|
مؤتمر عمان للنقابات صراع اقطاب
فلاح علوان
الحوار المتمدن-العدد: 1037 - 2004 / 12 / 4 - 09:56
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
انتهت اعمال مؤتمر عمان الذي دعت اليه النقابات الحرة لمناقشة مسودة مشروع قانون العمل الذي قدمته منظمة العمل الدولية ودعت الاتحادات النقابية في العراق لمناقشته. وهي اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق والاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، وهو الاتحاد الذي كان قائما ايام النظام السابق وكذلك اتحاد اتخر يحمل نفس الاسم وتعتبره السلطات في العراق هو الاتحاد الوحيد الرسمي والقانوني. كذلك حضر مثلون عن اتحادات نقابات كردستان. بدا واضحا منذ الساعات الاولى للمؤتمر الذي استمر 3 ايام ان هناك اتجاه لدى كلا الاتحادين الذين يحملان الاسم نفسه، ويشار اليهما بالانكليزية(IFTU)و(GFTU) لكيل اتهامات متبادلةيحاول كل طرف من جانبه اثبات انه هو الشرعي وهو القانوني، في حين كان ممثلوا منطقة كردستان يتقربون من الاتحاد الذي تعتبره السلطة رسميا. وباستثناء الطروحات التي قدمها اتحاد المجالس والنقابات العمالية الذي ركز فيها على الحاجات الاساسية والمباشرة للعمال، تكاد تكون مداخلات الاتحادات الاخرى هي للبرهنة على كونهم اتحادات "شرعية" او غير " شرعية". ما معنى هذا التركيز على حقانية هذا الاتحاد او ذاك في العمل النقابي دون سواه. اذا حللنا التركيبة التي يتألف منها كل من هذين الاتحادين والاصول والمرجعيات السياسية لهما، لاستطعنا الوقوف على الماهية والمحتوى الذي يتألف منه كل اتحاد على حدة. GFTU هو بقايا اتحاد النظام السابق، ومعلوم للجميع نوع ومحتوى المؤسسات والمنظمات التي كانت قائمة في عهد النظام الفاشي. لقد كان الاتحاد السابق جزءا من النظام الفاشي واداة لقمع العمال. وفي الوقت الذي كان يجري تشغيل العمال اكثر من 12 ساعة، لم يكن ثمة اتحاد يرفع شكاوى العمال ومطالبهم. وحين كان العمال يموتون في حوادث العمل لم يكن الامر يعني" النقابات". لقد رفع "الاتحاد" العام" لنقابات" العمال في العراق يومئذ لافتة في احدى مؤتمراته تقول علنا ان مهمته هي ترجمة نظرية العمل البعثية والاستناد الى فكر من كان يدعوه بالقائد ... الضرورة. ولقد استطاع قياديو هذا الاتحاد تعيين رئيس جديد له بعد تنحي رئيسه السابق" جميل الجبوري" وقاموا بالتحالف مع المجلس الاعلى، وشكلوا رئاسة جديدة. ماذا يعني هذا التحالف السياسي للهيمنة على الحركة العمالية في العراق أو لجر الحركة العمالية وراء سياسات هذه الفئات والاحزاب؟ انه يعني من جانب العمال نقص في اقتدار اتحاداتهم ومنظماتهم التي تعبر عن مصالحهم واهدافهم العليا، واستمرار التبعثر والتشتت في صفوفهم. ومن ناحية الا حزاب والحركات السياسية التي تسعى الى تثبيت مواقعها داخل الحركة العمالية باعتبارها جمهورا مليونيا، او هي ارض بكر غير مستكشفة يريدون استعمارها، يعني فرصة سانحة لتدخل التيارات المتطلعة لتوسيع نفوذها السياسي والمعنوي، بين الجماهير. وفي كل الاحوال، الهدف هو جر العمال وراء سياسات ومصالح كتل سياسية باسم النقابات وباسم العمال، وهذا الاتحاد باستثناء النقابيين القوميين، في الدول العربية، ليس لديه نفوذ او انصار او مؤيدين، بل انه ليس لديه سند جماهيري واجتماعي، اما فيما يخص النقابات المشكلة فانها من الناحية الواقعية ليست نقابات، لان تشكيلها جرى خارج العمال انفسهم،وليست لها اي صلة باحتجاجاتهم اليومية وحركتهم. ان ما يجعل هذه " الاتحادات " أو بالاحرى الهيئات التي تسمي نفسها اتحادات عمالية، تتسابق لتثبيت مواقعها ونيل "الاعتراف"الرسمي من الحكومة هو، ضعف التقاليد النقابية في العراق، باعتبار ان النقابات السابقة كانت جزءا من التسلط على العمال، مما جعل ثمة قطيعة بين العمال والنقابات، فممثلي الاتحادات المذكورة هم يجهلون او يتجاهلون كون النقابات شأن العمال انفسهم ولا يجوز تدخل السلطات فيها، كما انهم لا يستطيعون تنظيم مجموعة من العمالفي نقابة دون الاستناد الى تصريح رسمي،يقدمون انفسهم بموجبه على انهم اتحاد" رسمي". فمن ناحية كانت الدولة هي المالك لكل المشاريع العملاقة والصناعات الرئيسية وقبل منع العمل النقابي كان للدولة نقاباتها التي تحث على زيادة الانتاج وطاعة الادارة و" خدمة الوطن" ومحاسبة " المتقاعسين" عن العمل، اي باختصار تشديد العمل من جهة ومنع الاحتجاج العمالي من جهة ثانية. كما ان العاملين في القطاع الخاص اذا طالبوا بحقهم في تنظيم انفسهم أو حتى تكوين اتفاقات بين العمال كمجاميع ترفع مطالبها، فان صاحب العمل يلجأ الى نفس الاساليب البوليسية البعثية الفاشية ويهددهم بأن هذا تنظيم سياسي وانه يمكن ان يبلغ السلطات. هذه باختصار الصورة العامة لاوضاع العمل النقابي ابان الحكم الفاشي. وفيما يخص الاتحاد العام الجديد والمرخص من السلطات التي تعتبره الاتحاد الوحيد الشرعي والقانوني، فانه في الحقيقة جبهة احزاب اكثر مما هو اتحاد عمالي. لقد تشكل كما يقول قادته في اواسط ايار 2003. وهذا يعني ان اي مصنع او معمل لم يدر بعد كما ان المشاريع والمؤسسات معطلة بالكامل، ومعنى هذا انه لم يجر اي انتخاب واي تشكيل لنقابة حقيقية وعلى اساس المحاصة الحزبية جرى بشكل كيفي " اقتسام" النقابات، بين جماعة الوفاق الوطني والحزب الشيوعي العراقي والاشتراكيين القوميين العرب، حصرا وبواقع 4 نقابات لكلحزب. ثم يجري العمل على تأسيس نقابات. لقد اقتسموا ما لم يوجد بعد. وهذا يعني انه تم توزيع المناصب التي ستسعى للتحكم بالحركة العمالية، وفق اراء وتطلعات احزابهم هم ان المتتبع لبرامج هذه الاحزاب نرى عدم وضوح رؤيتهم تجاه الحركة العمالية، فهي مزيج من خطابية مضاف اليها ذكريات عن تاريخ الحركة النقابية دون اجابة على المعضلات الراهنة للطبقة العاملة. خارج الترخيص الحكومي ودوراحزابهم لا يستطيع اي من ممثلي هذا الاتحاد طرح اجندة ورؤية لمستقبل الحركة العمالية، ولتشكيل نقابات حقيقية، ممثلة لمصالح العمال انفسهم ولاهدافهم. بل على العكس فان هناك دعوات الى اعتبار الاحتجاجات العمالية حول مستوى الاجور والرواتب هي " في غير اوانها" وان المهم " بناء الاقتصاد" او ما شاكل. باختصار لايمكن أن تكون مهمة هذا الاتحاد سوى الحاق الحركة العمالية بسياسة السلطة. وعدم اطلاق يد العمال في تشكيل منظماتهم المستقلة والمدافعة عن مصالحهم واهدافهم. وفيما يتعلق باتحاد المجالس والنقابات العمالية، فقد اعلن بوضوح ومنذ تأسيسه بل وحتى أثناء عمل اللجنة التحضيرية التي سبقت تأسيس الاتحاد، انه يسعى لتشكيل منظمات عمالية مستقلة، يقوم العمال انفسهم بتشكيلها وبدون تدخل السلطات. ماذا يعني هذا؟ انه يعني ببساطة وبوضوح ان هدف الاتحاد هو تشكيل منظمة عمالية مقتدرة، تقود الحركة المطلبية للعمال، وتكون ممثلا لمصالحهم واهدافهم، وتسعى الى توسيع حقوق العمال المعاشية والحياتية وتوسيع حرياتهم النقابية، ودون وصاية او تسلط الاحزاب السياسية التي تسعى الى جر الحركة العمالية الى فلكها دون ان تكون اهداف العمال العليا ومصالحهم ضمن اولويات هذه الاحزاب بل انها تسلك في الحقيقة سلوكا معاديا للعمال. وهذا بكلام اخر يعني ان هذا الاتحاد هو منظمة العمال انفسهم بغض النظر عن الدين او المذهب او اللغة او الانتماء السياسي. لقد كشفت المناقشات حول قانون العمل كل محتوى الاتحادات ومنظورها للحركة العمالية. وقد ركز اتحاد المجالس والنقابات على مواضيع مثل يوم العمل، مستوى الاجور، موضوع البطالة، عمل النساء، عمل الاطفال، الحريات النقابية. وهذه امور جوهرية في حياة العامل، قام ممثلوا الاتحاد بجر النقاشات نحو هذه المواضيع. لقد تصارعت ثلاثة اقطاب رئيسيةهي: (GFTU)،(IFTU)،(FWCUI). الاول يريد اعادة قالب اتحاد السلطة البعثي واكسائه ثوبا جديدا، واحياء التقاليد الفاشية التسلطية. وهذا يعني توجيه ضربة للعمال من خلال حجب دورهم في تقرير مسارهم الذي يخدم تطور حركتهم، وهذا يقود الى ارجاع العمال مراحل الى الوراء. الثاني يريد تحويل الحركة العمالية الى ملحق لسياسة السلطة، من خلال تسلطه كجبهة احزاب على الحركة العمالية. اي هو اتحاد في افضل الاحوال محافظ، ويريد الاحتفاظ بعلاقة طيبة مع السلطة التي منحته الترخيص، وهذا سيشكل عائقا امام الحركة العمالية. الثالث هو القطب الراديكالي المتطلع الى تشكيل منظمات عمالية ترفع المطالب الاساسية للعمال، وتطالب بالتحسين المتواصل لضروف العمل وللاوضاع الحياتية للعمال، ومنع تدخل السلطات في بناء منظمات العمال للتعبير عن اهدافهم ومصالحهم. ان نجاح مهمة اي اتحاد تعتمد على نفوذه واقتداره بين العمال، فاذا نجح القسم الذي يريد اعادة الاوضاع الى ايام العهد البائد في جهوده، فان هزيمة ستلحق بالحركة العمالية التي عليها مواجهة هذه المساعي بدقة وجرأة ووعي. واذا نجح القطب الثاني في تحويل الحركة العمالية الى جزء من سياسة السلطات الحاكمة. فأن الحركة العمالية ستصاب بالشلل لان القسم المحافظ والذي يسعى الى كسب رضى السلطة، هو الذي انتصر. أما تحقيق العمال لمنظمة تمثل تطلعاتهم، وحسم الصراع لصالحهم فهذا يستوجب، اولا، القطيعة التامة مع تقاليد الماضي التي تعتبر النقابات جهازا فوق العمال. وثانيا، عدم الانصياع لاوامر السلطات بترخيص هذه المجموعة او تلك واعتبارها شرعية او رسمية. ثالثا، الالتفاف حول اهدافهم وتطلعاتهم وفرض ارادتهم في بناء منظماتهم واختيار قادتهم من بينهم. ان هذا مرهون بعمل دائب وجرئ ويومي، ومرهون ببروز صف من القادة العماليين، ليتزعموا الحركة المطلبية ويجعلون الاتحاد منظمة للقادة العماليين، ويرسخون تقاليد نضالية عصرية ومقتدرة.
#فلاح_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاضرة لفلاح علوان رئيس اتحاد المجالس والنقابات العمالية في
...
-
حول نقل السلطة للعراقيين
-
توقيع وثيقة احتجاج المنظمات العمالية العالمية إلى منظمة العم
...
-
دعوة من لجنة الإعداد لمؤتمر ممثلي المجالس و النقابات في العر
...
-
تيارات الاسلام السياسي،مأزق البقاء في المشهد السياسي
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|