عبدالوهاب حميد رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 3482 - 2011 / 9 / 10 - 18:36
المحور:
الصحافة والاعلام
انطلقت الاحتجاجات في كافة أنحاء العراق هذا اليوم (September 9, 2011) في ظل شعار: "فجر المحررين Dawn of the Liberators." ووفقاً لتقارير TGIR ، تم اعتقال ما لا يقل عن خمسين من المحتجين في محافظة واسط. في حين أن المحتجين في بغداد هوجموا من قبل البوليس.
حاول المتظاهرون رفع نعش رمزي للصحفي هادي مهدي الذي أٌغتيل قبل يوم واحد من بدء الاحتجات (September 8, 2011). وحسب مراسل The Great Iraqi Revolution في بغداد: رفضت القوات الحكومية الإفراج عن جثة الصحفي هادي مهدي وتشييعه من قبل المتظاهرين، كما ولم تسمح لهم بممارسة التشييع الرمزي.. "هادي مهدي.. أي عظمة.. يخافونك حياً أو ميتاً!؟"
تعرض هادي مهدي للتعذيب من قبل القوات العاملة تحت سلطة رئيس حكومة الاحتلال ببغداد في 25 فبراير/ شباط. بل وفي نفس الوقت تعرض أربعة صحفيين- وهم جالسون في المطعم يتناولون غداءهم- لهجوم واعتداء قوات الحكومة بالضرب بأعقاب البنادق.
أصدرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان البيان التالي Human Rights Watch: على السلطات العراقية القيام بتحقيق فوري وشامل في مقتل هادي مهدي- الصحفي ذائع الصيت في الإذاعة الشعبية والذي أغتيل بتاريخ 8 سبتمبر 2011 في منزله ببغداد، ومقاضاة المسئولين عن هذه الجريمة. وقال جو ستورك Joe Stork- نائب مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة: "بعد أكثر من ست سنوات لمسيرة الحكم الديمقراطي (المزعوم)، فالعراقيون ممن يٌعبرون عن آرائهم (النقدية) علناً لا زالوا يواجهون خطراً كبيراً."
ذكر شهود في مسرح الجريمة للمنظمة بأنهم لم يجدوا دليلاً على وجود صراع أو سرقة، مما يدل على أن القتل كان متعمداً/ مخططاً. محتويات الضحية: الهاتف النقال cell phone، الكومبيوتر المحمول laptop، وغيرهما من المحتويات في المنزل بقيت في مكانها دون أن يمسها أحد.
كان المهدي- صحفي مستقل freelance journalist ومدير مسرحي- يمارس
النقد علناً ضد الفساد الحكومي وغياب المساواة الاجتماعية في العراق. يٌقدم
برنامجه الإذاعي الشهير "لمنْ يستمعْ" ثلاث مرات أسبوعياً في بغداد. ترك
البرمامج قبل شهرين. كان البرنامج بصوت المهدي الذي اتسم بكسره لحاجز
الخوف، وبأسلوب لاذع غلبت عليه الدعابة، وفقاً للمنظمة. ظهر تأثير هذا البرنامج في "يوم الغضب"- مظاهرات شاملة سلمية ضد الفساد بتاريخ 25 شباط. صار المهدي، على نحو متصاعد، مشاركاً ومنظماً لحركة احتجاجات جديدة في بغداد العراق..
تحدثت المنظمة مع المهدي خلال تظاهرة 25 شباط، وأصرّ المهدي على أن
الاحتجاج سلمي. ومع وصول شرطة مكافحة الشغب وبدأت تتصرف بقوة ضد
المحتجين، أخذ أعداد من المتظاهرين رمي الشرطة بالحجارة. المنظمة شاهدت
المهدي وهو يبادر الاضطلاع بمهمة القيادة مع هؤلاء ممن شكلوا حاجزاً
بشرياً بين جموع المتظاهرين الغاضبين والشرطة في محاولة للحفاظ على سلمية
المظاهرة. العديد من أعضاء السلسلة البشرية جرحوا أما من خلال الحجارة أو
استخدام القوة من قبل شرطة مكافحة الشغب.
بعد المظاهرات ألقت قوات الأمن القبض على المهدي وثلاثة صحفيين آخرين في مطعم ببغداد. عرضوهم للضرب وعصبوا أعينهم. هددوهم بالتعذيب أثناء الاستجواب. وبعد الإفراج عنهم، أخبر المهدي منظمة مراقبة حقوق الإنسان في اليوم التالي: أجبره المحققون- وهو معصوب العينين- التوقيع الإجباري على اعترافه بإرتكاب جناية، علاوة على تعهده الامتناع عن المشاركة في المظاهرات مستقبلاً. وكشف للمنظمة آثار التعذيب الذي تعرض له: كدمات وعلامات حمراء على وجهه، عنقه، كتفيه، ساقيه، وبطنه.
واصل المهدي الحضور وتنظيم العديد من المظاهرات الأسبوعية ليوم الجمعة في ساحة التحرير- بغداد. أخبر منظمة مراقبة حقوق الإنسان بأنه بتاريخ 4 آذار/ مارس اقترب منه في الحشد رجلاً بزي مخيف، وقال له أن قوات الأمن تراقبه، وسجلت كافة الأشخاص ممن أتصل بهم المهدي تلفونياً في ذاك اليوم. وبتاريخ 11/ آذار قال المهدي أنه تلقى تهديدات عدة عن طريق الهاتف أو الرسائل النصيّة بعدم العودة إلى ميدان التحرير.
كذلك كان المهدي واحداً من أبرز منظمي المظاهرة الكبيرة التي تقررت يوم الجمعة بعد شهر وعطلة رمضان (09 أيلول/ سبتمبر). وفي موقعه على الفيسبوك صورته وإعلان بالمظاهرة. كذلك نشر الرسالة التالية التي تصف التهديدات ضده قبل ساعات من إغتياله:
كفى.. لقد عشت الثلاثة أيام الأخيرة في حالة رعب. هناك مَنْ اتصل بي وحذّرني من المداهمات والاعتقالات للمتظاهرين.. هناك مَنْ قال بأن الحكومة سوف تفعل كذا وكذا.. هناك مَن اتصل بي على الفيسبوك باسم مزيف وهددني.. سأشارك في المظاهرات لأني واحد من مؤيديها بقوة. اعتقد اعتقاداً راسخاً بأن العملية السياسية تجسّد فشلاً وطنياً- سياسياً واقتصادياً. إنها تستحق التغيير.. ونحن نستحق حكومة أفضل.. بإختصار: أنا لا أٌمثل أي حزب سياسي أو أي طرف آخر، بل (أٌمثل) الواقع البائس الذي نعيشه.. لقد سئمت من رؤية أمهاتنا وهُنّ يتسولن في الشوارع.. وأنا مريض (أتقزز) من أخبار شراهة السياسيين ونهب ثروات الوطن/ العراق.
مقتل المهدي، يشكل استمراراً لسنوات من أعمال العنف الموجهة ضد الصحفيين في العراق. ومؤخراً، بتاريخ 29 آب/ اغسطس، هاجم أحدهم بمسدس صحفياً بارزاً- أسوس هاردي Asos Hardi- في السليمانية. تطلبت إصابة هاردي إدخاله إلى المستتشفى وعلاجه بواقع 32 غرزة.
منذ بدء الاحتجاجات في شباط ضد انتشار الفساد وضحالة الخدمات، واجه الصحفيون في العراق تصعيد الاعتداءات والتهديدات ضدهم من قبل العناصر الرسمية، بما في ذلك قوات الأمن التابعة لحكومة الاحتلال.
"اعتدنا، في العراق، على تعرض الصحفيين للهجوم، لكن هذا الحدث كان قريباً من (يُجسّد) كسر العظم،" قالها Ammaral-Shahbander- رئيس معهد الحرب والسلام Institute for War and Peace الذي ينشر تقاريره من بغداد وصديق المهدي- لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان. هذا بعد رؤيته لجثمان المهدي وهو مسجّى في مطبخ منزله.. وأضاف: "هذا الهجوم مختلف عن بقية الهجمات لأن الجاري عادة قتل الصحفيين أثناء أداء واجبهم ، وتوقعْ التعرض للإصابات/ القتل في مناطق الحرب. أما أن يكون الصحفي في منزله ويتعرض لإطلاق النار/ القتل.. فهذا من الصعب جداً تحمله."
أخبر عماد العبادي- صديق آخر للمهدي- المنظمة بأن المهدي تعود على تسلم تهديدات يومية بالقتل عبر وسائل الإعلام الاجتماعية والهواتف المحمولة بأرقام محظورة blocked numbers. "كان يأتيني وهو مستاء جداً وغاضب، ويريني المكالمات الواردة له لدعم إدعاءاته. وعادة كنتُ أُحاول تهدئته وأحثه على عدم الاهتمام كثيراً بهذه المكالمات. وأنصحه، في الوقت نفسه، أن يكون حذراً، وأن يبقى في حالة تأهب."
العبادي- صحفي تلفزيوني- مارس النقد على نحو متكرر للشخصيات البرلمانية والحكومية، تعرض لمحاولة إغتيال في 23 نوفمبر العام 2009، عندما فتح مهاجمون النار عليه في رقبته ورأسه.
أعرب الشاهبندر عن أمله بأن لا يردع قتل المهدي الصحفيين في العراق من إعداد تقاريرهم عن الأحداث الجارية في البلاد. "لقد اختُطف العديد من الصحفيين، تعرضوا للتعذيب وحتى للقتل.. لكنهم سيواصلون القيام بعملهم.. يبين هذا الهجوم مدى يأس أعداء الديمقراطية.".. (أعداء الوطن العراقي/ سلطة وكلاء الاحتلال)..
مممممممممممممممممممممـ
Protests erupt in Iraq,The Common Ills,uruknet.info, September 9, 2011.
#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟