عن نشأة العنف في الجزائر ..

بن جبار محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3482 - 2011 / 9 / 10 - 08:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

عن نشأة العنف في الجزائر ..

المسار التاريخي للجزائر مرتبط في أغلب فتراته بالعنف: العنف السياسي و العنف الإجتماعي , العنف الرسمي , العنف الشعبي , العنف المضاد ومن تم أصبح خطاب العنف هو السائد في المجتمع الجزائري بشكــل أقوى, إذا قمنا بمقارنتها مع بعض الدول العربية أو المغاربية خاصة في السنوات الأخيرة ..خطاب العنف في الجزائر كنتيجة لممارسات إستعمارية طــويلة الأمد أستمرت لأكثر من قرن من الزمن حيث أنه أفرغ المجتمع الجزائري من محتواه الثقافي و التاريخي و سلب منه هويته و ذاكرته و لغته حيث أن التشويه نال كل المجالات الحيوية للإنسان الجزائري و رافقت هذه العملية ممارسات عنيفة لإصرار الإستعمار على ما أعتبره محو هوية المجتمع .
في المقابل الحرب التحريرية كانت عنيفة في مواجهة إستعمار عنيد أرتكزت أساسا على الصدام المسلح و قد أخذت على عاتقها تحرير الجزائر. وكان خطابها السياسي جزء لا يتجزأ من الممارسة الميدانية العنيفة و تابع لها , هذا الخطاب نفسه نجد بعض ممارساته في الدولة الوطنية بعد الإستقلال و كان نتيجة نقاش وجدل كبير بعد مؤتمر طرابلس حول أولوية العسكري عن السياسي أو العكس (هذه المسألة لا يزال تأثيرهــا يتواصل و أتخذ شكل من أشكال الصراع على السلطة بشكل عنيف أثناء الثورة و بعد الإستقلال) .
الدولة الوطنية أعادت إنتاج العنف الإستعماري بنفس الأشكال عــبر الإختيارات الإيديولوجية و السياسية و الإقتصادية و الثقافية مكرسة لإصلاحات ذات مظاهر عنيفة كتأميم الأراضي الفلاحية و الإختيارات الإيديولوجية الستالينية و قد نتج عنه تحولات أقل ما يمكن القول عنها أنها مأساة رسخت فكرة العنف في الجزائر, نتج عن هذا عنف مضاد في رفض بعض الأطــر السياسية و الإقتصادية و الثقافية المفروضة فــرضا دون إعتبار للتميز و الإختلاف و التنوع في الهوية الجزائرية مما أدى في بداية الثمانينات صدامات عنيفة 1981 ( الربيع الأمازيغي ) كمثال لذلك في عدم الإعتراف بالآخــر و إحتراف سياسة القهــر و القمع البوليسي بكل أشكاله و الأمـر أستمــر مع ظهــور الحركات الإسلامية المسلحة بمرجعية راديكالية أصولية ترتكز على عقيدة لا غبار عليها ما يسمى " بالعنف المطلق ", و هو المشهد أكثر دموية في الجزائر الحديثة و لا تزال مضاعفات العنف الأصولي الإسلامي تعمل عملها في المجتمع الجزائري و قد امتثلت ضمن المنظومة النفسية و السلوكية للجزائري بدرجة أو بأخرى.
ترسخ العنف كثقافة يومية في الجزائر لتضافر عدة عوامل ذكرناها سابقا و أيضا أسباب أخرى أهمها عجز السلطة في حل الكثير من المشكلات الإقتصادية و السياسية و الثقافية و اجتماعية (عمدت مثلا بحل مشكلة الهوية البربرية بقرار سياسي في غياب الحوار السياسي و الثقافي) و أيضا امتداح العنف في الخطاب الرسمي الصادر عن المؤسسة الثورية (الفاقدة للشرعية ) في مناسبة إندلاع الثورة و الإستقلال و يوم الشهيد و غيرها من الأعياد الوطنية الرسمية و غير الرسمية
أهم نقطة لا تفوتنا في الحديث عنها , إن الإستبداد بالسلطة و القمع و عدم فتح مجالات للمعارضة و التضييق عليها و غياب الديمقراطية و إهدار كرامة المواطن في بعض مراحل الجزائر الحديثة صنعت بدورها ثقافة العنف لدى غالبية المجتمع .
المرحلة اليوم هي مرحلة تفكيك بنية العنف و البحث عن الأسباب العميقة للظاهرة بموازاة تفعيل الدور الثقافي و التنموي الشامل و تكريس مباديء علمانية بعيدا عن كل تشنج ديني أو مذهبي لمواجهة ظاهرة تنامي العنف و ما يؤول إليه من قوة تدميرية ذاتية للفرد و الدولة و المجتمع . إعادة طرح المسائل الكبرى في الحوار مع الفرقاء حول الهوية الوطنية و حول التداول على السلطة ,

#بن_جبار_محمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات