|
هل تم تعبيد الطريق الى فلسطين ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 3483 - 2011 / 9 / 11 - 01:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ بدا الحراك العربي الذي أطاح برؤساء مثل زين العابدين بنعلي وحسني مبارك ، ومن المنتظر إن يطيح برؤساء آخرين مثل بشار الأسد وعلي صالح ، طرحت بعض الأسئلة بخصوص تحديد الجديد الذي عرفته المنطقة العربية ، بالقضايا الإستراتيجية العربية ، وفي مقدمتها الموقف من القضية الفلسطينية ، و الموقف من الدولة العبرية . واذا كانت الإرهاصات قد ذهبت في اتجاه التأزم بما يعيد للعرب حقوقهم المشروعة التي فوتها للأعداء بعض الرؤساء مثل حسني مبارك الذي ارتمى يخدم المخططات والأجندة الغربية والصهيونية ، حيث لم يتورع في فرض الحصار على غزة ، والشماتة في ما تعرض له لبنان في صيف 2006 وغزة في 2009 ، ولم يتردد في التخندق الى جانب الأمريكان والبريطانيين أثناء الغزو للعراق ، حيث كان يسمح بمرور البوارج الأمريكية عبر قناة السويس لضرب وتدمير الشعب العراقي مستندا في ذلك على اتفاقية الأستانة التي وقعت منذ أكثر من مائتي سنة ، كما كان لا يتردد مع ملك الأردن ( غولدا مايير رئيسة وزراء إسرائيل فضحت الملك حسين في ندوة صحفية قائلة ، انه ابلغها بعزم النظامين السوري والمصري مهاجمة إسرائيل في سنة 1973 ) في تقديم تسهيلات استخباراتية للأمريكان وللصهاينة ، معتقدا إن بفعلته الخيانة تلك ، سيجلب عطف واشنطن التي لن تتردد في دعم ابنه جمال مبارك عند توريث عرش مصر ، هذا ناهيك عن التفريط في حقوق مصر والشعب المصري ، من بيع الغاز لإسرائيل بثمن يقل عن ثمن السوق ، وإغماض العين وطي الصفحة بسرعة وبسهولة كلما تعدت رصاصات إسرائيلية الحدود ، لتسقط جنودا مصريين صرعا ، ومن دون طلب حتى اعتذار الجاني عن جرمه المسبوق ، تم التمادي في قطع العلاقات مع إيران إرضاء لأمريكا ، والتجسس على العرب لصالح واشنطن عند عقد مؤتمرات عربية بالقاهرة او عند عقد اجتماعات لوزراء الخارجية بالجامعة العربية ، والتجسس على القدافي لصالح الغرب ،،، فان ما حصل مؤخرا بمصر وبالعديد من الدول العربية يبين إن المنطقة مقبلة على تغييرات جذرية لن تنفع معها سياسة الاحتواء التي تريد باريس واشنطن فرضها على الانتفاضات بغية تدحينها وجعلها تدور في الفلك الغربي لا ضده . وبالرجوع إلى معرفة التيارات والفصائل المشاركة والقائدة للحراك العربي ،يتبين أنها تتكون بالأساس من الإسلاميين ( إخوان وسلفيين ) ومن القوميين مع وجود بعض الليبراليين لكن بنسبة قليلة ومحدودة. إن هذا المشهد يعطي استنتاج مسبوق لما يختمر بالساحة العربية بدليل إن هذه القوى الصاعدة تتخندق في الجانب المعادي لإسرائيل وللغرب ، بسبب الموقف من القضية الفلسطينية ومن القضية الأفغانية والعراقية ، ناهيك عن الصراع الحضاري بين الإسلاميين والمسيحيين واليهود ، والصراع الحضاري بين هؤلاء وبين القوميين بمختلف تشكيلاتهم خاصة الناصرية منها . وإذا كان بعض المحللين يعتبر إن التغيير الذي تعرفه بعض البلاد العربية يصب في الحلف الجامع بين الإخوان ( قطر الإمارات ) و السلفيين ( السعودية ) وبين الأمريكان لمواجهة القوميين والماركسيين ، فان هذا التحليل المبسط لن يفي الغرض بإعطاء صورة ولو حتى تقريبية لطبيعة التحالفات والصراعات التي ستنشب بالمنطقة . وبالرجوع الى المشهد ألا فغاني يتبين إن التحالف الأمريكي السعودي الخليجي في خلق ما يسمى بالمجاهدين لمواجهة الغزو السوفيتي ، لم يصمد طويلا أمام اختبارات الزمان ، حيث انقلب هذا الحلف او التحالف بعد الانسحاب السوفيتي من أفغانستان الى نقيضه فانقلب المجاهدون على السعودية والأمريكان ، ودخلت على الخط قوى إقليمية ( باكستان ) ممهدة الطريق لحركة طالبان التي استضافت تنظيم القاعدة وجماعات الجهاد الإسلامي ، فكان إن تطور الصراع بالتفجيرات المختلفة التي تعرضت لها القواعد الأمريكية بالسعودية ، وتطورت في خط أمامي بضرب المركزيين التجاريين والبانتغون ( ضرب ثقل أمريكا العسكري والاقتصادي ) وكادت طائرة مختطفة أخرى إن تضرب البيت الأبيض ( ضرب ثقل أمريكا السياسي ) ، وبطبيعة الحال سيتطور هدا الصراع ليعرف ترجمة له بإفريقيا ( تفجير السفارة الأمريكية بنيروبي ) وبآسيا ( تفجيرات بالي ) مرورا بابي سياف بالفلبين ..لخ . إذن السيناريو الوحيد الذي يرسم خارطة المستقبل هو انقلاب هذه التيارات والجماعات الإسلامية التي تقود التغيير في سورية ،ليبيا ، اليمن ، مصر ، وفي تونس حيث تشكل حركة النهضة الأغلبية العددية التي ستمكنها من غزو الدولة في حالة تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية ، على الغرب وبالأخص على أمريكا الراعي لدولة إسرائيل ، مما يعني إن المواجهة ستكون مع الدولة العبرية . إن الحلف الإسلامي أصبح واضحا ، ومخططاته على الأمد المتوسط ستربك المعادلات الغربية الإسرائيلية التي حققت نصرا في جميع الحروب التي خيضت بالمنطقة ، والكل يعلم إن جميع الهزائم التي تعرض لها الوطن العربي كانت هزيمة لجيوش الأنظمة التي خاضت الحرب ( الأنظمة القومية من ناصرية وبعتية ) كما كانت إفلاسا لحرب الشعب الطويلة الأمد التي رددها اليسار الماركسي السبعيني العربي الذي استحال مع تلك الحرب الى أرخبيل من النسيان . فباستثناء ضربات الجهاد الإسلامي وحماس لم نعد نسمع ضربات مؤلمة لإسرائيل كما كان عليه الحال في سبعينات القرن الماضي ( الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ) و ( الجبهة الديمقراطية التي يحرص زعماءها على اقتناء افخر البدلات وركوب أفخم السيارات ) . وإذا كان اليسار الماركسي قد ارجع خسارة العرب في حروبهم التي خاضوها ضد إسرائيل الى التشدد في الحرص على الانضباط ،فإنهم نسوا او تناسوا إن الجيش الإسرائيلي الذي كان يسحق العرب ، كان أكثر انضباطا من الجيوش العربية المهزومة . أما مقولة حرب الشعب الطويلة الأمد فهي صالحة في أدغال إفريقيا واسيا وليس في الشرق الأوسط حيث التضاريس عارية ومكشوفة للطائرات الإسرائيلية . فأمام هذا الفشل القومي والماركسي في تحرير فلسطين ، أصبح الوضع الآن مفتوحا للتجربة الإسلامية التي ستخوض حربا ليس كسابقاتها ،لكن ستركز على المقاومة ( العمليات العسكرية في قلب إسرائيل وبالحدود ) والضربات الجهادية بالتفجير في جميع المناطق حيث يتواجد الإسرائيليون والمستوطنون باعتبارهم جنود احتياط للجيش الرسمي النظامي ،وباعتبارهم محتلين ، وباعتبارهم يساهمون في تأبيد الوضع القائم من خلال الضرائب التي يؤذونها لدولة إسرائيل التي تمول بها جيشها وأجهزتها . إن نجاح الإخوان المسلمين وتيار السلفية الجهادية ومختلف تنظيمات الجهاد في مصر من الوصول الى الحكم ، ولو بالانتخابات التشريعية والرئاسية التي سيحسمونها لأنهم أكثرية عددية مثل جبهة الاتقاد الجزائرية، وان نجاح السلفية الجهادية ( الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة ، والحركات الجهادية المختلفة مع التيار القومي العروبي ) ، وان نجاح الإخوان المسلمين مع الجهاديين والقوميين في السيطرة على الحكم في سورية واليمن إضافة الى حماس والجهاد الإسلامي التي تسيطران على غزة ، الى جانب حزب الله وإيران والى حد ما تركيا اردوغان...لخ يبشر بمستقبل غامض وخطير على الغرب وبالأخص على أمريكا ودولة إسرائيل . إن التناقض بين الحضارة الغربية ( المسيحية واليهودية ) مع الحضارة العربية التي يغلفها ( الإسلام ) ، وان التناقض بين الحضارة الغربية اليهودية والحضارة القومية العربية التي تنبني على العرق العربي الخالص ، ستكون حطب الحرب القادمة التي أساسها سيكون محو إسرائيل من الخريطة .أما القضية الفلسطينية ومسالة الأراضي العربية المحتلة ستكون النقطة التي ستفيض ألكاس المملوءة . فهل ستجرأ إسرائيل على استعمال السلاح النووي لحسم الحرب ؟ وإذا كان الأمر كذلك وهو الحاصل فهل سيخوض الإخوان والسلفيون والقوميون الحرب دون الإعداد لها بالعمل على امتلاك سلاح الرعب المضاد ؟ لقد أضاعت إسرائيل فرصا كثيرة لإبرام الصلح الحقيقي الذي سماء ياسر عرفات ( بسلام الجشعان) ،وهو الانسحاب فقط من الراضي العربية التي احتلت سنة 1967 ، كما إن عمياء ساستها افقدهم الصواب للاستجابة مع مبادرة المملكة العربية السعودية التي تبنتها القمة العربية في مؤتمر بيروت . فماذا يقول ساسة إسرائيل المتطرفون أمثال نتانياهو وليبرمان ، عن القوى الجديدة التي لا تطالب فقط بأراضي 1967 ، لكنها تعمل من اجل رمي إسرائيل في البحر . إنه طموح القوى الجديدة من إخوان مسلمين ، سلفيين ، جهاديين ، شيعة وقوميين . فهل عادت أجواء خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود ؟ إن تمكن هذه التيارات من إسلامية ( الإخوان + السلفية + تنظيمات الجهاد ) وقومية خاصة التيارات الناصرية من الاستحواذ على الحراك ، أمام ضعف التيارات الماركسية والليبرالية المنخرطة كذلك في الحراك ، يعطي للتيار الإسلامي القوي التنظيم والعدد فرصة رسم المشهد السياسي في البلاد التي عرفت سقوط رؤسائها ( مصر ، ليبيا ، تونس ومستقبلا سورية واليمن ) كما يجعلها تتبوأ صدارة المجابهة مع إسرائيل باعتبار إن أصل الصراع حضاري قبل إن يكون فقط على الأرض المحتلة . لقد انتصرت هذه القوى الجديدة في قلب الأنظمة ، لكنه انتصار الكارثة على مستوى الديمقراطية وحقوق الإنسان ،لأنه انتقال من سيء إلى أسوء ، أي الانتقال من الدكتاتورية الى الفاشية إسلامية كانت أم قومية .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقد مقولة الصراع الطبقي بالمغرب
-
تيارات سياسية مؤتمرات أوطمية
-
مراوحة السياسة التكنولوجية العربية بين النقل والتبعية
-
نظام الاقتراع الأكثر ديمقراطية : هل هو نظام اللائحة أم الاقت
...
-
المجلس الدستوري يعلن رسميا موافقة المغاربة على الدستور
-
ثوار الإسلام السياسي
-
الجماعات الاسلاموية ودولة الحقوق والواجبات
-
القرار السياسي في المملكة المغربية
-
منظمة إلى الأمام الماركسية اللينينية
-
النظام السوري يتململ تحت الضغط
-
بين الملكية البرلمانية والملكية الدستورية المطلوب راس النظام
-
جماعة العدل والاحسان بين الانقلاب والثورة
-
الفرق بين الهبات (بتشديد الباء) او الانتفاضات وبين الثورة
-
كيف سيكون اللقاء التشاوري لحراك 20 فبراير؟
-
قرار انضمام المغرب الى مجلس التعاون الخليجي
-
شعبوي شعبي وشعوبي
-
سوق عكاظ
-
الديمقراطية العربية
-
اسامة بن لادن مشروع شهيد
-
خريف ثلاث اوراق مغربية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|