتقوم فيه جماهير المدن بتحويل الأحياء الشعبية إلى مناطق تمارس فيه الجماهير سلطة الحكم الثوري ويكون تسليح الجماهير بوسائلها الذاتية او بانتزاع السلاح من العدو. سوف يمكن للحكم الرجعي في المرحلة الاولى قمع هذه الانتفاضات بسهولة وسوف لن يدوم بعضها إلا ساعات قليلة، وسيؤدي نمو هذه الانتفاضات وتتابعها في مرحلة أعلى وتعميقها أكثر عبر أنحاء البلاد إلى تشتت قوات الحكم وجهازه القمعي ويؤدي إلى خلق قواعد حمراء متحركة باستمرار وعبر كل المناطق.
إن مثال أولاد خليفة واضح في هذا المجال حيث تمكن الفلاحون من الاستيلاء على أراضيهم ومقاومة وحدات المخزن عدة ساعات، وكذلك مثال عمال قطارة الذين تمكنوا من احتلال المنجم لمدة يومين والاستيلاء على المتفجرات والتهديد بتفجيرها في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم، ومثال انتفاضة وزان وانتفاضة قرية بامحمد خلال نضالات فبراير 71 المجيدة وأمثلة أخرى عديدة.
إن كون هذه الانتفاضات معزولة وعفوية لا تملك تأطيرا سياسيا أو تنظيمها وبدون برنامج ثوري مكن الحكم من ضربها بسهولة كبيرة، إن تنظيم هذه الانتفاضات واتساعها وتسلسلها والشروع في تحقيق البرنامج الثوري (برنامج الجبهة الثورية الشعبية) سيعطيها فرصة أطول في الاستمرار وسيجعل الحكم الرجعي عاجزا عن الرد المباشر ضدها مرة واحدة.
إن هذه الانتفاضات، كما أوضحنا من قبل، تركز على التراث النضالي الأصيل للشعب، فقد كان الفلاحون يحمون أراضيهم من السلطة المركزية ويحاصرونها أحيانا ويحمونها ويفصلونها عن التبعية للمراكز الحضرية، فكانت تنشأ أحيانا دول صغيرة تحمل استقلالا شبه كامل (إذ تذكرنا مرحلة السيبة الماثلة في ذاكرة الشعب)، إن هذه الانتفاضات تنطلق من مناطق معينة داخل البلاد، هذه المناطق المعروفة بتاريخها النضالي ضد سلطة السلاطين المركزية وضد الاستعمار وحيث يتمركز فيها الآن الفلاحون الكبار والمشاريع الضخمة للإمبريالية وتتمركز المناجم في معظمها مما يسمح بقيادة بروليتاريا المناجم الطليعية لهذه الانتفاضات، مثل مناطق سوس, تادلة والغرب والأطلس والريف ...إلخ.
ففي مثل هذه الشروط فإن تكتيك حرب العصابات المتنقلة يفتقد الظروف الموضوعية لنجاحه، فوجود حكم رجعي مركزي من جهة واستعداد الإمبريالية للتدخل للدفاع عن مصالحها من جهة أخرى سيحد من فعاليتها، ويؤدي إلى عزل المجموعة المقاتلةعن الشعب والجماهير الشعبية، وحصرها في مناطق جبلية وعرة لا تسمح بتنمية الكفاح الثوري للجماهير في المناطق الرئيسية التي يتمركز فيها الصراع الطبقي، لهذا فإن القواعد الحمراء المتحركة هي وحدها طريق كفاح الجماهير نحو الحرب الشعبية الشاملة، حيث تقوم الجماهير بتدمير جهاز الحكم ومباشرة السلطة الثورية وسيتم تأسيس الجيش الأحمر من الفلاحين والعمال والجنود الثوريين من خلال إنشاء هذه القواعد وتحركها عبر مختلف المناطق، ولا ننسى أن اتنفاضات الفلاحين في الصين في السنوات 27 – 1928 هي التي خلقت الكتائب الأولى للجيش الأحمر في الصين. إن هذه القواعد الحمراء المتحركة تختلف عن مناطق السلطة السياسية الحمراء في الصين، تلك التي تحدث ماوتسي تونغ عن إمكانية استقرارها واستمرارها في مقال "لماذا يمكن أن تبقى السلطة السياسية الحمراء في الصين؟".
نتيجة لمختلف شروط الواقع الوطني والدولي، كما حددناه من قبل، إن أهم الشروط التي كانت تسنح بذلك في الصين:
- انعدام حكم مركز في الصين ووجود صراع عنيف داخل مناطق السلطة البيضاء (وأمراء الحرب). - صعوبات تدخل الإمبريالية في تلك المرحلة في الصين وعكس ذلك يوجد في المغرب. فبالرغم من ضعف الحكم المركزي وتزايد تفتته إلا انه لا يعاني صراعا مسلحا داخل أجنحته ولا انقساما بين مراكز سلطته، إن هذه الظاهرة لم يعرفها المغرب إلا ساعات قليلة يوم 10 يوليوز.
إن الإمبريالية مستعدة في ظروف انهيارها للتدخل السريع لحماية مصالحها ومصالح عملائها في غرب البحر الأبيض المتوسط،, فتمركز الإمبريالية بشكل قوي وامتلاكها لقواعد ضخمة في المنطقة يجعلها على استعداد لقمع نضالات شعوب المنطقة حينما تهدد مصالحها. لكل هذه الشروط ، فإن هذه القواعد الحمراء يجب أن تكون متمرسة، فإن الحكم الرجعي والإمبريالية يستطيعان سحقها بكل سهولة إذا بقيت قائمة في نفس المنطقة ومعزولة، فحينما تقوم الجماهير في منطقة معينة بعزل قوات العدو المحلية وسحقها والاستيلاء على السلطة في المنطقة ومباشرة البرنامج الثوري (توزيع الأراضي, تصفية مصالح الإمبريالية، تسليح الشعب...)، فإن العدو الداخلي والخارجي سيقذف بقواته في المنطقة ليسحق انتفاضة الجماهير،فلابد أن يتم نقل هذه القواعد إلى مناطق أخرى وهذا سيؤدي الى تفتت وتشتيت جهاز القمع وسيتعمق ذلك كلما استطاعت الجماهير إنشاء هذه القواعد وتسلسلها عبر مختلف المناطق.
ويجب اتساع نضالات الجماهير في المدن وتحويل الأحياء الشعبية (وخاصة مدن القصدير) والشوارع إلى أماكن لا تطاق بالنسبة للعدو، كما يجب أن يكون هذا كله مصحوبا بنضالات البروليتاريا وشبه البروليتاريا والشباب الثوري في المدن ارتقاء إلى بناء الأنوية المسلحة للمقاومة الشعبية داخل المدن، إن المدن في المغرب تشكل تجمعات سكانية ومراكز حيوية هامة (الدار البيضاء وحدها تضم 10 في المائة من سكان المغرب)، فلا يجب إهمالها مطلقا، إن إهمالها والتركيز فقط على البادية خط استراتيجي فاشل، وهذا التصاعد في كفاح الجماهير داخل المدينة سيزيد من تفكك وتشتت قوات العدو وسيعطي للقواعد الحمراء المتحركة المنتشرة عبر مختلف المناطق نفسا جديدا لمقاومتها واستمرارها.
إن النمو المتسلسل للقواعد الحمراء المتحركة وتعمقها عبر كفاح الشعب سيؤدي إلى المرحلة الثانية من هذا الكفاح مرحلة قواعد السلطة الحمراء الدائمة، فتعمق نضال الشعب المسلح في هذه القواعد الحمراء المتحركة واتساع هذه القواعد يجب أن يؤدي إلى فرض استمرار هذه القواعد وتحويلها إلى مناطق دائمة لحكم العمال والفلاحين الفقراء، وإن السلطة الثورية للجماهير ستبقى, من خلال الكفاح الثوري نفسه، تلك السلطة الثورية التي تشكل اللجان الثورية المسلحة للعمال والفلاحين والجنود والشباب وسيلتها الرئيسية. إن هذه القواعد الحمراء المتحركة يجب أن تهدف بشكل رئيسي إلى بناء الجيش الأحمر، جيش العمال والفلاحين، فتسليح جماهير المنطقة وسحقها لقوات العدو المحلية، ثم مواجهتها لهجوم إمدادات العدو إلى المنطقة، وهذه المهام لا يمكن مواجهتها إلا بتأسيس كتائب من جماهير المنطقة وتدريب الشعب على حمل السلاح، إن هذه الكتائب الأولى التي سيبرزها كفاح الجماهير في القواعد الحمراء المتحركة هي التي ستشكل الأنوية الأولى لجيش الشعب الأحمر التي يستحيل بدونه خوض الحرب الشعبية الظافرة. ويتطلب بناء هذه القواعد الحمراء المتحركة وجود أنوية مسلحة، المكونة من الأطر الثورية العسكرية التي تقوم إلى جانب التحريض السياسي في المنطقة بتنظيم العناصر الثورية الطليعية في أنوية للجيش الأحمر، وتقوم بتحريك هذه القواعد إلى مناطق أخرى حين مجيء قوات العدو المتفوقة، إن أساليب مقاومة قوات العدو وتحريك هذه القواعد وتنظيم الجيش الأحمر...إلخ. يتطلب دراسة دقيقة تبنى بالإضافة إلى القدرات الخلاقة للجماهير على الدراسة العسكرية ولأساليب مواجهة قوات العدو، الشيء الذي يجب بناؤه كليا من الأساس.
إن بناء القواعد الحمراء المتحركة وتحويلها إلى مناطق دائمة للسلطة الحمراء سيزيد من احتمالات التدخل الإمبريالي غير أن التدخل لن يزيد كفاح الشعب إلا صمودا وضراوة، كما أن هذه القواعد الحمراء المتحركة يجب أن توضع في إطار الجبهة الواسعة لشعوب منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط (الشعب الصحراوي، الشعب الموريتاني والشعب الإسباني وشعب التشاد)، حيث سيصعب على الإمبريالية المتمركزة في المناطق سحق انتفاضات الشعوب مما سيؤدي إلى دحرها نهائيا وبناء الجبهة الغربية للثورة العربية.
4. الجبهة الثورية الشعبية :
إن إنشاء القواعد الحمراء المتحركة وانتقالها إلى مناطق السلطة الحمراء الدائمة عبر نمو كفاح الشعب، يستمد إلى قيام جبهة عريضة بين العمال والفلاحين الفقراء والجنود والشباب الثوري وجماهير البرجوازية الصغيرة وكافة الفئات الوطنية المناهضة للإمبريالية ولنظام الملاكين الكبار والأوليغارشيا الكمبرادور.
لقد استطاع تنظيمنا خلال الشهور الأخيرة إدراك الأهمية البالغة لبناء الجبهة الثورية الشعبية في تقدم كفاح الجماهير وبناء الحزب الثوري الطليعي، وحتى حدود الشهور الأخيرة كنا قاصرين عن فهم الجدلية المتواصلة بين الحزب الثوري والجبهة الثورية الشعبية عبر نمو كفاح الشعب، إن الحزب الثوري لا يمكن بناؤه إلا عبر التصاعد المتواصل لنضال العمال والفلاحين الفقراء وعلى الشعب الثوري، كما أن هذا التصاعد لا يمكن أن يستمر ويتنامى إلا ببناء لجان النضال الشعبي، قاعدة الجبهة الشعبية الثورية، والحزب البروليتاري هو بالضبط ذلك التنظيم الذي يؤطر العناصر الثورية الطليعية التي تعززها كفاحات هذه اللجان المنظمة والمؤطرة لنضالات الجماهير. إن الجبهة الثورية الشعبية هي الصياغة السياسية والتنظيمية للثورة الديمقراطية الوطنية تلك الثورة التي لابد من إنجازها قبل الثورة الاشتراكية حيث يقوم الحكم الثوري للعمال والفلاحين الفقراء والفئات الوطنية بطرد الإمبريالية وعملائها وتحقيق الثورة الزراعية وبناء الاقتصاد الوطني وبناء الثقافة الخلاقة للجماهير. إن برنامج الجبهة الثورية الشعبية هو برنامج الثورة الديمقراطية الوطنية (انظر من أجل الجبهة الشعبية الثورية).
إذا كانت هذه المرحلة الديمقراطية تستلزم قيام التحالف الوطني الواسع بين العمال والفلاحين الفقراء والطبقات الوطنية، فإن التحليل الملموس للصراع الطبقي يظهر أن هذا التحالف سوف يكون تحالفا بين الطبقات لا تحالفا بين الهيئات السياسية الحالية التي لم تعد الممثل السياسي أو التنظيمي للطبقات التي كانت تعبر عنها. لقد تحولت هذه الأحزاب إلى تجمعات فئوية كمجموعة للسياسيين المحترفين الذين يطمحون إلى حل مشاكلهم في إطار النظام الحالي والالتحاق بقاطرته (انظر تحليل ل. و السابق "قاطرة الجماهير وقاطرة المساومين").
إن نمو كفاح العمال والفلاحين الفقراء هو الذي سيدفع بالطبقات الوطنية إلى التحول إلى جانب جماهير العمال والفلاحين والنضال ضد الإمبريالية وعملائها، هؤلاء سيبنون جبهتهم الكفاحية مع الطبقات الوطنية حينما تدرك أن مصلحتها لا تكمن في التحالف مع الإمبريالية وعملائها بل في التحالف مع الجماهير العمالية والفلاحية الفقيرة. إن اللجان الثورية للعمال والفلاحين الفقراء وشبه البروليتاريا وجماهير البرجوازية الصغيرة ولجان الجنود الثوريين ولجان الشباب الثوري هي قاعدة الجبهة الثورية الشعبية وهي وسيلة الحكم الثوري حيث ستمارس الجماهير بواسطة السلطة الثورية في القواعد الحمراء المتحركة وفي المناطق الحمراء الدائمة.
5. مهامنا في إعداد الإستراتيجية الثورية :
لقد تحدثنا من قبل عن تلك المناطق التي تتمركز فيها مصالح الإمبريالية وحلفائها الملاكين الكبار والأوليغارشيا الكمبرادورية من جهة وطاقات الجماهير الشعبية التي تملك تراثا نضاليا عريقا في تلك المناطق من جهة أخرى، بالإضافة إلى الخصائص الجغرافية المناسبة مثل سوس والغرب والريف والأطلس وتادلة والمغرب الشرقي… وكذلك تمركز أغلبية المناجم في هذه المناطق (مناجم أحولي وميبلادون وجبل عوام في جبال الأطلس، معادن المديد قرب الناظور في الريف ومناجم جرادة في المغرب الشرقي ومناجم خريبكة في سهول الشاوية الغربية من تادلة والأطلس المتوسط، ومنجم قطارة الحوز، ومناجم الجنوب في الأطلس الكبير والصحراء…) هذه المناطق يجب ان تشكل مركز عملنا الثوري السياسي والتنظيمي.
إن على التنظيم الثوري أن ينظم إرسال المناضلين الثوريين لهذه المناطق للقيام بالعمل التحريضي والعمل السياسي، وعليه أن يستفيد من كل الإمكانيات الممكنة للقيام بهذا العمل، إن هذا يطرح ضرورة إنجاز مهمة التجذر داخل البروليتاريا وخاصة المعدنية والصناعية منها وجماهير الفلاحين الفقراء، وهذا يتطلب إعداد المناضلين المحترفين المستعدين للتضحية بكل أساليب العيش البرجوازي الصغير والاندماج في الجماهير ونضالاتها المستعدين لتنظيم حياتهم ودفعها ثمنا للثورة، في هذه المناطق لابد من بناء الجبهة الثورية الشعبية، هذا البناء لا يتم إلا عبر تفجير نضالات الجماهير الشعبية في المنطقة، النضالات الاقتصادية والسياسية، إن تفجير نضالات الجماهير الشعبية وبناء اللجان الثورية شرطان ضروريان لبناء القواعد الحمراء المتحركة.
إن بناء القواعد الحمراء المتحركة يستلزم تنظيم الأنوية المسلحة الأولى، هذه الأنوية تستلزم إعداد الأطر العسكرية الأولى، التي لن تكتفي بالإعداد التقني بل ستقوم بالتحريض السياسي في المنطقة، ليس صحيحا أن الجماهير ستصل من خلال نمو كفاحها العفوي إلى الكفاح المسلح، لقد استطعنا تجاوز هذه الفكرة الخاطئة التي كان يتضمنها مفهوم "الانطلاقة الثورية"، وقد كان ماركس ولينين يتحدثان عن الانتفاضة كفن على الجماهير البروليتارية أن تتقنه، ولكن ليس صحيحا أيضا أن الحرب فن فقط، يتم ممارستها وتعلمها خارج كفاح الشعب "إننا نتعلم الحرب عن طريق الحرب"، كما يقول ماوتسي تونغ. إن التراث الحربي للشعب المغربي مليء بدروس الحرب، وقد استطاع الشعب الريفي المعزول أن يبني تنظيمه العسكري وتسليحه الذاتي خلال حرب الريف بوسائله الذاتية وبانتزاع السلاح من العدو (معركة أنوال) وأن يقهر القوات الإسبانية والفرنسية مما اضطر المارشال بيتان بطل معركة "فيردان" أن يشرف بنفسه على عمليات سحق الحرب التحريرية في الريف، إن عبد الكريم الخطابي قائد هذه الحرب لم يتعلم في الكليات العسكرية، وقد كان " بونعيلات" و "البصري" و "الجبلي" و ّالزرقطوني"... رجالا نبغوا من كفاح الشعب وتعلموا منه، كذلك أبطال الحروب التحريرية في الصين والفيتنام وكوريا لم يكونوا كقادة للكفاح الشعبي إلا من خلال هذا الكفاح نفسه، لهذا لابد أن تندمج هذه الاطر العسكرية ذات التكوين التقني في كفاح الجماهير وأن تتعلم منه.
#الأماميون_الثوريون (هاشتاغ)
Alamamyoun_Thaoiryoun#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة هي الاختيار الوحيد ضد النظام الفاشي التبعي
-
دحض أسس التحريفية الإنتهازية - أيديولوجيا و سياسيا و استراتي
...
-
دحض أسس التحريفية الإنتهازية - أيديولوجيا و سياسيا و استراتي
...
-
نقد الفكر التحريفي الإنتهازي ل-حزب النهج الديمقراطي- الجزء ا
...
-
لنرفع عاليا راية الماركسية اللينينية
-
من أجل فضح أفيون القوى التحريفية المضادة للثورة في المغرب !!
...
-
مساهمات بعض المناضلين الثوريين في الذكرى 41 لتأسيس المنظمة ا
...
-
في الذكرى 41 لتأسيس المنظمة الثورية الماركسية اللينينية الم
...
-
الإستراتيجية و التاكتيك من منظور المنظمة الثورية الماركسية
...
-
الشروط الموضوعية المساهمة في تأسيس منظمة -إلى الأمام-
-
لائحة أولية لوثائق منظمة إلى الأمام - المرحلة الثورية ما بين
...
-
الورقة الأطروحة لمنظمة -إلى الأمام-
-
الصراع مع التحريفية الإنتهازية تناقض أساسي
-
الوثائق الأساسية للخط الثوري لمنظمة -إلى الأمام-
-
لنرفع راية النضال الثوري عاليا ضد الكومبرادور و التحريفية ال
...
-
حلول الذكرى الأربعين لمنظمة -إلى الأمام-
-
مواقف الأماميين الثوريين
-
حول الخط الأممي /الماركسية اللينينية لمنظمة -إلى الأمام-
-
الخط العام لإعادة البناء التنظيمي لمنظمة -إلى الأمام- (1972
...
-
إعلان الأماميين الثوريين
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|