أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فؤاد علي أكبر - غياب الفكر الليبرالي الحر الهادئ في عراق ما بعد الطاغية















المزيد.....

غياب الفكر الليبرالي الحر الهادئ في عراق ما بعد الطاغية


فؤاد علي أكبر

الحوار المتمدن-العدد: 3482 - 2011 / 9 / 10 - 19:59
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لعل الواقع السياسي العراقي الشائك والموغل في التعقيد ينبئ بكوارث سياسية وأجتماعية وأقتصادية غير محمودة ومحسوبة العواقب والتي ربما ستجلب الويلات على الجميع دون أستثناء وفي المقدمة الأنسان العراقي الذي بات المادة الأساسية لكل النزاعات والصراعات والوقود الجاهز للأشتعال مع نشوب أية أزمة حقيقية أو مفتعلة في غياب الشعور بالوطنية والتثقيف والتوعية على الحوار وقبول الآخر وربما أنعدام الفرصة لذلك حتى مع توفر النوايا الصادقة لذلك بسبب عمق وتراكم وتفاقم الأزمات وفي جميع المجالات التي لها مساس مباشر وغير مباشر بحياة الفرد وحركة المجتمع. عقود عديدة من القمع ومصادرة الرأي وأعتقال الفكر في القبو المظلم لنزعات وشطحات وميول القائد الأوحد وممارست أبشع أنواع الأضطهاد الفكري بكل أنواعه والتدخل السافر في مناهج التربية والتعليم والسيطرة الكاملة على وسائل الأعلام وتسخيرها بالكامل لصالح السلطة وحظر كل وسائل الأتصال بالعالم الخارجي ومنع أي شكل من أشكال التبادل الفكري والثقافي مع العالم الخارجي إلا ضمن النشاط الحكومي المحصور والمراقب والمعقم بدقة فائقة أدى وبشكل خطير الى الخواء الفكري لدى الكثير من شرائح الشعب المغلوبة على أمرها والى العوق الفكري لدى جيش من المتملقين والمنتفعين من ملمعي أحذية السلطة ولاعقي بقايا موائدها والمطبلين والمروجين والمنظرين لفكر القائد الفلته!. كل ذلك مهد لأرضية خصبة لما يجري اليوم في الساحة العراقية من مآسي وصراعات ومذابح وبالتالي الضياع الفكري وضمور الشعور والثقافة الوطنية وأضمحلال المستوى الفكري الحر القادر على أستيعاب المرحلة الجديدة والخروج برؤية وطنية مشتركة تؤمن للأنسان والوطن أنتقال سليم ومعافى من ما تواجهه من متغيرات وتحديات. أن معاملة السلطة البعثية الغاشمة لشرائح المجتمع العراقي كل حسب خلفيته القومية والمذهبية والدينية وأشاعة روح الكراهية والعداء لكل ما تعتقد أمكانية تقاطعه مع سياستها الآنية والمتخلفة أصلاً والغير خاضعة لدراسات منهجية بأي شكل من الأشكال والنظم السياسية المعروفة والمعمول بها تسبب في نشوء ثقافات متطرفة وعشوائية كرد فعل طبيعي للجهل والقصور السياسي المعتمد في أدارة البلد بالأضافة إلى التوجه المفرط في ممارسة العنف لأحكام السيطرة على زمام الحكم لدرجة تجاوز الأجراءات القمعية الأمنية إلى شن الحملات العسكرية والحربية ضد قطاعات كبيرة من أبناء الشعب وأبادة وتهجير أعداد هائلة من العراقيين, ليس هذا فحسب بل تعدى ذلك الى بث ثقافة العداء الى المحيط الخارجي والتورط في حروب أقليمية ودولية طائشة مدمرة وطويلة الأمد والعمل الجاد بتسخير كل الأمكانيات لنشر ثقافة الحرب والتعبئة الجماهيرية لأدامة واستمرارعجلة الحرب ببث الحياة في خلافات تأريخية عفى عليها الزمن إن وجدت أوبما يسمى أعادة كتابة التأريخ وأفتعال خلافات تأريخية أو صناعة روح العداء والتفاخر بالقتل والحرب بالقيام بتشويه التاريخ المشوه أصلاً في أغلب مفاصله لصالح سطوة وشهوة الحاكم في حالة عدم وجود المادة التأريخية الملائمة. تصفية رجال الفكر والسياسة والأدب والأجتماع وفرض حصار خانق على البعض منهم وأغتراب القسم الأكبر في المنافي والقضاء على أي صوت أو نشاط سياسي معارض داخل العراق وقيام تشكيلات سياسية متنوعة في الدول الحاضنة المختلفة لأعداد غفيرة من االلاجئين، والتي كان لطبيعة النظم السياسية لهذه الدول والطابع الثقافي للشرائح التي كانت مادة هذه التشكيلات أثر كبير في توجهاتها الفكرية، ساهم بشكل كبير في تفتيت التماسك والتفاعل والحوار الوطني المشترك وفي أمكانية النمو المتوازن والمتوازي والمتناغم لحركة الفكر كما في معظم المجتمعات التي تتمتع بالأستقرار والتطور الطبيعي أو المنهجي في حركتها. ولربما غياب الفكر الليبرالي الحر وطغيان الأفكار والتنظيمات السياسية ذات الهوية القومية والطائفية المتطرفة والمتناحرة فيما بينها يترجم وبدقة نتائج السياسات التخبطية التي مارسها النظام السابق ودور الدول وبالأخص الأقليمية منها كحواضن سابقة وقوى داعمة حالية لهذه الأحزاب والتيارات. الواقع أن أسباب تردي الواقع الفكري والسياسي في العراق هو أعقد بكثير من هذه الرؤية التحليلة المبسطة أذا ما أخذنا بنظر الأعتبار الجذور التأريخية السابقة لواقع الثقافة العراقية والتداخلات والتغييرات السياسية اللاحقة أبتداءً من فترة الحصار الأقتصادي والسياسي والتدخلات الأجنبية العسكرية والسياسية في العراق ثم أنهيار النظام وبروز الجماعات المتطرفة المسلحة في الساحة العراقية وأتخاذ غالبية أجهزة النظام الضخمة والقمعية بطبيعة الحال لعناوين سياسية والعمل كتنظيمات وأحزاب تتبنى أجندات معينة تضمن لها البقاء والأفلات من المحاسبة على ما أرتكبته من جرائم سابقة ويمهد لها محاولة العودة الى السلطة بعناوين جديدة مختلفة أو حتى بالعناوين السابقة التي مازالت لها صدى في نفوس البعض ودعماً أقليمياً غير محدود. ومما يزيد الأمر سوءاً وتعقيداً هو حدوث أنشقاقات حادة وخطيرة جديدة داخل جميع الكتل والتنظيمات التي كانت وما زالت تصطبغ بصبغة قومية أو طائفية واحدة بالأضافة الى أختلاف الأجندات والسياسات المتبعة من قبل الأطراف الدولية والأقليمية داخل أروقة الدولة أو الجهة الدولية والأقليمية الواحدة. المشهد العراقي الراهن بعد الهدوء النسبي لدورة العنف الرهيبة التي كان ضحيتها الأولى والأخيرة هو الأنسان العراقي بكل أنتماءاته والخاسر الوحيد في الحرب الداخلية والخارجية القاسية بين كل هذه الأطراف السياسية والتي لم يخسر فيها أي طرف بعد أن أستطاعت كل هذه الأطراف المتناقضة والمتصارعة بكل أتجاهاتها ومفردات تكونها الفكرية والسياسية أن تجد لها مكان وحيزاً لأستمرارها وتكريسها لأجنداتها الفكرية في وسط عراقي ما وأستثمار أمكانيات وثروات البلد لتعزيز قدراتها الحزبية والشخصية بأتفاق ضمني يشمل الجميع مما نتج عنه تردي كبير في الخدمات وعلى كافة الأصعدة، وأذا كانت هناك بعض الأنجازات البسيطة فهي تكرس سياسياً وفكرياً لخدمة جماعة معينة في ظل غياب تام للجهد الوطني المشترك، ومحاولة تقنين الفساد بطرق ملتوية متعددة. مما أدى الى أنتشار الفساد الأقتصادي والأداري وحتى الفكري في مساحات واسعة من المجتمع ونشوء دكتاتوريات صغيرة متعددة ومتفرقة تتمتع بنوع من الدعم في أوساطها القومية والطائفية وبيدها أمكانيات مالية ومادية هائلة وتأثير مباشر كبير في أدارة الدولة بالأضافة لتبنيها مجموعات معينة لتنفيذ نشاطاتها الغير معلنة. ولاشك أن مثل هذه الأوضاع وما تخلفه من ضغوطات نفسية وأقتصادية على الأغلبية المسحوقة من الشعب وعلى بعض الأصوات الليبرالية المرهقة الشبه معدومة، بسبب أفتقارها لأي شكل من أشكال الدعم الفكري والمادي، تؤدي الى ردود فعل شعبية عنيفة تبحث عن الحلول الجادة والفعلية السريعة لرفع المعاناة القاسية عن كاهلها وهذا ما يحاول العراقيون التعبير عنه من خلال المظاهرات والأعتصامات السلمية العديدة والتي تشوبها دائماً أعمال عنف عفوية ومقصودة في أغلب الأحيان. في الحقيقة أن دراسة هذا الهامش من الحرية بأمعان يبين بوضوح عقم هذه الممارسات الشعبية و خلوها الشبه مطلق لمعايير الحرية وأهدافها وذلك للقدرة الفائقة للجماعات والأطراف السياسية التي تشارك في الحكومة أوالممولة من هذا الطرف أو ذاك أن تلبس ثوب المعارضة وتركب موجة الأحتجاجات الشعبية الصادقة وأن تجيرها لحساباتها الخاصة أو حتى الأنحراف بها وفق ما يتناسب مع برامجها للتاثير في الشارع العراقي بما تمتلكه من أمكانيات مادية وأعلامية ضخمة لا تستطيع الأصوات الحرة والشريفة من مجاراتها. وغالباً ماتتعرض هذه الأصوات للتهميش والأعتداء والتكميم بسبب عدم دعمها ومساندتها وحمايتها من قبل القانون ومنفذيه الموجهين مسبقا من قبل جهة ما أو من جماعات متطرفة أخرى. وبذلك يتسنى لجميع الأطراف أغتصاب الحرية الوليدة في العراق الجديد وذبحها في حال عدم أنصياعها لهذا الطرف أو ذاك وبأسم الديمقراطية الجديدة.
أن وجود بعض الآليات الديمقراطية كتداول السلطة والأنتخابات لا تستطيع وبالتجربة أن تقدم لوحدها نموذجاً متقدماً لبناء الدولة الحديثة المنشودة في غياب أطلاق الحريات الفكرية الحقيقية والمدعومة بنظام مؤسساتي دقيق ومحكم يكفل حماية حرية التعبير عن الرأي والفكر ويتخذ من نتاجاتها السليمة والصالحة المادة الأساسية للبناء والتطوير. وأن الخلل الواضح في بناء مثل هذه المؤسسات والهيئات والتي يجب أن تكون مستقلة غير مسيسة وأن تكون رقيبة على الجميع مستمدة قوتها وسلطتها على الجميع من سلطة القانون فقط هو السبب الرئيسي لغياب الفكر الليبرالي الحر الهادئ في عراق ما بعد الطاغية وأستمرار الأوضاع المأساوية والحلول العرجاء التي يدفع ثمنها الأنسان العراقي من وجوده المتأزم والمتردي في معظم المجالات الفكرية والحضارية ومستقبله المجهول والمفخخ بشتى صنوف الكوارث المتوقعة. أن أعتماد الساسة أو ذوي القرار في الواقع العراقي الحالي لسياسة العنف والتهديد والتكريس الطائفي والقومي المتطرف وتغليب المصالح الفئوية والشخصية والتمسك المباشر والغير مباشر بالسلطة وتحويل أحزابها إلى مافيات لخنق الحريات وسرقة المال العام سيكون فيه مقتل الجميع لامحال.



#فؤاد_علي_أكبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحلة العمر المديدة
- رسالة تعزية عراقية....
- القدر اللعين...
- ماذا جنى الكورد الفيليون من المحكمة الجنائية العليا؟
- الحب والموت في بلادنا ...
- أضطرابات بوست تراوماتيكية لسجين كوردي فيلي
- الواقع العربي المتذمر والقادم الأسوأ
- إحذروا لعنة الكورد
- وتبقى مأساة الكورد الفيلية هي الوجع الأكبر
- في ظل الوضع الراهن هل سيأخذ قادة العراق بحكمة الرجل الكوردي؟
- أسلحة الدمار الشامل والكامل في مجتمعاتنا
- الفيليون وإخوة يوسف
- مسكين ياحسني!
- المرأة أرقى من الرجل
- مؤمنون أم متدينون؟
- هذا هو العراق, فهل من متعض؟


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فؤاد علي أكبر - غياب الفكر الليبرالي الحر الهادئ في عراق ما بعد الطاغية