|
تقرير بالمر واستحقاق الدولة الفلسطينية
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 3478 - 2011 / 9 / 6 - 11:52
المحور:
القضية الفلسطينية
إن كان تزامن صدور تقرير بالمر الذي يشرعن حصار غزة مع توجه القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة لانتزاع اعتراف بفلسطين دولة يبدو مصادفة،إلا أن علاقة كبيرة تربط بين الحدثين بل لا نستبعد أن نشر صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية للتقرير في هذا الوقت هو محاولة للتأثير على موقف القيادة الفلسطينية وردعها عن اللجوء للأمم المتحدة بعد أيام . التقرير الذي يعتبر حصار إسرائيل لغزة (قانوني) صدر من نفس الجهة التي يتوجه إليها الفلسطينيون للاعتراف بفلسطين دولة،الأمر الذي يثير شكوكا ليس فقط حول نجاح المسعى الفلسطيني بل أيضا حول مصداقية الأمم المتحدة وحول رهن مصير القضية الفلسطينية بهذه المنظمة الدولية. تقرير بالمر تجاوز النزاع بين تركيا وإسرائيل حول سفينة مرمرة إلى إعلان موقف سياسي قانوني خطير يسئ للشعب الفلسطيني ولمصداقية الأمم المتحدة نفسها و ليربك العلاقة ما بين الفلسطينيين والأمم المتحدة،ولا يجوز التخفيف من خطورة التقرير بتوجيه التهم لرئيس لجنة التحقيق السيد بالمر،فبمجرد صدور التقرير يصبح معبرا عن موقف الأمم المتحدة .كما أن توجه تركيا لمحكمة لاهاي بشأن البحث بقانونية الحصار على غزة سيكون مفيدا لتأليب الرأي العام العالمي على إسرائيل ولكنه لن يغيرا كثيرا من واقع الحصار ،فقد سبق لمحكمة لاهاي أن أصدرت رأيا استشاريا حول جدار الفصل العنصري في الضفة وكان منصفا للفلسطينيين ولكنه لم يغير من الواقع شيئا . الجزء من تقرير بالمر الذي يتطرق للعلاقة بين تركيا وإسرائيل وطلب الأمين العام للأمم المتحدة من تركيا وإسرائيل وقف التصعيد وإعادة العلاقات بينهما أمر يخص البلدين وإن كان للخلاف بين البلدين جانب يتعلق بالموقف من القضية الفلسطينية فإنه في الجوهر خلاف وصراع على النفوذ في المنطقة بين دولتين لكل منهما مشروعها في المنطقة ،ونظرا للعلاقات التاريخية بين البلدين وطبيعة علاقتهما بواشنطن وبحلف الأطلسي فإن التصعيد لن يتجاوز حافة الهاوية ومن المتوقع عودة العلاقة وتسوية الخلاف بين البلدين ،ولكن ما يعنينا هنا في التقرير تلك الجزئية الخطيرة التي تضفي الشرعية على حصار إسرائيل لغزة. فهذا التقرير (الدولي) يشوبه خلل قانوني وشطط في الرؤية السياسية ،فإذا كانت الأمم المتحدة تعتمد على القانون الدولي في إضفاء شرعية على حصار إسرائيل لغزة أو تعتبر أن حصار إسرائيل لغزة جزء من الصلاحيات الأمنية الممنوحة لإسرائيل حسب اتفاقات أوسلو التي نصت أن الأمن العام والخارجي للضفة وغزة من صلاحيات إسرائيل أو من صلاحياتها كدولة احتلال ،فأن واضعي التقرير ألأممي تجاهلوا أن القانون الدولي لا يتجزأ ولا يجوز انتزاع جزئية من القانون الدولي وتفسيرها سياسيا حسب المصالح السياسية والتوازنات الدولية الراهنة ،أيضا اتفاقية أوسلو رزمة واحدة ولا يجوز لإسرائيل أن تتمسك بجزئية منها وتتجاهل بقية الاتفاقية ،ذلك أن الاتفاقية ولواحقها تنص على أن مدتها خمس سنوات فقط – تنتهي في مايو 1999- وان الاتفاقية تنص بأنه لا يجوز اتخاذ خطوات أحادية تغير من الواقع الجغرافي والحياتي لسكان الضفة وغزة ،وحتى إن لم يتم الإعلان رسميا عن نهاية اتفاقية أوسلو أو إلغائها فأن اجتياح إسرائيل للضفة الغربية في مارس 2002 ثم الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة في سبتمبر 2005 أنهى الاتفاقية عمليا وخلق واقعيا جديدا تجاوزت قيه إسرائيل بممارساتها اتفاقية أوسلو والقانون الدولي بشكل عام،كما أن مسؤولية إسرائيل كدولة احتلال – وغزة ما زالت خاضعة للاحتلال الإسرائيلي - تفرض عليها توفير المتطلبات الحياتية للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة ويحرم عليها القانون الدولي فرض الحصار الاقتصادي على الشعب الخاضع لمسؤوليتها. سياسيا، فإن التقرير يضع الأمم المتحدة في مواجهة الرأي العام العالمي وفي مواجهة المنظمات الحقوقية الدولية التي أدانت الحصار وأدانت الممارسات الإسرائيلية سواء في غزة أو الضفة،بل إن التقرير يضع الأمم المتحدة في مواجهة نفسها ويكشف التناقض والارتباك الذي يسودها،ذلك أن تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أدان الحصار ،وقبله كان الرأي الاستشاري لمحكمة لاهاي الدولية بشان الجدار الذي أدان الجدار وأكد أن غزة والضفة أراضي محتلة لا يجوز لإسرائيل القيام بأي أعمال من شانها الإضرار بمعيشة وبالمصالح الحيوية لسكان المناطق المحتلة. هذه الازدواجية في المعايير والتسييس الواضح لتقارير وقرارات الأمم المتحدة هو الذي يثير المخاوف حول توجه القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة والمراهنة عليها لإنصاف الشعب الفلسطيني من خلال الاعتراف بحقه بدولة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وهما منطقتان تعترف الأمم المتحدة من خلال قراري مجلس الأمن 242 و 338 بأنها أراضي محتلة .الخلل هنا لا يكمن في القيادة الفلسطينية ولجوؤها للشرعية الدولية ولكن يكمن في المبالغة في المراهنة على الأمم المتحدة.صحيح أنه من الصعب تصور قيام دولة فلسطينية مستقلة ضدا عن إرادة الشرعية الدولية ولكن هذه الإرادة الدولية وكما أشرنا تخضع لموازين القوى ومصالح الدول النافذة مما يتطلب أن يكون التوجه للشرعية الدولية مصحوبا بأوراق قوة أخرى.المفاوضات وقرارات الشرعية الدولية مثلها كمثل المقاومة والحرب ليست أهداف بحد ذاتها بل وسائل لتحقيق الأهداف الوطنية ،ولكونها وسائل فيجب عدم المراهنة كليا على أي منها دون الوسائل الأخرى. 06/09/2011 [email protected] [email protected] www.palnation.org
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استحقاق الدولة الفلسطينية وليس استحقاق أيلول
-
الجامعات الفلسطينية:تحديات ومسؤوليات
-
هل ستسير حركة حماس على هدى إخوان مصر والأردن؟
-
استحقاق أيلول والتلاعب بمصير (وطن)
-
ثورات ... ولكن
-
حتى يكون أيلول استحقاقا
-
الثورات العربية وحسابات الربح والخسارة فلسطينيا
-
المصالحة الفلسطينية من إرادة التوقيع لإرادة التنفيذ
-
صفقة المصالحة
-
استحقاقات أيلول بين الحقيقة والسراب
-
بعد اغتيال المتضامن الإيطالي أريغوني :غزة إلى أين؟
-
التهدئة بين غزة وإسرائيل:واقعية متأخرة أم مخطط مرسوم؟
-
لا مصالحة وطنية بدون استقلالية القرار الوطني
-
الثورات العربية كنتاج لفشل الديمقراطية الأبوية والموجهة
-
التدخل الغربي يقطع الطريق على المد الثوري العربي
-
ثورة شباب فلسطين:إنجازات تحققت واخرى قادمة
-
ثورة شباب فلسطين بين التهوين والتهويل
-
حتى لا تنزلق الثورات العربية نحو حالة الفوضى (الخلاقة) الأمر
...
-
شباب فلسطين لا يقلدون غيرهم بل يصححون مسار ثورة شعبهم
-
ثورة فلسطينية لإنهاء الانقسام أصبحت ضرورة وطنية بعد انغلاق أ
...
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|