نفحات من العلم النبوى – يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

سيد سعيد المنشاوى

الحوار المتمدن-العدد: 3478 - 2011 / 9 / 6 - 18:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

السادة القراء

لقد كنت قد ناقشت فى موضوع سابق (زينب وزيد ) تحريم الاسلام للتبنى وبينت فى نقاشى اسفل المقال مع السيد المحترم/شاهر الشرقاوى (الذى اثرى الموضوع بارائه وتساؤلاته) انه لا جدوى اطلاقا من تحريم التبنى وحتى الحكمة من التبنى التى يتغنون بها دائما وهى اختلاط الانساب لا معنى لها الا فى حالة الحفاظ على نقاء الدم وهذا شعور وممارسات قبلية تتناقض مع مبدأ اسلامى أصيل وهو لا فرق بين عربى ولا عجمى الا بالتقوى. ناهيك عن ما تسبب فيه تحريم التبنى من مأزق رضاعة الكبير فى الماضى والحاضر. وبينت ايضا ان الرواية المشهورة تفسر الايات صراحة بلا مناورة ولا مجهود ذهنى
ونظرا لان الاسلام كالعادة يضع المشكلة ويترك للفقهاء والمفسرين العناء فى محاولة ايجاد حلول وتفاسير وحكم لاشياء لا حكمة لها , فقد ارتأيت الاستمرار فى مناقشة بعض من المشكلات التى اوقع الاسلام اتباعه فيها كلما توفر لى بعض من الوقت وقلما اجد ذلك. فقد رأيت اليوم ان القى نظرة تأملية على موضوع الاخوة من الرضاعة. لن ادخل فى مقالاتى بشكل عام فى امور فقهية جدالية لاننى غير متخصص فى هذه الامور وسوف اقتصر على الثابت من الاحكام والتشريعات الاسلامية.
الاحكام المترتبة على الرضاع كما يشرحها احد المتخصصين فى هذا الشأن (1) تتلخص فى انه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وانه يجوز الخلوة والسفر بين الاخ والاخت من الرضاعة. كالعادة يضع النبى المشكلة ويترك للمسلمين البحث عن الحكمة من ذلك وهذا ما سنناقشه باختصار.

يقول الباحث
(((انفردت الشريعة الإسلامية من بين الشرائع السماوية القائمة الآن بجعل الرضاع سبباً من أسباب التحريما)))

وهنا أتسائل اليس من المنطق والعقل والحمكة ان تشريع كهذا له من الاهمية بكمان فى حياة الناس ان يبدأ من عهد ادم؟ فكيف يترك الله البشرية للدمار المترتب على عدم تطبيق قاعدة (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) لالاف الالاف السنين من عهد ادم حتى محمد. انا طبعا اجد من السخافة اصلا ان يكون هناك اى قوانين مترتبة على رضاعة طفل من لبن امرأة غير امه لانه لا يوجد اى سبب علمى واحد يشير الى اى فائدة من ذلك او اى ضرر يترتب على ترك التشريعات الاسلامية المتعلقة بالرضاع

ويقول ايضا
((( أن المرضع التي ترضع الولد إنما تغذوه بجزء من جسمها، فتدخل أجزاءها في تكوينه ويكون جزءاً منها وإن الحس والطب يثبتان ذلك، فإن لبنها درّ من دمها ينبت لحم الطفل وينشز عظمه وإذا كان جسمها ملوثاً بمرض مستكن فيه سرت عدواه إلى الطفل وإن كانت نقية الجسم سليمة قوية استفاد الطفل منها قوة ونماء. وإذا كان الطفل جزءاً منها فهي كالأم النسبية بيد أن هذه غذته بدمها في بطنها وتلك غذته بلبنها بعد وضعه فإذا كانت الأم النسبية محرمة على التأبيد وبعض من يتصل بها من محرمات عليه فكذلك الأم الرضاعية فهذا أمر بديهي مشتق من الحس وكلام أهل الخبرة)))

انظروا يا أهل العلوم الطبيعية والطبية الى السخف المكتوب اعلاه والاستخفاف بعقل القراء. اننى فى غاية العجب كيف لباحث ما ان يسرد معلومات كهذه. وقد لاحظت ان الباحث لم ولن يستطيع ان يضع اى مصدر علمى يدلل على ما يقول. وانا من هذا المنبر أوكد لكم بحسب تخصصى كباحث فى احد افرع العلوم الطبيعية رغم ان ذلك لا يحتاج الى متخصص ان لبن الام وان كان ضرورى جدا ومفيد لصحة الطفل بما يحتويه من العناصر الغذائية الهامة لنمو الرضيع وما يحتويه ايضا من بروتينات هامة لتنشيط وتطور المناعة الطبيعية فانه ليس له اى دور فى التركيب الوراثى الذى هو موجود من لحظة الاخصاب وبالتالى لا معنى ابدا من اى تشريعات مترتبة على الاخوة فى الرضاعة.
وعندما يقول الكاتب ان الام عندما تغذى الرضيع تدخل اجزائها فى تكوينه (ناهيك عن انه لا صحة لمعلومة كهذه اطلاقا) كانه يقول ان الذى يرضع من لبن البقر او الماعز مثلا سيحتوى جسمه على اجزاء من ذلك الحيوان.

ويقول ايضا
(((هناك فائدة للتحريم بالرضاعة ذكرها بعض كتّاب الفرنجة المسيحيين الذين أعجبوا بنظام الإسلام في الرضاع وهي التشجيع على الإرضاع إحياءً للأطفال الذين ليس لهم أمهات يرضعنهم، فإن المرضع إذا علمت أنها في الشريعة أم ولها ما للأم من إجلال وتقديس ولذا تحرم على الولد كما تحرم عليه أمه فإنها تُقدم على الإرضاع من غير غضاضة وقد يكثر بذلك النسل)))

لم يجد الباحث من الحكم ليضيف غير ان يتقبس رأى احد الفرنجة فى ان ذلك الامر يشجع النساء على ارضاع الاطفال الذين ليس لهم امهات. وهنا أتسائل و أتعجب على فرض صحة هذه الحكمة:

1- مرة أخرى يسبب الله او نبيه مشكلات اجتماعية خطيرة (كما هو الحال فى التبنى) لمجرد انه يريد ان يشجع على ارضاع الاطفال الذين ليس لديهم امهات. وكانه يعجز عن ان يجد حلا افضل. فيكفى ان يضع اية او حديث ليشجع به على ذلك كان يقول مثلا (من أرضع رضيعا كان له قصر فى الجنة). دائما يا اخوان يذكرنى الله ونبيه بالقول المشهور (وجنك من فين يا جحا)

2- قولى لى ورب الكون هل هذا التشريع شجع على ارضاع من لا أمهات لهم ام احبط وقلل منها الى حد كبير؟ انا ارى فى الواقع من حولى ان هذا التشريع قلل كثيرا من مسألة الارضاع لان ان الناس يعرفون ما يترتب على ذلك ما أحكام.

واخيرا فما يتعلق بالخلوة فخبرونى يا مسلمون من منكم يقبل ان تخلو او تسافر ابنته او زوجته مع اخوها من الرضاع؟ انه حتى النبى صاحب هذا التشريع قد تغير وجهه وغضب عندما راى عائشة تخلو برجل وعندما قالت له انه اخوها من الرضاع قال لها ((انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة ))

اترككم فى رعاية العقل


المصادر

(1) المحرمات بسبب الرضاع وآثار القرابة الرضاعية - الباحث : مصطفى محمد سليمان قضاه - ماجستير فقه وأصوله / جامعة آل البيت / الأردن

#سيد_سعيد_المنشاوى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات